الآن وبعد مرور نحو مئة عام على ثورة فورد، يرى موظفون وناشطون وأصحاب شركات أن الوقت قد حان لثورة جديدة، فقد تطورت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدرجة يفترض أن تسهل حياة البشر، الذين باتوا يعانون صحيا ونفسيا من الساعات الثماني، وفقا لبعض الدراسات...
الآن وبعد مرور نحو مئة عام على ثورة فورد، يرى موظفون وناشطون وأصحاب شركات أن الوقت قد حان لثورة جديدة، فقد تطورت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدرجة يفترض أن تسهل حياة البشر، الذين باتوا يعانون صحيا ونفسيا من الساعات الثماني، وفقا لبعض الدراسات، وتدعو إلى هذه الثورة الجديدة اتحادات عمالية وقوى يسارية وشركات جريئة في بعض الدول الغربية، فقد خفضت بعض الشركات عدد أيام العمل الأسبوعي من خمسة إلى أربعة مع الإبقاء على الأجور نفسها، بعدما رأت أن ذلك يزيد الإنتاجية والحافز لدى الموظفين ويقلل الإجهاد، وفي بريطانيا، يحاول اتحاد نقابات العمال الرئيسي دفع البلاد بأسرها لتبني أسبوع عمل من أربعة أيام بنهاية القرن، وهو مسعى يؤيده حزب العمال المعارض.
ساعات العمل والسكتة الدماغية
توصل باحثون إلى أن العمل لساعات طويلة مرتبط بتزايد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وأوضحت الدراسة الفرنسية أن المقصود بالساعات الطويلة أن يعمل الإنسان لفترة تتجاوز عشر ساعات خلال خمسين يوما على الأقل كل عام، ويرى الباحثون في الدراسة أن من يعملون لساعات طويلة لأكثر من عشر سنوات هم الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، إلا أن جمعية مكافحة "السكتة الدماغية" في بريطانيا قالت إن هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها لمواجهة تأثير العمل لساعات طويلة، ومن بينها أداء التمارين الرياضية وتناول نظام غذائي جيد.
وفحص الباحثون، وهم من جامعة أنجيه الفرنسية والمعهد القومي الفرنسي للأبحاث الصحية والطبية، بيانات ترصد تأثير الفئة العمرية وعادات كالتدخين وساعات العمل ضمن دراسة شملت أكثر من 143 ألف شخص بالغ، ومن أولئك، كانت نسبة أقل من الثلث فقط تعمل لساعات طويلة، ومن بينهم عشرة في المئة ممن عملوا لساعات طويلة على مدار عشر سنوات أو أكثر، وفي المجمل، أصيب 1224 شخصا بسكتات دماغية، وقال الباحثون في الدراسة، في دورية "ستروك" التي تنشرها الجمعية الأمريكية لطب القلب، إن من يعملون لساعات طويلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 29 في المئة أكثر من غيرهم، في حين أن من يعملون لساعات طويلة لفترة تصل إلى عشر سنوات أو أكثر، زادت فرص إصابتهم بالسكتة الدماغية بنسبة 45 في المئة.
واستبعد من الدراسة من يعملون بدوام جزئي أو من أصيبوا بالسكتة الدماغية دون أن يعملوا لساعات طويلة، وقال الطبيب أليكسيز ديسكاثا، كبير الباحثين في الدراسة: "بدت فرص الجمع ما بين عشر سنوات من العمل لساعات طويلة والإصابة بالسكتة الدماغية أقوى مع من هم دون الخمسين"، وأضاف: "لم يكن ذلك متوقعا، وهناك حاجة لأن تجرى دراسات مستقبلية للنظر في هذه النتيجة".
وتابع قائلا: "كطبيب، سأنصح مرضاي بأن يعملوا بطريقة أكثر فعالية، وأنوي اتباع نصيحتي الخاصة في ذلك"، واعتمدت الدراسة على النظر في الأرقام أكثر من المسببات، لكن دراسة أخرى وجدت أن أرباب الشركات والمدراء التنفيذيين ومن يعملون في مواقع إدارية بدوا أقل عرضة للتأثيرات السلبية للعمل لساعات طويلة، على النقيض ممن يعملون بنوبات عمل غير منتظمة أو خلال الليل أو من يعانون من ضغط نفسي مرتبط بعملهم.
