q
أخشى ان تتطور قصة بيع الكتب المدرسية بحيث تكون هناك مواقع متخصصة لإيصالها الى المنازل عن طريق الدلفري. وهذا بكل تأكيد امر سهل بالنسبة للعوائل ان كان مبلغ التوصيل ملغى او قليل. واظن ان الشخص المسؤول عن العائلة سيفضل ان تصله الكتب المدرسية بتكلفة ربما ستكون اقل...

ربما لم يشاهد الكثيرون آخر يوم في حياة وزير يترك منصبه في الوزارة لان وزيرا جديدا سيحل محله، دعوني أصف لكم ما يجري.

قبل اعوام ذهبت لعمل في مكتب وزير منسي الان لا احد يذكره، وصلت كانت هناك حركة غريبة اذ كان بعض العمال ينقلون اثاث الوزير القديم، وحمله الى خارج المكتب، سالت احد الموظفين عن معنى ما يجري، فأجابني بان الوزير الجديد اراد ان يغير ديكور الغرفة كلها بما فيها الاثاث.

استغربت من كلام الموظف، ولم استطع ان افهمه بسبب مثاليتي التي لا تحترم كثيرا تغيير اثاث غالي الثمن لسبب تافه وهو ان وزيرا جديدا قرر ان يغيره، لاحظت ان وجوه من في المكتب كئيبة جدا، عرفت انهم كادر مكتب الوزير القديم.

اذن هم اثاث قديم ايضا لا بد من ابعاده، لانهم قد يكونون علامة تشاؤم تعرقل عمل الوزير الذي سيأتي لقيادة الوزارة، تحدث موجة خوف كبيرة بين كل من اتى بهم الوزير القديم، سيرتسم على وجوههم انطباع غير جيد، واصفرار لا يمكن اخفاؤه.

وحركات غير متزنة، كأنهم ينتظرون لحظة القرار التي تحكم عليهم بأنهم مجرد ادوات لم تعد صالحة لعمل جديد، عشرات الموظفين يعيشون في تساؤل دائم: اين سينتهي بهم الزورق الذي صعدوا فيه بعد ان غادره قائده، ولعله سيعرفون انهم صعدوا الى زورق الوزير القديم لأنهم على صلة به.

لن يعرف كل الموظفين الخائفين في زورق بلا قائد انهم موظفون دون العاديين، وبلا كفاءات، وعليهم ان يدركوا هذه الحقيقة، بالتأكيد انا اتحدث بصورة عامة عن حالات يرصدها الاعلام، ونرصدها أيضا، ومع ذلك فانا اشير الى واقع لم يكن وليد هذه السنوات بل هو وضع يعود الى الوراء اي الى ما قبل 2003. لنفكر بدقة: الزوارق قد يتخلى عنها من يقودها…اما من في الزورق فعليه ان يتنفس تحت الماء.

وفي لقطة استثنائية أخرى، كان يوم سبت عادي جدا، قررت ان اتسكع وحيدا بعد ايام من الحبس المنزلي، اخترت السبت لأنه يوم عطلة، هذا يعني ان الزحام قليل، وأفضل من بقية الايام الصاخبة.

قبل خروجي ذكرني ابني بشراء كتاب قواعد اللغة العربية للصف الخامس لأنه في حاجة اليه. وهناك في شارع المتنبي فوجئت بضجة كبيرة وزحام كبير لم تشهد ايام الجمع مثله. وكان باعة الكتب المدرسية ابطال المشهد.

دوائر من الناس تحيط بمجموعة من باعة هذه الكتب على طول شارع المتنبي. منظر غير مفهوم، او لاقل منظر عبثي جدا. وحين تكلمت مع البائع الذي كان لا يركز جيدا بسبب الطلبات من حوله، اعطاني نسخة من الكتاب المطلوب. قلت له كم سعر كتاب القواعد هذا قال:5 الاف دينار.

اعطيته المبلغ، وانسحبت مثل لص لأنني خشيت ان اضيع نصف ساعة او اكثر للخروج من متاهة لعبة بيع الكتب المدرسية. وتساءلت اية تجارة هذه؟ وكيف يمكن السماح لهذا الامر ان يحدث، وما ذنب العوائل الفقيرة. لكن سؤال الاسئلة هو: ما الذي يحصل.

أخشى ان تتطور قصة بيع الكتب المدرسية بحيث تكون هناك مواقع متخصصة لايصالها الى المنازل عن طريق الدلفري. وهذا بكل تأكيد امر سهل بالنسبة للعوائل ان كان مبلغ التوصيل ملغى او قليل. واظن ان الشخص المسؤول عن العائلة سيفضل ان تصله الكتب المدرسية بتكلفة ربما ستكون اقل من ذهابه الى شارع المتنبي، ومشاهدة روتين بيع الكتب بهذا الشكل في كل سنة. وهو ما يسبب لاي انسان صداعا مزعجا اذ لا يعقل ان تمشي الامور بهذه الطريقة، اذن لنسهل الامر، وليكن دلفري الكتب المدرسية حلا مريحا.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق