q

استيقظت فرنسا على هول صدمةِ الاعتداء الذي طال مدينة نيس بعض عناوين الصحافة الفرنسية وصفت ما جرى بـأنه حلقة جديدة من الرعب الاعتداء الذي راح ضحيته 84 قتيلاً، نفذ في وهلة الاحتفالات باليوم الوطني في هذه المدينة السياحية، فيما كان عرض الألعاب النارية التقليدي احتفالا بالعيد الوطني يشارف على نهايته، انقضت شاحنة بيضاء بأقصى سرعة على الحشود المتجمعة بالالآف وبينها العديد من الأجانب فدهست كل من كان في طريقها على مسافة حوالي كيلومترين.

عدة احتفالات وتظاهرات موسيقية تم إلغاؤها في نيس بعد الاعتداء، فهذه المدينة الواقعة في الريفييرا الفرنسية تستقبل مئات آلاف السياح في كل فصل صيف، وبدا أن المشهد يؤكد ما قاله مسؤول في المدينة الليلة الماضية من أن الشاحنة تحركت لمسافة كيلومترين بطول المتنزه بعد أن صعد المهاجم على الرصيف وظلت الشاحنة -التي قال مسؤولون محليون إنها مؤجرة- في المكان الذي توقفت فيه وقد اخترق الرصاص زجاجها الأمامي ووصف أولاند المأساة التي حدثت في اليوم الذي تحتفل فيه فرنسا بذكرى اقتحام الثوار لسجن الباستيل عام 1789 في باريس بأنه هجوم على الحرية من متطرفين يستهينون بحقوق الإنسان لكنه أضاف أن فرنسا ستواصل عملياتها الجوية ضد "داعش" في العراق وسوريا.

ويأتي هذا الاعتداء الدامي عقب ساعات فقط من إعلان الرئيس الفرنسي بأن بلاده سترسل مزيدا من المستشارين العسكريين لمساعدة القوات العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما ستعيد نشر حاملة الطائرات شارل ديغول في الشرق الأوسط في الخريف المقبل، وقال الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها في وزارة الدفاع "سنكثف مشاركة سلاح البر في دعم العراقيين استعدادا لاستعادة الموصل".

حلقة في سلسلة من الاعتداءات

الاعتداء في نيس، والذي أوقع ثمانين قتيلا على الأقل، هو الحلقة الأحدث في مسلسل اعتداءات تعرضت لها فرنسا أو أحبطتها منذ الاعتداءات الجهادية في كانون الثاني/يناير 2015.

فمع مطلع عام 2015 قام الأخوان شريف وسعيد كواشي بقتل 12 شخصا في هجوم مسلح على مقر مجلة "شارلي ايبدو" الأسبوعية الساخرة. وبعد يومين من الهجوم، لقي الأخوان كواشي مصرعهما بنيران الشرطة أثناء محاولتها اعتقالهما في ضاحية العاصمة، بنفس التوقيت تقريبا قام أحمدي كوليبالي بقتل شرطية وإصابة موظف بلدي بجروح في مونروج جنوب باريس، في اليوم التالي، احتجز رهائن داخل متجر يهودي في باريس وقتل أربعة منهم قبل أن تقتله الشرطة.

وفي حين كان الاخوان كواشي أعلنا مبايعتهما تنظيم القاعدة فقد أعلن كوليبالي مبايعته تنظيم داعش، ثم تبع ذلك عدة اعتداءات إرهابية خلال 2015، إلى أن جاء تاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وفيه تعرضت فرنسا لأسوأ اعتداء إرهابي في تاريخها يشارك في تنفيذه للمرة الأولى انتحاريون، ويحصد 130 قتيلا غالبيتهم من الشباب إضافة إلى 350 جريحا. واستهدفت الاعتداءات -التي تبناها لاحقا تنظيم داعش- مسرح باتاكلان في باريس والعديد من مقاهي ومطاعم العاصمة وقرب ستاد دو فرانس في ضاحية سان دوني.

هوية منفذ الاعتداء

منفذ الاعتداء تم "التعرف رسميا" عليه، وذكرت السلطات بأنه صاحب أوراق هوية عثر عليها في الشاحنة وهي باسم فرنسي تونسي في الـ31 من العمر مقيم في نيس، وقال مصدر من الشرطة إن الرجل لم يكن معروفا لدى أجهزة الاستخبارات على أنه اعتنق الفكر المتطرف.

وفي المقابل كان معروفا لدى الشرطة في قضايا الحق العام ولا سيما أعمال عنف، وكان السائق وحيدا في الشاحنة، ويبقى على التحقيق أن يوضح إن كان له شركاء في تدبير الاعتداء كما أن وجود أسلحة زائفة في الشاحنة يطرح تساؤلات حول شخصيته.

اعتداء نيس يفرض تحدي استراتيجية حاسمة لمواجهة "داعش"

ليست المرة الأولى التي يضرب فيها الارهاب دولة أوروبية، لا بل ليست المرة الاولى التي يضرب فيها فرنسا، فرائحة الدم والبارود التي فاحت من العاصمة البلجيكية بعد سلسلة الهجمات التي طالت مطار بروكسيل ومحطة المترو لا تزال في الاجواء، وصور الاعتداء على مقر صحيفة "شارلي ايبدو" الساخرة بباريس لم تفارق الاذهان كما صوت الانفجارات في محيط ملعب "ستاد دوفرانس" لا يزال صداها في الاذان، وغيرها من مشاهد الموت التي سطّرها ارهابيون في الغرب، بعدما وسعوا نشاطهم من الشرق اليه. السؤال المطروح: ما هي استراتيجية "داعش" في تلك البلاد وكيف يمكن مواجهتها؟

مما لا شك فيه ان "داعش" لا يتصرف بعبثية، فقد تمكن خلال مدة قصيرة من اظهار قدرة كبيرة على مختلف المستويات التنظيمية والعسكرية وغيرها، مما يؤكد انه يسير وفق استراتيجية مكنته من اختراق حدود الغرب وتهديد دول طالما تغنت باستقرارها

اذا كان "داعش" قد أعد العدّة للهجوم وليس فقط للمبارزة، فأي استراتيجية وضعها الغرب للمواجهة، عن ذلك علّق البعض قائلا " قبل 16 تشرين الثاني كانت استراتيجية رخوة لا سيما في فرنسا، وقد قال باراك أوباما في ايلول الماضي إن التخلص من داعش يتطلب بين 3 الى 5 سنوات، ولكن عندما دخلت فرنسا بقوة على الساحة وفرضت استراتيجيتها تقلّصت المدة إلى شهور والآن نحن في تعداد الاسابيع بخاصة بعدما التقى جون كيري مع سيرغي لافرورف وقد يلتقي بوتين لتحديد التحالف العسكري على الارض والقضاء على داعش".

لماذا فرنسا ولماذا الآن؟ ما تقوله هجمات باريس عن نوايا “داعش”

احتلت فرنسا دائماً مكاناً عالياً على رأس الأهداف الخطابية لمجموعة "الدولة الإسلامية"، وكان محمد العدناني، المتحدث باسم المجموعة الإرهابية، قد قال في وقت سابق: "اعلموا أننا نريد باريس -بإذن الله- قبل روما وقبل إسبانيا، بعد أن نسوِّد حياتكم وندمر البيت الأبيض، وبيغ بِن وبرج إيفل".

لكن تلك كانت خطة طويلة الأجل، والتي ربما ينفذها "أبناؤنا وأحفادنا"، كما قال العدناني وراءً في آذار (مارس)، وقبل وقت طويل من الفظائع التي ارتكبت في نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة الفرنسية، بدلاً من ذلك، تم توجيه المقاتلين المتشددين في المدى القصير إلى السفر نحو ميدان معركة المجموعة الرئيسي في العراق وسورية، حيث يسيطر تنظيم "داعش" على مساحات شاسعة من الأرض.

