تشكل المرأة رمزية عالية في المسيرة الانسانية، فهي رفيقة الرجل منذ عالم ما قبل الارض، وشريكته في إعمارها وديمومتها، ولطالما افتخرت الدول والشعوب بنسائها، وسنت القوانين والتشريعات لحمايتها وصيانة جسدها وروحها لا سيما اثناء الكوارث والنزاعات الحربية وهي محور الشعر والغناء والرسم بل ان معظم الفنون كتبت من اجل الاوطان والنساء، فجسد المرأة يشكل أيقونة للرقة؛ للإحساس؛ للحب والعاطفة.

وهنا تثار علامة استفهام بحجم الالم كيف تمكن القساة الغلاظ من قادة التنظيمات الإرهابية (القاعدة، دولة العراق الاسلامية، داعش) في كسب العديد من النسوة، فأسامة بن لادن كان تعيش في كنفه زوجتين وهو المطارد الطريد، بل ان في بعض الروايات لقصة قتله إحداهن تلقت رصاصة حين احتضنته لتحميه!!

والزرقاوي (سفاح الاٍرهاب) كانت معه زوجتاه العراقية والفلسطينية حين وضع نهاية لإجرامه الدموي بإمضاء الصواريخ الامريكية، وعند تحرير الموصل من تنظيم داعش الاٍرهابي لا سيما في عمليات التحرير للمدينة القديمة أعلن احد الضباط في الميدان ان سبع نساء قمن بتفجير أنفسهن في يوم واحد على القوات الأمنية والنازحين معا، بل ان إحداهن فجرت نفسها وهي تحمل طفل رضيع والتقطتها كامرات المراقبة.

وهنا يتبادر السؤال ماذا قدم هؤلاء الرجال لأولئك النسوة؟ ماذا بإمكان ان يقدم قاطع رؤوس متعصب لسيدة حتى تتمنى ان تقتل نفسها دونه، واذا كنّا نقول ان التنظيم الاٍرهابي يغري الانتحاريين من الرجال ب (حور العين) فبماذا استطاع التنظيم ان يغري الإناث، المسالة هنا تحتاج الى وقفة تأمل، وتعمق في هذه الظاهرة الإرهابية (النسوية) التي أوجدت هذه النماذج ولعل العشرات يملكن الرغبة ايضا بالانتحار، والمئات تتمنى الزواج من الخليفة الهارب، والآلاف على استعداد للتحريض على القتال واعمال التمريض وربما احتضان المقاتلين..!!! اذن اي كراهية سيرضع جيل المناطق المحررة من داعش، واي قيم ستبنى في ذهنه، اننا امام مدرسة ستخرج لنا زرقاوي وبغدادي بعدد أكثر وقسوة اكبر.

يجب تحطيم هذه المدرسة، الخطرة، المدرسة التي تبنى على حلم يراود فتياتها من ان الزواج من (بطل) هو الطريق الى الفخر في الدنيا، ولعل الحلم يتأطر مع الالتزام الديني بان يكون الفارس من عصر الرسالة بحصانه وسيفه وقوة جسده واستهانته بالمخاطر، ولعل اخطر ما في هذه التنظيمات انها توفر الصورة النمطية لهذا الحلم، الذي يجسد كابوس للأمة، وتصبح شريكة السرير رفيقة السلاح ومن ثم تتحول الى قنبلة تريد ان تنفجر في وجه العدو لترضي ربها (كما تتوهم) وتلتقي بحلمها في السَّعير، لكن الاخطر هو من يبقى في المدرسة المفترضة وتتلو القصص وتلهب الصدور بالحقد والغضب والاحلام.

اننا امام مهمة كبيرة وهي اصلاح الحضن والرحم الذي ينشأ فيه الانسان وتخليصه من أفكار التكفير وابدالها بأفكار التفكير نحو حياة خالية من عنف الجسد والروح وتغييرها ببناء الأوطان لا تهديم الانسان والمسؤولية مشتركة للجميع بما فيها كاتب المقال.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001–2017 Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق