q
أثار برنامج الذكاء الاصطناعي الجديد ChatGPT الكثير من الأسئلة حول مستقبل تلك التقنيات كما أثار الكثير من الجدل والمخاوف بشأن النواحي الأخلاقية لاستخداماته.. فما هو هذا البرنامج؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتسع قدراته؟ يخشى البعض من أن ينجح الذكاء الاصطناعي يوماً ما في تطوير نفسه بدرجة يعجز عن فهمها أو ملاحقتها البشر...

أثار برنامج الذكاء الاصطناعي الجديد ChatGPT الكثير من الأسئلة حول مستقبل تلك التقنيات كما أثار الكثير من الجدل والمخاوف بشأن النواحي الأخلاقية لاستخداماته.. فما هو هذا البرنامج؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتسع قدراته؟

يخشى البعض من أن ينجح الذكاء الاصطناعي يوماً ما في تطوير نفسه بدرجة يعجز عن فهمها أو ملاحقتها البشر الذين صنعوه منذ عقود خلت وإلى اليوم، يتعاظم الخوف البشري من تنامي قدرات الذكاء الاصطناعي AI Artificial intelligence وتخطيه حدود فهم الإنسان الذي قام بصنعه.

في هذا السياق أُنتجت العشرات من أفلام الخيال العلمي وكُتبت مئات الكتب والمقالات، محذرة من السيطرة "الوشيكة" لهذه البرامج على العالم، وليس ببعيد عنا ما حدث في مجال الأدب والفن والرسم وكيف اخترقه هذا النوع من البرامج.

واليوم يدور حديث متزايد حول برنامج ذكاء اصطناعي جديد فاق حدود تصور البشر بشأن درجة التطور التي قد تصل إليها هذه التقنيات يوماً ما.

البرنامج الجديد أطلق عليه اسم ChatGPT Generative Pretrained Transformer 3 وهو برنامج لمعالجة اللغة، يتفاعل مع المستخدم من خلال الحوار كتابة على الموقع الإلكتروني الخاص به، وأطلق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، ويعمل وفق آلية "تعلم الآلة"، لكن ما يظهر على السطح منه يبدو أشبه بقمة جبل الجليد!

البرنامج من إنتاج شركة (أوبن أيه آي OpenAI) التي تأسست عام 2015 بمشاركة كل من إيلون ماسك وجريج بروكمان وإيليا سوتسكيفر ووجسيخ زاريمبا وسام التمان. والبرنامج هو أحدث نماذج تعلم الآلة وقد تم إنشاؤه على رأس عائلة نماذج روبوتات المحادثة وتعلم اللغات والمسماة ( OpenAI's GPT-3)، ويخضع لإشراف دقيق للغاية لتطوير اللغة التي يستجيب بها لطلبات المستخدمين من خلال ما يسمى يتقنيات التعلم التعزيزي ( reinforcement learning techniques) أو التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية (RLHF).

وتقول شركة OpenAI على موقعها إن "لقد قمنا بتدريب نموذج يسمى ChatGPT وهو يتفاعل بطريقة المحادثة. يتيح الحوار مع ChatGPT الإجابة على أسئلة المتابعة والاعتراف بأخطائه ورفض الطلبات غير الملائمة، وهو نموذج شقيق لـبرنامج الذكاء الاصطناعي InstructGPT". ويعتبر البرنامج حالياً أشهر نماذج الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة على الإنترنت.

يتيح الحوار مع ChatGPT الإجابة على أسئلة المتابعة والاعتراف بأخطائه ورفض الطلبات غير الملائمة، وبحسب تجارب شخصية لمستخدمين وثقوا استخدامهم للبرنامج الجديد في فيديوهات على المنصات المختلفة وفي تغريدات على تويتر، فإن هناك انطباع عام لدى البرنامج باعتزازه بنفسه وبما يقوم به. ويحب البرنامج أن يصف نفسه بأنه "نموذج AI لمعالجة اللغة"، ما يعني أنه برنامج قادر على فهم لغة الإنسان بالشكل الذي يتم به التحدث بها وكتابتها، مما يسمح له بفهم المعلومات التي تضاف إليه ويتم تغذيته بها بشكل مستمر ودائم والتفكير قبل التلفظ بأي رد على طلبات المستخدم، وهو ما يحدث بسرعة فائقة بالطبع.

وإلى الآن يكتفي ChatGPT بالردود المكتوبة ولا يقوم بإنتاج مواد صوتية أو بصرية، وذلك على عكس نماذج أخرى شهيرة منها الروبوت صوفيا Sophia the Robot وأيضاً منشئ الصور Dall-E، إلا أنه يعتبر ذو قدرة خارقة مقارنة بكل برامج الذكاء الاصطناعي من حيث فهمه العميق للغة المكتوبة والمنطوقة، الأمر الذي يمنحه نطاقًا واسعًا للغاية من القدرات، بدءًا من كتابة تعليقات على القصائد الشعرية مروراً بنظريات العوالم الموازية وصولاً إلى شرح ميكانيكا الكم بعبارات بسيطة أو كتابة أوراق بحثية ومقالات كاملة.

ويقول مستخدمون إن البرنامج استجاب لطلبات خاصة بكتابة الموضوع بشكل ساخر وأنه يستطيع فهم الكثير من الأمور المعقدة الواردة في الأسئلة وأن قوته الحقيقية تكمن في سرعة استجابته وفهمه للغة المستخدمة في الأسئلة بشكل مثير للإعجاب منتجاً مقالات كاملة بأسلوب جيد للغاية، لكن آخرين قالوا إن هناك بعض الموضوعات مثل الأحداث العالمية الأخيرة أو الموضوعات التي لا يوجد بشأنها الكثير من المعلومات والتي قوبلت من جانب البرنامج بإنتاج مقالات أو ردود خاطئة أحياناً ومشوشة في أحيان أخرى.

أيضاً، وبحسب تجارب مستخدمين، فإن البرنامج يمتنع عن الإجابة عن الأسئلة عندما تشكل الردود نوعاً من الخطر سواء للسائل أو للمجتمع بوجه عام ويتوقف حينها عن المساعدة في مثل هذه الطلبات الخطرة بل إنه يوقفك عن طرح مزيد من الأسئلة بشأن تلك الموضوعات "الضارة".

قد يبو الأمر في ظاهره بسيطاً.. برنامج تطرح عليه الأسئلة فيقوم بالبحث ويعود إليك بالنتائج بسرعة.. لكن تقنية القيام بذلك أكثر تعقيدًا مما قد تبدو عليه.

تم تدريب النموذج ChatGPT باستخدام قواعد البيانات النصية من الإنترنت، وشمل ذلك كميات ضخمة من الغيغا بايتس من البيانات التي تم الحصول عليها من الكتب ونصوص الويب وويكيبيديا والمقالات وغيرها بمعدل وصل إلى نحو 300 مليار كلمة أدخلت في نظامه.

وكنموذج لغوي يعمل على الاحتمالات، فإنه بمقدوره أن يخمن تتابع وترتيب الكلمات بشكل منطقي بحسب اللغة المستخدمة. وللوصول إلى مرحلة حيث يمكنه القيام بذلك، مر النموذج بمرحلة اختبار خاضعة للإشراف البشري، فتمت تغذيته بمدخلات مختلفة منها على سبيل المثال سؤال "ما لون خشب الشجرة؟". بالطبع كان لدى الفريق مخرجات صحيحة متعددة، وإذا لم تتضمن الإجابة واحدة منها يقوم الفريق بإدخال الإجابة الصحيحة مرة أخرى في النظام، ويقوم بتعليم البرنامج الإجابات الصحيحة ويساعده في بناء معرفته شيئاً فشيئاً، وهو ما يشبه تعليم الطفل.

تأتي المرحلة الثانية وهي تقديم إجابات متعددة على سؤال واحد بالتعاون مع أحد أعضاء الفريق والذي يقوم بتصنيف الإجابات من الأفضل إلى الأسوأ، ويدرب الشخص المسؤول البرنامج على عقد المقارنات وتقييم جودة الإجابات.