وعلى عكس ما فعله تنظيم القاعدة، الذي تخصص في مهاجمة "العدو البعيد" في أميركا وأوروبا، ركز "داعش" على بناء "خلافته" في سورية والعراق والدفاع عنها، وعلى كسب وضم المزيد من المنظمات التابعة في الأماكن الأخرى من الشرق الأوسط، حيث تنهار الدول أو تعاني الفوضى والتوترات، ولم يكن زعيم المجموعة، أبو بكر البغدادي، في أي وقت من الأوقات جزءاً من الحركة الجهادية العالمية، بل ويُعتقد أنه لم يسافر أبداً إلى خارج العراق وسورية.

لكن المذبحة التي جرت في باريس يوم 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، والموجة الأخيرة من الهجمات التي سبقتها والتي أعلن "داعش" مسؤوليته عنها، ربما تشير إلى تغير في الاستراتيجية؛ وقد تضمنت هذه الهجمات تفجيرين انتحاريين في بيروت يوم 12 تشرين الثاني (نوفمبر)؛ والتفجير الذي أسقط الطائرة الروسية في مصر يوم 31 تشرين الأول (أكتوبر) -وهناك تفجير أنقرة الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص يوم 10 تشرين الأول (أكتوبر)، والذي نُسب إلى "داعش" لكن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عنه.

ويقول المسؤولون في أميركا وأوروبا وباريس إن المهاجمين في باريس اتصلوا مع القيادة المركزية لـ”داعش” في سورية قبل الهجمات ويقول مسؤولون عراقيون إن حكومتهم أرسلت تحذيراً عن هجوم وشيك ستشنه المجموعة على بلدان أوروبية (ويقول البعض إن التحذير ذكر فرنسا بوضوح).

وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن المذبحة "تم إعدادها وتنظيمها والتخطيط لها من الخارج"، وإذا كانت القيادة المركزية في "داعش" هي التي وجهت هذه الهجمات، فإن ذلك يشكل تصعيداً في عمل المجموعة التي ظلت تعمل حتى هذه اللحظة كمصدر إلهام على الأغلب أكثر من كونها محرضاً مباشراً على العنف ضد أهداف غربية ويصبح السؤال عندئذٍ هو، لماذا؟

إذا صدقنا "داعش"، فإن هذه الهجمات كانت رداً انتقامياً على الضربات الجوية الغربية ضد المجموعة في العراق وسورية كما يحاصر الجيش العراقي مدينة الرمادي التي تسيطر عليها المجموعة إلى الغرب من بغداد ويوم 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، ربما تكون ضربة جوية أميركية قد قتلت محمد اموازي؛ جلاد “داعش” الملقب باسم "الجهادي جون".

بالنسبة لـ"داعش"، ربما تبدو الهجمات الكبيرة المروعة في الخارج وكأنها أكثر الطرق فعالية للرد على تدخل القوى الخارجية وردع المزيد من تعمق هذا التدخل، سواء كان التدخل الروسي الأخير في سورية، أو تورط فرنسا الأطول أمداً في القتال وربما تمثل الهجمات على أهداف غربية أيضاً نوعاً من الدعاية المسلحة.

وبينما يتم إضعاف "داعش"، ربما تكون المجموعة بصدد البحث عن إنقاذ ماء الوجه ومحاولة عرض قوتها بأي طريقة تتوفر لديها ومع ذلك، وإذا كان الردع هو الهدف، فإن من المرجح أن تأتي الهجمات الخارجية الأخيرة بردة فعل عكسية الآن، تعد الحكومات الغربية الآن بتصعيد قتالها ضد "داعش"، وقد وجهت الطائرات الحربية الفرنسية فعلاً ضربات لمتشددي "داعش" في سورية رداً على المذبحة في باريس.

