q
بقيت بيشارو (14 عاما) التي أجبرها والداها على الزواج، خمسة أيام فقط مع شريكها العنيف قبل أن تهرب من المنزل، ولجأت إلى جنوب إثيوبيا التي يضربها الجفاف للحصول على المساعدة في وحدة مخصصة للناجيات من العنف الجنسي افتتحت أخيرا في مستشفى مدينة غودي، في المنطقة الصومالية...

بقيت بيشارو (14 عاما) التي أجبرها والداها على الزواج، خمسة أيام فقط مع شريكها العنيف قبل أن تهرب من المنزل، ولجأت إلى جنوب إثيوبيا التي يضربها الجفاف للحصول على المساعدة في وحدة مخصصة للناجيات من العنف الجنسي افتتحت أخيرا في مستشفى مدينة غودي، في المنطقة الصومالية. بحسب فرانس برس.

وهذه المنطقة من أكثر المواقع تضررا بالجفاف التاريخي الذي يضرب القرن الإفريقي وأغرق الملايين في الجوع والفقر، ويقول الأطباء والمتخصصون الاجتماعيون، إن تداعيات أخرى نتجت عن الجفاف: ارتفاع في حالات الزواج القسري والعنف الجنسي.

تفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن زواج الأطفال، وهو أمر غير قانوني في إثيوبيا، ازداد أكثر من الضعف في المناطق الأربع الأكثر تضررا في البلاد في الأشهر الستة الأولى من العام 2022 مقارنة بالعام السابق.

بالنسبة إلى العديد من العائلات اليائسة، تزويج فتاة يأتي بفائدتين، الأولى هي خفض عدد الأفواه التي يجب إطعامها والثانية هي مهرها الذي تقدمه أسرة الزوج ويساعد في تغطية تكاليف العيش، وتقول بيشارو وهو اسم مستعار حفاظا على سلامتها، إن مهرها كان ثلاثة آلاف بر إثيوبي (56 دولارا). وتضيف "اتفق والداي ووالدا زوجي على صفقة الزواج. لم أكن على علم بها. جاء إليّ قبل الزواج وطلب مني الزواج منه لكنني رفضت"، لكنّ زواجها بشاب متزوّج أصلا ويبلغ من العمر 20 عاما ويتحدر من عشيرة والدها، تمّ رغم ذلك.

يضربني

وتروي بيشارو "عشنا معا خمسة أيام وكان يضربني دائما" مضيفة "كان يضربني لأنه أراد ممارسة الجنس معي وأنا كنت أرفض"، ما زالت هذه الشابة تشعر بألم في ظهرها وكتفيها ورأسها جراء العنف الذي تعرضت له بعد زواجها مطلع كانون الثاني/يناير. وتقول "لا أستطيع النوم أثناء الليل بسبب الألم".

هربت بيشارو من منزلها الزوجي ولجأت إلى منزل أحد الجيران، وأوقفت الشرطة الزوج وطلبت منه منح الطلاق لبيشارو، خلافا لرغبة والدها، وتوضح الفتاة "قال لي والدي +إذا حصلتي على الطلاق، لن أكون والدك بعد الآن+"، وهذه الفتاة هي الرابعة من ابناء عائلة تضم خمسة أطفال، ثلاثة صبيان وفتاتان، وحيدة إذ لا يمكن أخوتها مساعدتها، وتقول بيشارو "والدتي وحدها هي من يفهم مشكلتي، لكنها لا تستطيع أن تدعمني لأنها تخاف من والدي"، وعن سبب لجوئها إلى هذه العيادة المتخصصة في غودي التي تساعد النساء والفتيات اللواتي يواجهن ظروفا مماثلة تشرح "لم أحصل على أي دعم منهم (اخوتها)، لذلك أتيت إلى هنا".

العنف منتشر

منذ افتتاحه في تشرين الثاني/نوفمبر، استقبل هذا المبنى الصغير الواقع خلف مستشفى المدينة ثماني ناجيات من الاغتصاب وأربع نساء وفتيات هربن من العنف الأسري، ويقول الطبيب في العيادة فهد حسن إن الجفاف كان عاملا في كثير من هذه الحالات، ويوضح أنه في المنطقة الأوسع، تمثل المخيمات الموقتة التي يعيش فيها أشخاص أجبروا على الفرار من الجفاف، خطرا على النساء والفتيات، ويتابع "العنف منتشر" في المخيمات مشيرا إلى أن فتاة تبلغ سبع سنوات نُقلت إلى العيادة بعد تعرضها للاغتصاب في مخيم في أباكورو، وهي منطقة قريبة، من جهتها، تقول العاملة الاجتماعية سهرا حاجي محمد إن الفقر عامل مساهم في العنف الزوجي موضحة "رأينا خلافات بين زوجين عندما أراد الزوج بيع أدوات منزلية لشراء السجائر أو القات (ورقة مخدرة بدرجة خفيفة) بسبب نقص المال".

حرية الاختيار

يقول العاملون في المركز إن النساء اللواتي لجأن إلى العيادة حتى الآن يمثلن جزءا بسيطا من المعنّفات. ويشيرون إلى أن كثيران من الناجيات من العنف الجندري في هذه المنطقة يخترن السكوت خوفا من وصمهن بالعار.

ويقول فهد "نحن من المجتمع. نحن نعرف نساء لا يأتين إلى هنا لكنهن في منازلهن ويحاولن إخفاء أنفسهن. نحن نعلم. نحاول إخبارهن بأن هناك مركزا يهدف إلى مساعدتهن"، ويضيف أنه بغض النظر عن الاعتداء الجنسي، فإن كثرا في المجتمع لا يعتبرون أن الجرائم ضد المرأة هي جرائم خطيرة تتطلب التدخل.

بيشارو، الناجية الوحيدة في العيادة التي وافقت على التحدث مع وكالة فرانس برس، تريد تشجيع أخريات على التحدث علانية. وتقول "هذه ليست مشكلتي وحدي... اليوم، سمعت أن فتاة أجبرت على الزواج وعذبها (زوجها) لكنّ والديها يلتزامن الصمت"، وتوضح "لا تستطيع الأمهات معارضة قرار الآباء لأنهن يخفن منهم (...) المشكلة الرئيسية هي الآباء".

وتنتظر بيشارو استلام أوراق طلاقها لتتمكن من مغادرة المركز والبقاء مع جدتها في مكان آخر، ولا ترغب في العودة ومواجهة الانتقادات في مسقط رأسها، هناك، تخطط للبدء من جديد حيث تكون حرة في تحديد مصيرها "أريد أن أتزوج شخصا قريبا من سنّي".

اضف تعليق