q
الذكاء هو قدرة الفرد على الاستبصار والتعلم والاستنتاج وفهم البديهيات والتأمل والتفكير في الجزئيات للوصول الى نتائج منطقية ذات دلالة، وللذكاء صنوف متعددة ومنها (الذكاء اللغوي) الذي يعد واحد من أهم القدرات العقلية الانسانية التي تتمثل بالتحليل والتخطيط وسرعة التصرف وسرعة الرد وصياغة الجمل بحرفية ودقة...

الذكاء هو قدرة الفرد على الاستبصار والتعلم والاستنتاج وفهم البديهيات والتأمل والتفكير في الجزئيات للوصول الى نتائج منطقية ذات دلالة، وللذكاء صنوف متعددة ومنها (الذكاء اللغوي) الذي يعد واحد من أهم القدرات العقلية الانسانية التي تتمثل بالتحليل والتخطيط وسرعة التصرف وسرعة الرد وصياغة الجمل بحرفية ودقة، هذا بالإضافة الى القدرة على التفكير المجرد وجمع مجموعة كبيرة من الأفكار المختلفة وسرعة البديهة.

وقد ربط علماء الاعصاب والنفس الذكاء اللغوي بقوة الذاكرة ونشاطها وكيفية استخدامها، وهنا اود التنويه الى امر مهم وهو ما يتردد على السنة الكثير من الناس ان فلان غبي او انه ليس لديه ذكاء وهذا الفرض ليس صحيحاً بالمرة فلا يوجد انسان على وجه الارض الا وله من الذكاء نصيب لكن لكل منا تفوق في أحد انواع الذكاء قبالة انخفاض انواع اخرى من الذكاءات وليس عدم امتلاكها.

هل توجد علاقة بين الجينات الوراثية وبين الذكاء اللغوي؟

الدراسات النفسية تقر بوجود هذه العلاقة القائمة والمتجذرة بين الموروثات وبين القدرات اللغوية للأفراد، فمن الواقع يمكننا القول بأن اغلب الذي يولدون لآبوين كتاب او شعراء او ادباء او لغويين فأنهم سيكونون بارعين في استخدام اللغة وتوظيف مفرداتها في المكان والزمان المناسبين، وهذا يعتمد ايضاً على كمية الخزين اللغوي للفرد والذي يكون احد العوامل المهمة في إحداث اختلافاً في الذكاء اللغوي بين البشر.

ولحاسة السمع عند الانسان دور في قدرته على فهم الكلام وعلى التكلم ايضاً فالإنسان يستطيع الرد على كلام الاخرين من خلال الكلام المخزون المسموع والتي يصبح بالنسبة اليه تغذية راجعة لإصلاح أخطاء وعيوب الكلام لديه، واذا حصل خلل في السمع فأن ذلك سيؤثر بشكل كبير على قدرة المرء على فهم اللغة المحكية ناهيك عن التحدث بها، والشخص الذي يتمتع بسمع جيد الى وقت متأخر من حياته سيبقى يتمتع بمستوى طبيعي من الذكاء اللفظي غالباً، وهناك اعتقاد يرجح وجود آليات في الدماغ تحتفظ بقدرتها على المساعدة في إصلاح أخطاء الكلام حتى في غياب القدرة السمعية لكن هذا الاعتقاد لم يثبت ولم ينفى الى الان.

ثمة سمات تبدو جلية للعيان في سلوكيات الاشخاص الذين لديهم ذكاء لغوي عال ومنها، حبهم للتحدث مع الاخرين معهم في العمل او المنزل او أي مكان في نفس انسي، اذ يكونوا اجتماعين محبوبين من جميع جلاسهم واقرانهم في المحيط، كما انهم يحبون الكتابة بصورة مستمرة وعادة ما تكون كتابتهم بطريقة لطيفة فهم يبحثون عن مفردات غير تلك التي يتم تداولها في كل مرة والتي تصبح غير مشوقة وغير ملفتة للقارئ.

كما يمتعون بقدرة كبيرة على الاقناع سيما في المواقف التفاوضية والمواقف التي يكون فيها تعامل تجاري او تشهد جدل او نقاش، وهم ايضاً لديهم الرغبة المستمرة في الاستماع للحديث بصفة دائمة وفي العادة المستمعون الجيدون هم متحدثون جيدون وتلك دلالة على ذكاءهم اللغوي، كذلك يميلون الى قراءة الشعر والادب وتحليله وليست قراءة عابرة او نمطية، وتجدهم دائما يتحدثون اللغة الفصيحة سيما في المحافل الرسمية او المحافل الادبية والعلمية التي تتطلب ايصال المعلومة بشكل وافي، ولديهم الرغبة في تعلم الكثير من اللغات الأخرى، كما لديهم قدرة كبيرة في التعبير عن انفسهم وجميع ما يدور بداخلهم، وهذا يميزهم بصورة كبيرة عن أقرانهم.

المهن التي تتوافق مع الاشخاص الذين يتصفون بالذكاء اللغوي هي الكاتب وفي جميع انواع الكتابة لأنه يمتلك خزين معلوماتي وقدرة تعبيرية استثنائية، الصحفي الذي يعمل في مجالات الاعلام والصحافة بأنواعها المختلفة، كما ان الاستاذ لجميع المراحل الدراسية سواء في المدرسة او الجامعة يكون الذكاء اللغوي بالنسبة اليهم مداد وعون، لذا تجد الكثير من الاساتذة مثقفين لغوياً، والمحامي لأنه يحتاج الى قوة بلاغية وتعبيرية في ممارسة مهنته سيما في المرافعات الرسمية في المحاكم.

وكذلك مندوبي المبيعات لانهم يمتلكون قوة اقناع عالية، وامين المكتبة هو الاخر تتفق مهنته مع الذكاء اللغوي فهو يحتاج الى التباحث مع رواد المكتبة حول بضاعته وبالتالي يسهل التعامل بينهم ويجعله لطيف ومحبذ لديهم، اما كاتب السيناريو فهو من اكثر الناس يحتاج الى اللغة لكي يسخرها كيفما يشاء ويرسم بها لوحات درامية يقبلها الجمهور ويتفاعل معها إيجابياً.

في الختام لابد من تنمية الذكاء اللغوي لدى ابنائنا بعد ان اتفقنا على وجوده لدى جميع البشر لكن يتفاوت من فرد لآخر، فمرحلة ما قبل المدرسة افضل مرحلة لتعليم الطفل واكاسبه اللغة، إذ يمكن تنمية مهارات الطفل اللغوية بالتّحدث معه ومخاطبته بلغة واضحة، وبعد ان يكبر الطفل ويصبح اكثر وعياً بالكلام لابد من اتباع اسلوب التحاور معه واستخدام تعابير وكلمات جديدة لأنه سيقلد الاسلوب الحواري سيما اذا كان صادرا من الابوين.

كما ان سرد القصص على الاطفال له اهمية في إكسابه مفردات تمهد له الطريق لإتقان اللغة كي يصبح قادراً على استعمال المفردات المكتسبة مِن القصة في مواقف مشابهة، وبذا مع التقادم الزمني سينمو الذكاء اللغوي عند الانسان ويصبح ذو قدرة لغوية كبيرة.

اضف تعليق