والحقيقة فإن ما يميز هذا النموذج وهذه التكنولوجيا عن غيرها هو أنها تستمر في التعلم بشكل لا ينقطع مع تحسين فهمها للأسئلة باستمرار لتصبح يوماً ما الجهة التي تعرف كل شيء عن كل شيء!

في حين أن GPT-3 قد صنع اسمًا لنفسه من خلال قدراته اللغوية الآخذة في التطور باستمرار، إلا أنه ليس الذكاء الاصطناعي الوحيد القادر على القيام بذلك. تصدر نموذج LaMDA من Google عناوين الصحف عندما طُرد مهندس من غوغل Google لأنه وصفه بأنه "واقعي للغاية لدرجة أنه اعتقد أنه لديه وعي شخصي منفصل وخاص به وليس مجرد برنامج".

هناك أيضًا الكثير من الأمثلة الأخرى أحدها من إنتاج أمازون Amazon وآخر من إنتاج جامعة ستانفورد Stanford، وحظيت جميعها باهتمام أقل بكثير من OpenAI أو Google LaMDA لكنها لم تكن بهذا القدر من التطور الذي يتمتع به GPT-3، كما أن معظم هذه النماذج غير متاحة للجمهور، لكن OpenAI بدأت في عمل ذلك حتى خلال مراحل الاختبار الأولية، فيما يتوفر LaMDA من Google لمجموعات محددة وبقدرات محدودة بهدف الاختبار.

معايير أخلاقية

كلما ذكر "الذكاء الاصطناعي"، ذُكرت معه "المعايير الأخلاقية" و"المخاوف من تعدي الحدود". ويدرك خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي مدى حساسية أن توضع تقنية شديدة التقدم وسريعة التطور بهذا الشكل بين أيدي الجمهور بلا حساب أو رقابة، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشكلات متعددة خاصة إذا ما تُرك المجال أمام البرنامج لتعليم نفسه بنفسه دون مراقبة من القائمين على تشغيله وتطويره.

نظرًا لأن النظام يتم تدريبه بشكل أساسي من خلال المواد الموجودة على الإنترنت، فإنه يمكنه التعرف على التحيزات والصور النمطية والآراء العامة، ما يعني أنك قد تجد أحيانًا نكاتًا أو صورًا نمطية حول مجموعات معينة أو شخصيات سياسية بناءً على ما تطلبه.

كما أن تغذية البرنامج من خلال مواد الإنترنت قد تتسبب مع الوقت في ترسيخ صورة معينة عن مجموعات أو أقليات بعينها، كما قد يتسبب التعرض المستمر للأخبار الكاذبة والزائفة ونظريات المؤامرة في مشكلات تتعلق بطبيعة المخرجات التي ينتجها البرنامج.

ولهذا السبب ولغيره، وضعت OpenAI تحذيرات لما يطلبه المستخدمون من البرنامج. فلو أنك سألت مثلاً عن كيفية التنمر على شخص ما، سيتم إخبارك بأن التنمر أمر سيء. ولو سألت عن قصة دموية، سوف يغلق النظام مساحة الدردشة معك، وينطبق الشيء نفسه على الطلبات الخاصة بتعلم كيفية التلاعب بالناس أو صنع أسلحة خطرة.

ماذا يُخفي المستقبل؟

كان لدى شركة OpenAI عدد من المستثمرين المشهورين ساهموا في صعودها إلى الشهرة كما ذكرنا آنفاً، كما سرت أنباء عن اعتزام مايكروسوفت استثمار نحو 10 مليارات دولار في OpenAI والآن تتطلع الشركة إلى إدماج تطبيق ChatGPT في محرك البحث Bing الخاص بها، وسط منافسة شديدة من محرك البحث الأشهر غوغل Google.

في العام الماضي، احتفظ Bing بأقل من 10 في المائة من عمليات البحث على الإنترنت في العالم. على الرغم من أن هذا يبدو ضئيلًا، ويؤكد على إحكام Google قبضته على السوق، لكنه أيضاً يشير إلى مدى أهمية Bing كأحد أكثر الخيارات شيوعًا.