وقال الدكتور ريتشارد فرانسيس، رئيس قسم الأبحاث بجمعية "ستروك": "هناك العديد من الأمور البسيطة التي يمكنك القيام بها للتقليل من خطر الإصابة بسكتة دماغية، حتى وإن كنت تعمل لساعات طويلة"، وتابع: "تناول نظام غذائي صحي، وتخصيص وقت للتمارين الرياضية، والتوقف عن التدخين، والحصول على القسط الكافي الموصى به من النوم، كلها أمور من شأنها أن تحدث فارقا كبيرا إيجابيا لصحتك"، زيادة الإجهاد والضغط لدى الموظفين تدفع شركات لتجربة خفض أسبوع العمل لأربعة أيام.
هل تود أن تعمل أربعة أيام وتتلقى أجرا عن خمسة؟
يبدو الأمر جيدا بدرجة يتعذر معها الاعتقاد بأنه حقيقي لكن شركات حول العالم خفضت عدد أيام العمل في الأسبوع خلصت إلى أن ذلك يؤدي لزيادة الإنتاجية والحافز لدى الموظفين وقلة الإجهاد الذي يشعرون به، وقال يان شولتس هوفن مؤسس شركة بلانيو لإدارة مشروعات برمجيات الكمبيوتر في برلين بعد أن طبق نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع على موظفي شركته العشرة هذا العام "الأمر صحي على نحو أكبر كثيرا ونقوم بالعمل بصورة أفضل إذا كنا لا نعمل عددا جنونيا من الساعات".
وفي نيوزيلندا، أظهرت نتائج من شركة (بيربيتشوال جارديان) للتأمين انخفاضا في معدلات شعور الموظفين بالضغوط والإجهاد وارتفاعا في تفاعلهم مع العمل بعد أن جربت هذا العام نظام عمل لمدة 32 ساعة في الأسبوع، وحتى في اليابان تحث الحكومة الشركات على السماح للموظفين بعطلات صباح الاثنين، وهو بداية أسبوع العمل، على الرغم من أن خططا أخرى في الدولة المشهورة بالانخراط المفرط في العمل لم تفلح كثيرا في إقناع الموظفين بالتخفيف من وطأة العمل عن أنفسهم.
ويحاول اتحاد نقابات العمال البريطاني (تي.يو.سي) دفع البلاد بأسرها لتبني أسبوع عمل من أربعة أيام بنهاية القرن وهو مسعى يؤيده حزب العمال، ويقول الاتحاد إن اختصار أسبوع العمل وسيلة لاقتسام العمال للثروة الناتجة عن استخدام تكنولوجيا جديدة مثل الروبوتات مثلما حصلوا على حق العطلة الأسبوعية خلال الثورة الصناعية، وقالت كايت بيل رئيسة قسم الاقتصاد في الاتحاد ”سيقلل ذلك من الضغط الناجم عن محاولة التوفيق بين العمل والحياة الأسرية وقد يحسن من المساواة بين الجنسين، الشركات التي طبقته بالفعل تقول إنه أفضل للإنتاجية ورفاهة الموظفين".
المدراء يجنون 200 مرة أكثر من الموظف العادي
كانت أجور المدراء التنفيذيين المئة الأعلى أجرا في كندا أكثر ب227 مرة من مدخول موظف عادي في 2018 وهو مستوى قياسي على ما جاء في تقرير سنوي، أوضح التقرير الصادر عن "المركز الكندي للسياسات البديلة" (سي سي بي ايه) "بكلام آخر، كان أعلى المدراء التنفيذيين قد جنوا عند الساعة 10,09 في الثاني من كانون الثاني/يناير، أموالا موازية لمجموع ما يجنيه عامل كندي عادي طوال السنة"، وأضاف "هذه أبكر فترة مسجلة منذ بدأنا نرصد هذه الأرقام قبل 13 عاما".
