يشير نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع إلى تنظيم يتيح للموظفين إنهاء مهامهم الأسبوعية خلال أربعة أيام بدلًا من الخمسة المعتادة، مانحًا إياهم يوم راحة إضافي، وتختلف ترتيبات هذا النظام؛ فبعضها يقلل الساعات الكلية للعمل أسبوعيًا، بينما يطلب البعض الآخر من الموظفين العمل لنفس عدد الساعات المعتادة ولكن …

في الوقت الذي تشهد فيه تشهد الشركات الكبرى انقسامًا بشأن تبني سياسات العمل عن بُعد أو إلغائها، تبرز مطالبات بإحلال نظام عمل جديد يقتصر على أربعة أيام أسبوعيًا، مع منح الموظفين ثلاثة أيام للراحة.

في مطلع أبريل الجاري، قدم السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز تشريعًا جديدًا ودعا إلى جلسة استماع بالكونجرس لمناقشة تقليص أسبوع العمل الوطني إلى 32 ساعة، أي ما يعادل أربعة أيام عمل. ويُتوقع أن يُحدث هذا التغيير طفرة كبيرة إذا ما تم تبنيه من قبل شركات التكنولوجيا الرائدة في الولايات المتحدة.

ما المقصود بنظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع؟

يشير نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع إلى تنظيم يتيح للموظفين إنهاء مهامهم الأسبوعية خلال أربعة أيام بدلًا من الخمسة المعتادة، مانحًا إياهم يوم راحة إضافي.

وتختلف ترتيبات هذا النظام؛ فبعضها يقلل الساعات الكلية للعمل أسبوعيًا، بينما يطلب البعض الآخر من الموظفين العمل لنفس عدد الساعات المعتادة ولكن خلال أربعة أيام فقط.

وقد اعتمدت بعض التجارب على مبدأ «100-80-100»، حيث يتلقى العمال 100% من رواتبهم مقابل العمل لـ80% من الوقت المعتاد، مع الحفاظ على 100% من الإنتاجية.

هل تتجه الشركات نحو تطبيق أسبوع عمل من أربعة أيام؟

في الآونة الأخيرة، اكتسبت فكرة تقليص أسبوع العمل إلى أربعة أيام زخمًا، خاصةً في ظل التحولات التي أعقبت جائحة كورونا والنقاشات حول العمل عن بعد. تسعى الشركات لإعادة الموظفين إلى المكاتب، بينما يفضل الكثير من الموظفين الاستمرار في العمل من المنزل.

هذا الجدل أحيا الفكرة التي دعمها سابقًا الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لأسبوع عمل مدته أربعة أيام، والتي لم تُطبق في ذلك الوقت.

واليوم، يرى الباحثون المدافعون عن أسبوع العمل المختصر أن العالم قد يتجه نحو تبني جداول عمل مرنة تشمل أسبوعًا من أربعة أيام في غضون الخمس إلى العشر سنوات القادمة.

ويشير الباحثون إلى أن هذا التوجه بدأ يتحقق فعليًا في العديد من الشركات، وأن المعارضة الأولية من القادة التنفيذيين والمتحمسين للعمل قد تراجعت، وتحولت إلى فضول حول كيفية تنفيذ أسبوع عمل مختصر بشكل عملي.

وفقًا لأليكس سوجون، مؤلف كتاب «Work Less Do More: Designing the Four Day Week»، والذي صرح لموقع بيزنس إنسايدر: «نحن الآن نناقش التفاصيل اللوجستية بدلًا من الجدل حول الفكرة نفسها. عندما تصل إلى هذه النقطة، فأنت لم تنتصر بعد، ولكنك في مرحلة يُؤخذ فيها أسبوع الأربعة أيام على محمل الجد».

سياسة العمل لأربعة أيام في الأسبوع ليست جديدة 

يظن البعض أن فكرة العمل لأربعة أيام أسبوعيًا هي مقترح جديد ظهر حديثًا في عالم الأعمال، ولكن الحقيقة أن هذا المفهوم قد تم تطبيقه منذ زمن بعيد.

ذكر بانغ، مدير الأبحاث في منظمة «4-day Week Global» الغير ربحية التي تعمل على تيسير تجارب أسابيع العمل القصيرة عالميًا، أن الفكرة بدأت تأخذ شكلها الأول في الستينات وأوائل السبعينات.

وأوضح بانغ لموقع بيزنس إنسايدر، أن التجارب الأولية تمت في القطاع الصناعي بهدف خفض التكاليف عبر تقليص ساعات العمل، لكن هذه المحاولات لم تستمر بسبب أزمة النفط والركود الاقتصادي الذي تلاها، بالإضافة إلى معارضة النقابات العمالية التي كانت تخشى من زيادة طول ساعات العمل اليومية.

