q
يشكل شهر رمضان فرصة ذهبية لتطوير الشعور بأهمية التعايش المجتمعي، وتعزيز السلم الأهلي، وهو ما يشكل علامة فارقة في شهر رمضان، حيث تسود الأجواء الإيمانية وتستكين نفوس وقلوب الناس، وتنتشر الطمأنينة بين الجميع، وتقل حالات التجاوز والانتهاك والمشكلات والسرقات إلى أدنى مستوياتها قياسا لما يحدث في شهور السنة الأخرى...

المجتمع هو مجموعة البشر الذين يعيشون في رقعة واحدة، ولهم أهداف مشتركة ونمط حياة خاص بهم، تحكمه مجموعة من القيم والتقاليد والقوانين التي تنظّم حياتهم، وهذا يرتّب مسؤوليات فردية وجماعية متبادَلة ينبغي أن يلتزم بها الجميع تجاه بعضهم بعضا، والهدف من ذلك هو تعزيز البنية الاجتماعية من خلال تعزيز المسؤوليات المتبادَلة بين أفراد ومكونات المجتمع.

علماء الاجتماع يعرّفون علم الاجتماع (بالإنجليزية Sociologyوتُعرَّب إلى سوسيولوجيا)، بأنه علم اجتماعي يركز على المجتمع، والسلوك الاجتماعي، وأنماط العلاقات الاجتماعية، والتفاعل الاجتماعي، وثقافة الحياة اليومية. يستخدم علم الاجتماع أساليب مختلفة من البحث التجريبي والتحليل النقدي لتطوير مجموعة من المعرفة حول النظام الاجتماعي والقبول والتغيير أو التطور الاجتماعي.

ويعرَّف علم الاجتماع أيضًا بأنه العلم العام للمجتمع. في حين يجري بعض علماء الاجتماع أبحاثًا يمكن تطبيقها مباشرةً على السياسة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية، فيما يركز آخرون في المقام الأول على تحسين الفهم النظري للعمليات الاجتماعية.

تشمل الجوانب التقليدية المختلفة لعلم الاجتماع التقسيم الطبقي الاجتماعي والطبقة الاجتماعية والحراك الاجتماعي والدين والعلمنة والقانون والجنس والجندر والانحراف. نظرًا لأن جميع مجالات النشاط البشري تتأثر بالتفاعل بين الهيكل الاجتماعي والوكالة الفردية، فقد وسّع علم الاجتماع تدريجيًا تركيزه ليشمل مواضيع أخرى، مثل الصحة والطب والاقتصاد والمؤسسات العسكرية والعقاب والإنترنت والتعليم ورأس المال الاجتماعي ودور النشاط الاجتماعي في تطوير المعرفة العلمية.

لا انتقائية في أداء المسؤولية:

وهذا يعني أن علم الاجتماع لم يعد ينحصر بنشاطات محدّدة وإنما بات يشمل تفاصيل الحياة بأكملها، لدرجة أنه صار يهتم بالاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة، وبكل شيء له ارتباط بالنشاطات والعلاقات الاجتماعية، لذلك هناك مسؤولية اجتماعية كبيرة باتت تترتب على كل فرد، وعلى كل جماعة فرعية تنتمي لهذا المجتمع، ولابد للجميع من مراعاتها والالتزام بها.

الالتزام الاجتماعي هدف مطلوب في كل مجتمع ومن كل فرد وفي كل حين، فليس هنالك انتقائية في أداء هذه المسؤولية، ولكن يمكن لنا أن نستثمر (شهر رمضان الكريم) لكي نعزز هذه المسؤولية في أنفسنا أولا وعند الأفراد الآخرين في المجتمع أيضا، لماذا علينا تعزيز هذا النوع من المسؤولية، وكيف يُسهم شهر رمضان بتعزيزها؟

أولا طالما أن حياتنا جماعية متداخلة، ومصالحنا مشتركة، وحياتنا قائمة على التعاون بين الفرد ومجتمعه، أي بين أفراد المجتمع دون استثناء، فهذه الخاصيات تستوجب الالتزام التام بمسؤولية الفرد تجاه الآخرين، وهذه المسؤولية متعددة الأهداف، أهمها:

مسؤولية الفرد الحقوقية:

وتعني ما يجب أن يلتزم به أفراد المجتمع تجاه بعضهم فيما يخص الحفاظ المتبادَل على الحقوق، فأنت كفرد منتمٍ للمجتمع، تقع عليك مسؤولية احترام حقوق الذين يعيشون معك في هذا المجتمع، وتشمل طريقة التعامل معهم، والمحافظة على مكانتهم وشخصياتهم المعنوية وممتلكاتهم المادية وكل ما يتعلق بحقوقهم.

مسؤولية الفرد الأخلاقية:

كل مجتمع فيه منظومة أخلاقية يتفق عليها الجميع، وتحكمه مجموعة من القيم والضوابط التي تسعى للحفاظ على العلاقات الإنسانية الجيدة بين أفراد المجتمع، وهذه المنظومة الأخلاقية تشكل العمود الفقري للروابط الاجتماعية الجيدة والقوية، وغالبا ما يمكن تعزيزها في شهر رمضان بصورة قوية من خلال استثمار الأجواء الرمضانية التي تعزز الأخلاق الفردية والجماعية على حد سواء.

مسؤولية الفرد الدينية:

هناك مسؤولية دينية تقع على كل فرد من أفراد المجتمع تجاه أعضائه الآخرين، وهذه المسؤولية تتمثل بتعميق الروابط والعلاقات الاجتماعية من خلال القضايا والروابط الدينية، كحضور المجالس الدينية الرمضانية، والمشاركة في النقاشات المختلفة التي تدور فيها، فهذه العلاقات وهذا الحضور يزيد من تماسك البنية الاجتماعية ويعزز الشعور المتبادَل بالمسؤولية لكل الأفراد بصورة قوية ومعزَّزة دينيا.

مسؤولية الفرد في دعم التعايش:

يشكل شهر رمضان فرصة ذهبية لتطوير الشعور بأهمية التعايش المجتمعي، وتعزيز السلم الأهلي، وهو ما يشكل علامة فارقة في شهر رمضان، حيث تسود الأجواء الإيمانية وتستكين نفوس وقلوب الناس، وتنتشر الطمأنينة بين الجميع، وتقل حالات التجاوز والانتهاك والمشكلات والسرقات إلى أدنى مستوياتها قياسا لما يحدث في شهور السنة الأخرى، مما يمثل فرصة للفرد كي يعزز التعايش والسلم الأهلي للمجتمع.

ويمكن أن تمتد تجربة تعزيز المسؤوليات في شهر رمضان لتصبح منهج حياة في جميع الأوقات والشهور، ولكن قضية تعزيز هذه المسؤولية تكون متاحة أكثر في شهر رمضان الكريم، ومن الأفضل أن يستمر العمل بمكتسباتنا في شهر رمضان لكي تصبح طريقة حياة نعيشها بشكل دائم ومستمر، بحيث يعتاد الفرد والمجتمع كله على الالتزام بالمسؤوليات الاجتماعية المتبادلة بين الجميع.

اضف تعليق