التحولات الديموغرافية تجعل العملَ مُستعجَلاً أكثر من أي وقت مضى. ففئة كبار السن تشكّل شريحة متنامية بسرعة في المجتمع، لاسيّما في البلدان النامية. والسياسات التي تمكّن كبار السن، وتضمن لهم الوصول العادل إلى الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وتقضي على التمييز، تُعد ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة في عالم يشهد شيخوخة...

يحتفل العالم في الأول من تشرين أول/أكتوبر من كل عام باليوم الدولي للمسنّين، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد تضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما وما فوق، من حوالي 541 مليونا في عام 1995 إلى 1.2 مليار شخص في عام 2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.1 مليار شخص بحلول عام 2050. وهو ما يدعو إلى الحاجة الملحة إلى وضع السياسات والبرامج التي تتناسب مع هذه الزيادة في عدد المسنّين.

وقد شدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة سماع أصوات المُسنين في صياغة السياسات، وإنهاء التمييز على أساس السن، وبناء مجتمعات شاملة. وقال إن المسنين "عناصر تغيير قوية".

جاء ذلك في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمسنين الذي يحتفل به في الأول من تشرين الأول/أكتوبر منذ أن حددته الجمعية العامة عام 1990.

يكتسب احتفال اليوم أهمية أكبر من أي وقت مضى مع استمرار تقدم سكان العالم في السن بوتيرة ونطاق غير مسبوقين. 

ويتجلى هذا التحول بشكل أوضح في البلدان النامية، التي ستشكل غالبية كبار السن خلال الثلاثين عاما القادمة.

وفي رسالته، قال الأمين العام إن هذا يمثل تحولا ديموغرافيا عميقا، له عواقب بعيدة المدى على الاقتصادات والأنظمة الصحية والتماسك الاجتماعي. 

وأضاف: "يجب أن نستجيب ببصيرة وعمل. وهذا يعني ضمان الاحترام الكامل لحقوق كبار السن، وصون كرامتهم، والاعتراف بمساهماتهم. تستفيد جميع المجتمعات والأعمار من حكمة كبار السن. لديهم الكثير ليعلموه حول التعامل مع عدم اليقين، وحل النزاعات، وبناء التضامن عبر الأجيال".

إنّ التحولات الديموغرافية تجعل العملَ مُستعجَلاً أكثر من أي وقت مضى. ففئة كبار السن تشكّل شريحة متنامية بسرعة في المجتمع، لا سيّما في البلدان النامية. والسياسات التي تمكّن كبار السن، وتضمن لهم الوصول العادل إلى الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وتقضي على التمييز، تُعد ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة في عالم يشهد شيخوخة سكانية. ومن خلال تضخيم أصوات كبار السن والاعتراف بمساهماتهم، يشكّل اليوم الدولي لعام 2025 منبرًا يعبّرون فيه عن تطلّعاتهم، ويناشدون من أجل حقوقهم، ويطالبون بسياسات تصون كرامتهم ورفاههم.

تعزيز التواصل بين الأجيال

يحتفل باليوم الدولي لهذا العام تحت شعار "القيادة من كبار السن للعمل المحلي والعالمي: تطلعاتنا، رفاهنا، وحقوقنا". وقد عقدت فعالية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بهدف زيادة الوعي بالمشهد الديموغرافي المتطور وحقوق كبار السن، وتعزيز الفرص الاجتماعية والاقتصادية الشاملة لهم.

كانت المتحدثة الرئيسية في الفعالية السيدة جانيت تاكامورا، وهي أستاذة وعميدة فخرية في كلية العمل الاجتماعي في جامعة كولومبيا الأمريكية، وشغلت سابقا منصب مساعدة وزير لشؤون الشيخوخة في الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون.

وقالت السيدة تاكامورا إن شعار هذا العام يعكس في آن واحد التقدم المحرز في العلوم والتعليم والسياسات العامة، مع الإشارة إلى قدرة كبار السن على "المشاركة الكاملة في تحقيق أفضل ما لدينا ورؤيتنا لمستقبل جماعي". 