بين العامين 2008 و2018، ارتفعت أجور المدراء التنفيذين المئة الأعلى اجرا بنسبة 61 % مقارنة بالموظف العادي الذي ارتفع أجره بنسبة 24 % فقط وهي نسبة موازية تقريبا لمعدل التضخم على ما أشار التقرير، وبين 2017 و2018، ارتفعت أجور المدراء التنفيذيين بنسبة 18 % في مقابل 2,6 % للعامل العادي، وقال معد التقرير ديفيد ماكدونالد "يستمر تركز الثروات في القمة بينما الأجور العادية بالكاد تجاري التضخم"، وبشكل وسطي كسب كبار المدراء التنفيذيين 11,8 مليون دولار كندي (9 ملايين دولار أميركي) في 2018، في مقابل 52 ألفا للكندي العادي، وأتى 79 % من أجر المدراء التنفيذيين على شكل علاوات مرتبطة بسعر أسهم الشركة، وفي العام 2018 كانت أربع نساء فقط ضمن أغنى المدراء التنفيذيين في كندا مقارنة بثلاث نساء في العام السابق، وأشار التقرير إلى أن المدراء التنفيذيين يحصلون على علاوات جيدة حتى عندما تتكبد شركاتهم الخسائر.
يتمارضون للتغيب عن العمل
يتمارض قرابة 40 في المئة من الموظفين في بريطانيا عندما يحتاجون إلى يوم عطلة إضافي، بحسب استطلاع أجرته شركة "كوم ريس" لصالح بي بي سي، وأقر المشاركون في الاستطلاع بأنهم قد يكذبون بشأن مرضهم، وأنه لا مانع لديهم في الحصول على ثناء مقابل عمل قام به آخرون، وتزيد نسبة الكذب بين الموظفين الأصغر سنا، لكنهم أكثر استعدادا للدفاع عن زملائهم، وبحسب المكتب الوطني للإحصاءات في بريطانيا، يحصل الموظف على متوسط أربعة أيام عطلة مرضية سنويا.
ومن أبرز ما ذكر لتبرير التغيب عن العمل لسبب مرضي خلال 2018: نزلات البرد، والآلام المرتبطة بالعظام والعضلات، كأوجاع الظهر، ومشاكل تتعلق بالصحة النفسية، بالإضافة إلى أسباب "أخرى"، لكن لم تتضمن الإحصاءات الرسمية حالات التمارض، وجاءت تلك النتائج في إطار استطلاع شمل 3655 شخصا في المملكة المتحدة، تتجاوز أعمارهم 16 سنة، وعلاوة على التمارض، كشف الاستطلاع أن الموظفين عادة ما يميلون للتستر على زملائهم الذين يتمارضون.
وأظهر أن 66 في المئة من المشاركين في الاستطلاع قد لا يخبرون رؤساء العمل عمن يتغيب دون أن يكون مريضا، وتقول الاخصائية النفسية، هايلي لويس، إن هناك حاجة للثقة بين الموظف ومديره، كي يخبر الأول الثاني أنه بحاجة لراحة وقد تقلّ الثقة بين الطرفين إن ساءت العلاقة بينهما، وأشارت إلى أن الموظف يتأثر بتصرفات مديره، قائلة: "يبحث الموظفون عن نموذج يحتذى به، فإذا كان رؤساء العمل يحرصون على عدم التغيب، ولا يأخذون استراحة، ويتناولون الغذاء على مكاتبهم، فسيعزز ذلك فرضية عدم قبول الحصول على استراحة"، وأضافت أن هذا يجعل الموظف لا يفكر إلا في التمارض، وتزيد نسبة الرجال الذين يقبلون الحصول على ثناء نظير عمل لم يقوموا به بمقدار الضعف بالمقارنة مع النساء.
وبحسب الاستطلاع، يميل الموظفون الأصغر سنا للدفاع عن المرأة في مكان العمل، إذ أبدى عدد أكبر بين الموظفين الأصغر من 34 سنة استعدادا أكثر للتدخل أو الحديث مع المديرين الكبار إذا تعرضت زميلاتهم للمضايقة من جانب رؤساء في العمل من الرجال.
اضف تعليق