مهما يكن السبب المباشر لهذا التحول البائن في الاستراتيجية، فإنه ربما يكون من الأفضل التفكير به على أنه إحدى خصائص شخصية "داعش" التي تكشف عن نفسها في النهاية وعلى الرغم من أن كل خطابة المجموعة الإرهابية ظلت موجهة نحو الأعداء المحليين في الشرق الأوسط، فقد كانت هناك منذ وقت طويل دعوات من قادة المجموعة وفي منشوراتها لشن الغزو في الغرب.

الأسباب الحقيقية التي تجعل من الفرنسيين هدفا للتطرف والإرهاب؟

وجهت الجماعات الإرهابية تهديدا صريحا إلى كل الدول الأوروبية بأنها ستشهد صيفا ساخنا، وأن عناصرها المنتشرة في القارة العجوز تترقب الوقت المناسب لتنفيذ عملياتها التخريبية من دون رادع قانوني أو ديني أو أخلاقي، ويبدو أنها تنجح في ظل القصور الواضح على كافة المستويات الأمنية والاجتماعية والتعاون الدولي في مكافحة هذه الظاهرة البغيضة.

ازدواجية المعايير في تعاطي الغرب مع خطر الإرهابيين، يقف في مقدمة الأسباب الحقيقية التي تحول دون نجاح الجهود في وقف سقوط الضحايا الأبرياء في مناطق مختلفة من العالم، فالخطيئة الكبرى تكمن في تقسيم الإرهابيين ما بين معتدل ومتطرف، في تجاهل — ربما يكون متعمدا من جانب الكيانات الداعمة لهذه العناصر — بأن الإرهابي الذي لا يحمل السلاح هو نفسه الذي يدفع العناصر الأخرى إلى حمل السلاح من خلال الفكر المتطرف الذي يبث سمومه في نفوس شريحة كبيرة من الشباب.

هولاند يعلن إثر اعتداء نيس تمديد حالة الطوارئ لثلاثة أشهر

أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فجر الجمعة 15 تموز-يوليو2016 أن حالة الطوارئ السارية منذ اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 والتي كان يفترض أن ترفع في 26 الجاري ستمدد لثلاثة أشهر بعد مقتل 80 شخصا على الأقل دهسا بشاحنة في اعتداء في نيس

وقال هولاند في خطاب عبر التلفزيون من قصر الإليزيه "قررت تمديد حالة الطوارئ التي كان يفترض أن تنتهي في 26 تموز- يوليو، لمدة ثلاثة أشهر"، مؤكدا أنه سيتم "إرسال مشروع قانون الى البرلمان بحلول الأسبوع المقبل"

وكان هولاند أعلن قبل عشر ساعات من ذلك خلال مقابلة تلفزيونية بمناسبة العيد الوطني إنه لا يعتزم تمديد حالة الطوارئ إلى ما بعد 26 تموز- يوليو الجاري، مرجعا الفضل في ذلك الى قانون تم إقراره في أيار- مايو لتعزيز الترسانة الأمنية لفرنسا، وقال هولاند في المقابلة إن هذا القانون "سيعطينا أدوات عمل ليست شبيهة بحالة الطوارئ لكن تمنحنا وسائل المراقبة الإدارية لبعض الأفراد".

وتواصل عمل الشرطة ووسائل الاستخبارات الفرنسية، في دراسة وتحليل الوثائق التي عثر عليها في الشاحنة، خاصة بطاقة مصرفية والهاتف، وأيضا تحليل الكاميرات المنتشرة في نيس لمعرفة تحركات السائق، قبل أيام من فعلته، وما إن كان معه آخرون.

وكانت الأجهزة الأمنية في مدينة نيس تمرنت على عدة سيناريوهات لاعتداءات إرهابية محتملة لكن سيناريو الدهس بشاحنة نقل ضخمة فاجأ الأمنيين وتعالت بعض الأصوات في وسائل الاعلام تنتقد الأداء الأمني في نيس وطرحت علامات استفهام كبيرة حول تمكن شاحنة من الحجم الكبير من اختراق الحشود وعدم وجود حواجز أمنية لحماية الراجلين تمنع محاولات من هذا النوع خاصة قي سياق حالة الطوارئ والاستنفار الأمني.