وأكدت للحضور على ضرورة "تعزيز التواصل والشمول بين الأجيال، لتعزيز طموحنا الراسخ والصادق نحو حركة اجتماعية عالمية شاملة لجميع الأعمار".

وقالت السيدة تاكامورا: "تزدهر الحركات الاجتماعية الأكثر تأثيرا عندما تجذب وتحتضن طيفا واسعا من الفئات. قد يختلف ما نفعله في بلداننا لتحقيق ذلك، ولكن يمكننا أن نسعى معا نحو الشمولية وتجنب التقوقع. يمكننا أن ندرك حاجتنا إلى الشباب كشركاء ومتعاونين، لأنهم هم من سيرثون قيادة العالم".

وبمناسبة اليوم الدولي، وجه صندوق الأمم المتحدة للسكان دعوة لاتخاذ إجراءات عاجلة لدعم كبار السن في منطقة الدول العربية، حيث يواجه العديد من كبار السن تحديات، بما في ذلك أنظمة معاشات تقاعدية غير مكتملة، ورعاية صحية لا تلبي احتياجاتهم، والتمييز على أساس السن.

وعبر الصندوق عن التزامه بضمان حماية حقوق كبار السن ورفاههم، لا سيما في البلدان المتضررة من الأزمات حيث يكونون من بين الفئات الأكثر استضعافا. وقال إنه يعمل لتحقيق هدف تمكين كبار السن من المساهمة بفعالية في مجتمعاتهم واقتصاداتهم، والتواصل مع الأجيال الشابة. وحث الحكومات والمجتمعات على العمل معا للاستثمار في صحتهم وحقوقهم، مما يُعزز المجتمع ككل.

يذكر أن النسبة الحالية من السكان في المنطقة العربية الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر تبلغ 4%، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 5% بحلول عام 2030.

لمحة عامة

في 14 كانون الأول/ديسمبر 1990، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار 45/106، اليومَ الأول من تشرين الأول/أكتوبر يومًا دوليًا للمسنّين. وقد سبق ذلك مبادرات مثل خطة العمل الدولية لفيينا بشأن الشيخوخة التي اعتمدتها الجمعية العالمية للشيخوخة في عام 1982 وأيّدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لاحقًا في العام نفسه.

في عام 1991، اعتُمِدت مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن بقرار من الجمعية العامة. وفي عام 2002، اعتُمِدت خطة مدريد الدولية للعمل بشأن الشيخوخة في الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة، استجابةً للفرص والتحديات التي تفرضها شيخوخة السكان في القرن الحادي والعشرين، وتعزيزًا لتطوير مجتمع يشمل جميع الأعمار.

لقد تضاعف عددُ المسنين (المقصود بهم من بلغوا 65 سنة أو أكثر) من نحو 260 مليون نسمة في عام 1980 إلى 761 مليون نسمة في عام 2021. وبين عامي 2021 و2050، يُتوقّع أن ترتفع النسبة العالمية للمسنّين من أقل من 10% إلى نحو 17%.

إنّ الزيادة السريعة في عدد الذين يبلغون أعمارًا متقدمة تُبرز مدى أهمية تعزيز الصحة، والوقاية من الأمراض، ومعالجتها على امتداد دورة الحياة كلّها.

في المجتمعات التي تَبرز فيها الشيخوخةُ السكانية، يصبح من الضروري التكيّف مع العدد المتنامي من الأفراد المسنين الذين يملكون طيفًا واسعًا من القدرات الوظيفية. فالقدرة على أداء الوظائف الأساسية والمشاركة في الأنشطة اليومية لا تتأثر فقط بقدرة الفرد الذاتية، بل كذلك بالبيئات الاجتماعية والمادية التي يعيش فيها. وتضطلع البيئات الداعمة بدور محوري في مساعدة المسنّين على صون مستويات نشاطهم واستقلاليتهم مع تقدمهم في العمر.