وبقيت الدعوات لأسابيع عمل أقصر دون حراك يُذكر حتى عامي 2016 و2017، حيث بدأت الفكرة تنتعش مجددًا بدفع من الأجيال الشابة في سوق العمل.

وأضاف: «بلغ جيل الألفية سن الثلاثينات وهم لا يرغبون في اتباع نفس نهج آبائهم، يرون فرصة لتصحيح ما أُفسد». 

كما أن الجائحة أعطت دفعة قوية للفكرة، حيث أدى التحول للعمل عن بُعد إلى إعادة التفكير في مستقبل العمل وكيفية تنظيمه.

ومن هذا المنطلق، أسس فيل ماكبارلين، مطور برمجيات في اسكتلندا، منظمة “4dayweek.io” في عام 2020، وهي منصة توظيف تركز على الوظائف ذات الجداول الزمنية المرنة.

يروج الموقع للوظائف التي تتبع جداول عمل مختصرة ويسلط الضوء على الفوائد المثبتة لأسبوع العمل القصير مثل زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف وتحسين الاحتفاظ بالموظفين وتقليل الفجوة الأجرية بين الجنسين.

وأشار ماكبارلين إلى أن العمل عن بُعد أصبح الوضع الطبيعي الجديد، مما جعل الناس يتساءلون عن جدوى الجدول الزمني التقليدي من 9 إلى 5. وأصبح أسبوع العمل المكون من أربعة أيام رمزًا لأي جدول عمل مختصر، يشمل مجموعة متنوعة من الجداول الزمنية المرنة.

وأكد بانغ أن عدد الشركات التي تجرب أنماطًا مختلفة من أسبوع العمل المرن قد ازداد في السنوات الأخيرة، حيث يتبنى بعض أصحاب العمل يوم الجمعة كعطلة، والبعض يعمل خمسة أيام بست ساعات يوميًا، وآخرون يعملون أربعة أيام ونصف أسبوعيًا.

تسع دول اعتمدت نظام العمل لأربعة أيام أسبوعيًا

بحسب موقع «tech»، أُجريت تجارب عديدة لنظام العمل لأربعة أيام في أنحاء متفرقة من العالم وأثبتت نجاحًا كبيرًا، حتى أن تسع دول قد اعتمدت هذا النظام رسميًا.

المملكة المتحدة: شهدت المملكة المتحدة إحدى أكبر التجارب لنظام العمل لأربعة أيام، بمشاركة 61 شركة وأكثر من 2900 عامل. ولفت الانتباه أن 92% من الشركات المشاركة واصلت العمل بهذا النظام بعد انتهاء الدراسة.

الولايات المتحدة/أيرلندا: في عام 2022، شارك 900 عامل من 33 شركة في الولايات المتحدة وأيرلندا في تجربة استمرت ستة أشهر. وبحسب شبكة CNBC، أعطى المشاركون التجربة تقييمًا بمعدل 9.1 من 10، وأعرب 97% منهم عن رغبتهم في الاستمرار بنظام العمل لأربعة أيام.

إسبانيا: في فالنسيا الإسبانية، أُجريت تجربة بين 10 أبريل و7 مايو 2023، حيث منح مجلس المدينة العمال أربعة أيام إجازة متتالية، مما أسهم في تحسين صحة العمال وأطفالهم وخفض انبعاثات الوقود.

جنوب أفريقيا: بدأت جنوب أفريقيا تجربتها في 1 مارس 2023، شملت 28 شركة وأدت إلى تحسين التوازن بين العمل والحياة، وانخفاض التوتر والإرهاق، وتقليل الإجازات المرضية.

اليابان: على الرغم من سمعتها بأسابيع العمل الطويلة، أجرت اليابان تجربة في عام 2019 عبر مايكروسوفت يابان، وأظهرت زيادة في الإنتاجية بنسبة 40% تقريبًا.

كندا: أجرت كندا تجربة في عام 2022 شملت 41 شركة، وأفادت 35 شركة بأنها تخطط للحفاظ على نظام العمل لأربعة أيام أو تميل لذلك.

البرتغال: بدأت البرتغال تجربة في يونيو شملت 39 شركة، ويعمل ثلاثة أرباع العمال البرتغاليين أكثر من 40 ساعة أسبوعيًا.

البرازيل: بدأت البرازيل تجربتها في 4 سبتمبر 2023، شاركت فيها 20 شركة، وهي أول تجربة من نوعها في أمريكا اللاتينية.

اضف تعليق