q

كتبنا سلسلة من المقالات في منزلة السيدة فاطمة عليها السلام، وهي نبذة مختصرة في معرفتها، الغاية منها الوصول إلى مظلوميتها، ومعرفة حجم الظلم الذي ارتكباه الأول والثاني في حقها، وهذا المقال سيكون مقدمة لسلسلة من مقالات في مظلوميتها، التي سأكتبها لاحقاً، بمشيئته تعالى، راجياً بذلك رضا الزهراء عليها السلام، فأن رضاها رضا الله عز وجل.

بسمه تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).

في البخاري"٢٤٠٦/٥ح٦٢١٢"، ومسلم"٤٧٢/٤ح٢٢٩١"، قال النبيّ "صلى الله عليه وآله" مخاطباً أصحابه: (اني فرطكم على الحوض من مرّ عليّ شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا، ليردنّ علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم فأقول: أصحابي، فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً لمن غيّر بعدي).

يقول أحد علماءنا المحققين "الشيخ القرشي": (أجمع المؤرخون والرواة على هجوم القوم على دار الإمام عليه السلام، التي هي موضع تقديس النبي "صلى الله عليه وآله"، وأنّه كان يقف ستة أشهر على بابها ويتلو الآية المباركة: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت...)، الهجوم كان مصحوباً بإحراق دار فاطمة عليها السلام، الذي تسالم عليه الرواة والمؤرخون).

في مشهد مخيف ومرعب لأهل البيت عليهم السلام، يصوّر لواقعة الطف بصورة مصغرة، فحين أرادوا حرق بيت الزهراء عليها السلام، سنّوا لحرق خيام ولدها الحسين السبط عليه السلام، وحين ضربوها وكسروا ضلعها، رميت جبهة الحسين عليه السلام بالحجارة، وطحنت الخيول أضلاعه، وعندما أسقطوا جنينها المحسن، ذبحوا عبدالله الرضيع بسهم من الوريد إلى الوريد.

ذكر البلاذري في أنساب الأشراف"٥٨٦/١"، أنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ عليه السلام، يريد بيعته، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة فتلقته فاطمة عليها السلام على الباب، فقالت له: أَتراك مُحرِقاً عليّ بابي؟ قال: نعم، وذلك أقوى ممّا جاء به أبوك.

ذكر الشهرستاني في الملل والنحل"٥٦/١"، عن النظام أنّ عمر كان يصيح: احرقوا دارها-أي الزهراء-بمن فيها، وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وفي"٥٧/١"من نفس المصدر، روى الشهرستاني عن إبراهيم بن سيّار، أنّ عمر ضرب فاطمة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح: "احرقوا دارها بمن فيها".

روى الذهبي في ميزان الأعتدال"١٣٩/١"، بسنده عن محمد بن أحمد بن حمّاد الكوفي... قال: حضرته ورجل يقرأ عليه إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن.

قال الطبري في دلائل الإمامة"١٣٤": وكان سبب وفاتها-أي سيدة نساء العالمين-أن قنفذ مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسناً، ومرضت من ذلك مرضاً شديداً.

ينقل الشيخ محمد السند في كتابه "الوراثة الأصطفائية"، عن الشيخ المفيد بسنده عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين عليهما السلام، قال: (لمّا مرضت فاطمة بنت النبيّ أوصت إلى علي صلوات الله عليه أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك...).

قال ابن طاووس في"الإقبال"١٦١، حول دفنها ليلاً: (أنّها دفنت ليلاً مظهرة للغضب على من ظلمها، وآذاها وآذى أباها صلوات الله عليه وعلى روحها الطاهرة)، وذكر أيضاً الشيخ السند، عن كتاب" الهداية الكبرى للحصيني"، فيما أوصت به فاطمة عليها السلام، أن لا يصلي عليها أحد من هذه الأمّة، حيث قالت:

(لا تصلي عليّ أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله... فهذه أمّة تصلّي عليّ وقد تبرأ الله ورسوله منها).

روى الشيخ الصدوق في "أماليه"، في حديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قوله: (فتقدم عليّ فاطمة محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة).

أستاذنا الشيخان، أبو بكر وعمر، على فاطمة بالدخول، فلم تأذن لهما، وبعد شفاعة عليً أذنت لهما بالدخول، وذلك المجلس الذي دار بين الشيخين وفاطمة عليها السلام، ينقله ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، فيقول: (أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله-صلى الله عليه وآله-تعرفانه وتفعلان به؟

قالا: نعم

قالت: نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومَن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومَن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟

قالا: نعم

قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبيّ-صلى الله عليه وآله-لأشكونكما إليه).

رحلت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، من هذا العالم وهي غاضبة على رجال السيقفة، وعلى الذين هاجموا بيتها! ذلك البيت الذي كان "صلى الله عليه وآله" طيلة ستّة أشهر يأتي إلى دار فاطمة عليها السلام، يطرق الباب عند صلاة كل غداة ويقول: (السلام عليكم اهل البيت...)، حسب مارواه الفريقان من السنة والشيعة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق