باعتباره الامل الأخير لإنقاذ العالم من احترار كارثي فان ما اخرجه مؤتمر المناخ مجرد وعود هزيلة واستعراضات لملء المسؤولية وصراعات لايوجد لها حل بين الدول العظمى، بل هو مشهد متكرر من المؤتمرات العقيمة التي لايهمها المستقبل القادم من كوارث التغير المناخي. فقد شهد مؤتمر الاطراف للمناخ (كوب26)...

باعتباره الامل الأخير لإنقاذ العالم من احترار كارثي فان ما اخرجه مؤتمر المناخ مجرد وعود هزيلة واستعراضات لملء المسؤولية وصراعات لايوجد لها حل بين الدول العظمى، بل هو مشهد متكرر من المؤتمرات العقيمة التي لايهمها المستقبل القادم من كوارث التغير المناخي.

فقد شهد مؤتمر الاطراف للمناخ (كوب26) التزامات عدة بشأن الوقود الأحفوري، وهو من الأسباب الرئيسية لظاهرة تغير المناخ، لكن مع غياب دول كبرى عن التوقيع، رغم أن دراسة حذرت من أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد عادت تقريبا إلى مستوياتها القياسية قبل الوباء.

وتعهدت 19 دولة على الأقل من بينها دول تسجل فيها انبعاثات كبيرة كالولايات المتحدة وكندا، ومؤسسات مالية في غلاسكو وقف تمويل مشاريع مصادر الطاقة الأحفورية التي لا تترافق مع أنظمة احتجاز الكربون، في الخارج، بحلول نهاية العام 2022.

وجاء في بيان مشترك لـ19 دولة مشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ المنعقد في غلاسكو في المملكة المتحدة برعاية الأمم المتحدة، "الاستثمار في مشاريع مصادر الطاقة الأحفورية غير المرفقة بأنظمة احتجاز الكربون، دونه مخاطر اجتماعية واقتصادية متزايدة وله تداعيات على عائدات الحكومات والعمالة المحلية والمكلفين والصحة العامة".

وقد وافقت دول مجموعة العشرين أخيرا فقط على وقف دعم المشاريع الجديدة لإنشاء محطات طاقة تعمل بالفحم في الخارج. لكن الخطة التي أعلنت الخميس تشمل الغاز والنفط للمرة الأولى، وتعد بإعادة توجيه الأموال المخصصة لتلك المشاريع نحو الطاقة المتجددة.

وإذا تم احترام هذا الالتزام، فإن أكثر من 15 مليار دولار ستفيد الطاقة النظيفة، كما يقدر خبراء.

وفي مبادرة أخرى روجت لها الحكومة البريطانية، التزم أكثر من 40 بلدا "إعلان الانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة"، وقدّم العديد منها التزامات مماثلة مثل بولندا وفرنسا.

ورغم ذلك، فإن دولا كبيرة منخرطة في هذا القطاع، مثل أستراليا والصين والهند والولايات المتحدة واليابان وروسيا، لم تكن من البلدان الموقعة.

في المقابل، ضمّت المبادرتان دولا تتمتع بالقليل من الثقل الاقتصادي الدولي منها جزر المالديف وجزر مارشال وفيجي ومالي والنيبال. كذلك كانت ويلز أيضا من الدول الموقعة التزام التوقف عن استخدام الفحم الذي كانت منتجا رئيسيا له، إلى جانب المملكة المتحدة التي ما زالت جزءا منها...

وذكر المنظمون على سبيل المثال الاتفاق المعلن في وقت سابق في مؤتمر الأطراف والذي تعهدت فيه ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تمويل "انتقال عادل للطاقة" بقيمة 8,5 مليارات دولار لمساعدة جنوب إفريقيا للتخلص من اعتمادها على الفحم لإنتاج الطاقة. وفي المقابل، جوهانسبرغ ليست من الدول الموقعة اتفاق الفحم.

ومع ذلك، أظهر المضيفون البريطانيون حماستهم، مثل ألوك شارما، رئيس كوب26 الذي قال "نحن نصل إلى اللحظة التي نعيد فيها الفحم إلى كتب التاريخ".

وقال وزير الأعمال البريطاني غريغ هاندز "نحن في حاجة إلى وضع التمويل العام على الجانب الصحيح من التاريخ".

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، من أجل الحفاظ على الهدف المثالي لاتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعة، سيكون من الضروري التوقف فورا عن تمويل مشاريع جديدة في مجال الوقود الأحفوري.

لكن وفقا لمنظمة "أويل تشينج إنترناشونال" غير الحكومية، بين عامي 2018 و2020، مولت دول مجوعة العشرين وحدها مشاريع مماثلة تصل قيمتها إلى 188 مليار دولار، بشكل رئيسي من خلال مصارف تنمية متعددة الأطراف.

بعد الالتزامات بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 في المئة بداية الأسبوع، اعتبر العديد من المراقبين، على غرار تنسيم إيسوب مديرة شبكة "كلايميت أكشن نتوورك إنترناشونال" أنها كانت "خطوة جديدة في الاتجاه الصحيح".

وقالت جينيفر لايك من معهد "وورلد ريسورسز إنستيتيوت" إن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ كانت واضحة تماما: لتجنب حدوث كارثة مناخية، يجب وضع حد لإدماننا الوقود الأحفوري، وإلغاء التمويل خطوة أساسية نحو الأمام".

من جهة أخرى، أفادت دراسة علمية نشرت الخميس على هامش المؤتمر العالمي للمناخ "كوب-26" بأنّ الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون قفزت في 2021 إلى مستويات قريبة من تلك القياسية المسجّلة خلال فترة ما قبل جائحة كوفيد التي تسبّبت بشلل اقتصادي عالمي أدّى إلى انخفاض كبير في انبعاثات غازات الدفيئة.

وأظهرت دراسة أجراها مركز "غلوبل كربون برودجكت"، وهو كونسورسيوم علماء دوليين يدرسون "ميزانيات" الكربون العالمية، أنّ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم في 2021 سيصل إلى مستوى يقلّ بنسبة 0,8% فقط عن مستواه في 2019.

وأضافت أنّ الانبعاثات الناتجة عن استخدام الفحم الحجري في 2021 ستتجاوز المستوى الذي كانت عليه قبل الجائحة ولكنّها ستبقى دون مستواها القياسي المسجّل في 2014.

أما الانبعاثات الناتجة عن استخدام الغاز الطبيعي فستبلغ في 2021 أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفقاً للدراسة.

أمّا في 2021 فمن المتوقّع، وفقاً للدراسة، أن يرتفع مستوى الانبعاثات بنسبة 4,9% لتصل إلى أقلّ من 1% من المستوى القياسي المسجّل في 2019.

وتتعرض الدول لضغوط للقيام بالمزيد من أجل الحد من تغير المناخ من ناحية وحماية السكان من الكوارث الطبيعية من ناحية أخرى، مع هدف يحدّ الاحترار العالمي ب1,5 درجة مئوية.

أكثر من 80 بلدا يتعهد خفض انبعاثات الميثان

وتعهد أكثر من 80 بلدا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بخفض انبعاثات الميثان، أحد الغازات الدفيئة الرئيسية المسببة للاحترار العالمي، بنسبة 30% بحلول العام 2030، كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية.

وأوضحت أورسولا فون دير لاين إلى جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن "الميثان هو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع" من غيره، مشيرة إلى أنه مسؤول عن "نحو 30 في المئة" من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية.

وأعقب جو بايدن "إنه أحد أقوى الغازات الدفيئة" مؤكدا أن موقعي هذا الالتزام يمثلون 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

والميثان الذي ينبعث من الزراعة وتربية المواشي والوقود الأحفوري والنفايات، هو ثاني غاز دفيئة مرتبط بالنشاط البشري بعد ثاني أكسيد الكربون. ورغم أنه لا يتم الحديث عنه كثيرا فإن تأثيره على الاحترار أكبر بنحو 29 مرة لكل كيلوغرام من تأثير ثاني أكسيد الكربون على مدى مئة عام، ونحو 82 مرة خلال فترة 20 عاما.

وبالتالي فإن الحد من هذه الانبعاثات يمثل "فرصة مهمة" لإبطاء الاحترار "على المدى القصير" و"المساعدة في سد الفجوة بين المسارات الحالية وتلك المتوافقة مع حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية أو درجتين مئويتين"، كما قال برنامج الأمم المتحدة للبيئة الأسبوع الماضي.