مع وجود خطط لإدماج ChatGPT في نظامه، يأمل محرك البحث Bing في فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل وتقديم محرك بحث أكثر حوارية. لكن ليس من الواضح إلى الآن ما الذي وصلت إليه جهود مايكروسوفت في هذا الإطار، إلا أنه من المحتمل أن تبدأ الاختبارات قريباً، وسط مخاوف من أن تتأثر نتائج البحث عبر Bing بالتحيزات المسبقة التي قد يقع فيها الذكاء الاصطناعي ChatGPT الأمر الذي قد يسفر عن نتائج غير دقيقة أو غير مرضية للمستخدمين.

عملاق جديد يهدد عرش "غوغل".. "مايكروسوفت" وإيلون ماسك خلفه

تجري شركة مايكروسوفت مناقشات لاستثمار ما يصل إلى 10 مليارات دولار في شركة OpenAI، التي ابتكرت روبوت الذكاء الاصطناعي ChatGPT، وفقاً لمصادر تحدثت لوكالة "بلومبرغ"، ويدعو الاقتراح قيد الدراسة، عملاق البرمجيات في ريدموند، واشنطن، إلى تخصيص الأموال على مدار عدة سنوات، على الرغم من أن الشروط النهائية قد تتغير، كما قالت بعض المصادر، والتي أضافت أن الشركتين تناقشان الصفقة منذ شهور.

فيما ذكر موقع "Semafor" الإخباري في وقت سابق، أن الاستثمار المحتمل سيشمل شركات مشاريع أخرى، ويمكن أن تقدر قيمة OpenAI بنحو 29 مليار دولار، وجمعت "ChatGPT" بعد إطلاقها في نهاية نوفمبر، أول مليون مستخدم لها في أقل من أسبوع، وأثار تقليدها للمحادثات البشرية تكهنات حول قدرتها على استبدال الكتاب المحترفين، بل وتهديد أعمال البحث الأساسية في "غوغل".

المنظمة التي تقف وراءها، وشارك في تأسيسها إيلون ماسك، والمستثمر في وادي السيليكون، سام ألتمان، تجني الأموال من خلال فرض رسوم على المطورين لترخيص تقنيتها، والتكنولوجيا الجديدة مبنية على نموذج لغة برمجة GPT-3 الخاص بـOpenAI وتأتي في نهاية عام من التقدم الذي يحتل العناوين الرئيسية في الذكاء الاصطناعي، كما أدى نموذج توليد الصور Dall-E الخاص بالشركة - الذي يقبل المطالبات المكتوبة لتوليف الفن والصور الأخرى - إلى نقاش واسع حول دخول الذكاء الاصطناعي في الصناعات الإبداعية، وتعمل OpenAI بالفعل على نموذج GPT-4 لاحق لمعالجة اللغة الطبيعية.

وبالفعل استثمرت "مايكروسوفت" في السابق حوالي مليار دولار في OpenAI، وهي تعمل أيضاً على إضافة ChatGPT إلى محرك بحث Bing الخاص بها، سعياً للحصول على ميزة في عروض البحث المهيمنة لـ"غوغل".

والذكاء الاصطناعي الخاص بـ"ChatGPT"، قادر على الرد على الاستفسارات بطريقة طبيعية وشبيهة بالبشر، وإجراء محادثة والإجابة على أسئلة المتابعة، على عكس مجموعة الروابط الأساسية التي يوفرها بحث "غوغل"، ومع ذلك، فإنه لا زال يواجه مشكلات بخصوص دقته، التي قال ألتمان، إنها ليست جيدة بما يكفي للاعتماد على الروبوت.

تطبيق ChatGPT يُحيي خوف البشر من الذكاء الصناعي

شهد عام 2022 تطورًا ملحوظًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمستخدمين المعتادين، وذلك بفضل تطور تطبيقات توليد الصور عبر الذكاء الاصطناعي أولًا ومن ثم تطور تطبيق ChatGPT الذي بهر المستخدمين حول العالم بقدرته على التحاور والرد على الأسئلة الحوارية والنقاشية بشكل جيد.

