q

(قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى)، وردت كلمة الإنفاق في القرآن الكريم (73) مرة، واحتل موضوع الإنفاق في سبيل الله تعالى مكانه مرموقة في القران الكريم والاحاديث الشريفة، فذكر في القرآن اكثر من الزكاة والصيام.. وغيرها من الاحكام الشرعية. وجاء في تفسير هذه الاية الكريمة، ماذا ننفق من اموالنا؟

فنزلت الاية (ما أنفقتم من خير) أي انفقوا من المال الحلال الطيب.

ومن هم الذين ننفق عليهم (فللوالدين والاقربين واليتامى). نلاحظ ان القران الكريم في هذه الآية ذكر مصاديق النفقة في سبيل الله هما الوالدان والاقربين واليتامى أحق الناس واولاهم بإحسانك. وبهذا يتضح خطأ ما يقع فيه بعض المؤمنين من فعل الخير للغير واهمال الاقربين كما جاء في الرواية (لا صدقة وذو رحم محتاج)، فكيف نساعد البعيد ونحن في غفلة عن الاقربين؟!.

ومن الأمثلة القرآنية التي ضربها القرآن الكريم لبيان أهمية الإنفاق في وجوه الخير، ما جاء في قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} (البقرة:261).

فقد بيَّن سبحانه أن مثل من ينفق ماله في سبيل الله كمثل عود القمح الذي يحمل سبع سنابل، وتحمل كل سنبلة منه مائة حبة، بمعنى أن الله سبحانه يضاعف له ما أنفقه أضعافاً مضاعفة. ومن خلال هذا المثل، يدرك المؤمن أهمية وقيمة الإنفاق في سبيل الله. وكان يمكن ان يساعد على تحسين الوضع بين الناس وصلة الرحم، أما في خصوص الإنفاق عليهم، ومساعدتهم بالمال ونحوه، فقد جاء ذلك مصرحاً في الأخبار التالية.

فعن الإمام الصادق عليه‌ السلام: (الصدقة على مسكين صدقة، وهي على ذي رحمٍ صدقة، وصلة). ان اساليب التي يعتمدها القرآن الكريم في حث الفرد على هذه العملية الإنسانية كثيرة وبالإمكان بيان ابرز صورها وهي:

1- الترغيب والتشويق إلى الإنفاق.

2- التأنيب على عدم الإنفاق.

3- الترهيب والتخويف على عدم الإنفاق.

التشويق إلى الإنفاق والبذل والحث عليه: ولكثرة الآيات القرآنية فمرة ذكر الانفاق مع الصلاة وجعلها في مرتبة عالية واهمية ومرة يربطها مع الرزق. جعل الله سبحانه وتعالى هذه السورة العظيمة من سورة البقرة جامعة لأنواع الخير وضرورياتها لما له من اثر ايجابي فاعل في بناء مجتمع ناجح، يقضي على حاجة العوز والفقر والحرمان جعلنا الله واياكم من المنفقين.

شروط الانفاق في القرآن الكريم

كما ذكرنا سابقا ان للإنفاق شروط واساليب طرحها القرآن بأكثر من آية وكل آية تحمل صورة جديدة ومن هذه الصورة نذكر.

(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَة يَتْبَعُها أَذىً وَ اللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الأَْذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الآْخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوان عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْء مِمّا كَسَبُوا وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).

بناء على ذلك فإن أحد شروط الانفاق هو أن يكون مبنيا على الاحترام وعدم المس بكرامة الطرف الآخر، والاّ فلا قيمة لهذا الانفاق عند الله. وهذا أحد موارد الذم أي ان بعض الاعمال القبيحة يمحو آثار الاعمال الصالحة.

الشرط الثاني للإنفاق هو أن لا يؤدّى رياء والفاتاً لأنظار الآخرين، وترك الرياء طبعا معتبر في كل الافعال العبادية والأخلاقية، ولكن بما انّ الرياء وتلوُّث النية كثيراً ما يقع في موارد الانفاق فانّ القرآن الكريم يحذّر منه بشدة ويدعو الى مراقبة الاخلاص في النية، خاصةً في الانفاق المستحب، اذ انّ الرياء آفة كبيرة لأعمال الخير وخاصة الانفاق. وما أعظمها خسارة ان يبذل الانسان مالاً صرف جهوداً وأتعابا لكسبه طوال عمره في طريق الخير.

وللإنفاق آداب منها:

أن يكون من مال حلال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ": البقرة 267 ".

وأن يبتغى به وجه الله تعالى دون منّ ولا أذى للمحتاج "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ: البقرة 262 ".

وليس لذلك الأنفاق موعد محدد، إنما هو في كل وقت "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ: البقرة 274 ".

والذي ينفق أمواله وفق أوامر الله تعالى فقد فاز بكونه من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كما يتضح من الآيات الكريمات.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

ياسمين حسين
كربلاء المقدسة
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي إنتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحية

وكل التوفيق لك يا رب2015-09-22
يوسف المحمداوي
البصرة
جميل واكثر ما قرأت ..
تسللت حروفك دون حواجز دون رادع واستنبطت في باطن القلب . ..
هذا سر من اسرار قلامك2015-09-22
خادمة الحجة
النجف الاشرف
كالعادة ، تقف الكلمات عاجزة على وصف أناقتك في التعبير
لقلمك ترفع القبعات .احسنتي2015-09-22
ودق الدجى
البحرين
أحسنتم موفقين أن شاء الله في غاية الأهمية هذا الموضوع فالمجتمع بحاجة إلى الإنفاق .2015-09-23
حنان عبد الامير
كربلاء
احسنتم كلام جدا مفيد وجميل جعله الله غي ميزان حسناتكم2015-09-26
أميرة الورد
لبنان
مقال رائع سلمت أناملك2015-09-27