إنّ الحياة الأطول تتيح فرصًا إضافية، ليس فقط لكبار السن ولأسرهم، بل للمجتمعات بأسرها. فالسّنوات الزائدة توفّر المجال لمتابعة أنشطة جديدة، كالتعليم الموسّع، أو خوض مهنة جديدة، أو إحياء شغف طال إهماله. كما يُسهم كبار السن بوجوه متعددة في أسرهم ومجتمعاتهم. ومع ذلك، فإن مدى هذه الفرص والمساهمات مرهون بعامل واحد: الصحة.

حقائق وأرقام

إنّ عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة أو أكثر قد أكثر من تضاعف، من نحو 541 مليون نسمة في 1995 إلى 1.2 مليار متوقع لعام 2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.1 مليار في عام 2050. وبحلول 2080، سيتجاوز عدد المسنّين الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر عدد الأطفال دون سن الثامنة عشرة.

بلغ متوسطُ العمر المتوقع عالميًا 73.5 سنة في عام 2025، وهو ارتفاع بمقدار 8.6 سنوات منذ عام 1995. ويزداد عدد الأشخاص الذين بلغوا 80 سنة أو أكثر بسرعة أكبر، ومن المرجح أن يتخطّى عددهم عدد الرضّع في منتصف ثلاثينيات هذا القرن، وأن يصل إلى 265 مليونًا.

مع شيخوخة السكان، تزايد الطلب على الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي، لا سيما لمن يعانون أمراضًا مثل الخرف، وهو سبب رئيس للاعتماد على الآخرين والإعاقة في صفوف كبار السن. وأصبحت الرعاية المتخصصة ضرورة مُلحّة لتلبية هذه الاحتياجات المتنامية.

تشكّل النساء، اللواتي يُشكّلن غالبية متلقّي الرعاية ومقدّميها، نحو 70% من ساعات الرعاية غير الرسمية على المستوى العالمي، ولا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تفتقر لخدمات رعاية ممهّدة، مما يجعل النساء أكثر عرضة للفقر في سن الشيخوخة.

النساء أكثر عرضة للفقر

وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الشيخوخة "ليست تجربة محايدة جنسانيا"، مشيرا إلى أن النساء يعشن أطول من الرجال، سواء في السياقات المتقدمة أو النامية.

وأضاف أن العمر الذي يقضينه في عدم المساواة في الحصول على التعليم، والأجور المنخفضة، والعمل غير الرسمي في الغالب، يعني أن النساء كبيرات السن يعانين من معدلات فقر أعلى من الرجال، وهن "غالبا ما يحصلن على معاشات تقاعدية أقل ويتمتعن بقدر أقل من الأمان في سن الشيخوخة".

وشدد على ضرورة أن يستمر ضمان المساواة بين الجنسين مدى الحياة، مؤكدا أن "كبار السن شركاء أساسيين في تشكيل المستقبل. كل واحد منا، إذا حالفه الحظ، سيشيخ. ويجب الترحيب بمساهمات كبار السن واحترامها".

واقتبس ما قاله الزعيم الراحل نيلسون مانديلا: "مجتمع لا يقدر كبار السن ينكر جذوره ويعرض مستقبله للخطر".

وقال رئيس الجمعية العامة إن خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة توفر إطارا حيويا لجهودنا. ومع ذلك، لا تزال هناك تفاوتات شاسعة في الحصول على الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية. 

تُقرّ خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة، إلى جانب إعلانها السياسي، بأن التنمية والسياسات الاجتماعية وحقوق الإنسان لا تتجزأ. وتدعونا جميعا إلى تهيئة بيئات يعيش فيها كبار السن حياة صحية وآمنة، تُثريها مشاركتهم الكاملة في مجتمعاتهم.