في هذه الأثناء، زار هولاند مدينة نيس، رفقة رئيس الوزراء للتعبير عن تضامن الدولة، على أعلى مستوياتها، مع سكان مدينة نيس، ومع عائلات الضحايا والجرحى.

كما أكد أن "فرنسا بأكملها تحت تهديد الإرهاب الإسلامي". وأعلن هولاند استدعاء الاحتياط من المواطنين "لتعزيز صفوف الشرطة والدرك"، مشيراً إلى إمكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في "مراقبة الحدود".

إلى ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده "ستعزز" تدخلها ضد المقاتلين في سورية والعراق وقال في هذا الصدد "ما من شيء سيجعلنا نتخلى عن عزمنا على مكافحة الإرهاب وسوف نعزز أكثر تحركاتنا في سورية كما في العراق أولئك الذين يستهدفوننا على أرضنا سنواصل ضربهم في معاقلهم".

وفي هذا السياق، أكدت وزارة الداخلية الفرنسية في آخر حصيلة مؤقتة، مقتل ما لا يقل عن 84 شخصاً. كما أوضح المتحدث باسم الوزارة، بيار هنري برانديه، أن 18 جريحاً لا يزالون في حال "حرجة جداً" فضلاً عن "خمسين جريحاً إصاباتهم طفيفة".

مواقف دوليه

توالت التنديدات الدولية باعتداء نيس، فشجب الرئيس الأميركي باراك أوباما بشدة ما حدث، وقال في بيان "نحن متضامنون مع فرنسا، أقدم حليف لنا، في الوقت الذي تواجه فيه هذا الاعتداء"، وأكد أن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة السلطات الفرنسية في التحقيق لكشف المسؤولين عن هذه المأساة، مشيراً إلى أنه أمر مساعديه بالاتصال بالسلطات الفرنسية لهذه الغاية.

كما دان مجلس الأمن الدولي "بأشد الحزم الاعتداء الإرهابي الهمجي والجبان"، وفي بيان صدر بالإجماع قالت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن إنها تعرب عن "تعاطفها العميق وتقدم تعازيها" لعائلات الضحايا وللحكومة الفرنسية، ودانت الرئاسة التركية، الاعتداء الذي تعرضت له مدينة نيس الفرنسية وشددت على ضرورة التعاون الدولي لمواجهة الإرهاب، بالقول: "كوننا دولة تعرضت للكثير من الهجمات الإرهابية، نعي تماما مشاعر فرنسا والشعب الفرنسي، ويظهر هذا الهجوم الوحشي الذي تشير التقديرات إلى أنه هجوم إرهابي، مرة أخرى، ضرورة مواجهة الإرهاب بشكل ثابت ومستديم".

ودعا البيان العام إلى ضرورة أخذ الدروس والتوقف عن المواقف المترددة في مكافحة الإرهاب، بالقول: "على كل من اتخذ موقفا مترددا من مكافحة الإرهاب أن يستخلص العبر من هذا الهجوم الأخير الذي تعرضت له فرنسا، وعلينا جميعا أن نرى بأن التنظيمات الإرهابية لا تميز بين تركيا أو فرنسا أو العراق أو بلجيكا أو المملكة العربية السعودية أو أميركا".

وشدد البيان على أن: "الإرهاب ليس له دين أو عرق أو شعب، وإن من نفذ هذا العمل الوحشي لا علاقة له بالإنسانية، ولا مكان لهذه البربرية في العالم ولا يجب أن يكون لها مكان".

كما عبّر وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، اليوم الجمعة، عن صدمته وحزنه حيال اعتداء نيس، وقال جونسون في تغريدة على "تويتر" "مصدوم وحزين حيال الأحداث المروعة في نيس والخسائر الفظيعة في الأرواح".

ودانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاعتداء، وقالت على هامش قمة لزعماء آسيا وأوروبا في منغوليا "جميع من شاركوا في القمة الآسيوية الأوروبية يشعرون بنفس الصدمة بسبب القتل الجماعي في نيس"، وتابعت "ألمانيا تقف بجانب فرنسا في المعركة ضد الإرهاب، وتتكاتف مع دول كثيرة أخرى أنا على قناعة بأنه على الرغم من كل الصعوبات سنفوز في تلك المعركة".

بالأرقام: جريمة نيس الدموية

هاجمت شاحنة تزن 25 طناً جمعاً من الأشخاص في مدينة نيس الساحلية الواقعة جنوب فرنسا كانوا محتشدين لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة احتفالات العيد الوطني لفرنسا وأسفر الهجوم عن مقتل 84 شخصًا, وإصابة 18 آخرين وصفت حالتهم بالخطرة

أن فرنسا في مواجهة مع الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق من خلال المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، كذلك فهي في مواجهة تنظيم القاعدة في منطقة شمال أفريقيا وفي مالي، واستطاعت القوات الفرنسية أن تحقق بعض النجاحات في مالي، ومن هنا فالمواجهة أصبحت صريحة بين الجانبين وبالتالي يفترض أن تكون هناك يقظة أمنية في الداخل الفرنسي، خاصة مع انتشار العناصر العائدة من سوريا والعراق، فضلا عن تلك العناصر أو ما يمكن وصفه بـ "الخلايا النائمة" للتنظيمات في ضوء الأجواء التي صاحبت تنفيذ العمليات التخريبية السابقة في العاصمة باريس.

استهداف المدنيين في "نيس" يكشف حجم القصور في آليات مواجهة الاٍرهاب، خاصة على الصعيد الدولي، والخطر الذي يواجه الحضارة الإنسانية يستحق التخلي عن الازدواجية وتنحية صراع النفوذ السياسي الذي يتبناه الغرب جانبا، والإدراك بأن التطرّف العنيف لن يستثني أحدا من ضرباته القاسية حتى هؤلاء الذين يستخدمونه كأداة لتحقيق مصالحهم الضيقة في مناطق ملتهبة من العالم.

"اعتداء نيس" يهيمن على افتتاح قمة "أوروبا

ألقى اعتداء نيس بظلاله على قمة "أوروبا- آسيا"، التي افتتحت في منغوليا، وطغى على رفض بكين قرار محكمة التحكيم الدولية الذي أسقط الادعاء بأحقيتها في بحر الصين الجنوبي والقمة التي تنعقد مرة كل عامين وتحيي الذكرى العشرين لانطلاقها، يفترض أن تكون مكانا لتعزيز التعاون في منطقة أوراسيا واستكشاف السبل لتقوية النظام الدولي للاتفاقات التي تحكم كل شيء من التجارة إلى الطيران المدني.

وكانت مناقشة جهود مكافحة الإرهاب على جدول الأعمال، لكنها اتخذت طابعا أكثر إلحاحا بعد الاعتداء الذي وقع في جنوب فرنسا

وشارك قادة وممثلون عن حكومات من إيرلندا إلى إندونيسيا في دقيقة صمت حدادا على أرواح الضحايا في افتتاح القمة في أولان باتور، وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك "من المفارقة المفجعة أن المستهدفين في هذا الهجوم كانوا أشخاصا يحتفلون بالحرية والمساواة والأخوة"، وأضاف "اليوم نحن جميعا، أوروبا وآسيا، نقف متحدين مع الشعب الفرنسي وحكومته ندين هذه المأساة ونواصل حربنا ضد العنف المتطرف والكراهية".

وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي "الإرهاب الجبان الذي يحصد الأبرياء لا يمكن التسامح معه"، كما أدان رئيس الوزراء الصيني لي كه شيانغ الهجوم وأعرب عن تعاطفه مع الضحايا.

......................................
المصادر:
موقع sputnik news
موقع euro news
موقع D.W
موقع MCD
موقع العربي الجديد
جريدة الوطن
جريد النهار
وكالة رويترز
موقع هافيغنتون بوست

 

- مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال www.annabaa.org
[email protected]

اضف تعليق