ومع "التدابير التقنية المستهدفة المتاحة"، يمكن خفض هذه الانبعاثات بنسبة 30 في المئة بحلول العام 2030، 20 في المئة منها بكلفة منخفضة، وفقا للتقرير. ويمكن أن تخفّض نسبة 15 في المئة أخرى من تدابير مثل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والتغييرات في الأنظمة الغذائية.

تحالف يمتلك 130 تريليون دولار

تعهدت بنوك وشركات تأمين ومستثمرون لديهم 130 تريليون دولار تحت تصرفهم يوم الأربعاء بجعل كبح تغير المناخ في صميم عملهم، وحصلوا على دعم في شكل جهود لجعل الاستثمار الأخضر على أساس ثابت. بحسب رويترز.

ويُلزم إعلان صدر في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 26) في إسكتلندا الموقعين عليه، والذين يمثلون حوالي 40 بالمئة من رؤوس الأموال في العالم، بالاضطلاع "بحصة عادلة" من الجهود لتقليص اعتماد العالم على الوقود الأحفوري.

وتوقع مبعوث الأمم المتحدة للمناخ مارك كارني، الذي جمع ائتلاف جلاسجو المالي من أجل خفض صافي الانبعاثات للصفر، أن يكون الرقم 100 تريليون دولار على مدى العقود الثلاثة المقبلة، وقال إن قطاع التمويل يجب أن يجد طرقا لجمع أموال خاصة للوصول بالجهود لما هو أبعد بكثير مما يمكن للدول وحدها فعله.

وقال محافظ بنك إنجلترا المركزي السابق في كلمة أمام القمة "المال موجود.. لكن هذا المال يحتاج إلى مشروعات ذات صافي انبعاثات صفري و(بعدئذ) هناك طريقة لتحويل هذا إلى وضع مستدام، وهذا هو التحدي".

أبرزت تصريحات كارني مشكلة غالبا ما يشير إليها المستثمرون الذين يحتاجون، في مواجهة عدد لا يحصى من المخاطر المتعلقة بالمناخ، إلى التأكد من محاسبتهم بطريقة شفافة ويفضل أن تكون موحدة في جميع أنحاء العالم.

وقال نيك روبينز من معهد جرانثام لأبحاث تغير المناخ والبيئة "بعض الأجزاء المتشابكة الرئيسية في لغز التمويل تتجمع الآن".

لجم قطع أشجار الغابات

وقالت الحكومة البريطانية المضيفة لمؤتمر المناخ إن هذا الاعلان المشترك ستقره أكثر من مئة دولة تضم 85% من الغابات العالمية من بينها غابة كندا البوريالية وغابة الأمازون في البرازيل وغابة حوض الكونغو المدارية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني أن المبادرة التي ستستفيد من تمويل رسمي وخاص قدره 19,2 مليار دولار، أساسية لتحقيق هدف حصر الاحترار المناخي ب1,5 درجة مئوية.

ونقلت عنه اجهزته قوله "هذه الأنظمة البيئية الرائعة هي رئة كوكبنا" مضيفا أن الغابات "أساسية لاستمراريتنا حتى" إلا أنها تتراجع ب"وتيرة تثر القلق" توازي مساحة 27 ملعب لكرة القدم في الدقيقة. بحسب فرانس برس.

ومن بين الدول الموقعة، البرازيل وروسيا اللتان توجه إليهما أصابع الاتهام بسبب تسارع قطع أشجار الغابات على أراضيهما، فضلا عن الولايات المتحدة والصين وأستراليا وفرنسا.

واعلنت الحكومة البرازيلية التي تتعرض لانتقادات حادة حول سياستها البيئية الاثنين بمناسبة كوب26 أهدافا أكثر طموحا بشأن خفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون ومكافحة قطع أشجار الغابات.

وقال وزير البيئة البرازيلي جواكيم ليتي "نطرح هدفا مناخيا أكثر طموحا ينتقل فيه خفض انبعاثات غازات الدفيئة من نسبة 43 إلى 50% بحلول العام 2030 على أن يتحقق "تحييد أثر الكربون بحلول العام 2050".

وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من جهته أن بلاد ستحقق الحياد الكربوني بحلول العام 2070. وكان هذا الإعلان مرتقبا جدا إذ أن الهند تسجل رابع أعلى انبعاثات لغازات الدفيئة العالمية بعد الصين والويلات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وسيتعهد رؤساء أكثر من 30 مؤسسة مالية مثل أفيفا وأكسا التوقف عن الاستثمار في نشاطات مرتبطة بقطع أشجار الغابات على ما أفادت رئاسة الحكومة البريطانية.

ويتأتى ربع الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة (23%) راهنا من نشاطات مثل الزراعة وصناعة الأخشاب.

وحضت الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ خلال تظاهرة في غلاسكو قادة العالم المجتمعين في إطار كوب26 إلى التحرك ووقف "الثرثرة"

والتعهد الجديد لمكافحة قطع أشجار الغابات يلتقي مع "إعلان نيويورك حول الغابات "في العام 2014 الذي التزمت الكثير من الدول في إطاره بخفض هذه الظاهرة بالنصف بحلول 2020 والقضاء عليها في 2030.

لكن تعتبر منظمات غر حكومية مثل غرينبيس أن هدف 2030 بعيد جدا ويعطي الضوء الأخضر "لقطع أشجار الغابات لمدة عقد إضافي من الزمن".

ويأتي هذا الالتزام غداة الدعوة الحثيثة التي اطلقها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريش أمام نحو 120 من قادة العالم وآلاف المندوبين والمراقبين المجتعمين لمدة أسبوعين في غلاسكو، إلى "انقاذ البشرية".

وقال غوتيريش في افتتاح مؤتمر كوب26 "كفى قتل انفسنا بالكربون. كفى معاملة الطبيعة كما لو أنها مرحاض. كفى حرقا وحفرا واستخراجا. نحن نحفر قبورنا بأيدينا".

أما بوريس جونسون الذي تستضيف بلاده المؤتمر فقد حذر من "الغضب الخارج عن السيطرة" للأجيال الشابة في حال فشل المؤتمر الحالي بعد ستة أعوام على اتفاق باريس للمناخ.

لكن في مؤشر سلبي، تعذر على دول مجموعة العشرين المجتمعة في روما خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي والتي تضم كبرى الاقتصادات العالمية المسؤولة عن حوالى 80% من الانبعاثات العالمية، الاتفاق على موعد محدد لتحييد أثر الكربون مكتفية بعبارة "منتصف القرن" الحالي.

التزمت الصين التي تسجل أعلى الانبعاثات العالمية تحييد أثر الكربون بحلول 2060 إلا ان رئيسها شي جينبينغ لم يحضر إلى غلاسكو.

كفى نفاقا

من جهته شبّه الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الأربعاء قمة المناخ "كوب 26" بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، داعيا إلى "الكف عن النفاق" ومؤكدًا أن بلاده تملك أهم مشروع لإعادة التشجير في العالم.

وقال الرئيس الذي لم يذهب إلى غلاسكو للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ "تشبه هذه القمم قمة دافوس".

وأضاف في مؤتمره الصحافي اليومي "هل تتذكرون قمم دافوس والتكنوقراط والليبراليين الجدد؟"، في إشارة إلى الاجتماع الذي يجمع كل عام النافذين العالميين في الاقتصاد والسياسة في منتجع التزلج في سويسرا.

ويعتقد الرئيس المكسيكي أن غلاسكو تجمع أقوى دول العالم التي "تزيد من انتاجها للنفط فيما تعقد هذه القمم لحماية البيئة".

وعلّق بسخرية "ثمّ يصلون بطائرات خاصة"، متابعا "لذا، كفى نفاقا وبدعا. علينا أن نحارب اللامساواة الفظيعة في العالم والتي سأتحدث عنها في زيارتي للأمم المتحدة".

ويسافر أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الأسبوع المقبل إلى نيويورك في رحلة نادرة له خارج المكسيك منذ أن تولى منصبه في 2018. وتترأس المكسيك مجلس الأمن في تشرين الثاني/نوفمبر.

وتابع "إذا أردنا حماية البيئة، علينا أن نتّخذ قرارات وأن نعمل وألّا نطلق خطابات" لافتًا إلى أنه "لا يوجد دولة تستثمر بمبلغ 1,3 مليار دولار سنويًا من أجل إعادة التشجير" ملمحا بذلك إلى برنامج "سيمبراندو فيدا" (زرع الحياة) الذي قدّمته المكسيك للمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري قبل أسبوع من "كوب26".

وينوي مشروع "سيمبراندو فيدا" خلق 15 ألف وظيفة لزرع مليار شجرة في معظم أنحاء الـ32 ولاية مكسيكية.

قمة الأمل الأخير

قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في افتتاح القمة "إنها الفرصة الأخيرة وعلينا التحرك حالا".

من جانبه قال الرئيس الأمريكي جو بايدن مخاطبا المندوبين، إن العصر الحالي لكارثة المناخ يمثل "نقطة انعطاف في تاريخ العالم".

وأعرب نشطاء من منظمة "أوكسفام" عن استيائهم من خلال الموسيقى، مع فرقة إسكتلندية سميت "فرقة الهواء الساخن كوب26"، وضع أعضاؤها أقنعة لوجوه قادة العالم.

وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عن تفجر غضب شعبي "لا يمكن احتواؤه" في حال فشلت القمة في تحقيق المنشود.

وشكل كلام بوريس جونسون صدى للناشطة المدافعة على المناخ البالغة من العمر 18 عاما، غريتا تونبرغ الموجودة في غلاسغو مع الآلاف من المحتجين الآخرين، وهو حث القمة على عدم الانغماس في "الثرثرة".

وقال رئيس الوزراء إنه إذا فشل الزعماء في تحقيق الهدف، فإن الأجيال التي لم تولد بعد "لن تسامحنا". مضيفا "سيحكمون علينا بمرارة وبامتعاض يطغى على نشطاء المناخ اليوم، وسيكونون على حق".

وقال بايدن إن الاستجابة لأزمة المناخ يجب أن ينظر إليها على أنها فرصة لاقتصادات العالم. وتابع قائلا أنه "وسط الكارثة المتنامية، أرى أن هناك فرصة رائعة، ليس فقط للولايات المتحدة إنما لنا جميعا".

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون الدول التي تسجل أكبر انبعاثات لثاني أكسيد الكربون والمتأخرة في التزامتها "برفع طموحاتها خلال الأيام الخمسة عشر "لمؤتمر كوب26.

وتراجعت التوقعات المتوخاة من القمة بسبب غياب عدد من الشخصيات البارزة.

ويغيب عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي لم يغادر بلاده منذ ظهور كوفيد-19، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشاركته الإثنين لأسباب "أمنية" لم تحدد.

وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين بعدما اعتبر مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان أن موقف بكين "محير" في خصوص احتواء التغير البيئي.

وقال سوليفان "لن تكون الصين ممثلة على مستوى قائد البلاد في مؤتمر كوب26 ...ولديها واجب تعزيز طموحاتها ونحن نمضي قدما"

ولم تكشف الهند بعد عن "مساهمتها المحددة وطنيا" الجديدة، وهو أحد متطلبات اتفاق باريس.

وستراقب خطابات أكثر من مئة زعيم عن كثب، خصوصا من الناشطين الشباب الذين توجّهوا إلى اسكتلندا عبر القطار رغم العقبات الماثلة جرّاء الوباء.

وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في تغريدة "أرحب بالتزام مجموعة العشرين المتجدد بإيجاد حلول على الصعيد العالمي، لكني أغادر روما بآمال محبطة حتى لو لم تدفن بعد".

بعد قادة العالم جاء دور خبراء المال والمفاوضين

غداة الإعلان الكبير الصادر عن قادة العالم لخفض غازات الدفيئة، جاء دور الخبراء الماليين والمفاوضين الذين سيتعين عليهم خلال مؤتمر كوب-26 في غلاسكو مناقشة التمويل وطرق مكافحة الاحتباس الحراري ومساعدة المحرومين بشكل خاص على التكيف مع آثاره المدمرة.

التمويل هو جوهر المعركة في هذه المعادلة وتطالب البلدان النامية التي تضررت بشدة من آثار ظاهرة الاحتباس التي تتحمل مسؤوليتها بشكل هامشي فقط، بالوفاء بالوعد الذي مضى عليه عقد من الزمن بتمويل سنوي من البلدان المتقدمة بمستوى 100 مليار دولار.

من ناحية القطاع الخاص، قطعت وعود بحياد الكربون. مئات الأطراف المالية (البنوك وشركات التأمين ومديري الأصول ...) ملتزمون الآن بتحقيق هذا التوازن بين انبعاثات الكربون وامتصاصه في منتصف القرن، كما أعلن الأربعاء مارك كارني خلال كوب-26 وهو يرأس هذا التحالف الذي تم انشاؤه برعاية الأمم المتحدة.

أطلق تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي صفر كربون "Glasgow Financial Alliance for Net Zero" قبل بضعة أشهر ويضم الآن 450 طرفًا ماليًا من 45 دولة يمثلون حوالي 130 ألف مليار دولار من الأصول، وفقًا لمبعوث الأمم المتحدة والحاكم السابق للبنك المركزي البريطاني.

تلتزم هذه المؤسسات بالحياد الكربوني بحلول عام 2050 "كحد أقصى" "والمساهمة بحصتها لخفض الانبعاثات إلى النصف خلال هذا العقد" ومراجعة أهدافها كل خمس سنوات.

لكن هذا التحالف لا يرضي المنظمات غير الحكومية التي تؤكد أنه لا يمنع الاستثمارات في الفحم أو النفط.

وقالت لوسي بينسون مديرة شركة Reclaim Finance الأربعاء "أكثر من 130 ألف مليار دولار ولا قاعدة واحدة لمنع استثمار دولار واحد في تطوير الوقود الأحفوري" المسؤول عن معظم الاحترار.

بعد يومين من قمة رؤساء الدول والحكومات ، تعهدت مئة دولة بأن تخفض بشكل كبير انبعاثاتها من الميثان (CH4) وهو من غازات الدفيئة الأقل شهرة من ثاني أكسيد الكربون والأقوى منه بكثير.

بايدن يتّهم بكين بعدم المبالاة

واتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن الصين، أكبر مصدر للتلوّث في العالم، بأنها أدارت ظهرها للتحدّيات المناخية "الضخمة" بتغيّبها عن مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) المنعقد في غلاسكو والذي توصّل المشاركون فيه إلى اتفاقين رئيسين يهدفان إلى احتواء غازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي وحماية الغابات.

وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام مشاركته في مؤتمر المناخ المقرّر أن يستمر حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر، قال بايدن "أعتقد أن الصين اقترفت خطأ كبيرا بعدم المجيء"، وأن الرئيس الصيني شي جينبينغ "أضاع فرصة التأثير على الناس في العالم أجمع".

وأضاف "إنها مسألة ضخمة، وهم (الصينيون) أداروا ظهورهم. كيف يمكن التصرّف على هذا النحو وادّعاء الريادة؟".

واكتفى الرئيس الصيني بإعداد رسالة مكتوبة نشرت على الموقع الإلكتروني للمؤتمر، من دون أيّ مداخلة، سواء بشكل مباشر عبر الفيديو أو عبر تسجيل مصوّر.

وتابع بايدن "هناك مشكلات مناخيّة خطرة جدًا، وهو (شي) لا يُبدي استعدادًا للقيام بأيّ شيء". واعتبر أنّ "الوضع هو نفسه بالنسبة إلى (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين" الذي لم يحضر الاجتماع.

وقالت أورسولا فون دير لايين إلى جانب بايدن إنّ "الميثان هو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع" من غيره، مشيرة إلى أنّه مسؤول عن "نحو 30 في المئة" من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية.

وردّ بايدن "إنّه أحد أقوى الغازات الدفيئة"، مؤكّدًا أنّ موقّعي هذا الالتزام يمثّلون 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

الصين تزيد انتاجها للفحم

من جهتها زادت الصين انتاجها اليومي من الفحم بأكثر من مليون طنّ وسط شحّ في الطاقة الكهربائية فيما يتفاوض قادة العالم على اتفاق في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 26" بغية تجنيب الارض مواجهة احترار مناخي "كارثي".

وفي خضم انتعاش الاقتصاد العالمي، تعاني الصين من عبء ارتفاع تكلفة المواد الأولية خصوصًا الفحم الذي تعتمد عليه الدولة الآسيوية بنسبة 60% لتشغيل محطات انتاج الطاقة الخاصة بها.

ويدفع هذا الوضع محطات توليد الطاقة إلى التوقف عن العمل رغم الطلب القوي، ما يؤدي إلى تقنين الكهرباء وزيادة تكاليف الإنتاج للشركات.

وسمحت السلطات في الأسابيع الأخيرة بإعادة فتح مناجم الفحم بهدف تخفيف الضغط. وتتناقض هذه الخطوة مع وعد الرئيس الصيني شي جينبينغ القاضي بالتخفيف من انبعاثات الكربون من بلده قبل العام 2030.