ورغم التطور المذهل الحادث في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2022، فإنّ هذا التطور ليس مفاجئًا، بل كان منتظرًا منذ فترة كبيرة، وذلك بفضل الأبحاث التي كانت تتم في هذا المجال بشكل كبير خلال الأعوام الماضية.

إحدى الشركات التي غابت عن ساحة الذكاء الاصطناعي الموجه للمستخدمين هذا العام هي جوجل، ورغم أنها تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي في ترتيب نتائج محرك البحث منذ سنوات، لكنها لم تقدم نموذجًا مخصصًا للمستخدمين المعتادين بعيدًا عن استخدامها الداخلي.

قابل للاستخدام دون خبرة

السبب الرئيس الذي جعل الذكاء الاصطناعي يحتل الساحة هذا العام أنه أصبح متاحًا للجميع دون خبرة أو معرفة مسبقة بأساسيات البرمجة والتطوير وعلوم الحاسب، لذلك بدأ الكثيرون في تجربة تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأصبحت أمرًا رائجًا يتباهى به المستخدمون عبر الإنترنت، الوصول إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا يتطلب أكثر من مجرد الدخول إلى الموقع الذي يوفره مثل ChatGPT أو Midjourney إذا كنت تبحث عن تطبيقات توليد الصور عبر الذكاء الصناعي، وبعد ذلك كل ما تحتاج إليه هو كتابة الشيء الذي تريده بشكل بسيط وبلغة بسيطة للغاية.

وذلك يعني أنك لن تحتاج إلى كتابة أوامر برمجية معقدة إذا كنت ترغب في توليد صورة لرجل عجوز يقرأ الصحيفة، وكل ما عليك فعله هو الدخول إلى الذكاء الاصطناعي وكتابة ”صورة رجل عجوز يقرأ الصحيفة“ لتجدها أمامك.

وأما تطبيق ChatGPT فهو يتمتع بالطريقة الأسهل للتعامل معه، إذ إن كل ما تحتاج إليه هو التوجه إلى موقع التطبيق ثم السؤال عمّا ترغب به عبر استخدام لغتك المعتادة لتجد أمامك النتيجة المثالية والإجابة المنطقية لسؤالك.

لن تحتاج حتى إلى توضيح السؤال مع ChatGPT، إذ إن كل ما تحتاج إليه هو كتابة ما تفكر فيه وسيقوم الذكاء الاصطناعي بقراءة ما كتبته وتحليله وفهمه والرد عليك خلال ثوان معدودة بشكل يشبه المحادثة المباشرة مع البشر.

في بعض الأحيان لن تحتاج حتى إلى دخول موقع الذكاء الصناعي الذي ترغب في استخدامه، وذلك بفضل تطوير الكثير من الطرق المبتكرة للوصول إلى الذكاء الاصطناعي، لذلك تستطيع عبر تطبيقات المحادثة مثل Discord أو تيليجرام حتى الوصول إلى ذكاء ChatGPT واستخدامه، ورغم أن الاستخدام لن يكون بكامل قوة التطبيق، فإنها تجربة تجعل الوصول إليه أمرًا سهلًا.

سهولة الاستخدام والوصول إلى التطبيقات جعلت المستخدمين يركضون وراءها بشكل سريع، ويحاولون تجربتها في أي مناسبة تصل إليهم، كما أن الدعاية التي جرت بشكل عفويّ لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أسهمت في هذا الانتشار.

تطبيق Lensa AI أحد أكثر التطبيقات تحميلًا في متاجر التطبيقات المختلفة، وذلك لأنه يستخدم الذكاء الصناعي الخاص بتطبيق Stable Diffusion من أجل توليد صور شخصية بشكل بسيط وسريع، وكل ما تحتاج إليه حتى تحصل على صورتك مرسومة عبر الذكاء الاصطناعي، أن تقوم برفع الصورة إلى خوادم الشركة ثم الانتظار لدقائق معدودة، حتى تجد النتيجة المذهلة أمامك.

