q
ان المناطق التي تشهد أشد أزمات المناخ عبر العالم، والتي تعتبر الأكثر تضررًا من الظواهر المناخية الشديدة. يعاني عدد هائل من الأشخاص في هذه المناطق من تهديد بالمجاعة، مما قد يؤدي إلى حركة نزوح وأنماط متعددة من الهجرة غير النظامية...

في آخر تقاريرها لهذه السنة، سلطت منظمة أوكسفام الضوء على أزمة المجاعة في العديد من المناطق التي تأثرت بشدة بالتغيرات المناخية. مبرزة أن الاحتباس الحراري يتسبب في حدوث المزيد من الظواهر الجوية القاسية.

أشارت دراسة جديدة أجرتها منظمة أوكسفام إلى أن المناطق التي تشهد أشد أزمات المناخ عبر العالم، والتي تعتبر الأكثر تضررًا من الظواهر المناخية الشديدة. يعاني عدد هائل من الأشخاص في هذه المناطق من تهديد بالمجاعة، مما قد يؤدي إلى حركة نزوح وأنماط متعددة من الهجرة غير النظامية. بحسب d.w.

غابرييلا بوشر، المديرة العامة لمنظمة أوكسفام الدولية، قالت في تصريح حول الموضوع "لم يعد تغير المناخ مجرد قنبلة موقوتة، بل قنبلة تنفجر أمام أعيننا مباشرة". وأضافت أن "ملايين الأشخاص الذين يعانون بالفعل من الصراع المستمر والأزمات الاقتصادية يفقدون الآن سبل عيشهم بسبب كوارث الطقس القاسية والظواهر المناخية المتطرفة والتغيرات المتتالية"، وتستشهد منظمة أوكسفام بالدول الأفريقية كالصومال وكينيا والنيجر وبوركينا فاسو وجيبوتي ومدغشقر وزيمبابوي، كنقاط ساخنة لأزمة المناخ، إلى جانب أفغانستان وغواتيمالا وهايتي، فلقد تأثرت هذه البلدان بشكل واضح بالظواهر الجوية المتطرفة في العقدين الماضيين، وفقًا للدراسة، التي تؤكد أن ما مجموعه 48 مليون شخص في هذه البلدان العشرة يعانون الآن من التهديد الحاد بمواجهة الجوع.

المديرة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي كورين فلايشر صرحت لوسائل إعلام في شهر آب/ أغسطس الماضي قالت فيها "هناك الآن نزوح أكثر بعشر مرات في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ والصراعات (المسلحة)، وهما موضوعان مترابطان. نحن قلقون حقًا بشأن التأثير المزدوج لكل من وباء كورونا وتغير المناخ والحرب في أوكرانيا".

أرقام واقعية!

وفقًا لمركز رصد النزوح الداخلي (IDMC)، نزح حوالي 23٫7 مليون شخص في عام 2021 بسبب الظواهر الجوية الشديدة والكوارث الطبيعية في بلادهم وعواقبها. بينما نزح 14٫4 مليون شخص فقط داخليًا بسبب الصراع أو العنف. ويبلغ إجمالي عدد النازحين حاليًا بسبب النزاعات والكوارث الطبيعية 59 مليونًا.

وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الكوارث الطبيعية تجبر كل عام ما معدله 21٫5 مليون شخص على الفرار من ديارهم في جميع أنحاء العالم، مما يؤكد تقريبًا النتائج التي توصلت إليها منظمة أوكسفام.

لكن وفقًا لتقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، والذي نُشر أيضا هذا العام، فمن المرجح أن ينزح ما يناهز 143 مليون شخص بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار والجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة وكوارث مناخية أخرى خلال الثلاثين عامًا القادمة. وترتفع هذه الأرقام بشكل رئيسي بسبب أزمات الجوع التي قد تكون وشيكة الحدوث في العديد من البلدان، على الرغم من أن الخبراء يؤكدون أن معظم حالات النزوح المرتبطة بالمناخ تكون داخليًا.

في أفغانستان، التي تواجه بالفعل أزمة إنسانية خطيرة منذ استيلاء طالبان على الحكم مجددا في أغسطس/ آب 2021، يعاني ما يصل إلى 23 مليون شخص من المجاعة، مما أدى إلى الهجرة غير النظامية بشكل حاد. كما ذكرت التقارير أنه في الصومال، اضطر مليون شخص إلى النزوح من ديارهم بسبب الجفاف، حيث تواجه البلاد أزمة غذائية غير مسبوقة.

أما بالنسبة للنيجر، فقد قُدِّر عدد الأشخاص الذين يواجهون عوزًا شديدًا بـ 2٫6 مليون شخص، وهو ما يمثل زيادة قدرها ثمانية أضعاف مقارنة بعام 2016. وفي بوركينا فاسو، أفادت التقارير أن أكثر من 3٫4 مليون شخص يعانون من سوء التغذية الحاد، وفقًا للدراسة.

أما في كينيا، تسبب الجفاف الذي طال أمده في نفوق ما يناهز 2٫5 مليون رأس من الماشية، مما أدى إلى معاناة عدد كبير من السكان بسبب الجوع الناتج عن ذلك. لكن ليس الجفاف فقط هو ما يُستشهد به كنتيجة لتغير المناخ، ففي أماكن أخرى في كينيا، تضاعف حجم بحيرة بارينجو في العقد الماضي، ويرجع ذلك أساسًا إلى هطول الأمطار الغزيرة المرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي. وابتلعت البحيرة العديد من المنازل، مما تسبب في فقدان بعض الأسر لكل ما تملكه.

على أعتاب كارثة!

معاناة المواطنين المنحدرين من كينيا وأجزاء أخرى من القرن الأفريقي واضحة للجميع، لكن على المستوى السياسي، التحركات بطيئة للغاية لإيجاد حلول. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إنه في الصومال وحدها، هناك حاجة إلى أكثر من مليار دولار لمنع حدوث الكارثة، وأكد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر هذا الأسبوع، أن أكثر من 200 ألف شخص معرضون لخطر الموت بحلول نهاية العام.

في الوقت نفسه، أكدت الناشطة المناخية الأوغندية فانيسا ناكاتي مؤخرًا، على صعوبة العيش تحت التهديد المستمر بالمجاعة بعد القيام برحلة إلى المنطقة، التي عانت لسنوات من ظروف الجفاف القاسية. وتحدثت ناكات إلى العديد من الأطفال الذين يعانون من الجوع "بسبب أزمة المناخ" في المنطقة، لتعلم بعد يوم واحد أن أحد هؤلاء الأطفال الذين قابلتهم هناك قد توفي، لقد تم تعيين هذه الشابة البالغة من العمر 25 عامًا سفيرة اليونيسف للنوايا الحسنة. وتؤكد اليونيسف أن حوالي نصف أطفال العالم، أي ما يقرب من مليار طفل، يعيشون في ظروف مصنفة على أنها "عالية الخطورة للغاية" بسبب عواقب تغير المناخ.

اللا مساواة!

وتعتبر منظمة أوكسفام أن زيادة حدة مثل هذه الظواهر الجوية المتطرفة وعواقبها تعكس أيضًا أوجه اللا مساواة في العالم: ففي حين أن الأشخاص في البلدان الفقيرة أقل قدرة على التعامل مع عواقب تغير المناخ، فإن بلدانهم تعد من بين البلدان الأقل إسهاماً في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون عالميا. وحذرت بوشر قائلة "لا يمكننا معالجة أزمة المناخ إذا لم نتصد للامساواة المتفشية في أنظمة الغذاء والطاقة عالمياً".

اضف تعليق