اعتنى الناس منذ القدم بواجهات بيوتهم، لجعلها مميزة، جالبة للنظر، مهما كانت هذه البيوت بسيطة ومتواضعة، فالواجهة هي الجزء الظاهر للعيان من منازلهم وهي أول ما يواجه الناظر، لذا هو فرصة لإعطاء المارّة فكرة عن مكانة من يسكن هذه البيوت ومدى حبهم للجمال والأناقة والتميز...
اعتنى الناس منذ القدم بواجهات بيوتهم، لجعلها مميزة، جالبة للنظر، مهما كانت هذه البيوت بسيطة ومتواضعة، فالواجهة هي الجزء الظاهر للعيان من منازلهم وهي أول ما يواجه الناظر، لذا هو فرصة لإعطاء المارّة فكرة عن مكانة من يسكن هذه البيوت ومدى حبهم للجمال والأناقة والتميز، وكانت البيوت لطبيعتها المعمارية البسيطة والمواد البدائية المستعملة فيها تعتمد على مجموعة من المهارات الحرفية التي يبدعها النجارون المهرة.
وكانت تلك الواجهات في أغلبها تعتمد على حيل معمارية بسيطة جدا لا تتعدى بعض الزخارف الخشبية أو النتوءات التي يستعمل الأجر فيها، وكل ذلك في تشكيلات فنية غير معقدة، وكانت الشناشيل الخشبية بأنواعها كافة، مرحلة ثانية من تطور هذه الواجهات، وقد حفظت بعض الصور التوثيقية واللوحات الاستشراقية نماذج كثيرة منها، بل إن بعضها لا يزال موجودا حتى اليوم في بعض البيوت التراثية.
وبسبب تطور مواد البناء صارت واجهات المنازل من اختصاص مهندسي البناء والديكور، وكان الاعتناء بها كبيرا، فظهرت مجموعة من التصميمات التي امتاز بعضها بالتعقيد في توزيع الكتل الكونكريتية أو الآجر أو الطابوق لتكوين بروزات أو انحناءات بزوايا معينة، تعطي جمالية للرائي، ومن الطبيعي أن هذه الواجهات خاضعة للزمان والمكان والمستوى الثقافي والاجتماعي لمن يسكن البيت.
ففي كلّ يوم نشاهد منازل جديدة بواجهات تدعو للتأمل، فهناك الواجهات التي تعتمد على الأشكال الهندسية، الدوائر، المكعبات، المربعات، المكعبات، في إنشاء تناغم جمالي يدعو للدهشة بخاصة عندما تكون الألوان متناسقة وملائمة للبيئة العراقية.
وهناك الواجهات التي تبدو غريبة حيث نلحظ تأثرا واضحا بالحداثة وما بعدها، من استعمال بعض الكتل الظاهرة التي تعطي انطباعات غريبة، وتطرح تساؤلات، مثل استعمال الأقواس المتقابلة أو الأعمدة التي تعطي شعورا بالفخامة.
والامتداد مع لحاظ أن الواجهات هذه تبدو خاضعة للموضة أيضا، ففي كلّ فترة تظهر تصميمات متشابهة تغزو الأحياء السكنية ثم سرعات ما يتحول عنها إلى تصاميم أخرى جديدة. الفنان التشكيلي سعد الجد يؤكد ضرورة التمسك بالتراث وأهمية إعادة إحياء الهوية بشكل عصري.
وهنا يبرز دور الجداريات الخزفية والزجاج المعشّق كوسيلة فنية عملية تمنح الواجهة حياة جديدة. فالخزف كما يقول الجد "ليس غريباً عن هذه الأرض؛ عرفه العراقيون منذ فجر الحضارات في أوانيهم وزخارفهم، واستعملوه في تزيين القصور والجوامع، و يمكن أن يعود الخزف ليزين مداخل البيوت، وإطارات النوافذ، وشرائط تفصل بين الطوابق، أو حتى جداريات كاملة تحكي مشاهد من تاريخنا، مستوحاة من النقوش السومرية أو الزخارف الكوفية أو فنون الحيرة القديمة".
أما الأستاذ المهندس تحسين عمارة فيرى "أن الواجهات يجب أن تراعي مناخ وبيئة العراق، ففي الغرب مثلا الشمس نادرة الظهور والجو غائم دائما لذلك هناك شبابيك ونوافذ كبيرة، ولا يمكن أن تكون واجهات مبانيهم مثلما هنا، وأشار إلى أنه يراقب دائما واجهات المباني ويجد فيها جمالية تشير إلى أجيال جديدة من المهندسين الشباب الذين يمتلكون رؤى خاصة".
بينما يشير المهندس المعماري جعفر قنبر إلى أنه يُفتَرض بالمهندسين والمعماريين أن يستلهموا تراثهم العريق، وأن يجددوا في الأفكار القديمة لتتناسب مع متطلبات الحياة الحديثة. وضرب على هذا مثلا بإعادة توظيف الشناشيل وتصميمها بمواد حديثة، مع الحفاظ على وظيفتها الأساسية في التهوية وتوفير الظل والخصوصية. كما يمكن استعمال الأشكال الهندسية المحلية، مثل الأقواس والزخارف، ودمجها بأساليب معمارية عصرية لإنشاء واجهات فريدة تعبر عن روح المدينة.
اضف تعليق