ويتخطى الانتاج اليومي من الفحم الـ11,5 مليون طنّ منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، بحسب ما أعلنت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين.

ولم تستبعد اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح الشهر الماضي احتمال تدخّلها لخفض أسعار الفحم بحيث أعلنت انها "ستلجأ إلى كلّ الأساليب الضرورية (...) لإعادة أسعار الفحم إلى نطاق أسعار مقبولة".

وتعدّ الصين أكبر منتج للفحم وأكبر ملوث في العالم، إلّا أنها أيضًا أكثر دولة تستثمر في الطاقة النظيفة.

التعهد بحماية المحيطات هزيل

تعهدت أكثر من 12 دولة، من بينها الولايات المتحدة، بتكثيف حماية مياهها الاقليمية لكن نشطاء قالوا إن التعهد يفتقر إلى الطموح اللازم لتغيير الوضع الراهن المتمثل في التدمير المستمر للمحيطات.

ويأتي هذا التعهد ضمن سلسلة من الالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة في جلاسجو، حيث اجتمع القادة والمفاوضون للحفاظ على هدف يشهد تراجعا ويتمثل في وضع حد أقصى لارتفاع درجات حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.

ومن بين الاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن تعهد بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 2020.

ودعا العلماء والنشطاء كافة الدول إلى الاعتراف أيضا بالصلة بين المحيطات وتغير المناخ، قائلين إن الإدارة المستدامة للبحار يمكن أن تساعد في تنظيم مناخ الأرض على نحو أفضل.

أعلن المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ جون كيري أن الولايات المتحدة ستصبح الدولة 15 التي توقع على التعهد الخاص بالمحيطات، الذي صادقت عليه الاقتصادات الأخرى المعتمدة على المحيطات ومنها إندونيسيا واليابان وكينيا وتشيلي والنرويج. ويدعو التعهد إلى زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة القائمة على المحيطات، وإنهاء استخدام الكربون في الصناعات وإجراء المزيد من البحث العلمي.

لكن البيان لم يشر إلى إنهاء الدعم الحكومي السنوي الهائل الذي يُقدم لأنشطة مثل الصيد الصناعي، وهو محرك رئيسي للاستغلال المفرط للبحار.

ووصفت منظمة السلام الأخضر (جرينبيس)، وهي منظمة بيئية غير حكومية، الإعلان بأنه "هزيل".

وقالت لويزا كاسون الناشطة في مجال المحيطات في منظمة السلام الأخضر ببريطانيا "نحتاج لرؤية إجراءات لإنشاء شبكة من محميات المحيطات تغطي ما لا يقل عن 30 في المئة من محيطاتنا بحلول عام 2030.

"نحن بحاجة إلى مناطق لا يوجد فيها أي أنشطة تجارية، حتى يمكن للطبيعة ومجموعات الأسماك التي تعتمد عليها مصايد الأسماك أن تتعافى وتزدهر".

وثلثا كوكب الأرض مغطى بالمياه، وتمتص المحيطات الحرارة وثاني أكسيد الكربون وتعيد توزيعهما عبر الكوكب. ولكن مع ارتفاع تركيزات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق وارتفاع درجات الحرارة بمعدل ينذر بالخطر، فإن النظم البيئية البحرية تكافح من أجل مواكبة ذلك.

وقال داون رايت، كبير العلماء وعالم المحيطات في شركة إي.اس.ار.ئي الأمريكية المختصة في بيانات رسم الخرائط، لرويترز في مقابلة عبر الإنترنت إن فهم العلاقة بين المحيطات وتغير المناخ أمر بالغ الأهمية للوفود المشاركة في مؤتمر المناخ بجلاسجو حتى تتمكن من وضع خطة لإدارة المحيطات بشكل مستدام.

وأضاف "نخفض في الوقت الحالي وبشدة انبعاثات الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية في المحيط. أشياء مثل الصيد بشباك الجر بواسطة أساطيل الصيد، والأنشطة التي تزعج قاع البحر.

"يجب أن ندرج المحيطات في كيفية حساب الانبعاثات والتلوث، وآمل أن يدرك مؤتمر الأمم المتحدة هذه المشكلة".

اضف تعليق