الوصم والتمييز ضد كبار السن 

وقال مساعد الأمين العام لشؤون حقوق الإنسان قالت إن واحدا من بين كل ستة أشخاص، فوق سن الستين، في جميع أنحاء العالم يعاني من شكل من أشكال الإساءة.

وأشار إلى أن القوالب النمطية والوصم والتمييز، على نطاق واسع، بما في ذلك عند الحصول على الرعاية الصحية والتوظيف والخدمات الاجتماعية، منتشرة في جميع مجتمعاتنا. ونبهت إلى أن المواقف التمييزية على أساس السن تحرم مجتمعاتنا من المساهمات الغنية والضرورية لكبار السن.

وأوضح أن جائحة كـوفيد-19 أودت بحياة 7.1 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، غالبيتهم العظمى من كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق، مشيرة إلى الخسائر المدمرة التي لحقت بالمسنين في دور الرعاية والمؤسسات، بسبب الجائحة، مع تقارير عن الإهمال أو سوء المعاملة.

وقالت إن هذه الأزمة غير المسبوقة دفعت 146 دولة إلى توقيع بيان مشترك في 2020 يلتزم بتعزيز كرامة وحقوق كبار السن واحترامها احتراما تاما. 

الحماية من التمييز والإهمال والانتهاكات

وقالت خبيرة أممية إنه يجب على جميع الدول أن تتعهد بدعم حقوق الإنسان للمسنين على النحو المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأوضحت أن "التحول الديموغرافي المستمر نحو شيخوخة السكان يحدث بالفعل وسوف يستمر في إحداث آثار عميقة على المجتمعات، وحقوق الإنسان للجميع".

وقالت ماهلر إنه رغم أن حقوق الإنسان لكبار السن تندرج ضمن المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنهم "مازالوا غير مرئيين إلى حد كبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان" بسبب عدم الاعتراف بالتمييز على أساس السن، وغياب الحظر الصريح للتمييز على أساس السن. 

وأشارت إلى أن هناك معاهدتين فقط من معاهدات حقوق الإنسان الأساسية تتضمن إشارات صريحة إلى السن.

وأكدت خبيرة الأمم المتحدة أنه بعد مرور خمسة وسبعين عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "لا يزال كبار السن يتعرضون - في كثير من الأحيان - للتمييز والإهمال والاستبعاد وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان".

وأوضحت أيضا أن هناك "اهتماما غير كاف" بالعقبات التي تحول دون تمتع هذه الفئة العمرية الكامل بحقوق الإنسان، رغم الآثار المدمرة لجائحة كوفيد-19 عليهم.

وأضافت أن معايير الحماية الوطنية ضعيفة أو غائبة فيما يتعلق بالتمييز على أساس السن، والحماية الاجتماعية، ومستويات المعيشة اللائقة، ودعم الاستقلالية، والمشاركة في صنع القرار، والتحرر من العنف وسوء المعاملة والإهمال.

وحثت الخبيرة الأممية الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني وجميع أصحاب المصلحة المعنيين إلى جعل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقيقة واقعة بالنسبة لجميع المسنين، مشددة على ضرورة أن يكونوا "في قلب الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وأضافت "أشجع الدول الأعضاء على دعم وتعزيز عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة، في التعهد بمستقبل حقوق الإنسان لجميع كبار السن، مع الأخذ في الاعتبار أن شباب اليوم هم المسنون في الغد".

حياة أطول وأكثر صحة تعني فرصا تنموية أكثر

وأكد تقرير صدر سابقا حمل عنوان: "عدم التخلي عن أحد في عالم آخذ في الشيخوخة"- على ضرورة وضع حقوق ورفاه كبار السن في صميم الجهود الجماعية لتحقيق مستقبل مستدام في ظل استمرار العالم في التصدي لأزمات متعددة الأوجه، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة.

وذكر التقرير الاجتماعي العالمي أن شيخوخة السكان تمثل اتجاها عالميا مميزا لعصرنا.

فعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن يعيش الطفل المولود عام 2021 ما يقرب من 25 عاما- في المتوسط- أكثر من طفل مولود عام 1950- ومن المتوقع أن تعيش النساء خمس سنوات أكثر من الرجال.

من المتوقع أن تشهد مناطق شمال أفريقيا وغرب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء أسرع نمو في عدد الأشخاص كبار السن على مدى العقود الثلاثة المقبلة، بينما تتمتع قارتا أوروبا وأمريكا الشمالية مجتمعتين بأعلى نسبة من الأشخاص كبار السن في الوقت الحالي.

وقد عزا التقرير هذا التحول إلى تحسن العلاجات الصحية، وزيادة الوصول إلى التعليم والانخفاضات في الخصوبة بمعنى توفر وسائل تنظيم الحمل.

وقال السيد لي جونهوا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية: "يمكننا معا معالجة أوجه عدم المساواة الحالية لصالح أجيال الغد، وإدارة التحديات والاستفادة من الفرص التي توفرها شيخوخة السكان".

لم يستفد الجميع بالتساوي من التحسينات في الصحة والتعليم التي أدت إلى أن يعيش الناس حتى عمر الشيخوخة. ففي حين أن العديد من كبار السن يتمتعون بصحة ممتازة أو أنهم نشطون اقتصاديا، يعاني آخرون من الأمراض أو الفقر.

في المناطق الأكثر تقدما، توفر أنظمة التحويلات العامة، بما في ذلك المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، أكثر من ثلثي استهلاك كبار السن.

ولكن مع ذلك، يميل كبار السن في المناطق الأقل نموا، إلى العمل لفترة أطول والاعتماد بشكل أكبر على الأصول المتراكمة أو مساعدة الأسرة. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن الإنفاق العام في معظم البلدان كافيا لتغطية الطلب المتزايد على الرعاية طويلة الأجل.

من بين العديد من العوامل الأخرى، يتأثر متوسط العمر المتوقع بشدة بالدخل والتعليم والجنس والعرق ومكان الإقامة. وقد أدت بعض هذه العوامل مجتمعة في كثير من الأحيان إلى ضرر منهجي يبدأ في وقت مبكر من الحياة.

وحذر التقرير من أن أوجه الحرمان النظامية تعزز بعضها البعض طوال حياة الناس- إذا لم يتم اتخاذ سياسات لمنعها- مما يؤدي إلى توسيع فجوة انعدام المساواة بين الأعمار الأكبر، الأمر الذي يلقي بتبعات وخيمة على جهود التقدم نحو تحقيق أهـداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف 10 المعني بالحد من أوجه عدم المساواة.

وأكد التقرير على ضرورة مواجهة هذا التحول الديموغرافي بإعادة التفكير في السياسات والممارسات طويلة الأمد المرتبطة بسبل العيش والعمل.

وتقدم العديد من البلدان بالفعل فرصا للتعلم مدى الحياة، وتقوية القوى العاملة بين الأجيال والاستفادة الكاملة منها، وإدخال سن تقاعد مرنة لاستيعاب مجموعة واسعة من المواقف والتفضيلات الشخصية.

وتمثل إعادة التفكير في أنظمة الحماية الاجتماعية، بما في ذلك أنظمة المعاشات التقاعدية، أمرا ضروريا.

يكمن أحد التحديات في الحفاظ على الاستدامة المالية لأنظمة التقاعد العامة مع ضمان أمن الدخل بالنسبة لجميع كبار السن، بما في ذلك العمال الذين يخدمون في العمالة غير الرسمية.

وأوضح التقرير الأممي أن توسيع فرص العمل اللائق للنساء والفئات الأخرى المستبعدة تقليديا من سوق العمل الرسمي- مع الاعتراف أيضا بالمساهمة الكبيرة لقطاع الرعاية غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي- هي عناصر حاسمة إضافية لضمان النمو الاقتصادي المستدام والشامل في عالم آخذ في الشيخوخة.

* المصدر: موقع أخبار الأمم المتحدة

اضف تعليق