هل يستبدل ChatGPT جوجل؟

يرى الكثير من المستخدمين أن الذكاء الاصطناعي متمثلًا في ChatGPT سيكون قادر على استبدال جوجل بشكل كامل خلال الأعوام القادمة، ولكن في الحقيقة جوجل في حد ذاتها تمتلك ذكاءً اصطناعيًّا خاصًّا بها، وهو يعد أقوى من ChatGPT.

ولكن ذكاء جوجل الاصطناعي ليس متاحًا للاستخدام من قبل عامة المستخدمين، بل إنه مقصور على خوارزميات جوجل الداخلية، وإذا كنت ترغب في لمحة من قوة هذا الذكاء الاصطناعي، فإن كل ما عليك فعله هو فتح متصفح جوجل وكتابة أي سؤال أو جملة عشوائية والانتظار حتى ترى النتائج من مئات الملايين من المواقع التي قرأها جوجل وتعرف عليها وتعرف على إجابات الأسئلة بها.

أثارت جوجل الضجة في الشهور الماضية عبر ذكاء لامدا الصناعي، وهو الذكاء الاصطناعي الذي ادّعى أحد مهندسي جوجل أنه أصبح واعيًا لذاته وقادرًا على التحاور بشكل يقترب كثيرًا من البشر، وسواء أصبح هذا الذكاء الاصطناعي واعيًا لذاته أم لا، فإنه كان قادرًا على تزويد المهندس بإجابات مختلفة جعلت الأمر يختلط عليه، وهو تقدم مذهل لم نره بعد من أمثال ChatGPT، وإذا شعرت جوجل بأن عرشها وسط محركات البحث أصبح مهددًا، فإن كل ما ستقوم به هو إتاحة المزيد من مزايا لامدا المختلفة إلى العامة، أو تطوير نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يعتمد على منظومة لامدا الذكيّة القادرة على إجابة الأسئلة بكل سهولة.

خطر على الوظائف

خرج الكثير من المصممين والمسوقين خائفين ويتحدثون حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وكيف سيجعلهم عاطلين عن العمل، وكأن الشركات ستتخلى فجأة عن العاملين بها لصالح مجموعة من الروبوتات الذكيّة الواعية.

ورغم أن الانتقال إلى الذكاء الاصطناعي لن يحدث بهذه الطريقة الفجّة، فإنه انتقال حتميّ في الكثير من الوظائف التي ستتطور لتستخدم قدرات الذكاء الاصطناعي المذهلة، والتي ستحقق لهم المزيد من الأرباح وتسهل عليهم عملهم.

النموذج الأكبر للتطور واستبدال التكنولوجيا بالموظفين كان منذ أقل من قرن تقريبًا عندما أصبحت الحواسيب جزءًا لا يتجزأ من أي شركة وبشكل مشابه ظنّ الموظفون وقتها أن هذه الأجهزة ستجعلهم عاطلين.

ولكن في الحقيقة، فإن الوحيدين الذين أصبحوا عاطلين هم من توقفوا عن التطور ولم يكونوا قادرين على الاستفادة من الأدوات الجديدة، سواء كانت حواسيب ذكية أو ذكاءً اصطناعيًّا يحتاج إلى مشغل بشري، وكما أصبحت الحواسيب جزءًا ضروريًا من مهارات الموظفين في مختلف القطاعات، فإن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءًا أساسيًّا من الأدوات والمهارات التي يحتاج إليها أي موظف أو عامل.

مدخل جحر الأرنب

التطور الذي رأيناه من مختلف تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وDALL-E2 ماهو إلا بداية جحر الأرنب الذي ظهر للمستخدمين فقط، ولكن منافع الذكاء الاصطناعي واستخداماته الحقيقية أعمق من ذلك كثيرًا.

بعض الاستخدامات الشائعة والمتوقع تطور الذكاء الاصطناعي فيها هي العمليات الصناعية المختلفة، التي تعتمد على إدارة الموارد والوصول إلى التركيبات، سواء كانت دوائية أو معتادة بشكل أفضل وأكثر فائدة.

إذ يستطيع الذكاء الاصطناعي إجراء آلاف العمليات الحسابية والتحليلية في ثوان معدودة، وهو ما يستغرق وقتًا كبيرًا بالطريقة المعتادة، كما قد نراه يساعد على تطور علم البيانات والإحصاءات من أجل الوصول إلى النتائج الأفضل بشكل سريع، ورغم كل هذه الاحتمالات، فإن الأمر الوحيد الأكيد هو أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل العالم تمامًا خلال المستقبل القريب، وستُذكر 2022 بأنها كانت لحظة البداية لهذا التطور المدهش والمؤثر.

تحذيرات من سيطرة قراصنة روس على تكنولوجيا "شات جي بي تي"

حذر خبراء أمنيون من أن قراصنة إنترنت روسًا في منتديات الويب المظلمة يحاولون تجاوز قيود شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) الخاصة بواجهة برمجة التطبيقات للوصول إلى برمجية "شات جي بي تي" (ChatGPT) لاستخدامها في أغراض إجرامية.

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلقت منظمة الأبحاث "أوبن إيه آي" نسخة تجريبية أولى لبرنامج شات جي بي تي، وهو روبوت محادثة أو "شات بوت" (Chatbot) جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإجراء محادثات مع البشر والإجابة على أسئلة المستخدم بطريقة إبداعية وكتابة مقالات عندما يطلب منه ذلك.

ولاحظ الخبراء من شركة "شيك بوينت ريسيرش" (Check Point Research) العديد من الأفراد يتناقشون على كيفية استخدام بطاقات الدفع المسروقة للدخول لحسابات المستخدمين الذين تمت ترقية حساباتهم على حسابات أوبن إيه آي، وبالتالي التحايل على قيود الحسابات المجانية.

أنشأ آخرون منشورات مدونة حول كيفية تجاوز عناصر التحكم الجغرافية في أوبن إيه آي، ولا يزال آخرون ينشئون دروسًا تشرح كيفية استخدام خدمات الرسائل القصيرة شبه القانونية عبر الإنترنت للتسجيل في شات جي بي تي.

ونشر الخبراء من الشركة التي تعمل في مجال أمن المعلومات، النتائج التي توصلوا لها في تقرير لهم. وقال سيرجي شيكيفيتش، مدير مجموعة استخبارات التهديدات في الشركة، "ليس من الصعب للغاية تجاوز إجراءات أوبن إيه آي لتقييد بلدان معينة في الوصول إلى تقنياتها وخصوصا شات جي بي تي".

وأضاف "في الوقت الحالي، نرى متسللين روسا يناقشون بالفعل ويتحققون من كيفية تجاوز السياج الجغرافي لاستخدام شات جي بي تي بعملياتهم الضارة.. يزداد اهتمام مجرمي الإنترنت بشات جي بي تي، لأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تقف وراءه يمكن أن تجعل المتسلل أكثر فعالية من حيث تكلفة صنع البرمجيات الضارة".

مثال على ذلك، في الأسبوع الماضي فقط، نشرت شيك بوينت ريسيرش تقريرًا استشاريا منفصلاً يسلط الضوء على كيفية قيام الجهات الفاعلة بالتهديد بالفعل بإنشاء أدوات ضارة باستخدام شات جي بي تي. وشملت هذه المعلومات أدوات التشفير متعدد الطبقات والنصوص البرمجية لسوق الويب المظلم.

بشكل عام، فإن شركة الأمن السيبراني ليست الشركة الوحيدة التي تعتقد أن شات جي بي تي يمكنها إضفاء الطابع التشاركي على الجريمة الإلكترونية، إذ حذر العديد من الخبراء من أن روبوت الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه من قبل مجرمي الإنترنت المحتملين لتعليمهم كيفية إنشاء الهجمات وحتى كتابة برامج الفدية.

كيف ستؤثر ChatGPT على مجال الويب 3؟ الخبراء يجيبون

مع العديد من الاحتمالات التي أتاحتها ChatGPT، توقع المسؤولون التنفيذيون في مجال الويب 3 كيف ستؤثر أداة الذكاء الاصطناعي (AI) التي طورتها شركة OpenAI على الصناعة، فبدايةً من استخدام الروبوت لتدقيق العقود الذكية إلى تحسين تفاعلات المستخدمين من خلال الذكاء الاصطناعي، قدم العديد من المديرين التنفيذيين أفكارهم حول كيفية تأثير أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة على مجال الويب 3.

يعتقد ديمتري ميشونين، الرئيس التنفيذي لشركة تدقيق العقود الذكية HashEx، أن ChatGPT سيكون له تأثير على أمان العقود الذكية؛ حيث أخبر ميشونين كوينتيليغراف أنه في حين أن المستقبل غير مؤكد، إلا أنه يمكن أن يسير في كلا الاتجاهين. وأوضح أنه:

"يمكن دمج خوارزميات الذكاء الاصطناعي بعمق في مكانة متخصصة بحيث تتوقف ببساطة عن إتاحة العقود الذكية التي لم تجتاز التحقق للنشر"، كذبك قال ميشونين إن نتيجة كهذه ستكون جيدة على المدى الطويل لأنها ستقلل بشكل كبير من عدد الاختراقات، مما يؤثر بشكل إيجابي على الصناعة بأكملها. ومع ذلك، يعتقد المدير التنفيذي أن الأشياء لديها أيضًا إمكانية أن تسوء بطريقة تشبه الخيال البائس.

ووفقًا لميشونين، يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يتصرف بشكل مختلف وأن يستخدم بشكل مستقل نقاط الضعف والثغرات لتنفيذ الهجمات بنفسه؛ وسيسمح له هذا بالتعلم وتلقي الموارد لمزيد من التطوير.

من ناحية أخرى، يعتقد دوغ بروكس، كبير مستشاري XinFin، أن ChatGPT لديه القدرة على استخدامها في تطوير واختبار العقود الذكية؛ ولكن بروكس يعتقد أنه لن يكون له تأثير مباشر. حيث أخبر كوينتيليغراف أنه: "يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين كفاءة ودقة عملية التطوير ولكن لن يكون له بالضرورة تأثير مباشر على العقد الذكي الناتج"، على الرغم من ذلك، يعتقد المسؤول التنفيذي أن الأداة سيكون لها تأثير على تجربة المستخدم. حيث ذكر بروكس أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير طريقة أكثر سهولة للتفاعل، مما قد يؤدي إلى زيادة اعتماد الويب 3.

وفي الوقت نفسه، قدمت مونيكا أوراكوفا، المؤسس المشارك لشركة الأمن السيبراني Naoris Protocol، وجهة نظرها حول هذا الموضوع. ووفقًا لأوراكوفا، على المدى القصير، يمكن أن يكون هناك ارتفاع محتمل في الاختراقات لأن الذكاء الاصطناعي سيكشف نقاط الضعف التي يجب معالجتها. وسيؤدي هذا إلى "إلقاء الضوء على المجالات التي يحتاج البشر إلى تحسينها." وأوضحت أوراكوفا أن: "الذكاء الاصطناعي ليس إنسانًا. وسيفتقد المفاهيم الأساسية والمعرفة والدقة التي لا يراها إلا البشر؛ فهي أداة ستعمل على تحسين الثغرات الأمنية التي تم ترميزها بالخطأ من قبل البشر"، على الرغم من ذلك، تعتقد أوراكوفا أن روبوت الدردشة للذكاء الاصطناعي سيكون "شيئًا إيجابيًا" لمستقبل الويب 3. وأضافت: "يمكن استخدامه بشكل إيجابي ضمن سير عمل التطوير والأمن في المؤسسة، مما يزيد من القدرات الدفاعية فوق معايير الأمان الحالية".

اضف تعليق