ليس لوعد بلفور أية قيمة قانونية، لا بل هو مخالف لأحكام وقواعد القانون الدولي؛ فقد تعامل مع فلسطين وكأنها صحراء جرداء خالية من السكان، ومنحها دون وجه حق لغزاة تم إستجلابهم من مختلف دول العالم. بريطانيا كانت في العام 1917 دولة إحتلال، ولم تربطها أية صفة قانونية بفلسطين، وليس من حق بريطانيا التنازل عن الإقليم المحتل، وأصبحت لاحقاً في العام 1918 دولة إنتداب من واجبها تحضير الدولة المُنتدَبة لحق تقرير المصير، وهذا ما لم تقم به تجاه الشعب الفلسطيني، فالشعوب وحدها هي من تقرر مصيرها. تنص المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها.. وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي.. وحرة في السعي لتحقيق نمائها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي"..!

تتحمل الحكومات البريطانية المتعاقبة مسؤولية الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ ما يقارب القرن من الزمان، فلا شعور بالذنب أو تأنيب للضمير أو تحمل للمسؤولية، لا بل لا تزال تدعم دولة الإحتلال وتعتبرها حليفاً إستراتيجياً يؤدي مصالح مشتركة في المنطقة، لهذا على الرغم مما صاحب الوعد المشؤوم من عمليات قتل للفلسطينيين وتسهيل لهجرة اليهود الى فلسطين كمشروع إحلالي ومصادرة أملاك الفلسطينيين وتدمير 531 قرية وطرد 935 ألف فلسطيني والتسبب بأكبر حالة لجوء في العالم، وتسليم فلسطين دولة كاملة بكل مكوناتها للعصابات الصهيونية..!

لا شك بأن المزاج الأوروبي العام، والبريطاني على وجه الخصوص قد بدأ يتغير لصالح الحقوق الفلسطينية، وفوز النائب العمالي "صديق فلسطين"، جيريمي كوربن برئاسة حزب العمال ومن الجولة الأولى وبنسبة 59.5% أحد المؤشرات الهامة، ولم يكن هذا ليتحقق لولا تراكم سنوات من العمل الجمعي، بإبراز أحقية وعدالة ومظلمة القضية الفلسطينية، ساهم فيها العديد من النُخب والمؤسسات الفلسطينية والمتضامنين الأجانب..!

تتجه الأنظار إلى مئوية وعد بلفور الذي يوافق في الثاني من تشرين الثاني 2017 وإلى المليون توقيع التي يجري العمل على جمعها من مختلف دول العالم بحيث ستُقدم للحكومة البريطانية لدفعها للإعتذار للشعب الفلسطيني عن مائة سنة من الظلم. تدرك بريطانيا ما الذي سيترتب على الإعتذار من تبعات سواءً على مستوى رد الإعتبار المعنوي للشعب الفلسطيني وإستعادة الحقوق.. وعودة اللاجئين، أو الرؤية الإستراتيجية للعلاقة العضوية بين بريطانيا ودولة الإحتلال، وأثر هذا الإعتذار على الدول التي ساندت وأيدت ووفرت وسائل الدعم السياسي والإعلامي والزيف القانوني للإحتلال الإسرائيلي، وما سيشكله هذا الإعتذار من محطة فاصلة يُقتدى بها كإنعكاس لاي حالة ظلم في العالم، فنحن في مرحلة سياسية فاصلة تتعلق بمصير أكثر من 12 مليون فلسطيني منتشرين في أماكن اللجوء والشتات.

تستمد دولة الإحتلال الإسرائيلي شرعيتها من وعد بلفور والإنتداب البريطاني على فلسطين.. وبهذا المعنى لا شرعية لدولة الإحتلال..!

* كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق