q
منذ أن استحوذ الملياردير الجنوب أفريقي، إيلون ماسك، على تويتر، بصفقة بلغت 44 مليار دولار في الخريف الماضي، يبدو وكأنّ سوء الطالع بات رفيق المنصة الزرقاء. وفي حين يحاول ماسك طمأنة المعلنين القلقين بشأن الإطاحة بكبار المديرين التنفيذيين وتسريح العمال والسماح بعودة الجمهور الترامبي اليميني إلى المنصة...

أثار استحواذ الملياردير الجنوب أفريقي على تويتر الفضول حول رؤية قطب التكنولوجيا لمنصة التواصل الاجتماعي الشهيرة. لكن مع الوقت، واجهت الشبكة الزرقاء سلسلة من التحديات والنكسات، ولّدت شكوكاً حول قدرته على إبقائها حيّة. وعندما حاول طمأنة المعلنين والمستخدمين، خلقت قراراته جواً مضطرباً يتسم بعدم القدرة على اتخاذ قرارات إدارية واضحة، ما انعكس سريعاً على عمل المنصة

منذ أن استحوذ الملياردير الجنوب أفريقي، إيلون ماسك، على تويتر، بصفقة بلغت 44 مليار دولار في الخريف الماضي، يبدو وكأنّ سوء الطالع بات رفيق المنصة الزرقاء. وفي حين يحاول ماسك طمأنة المعلنين القلقين بشأن الإطاحة بكبار المديرين التنفيذيين وتسريح العمال والسماح بعودة الجمهور الترامبي اليميني إلى المنصة، يقول إنّ الشركة تواجه انخفاضاً بنسبة 50 في المئة في عائدات الإعلانات بالإضافة إلى عبء ديون ثقيل. وكل ذلك، يحصل في جو من التخبّط والقرارات السيئة التي سرعان ما يتراجع عنها. فما الذي يحصل؟ وما قصة تطبيق كل شيء، التطبيق X؟

في نيسان (أبريل) الماضي، قال ماسك إنّ معظم المعلنين الذين غادروا، عادوا، وإنّ الشركة قد تصبح مداخيلها النقدية في خانة الإيجابية في الربع الثاني. في أيار (مايو)، عيّن مديرة تنفيذية جديدة، هي ليندا ياكارينو التي كانت مديرة تنفيذية في NBC Universal ولها علاقات ممتازة في سوق الإعلانات. ثم انفرد في اتخاذ قرارات الشركة. أعلن أن علامة التوثيق لن تكون مجانية لأي كان، ليتراجع عن ذلك ويُعيدها إلى بعض شخصيات المجتمع والسياسيين. قال إنّ الشركة ستحد من عدد التغريدات التي يمكن مشاهدتها، ليواجه بسخط المستخدمين، وبلكمة تحت الحزام من مارك زوكربيرغ الذي أطلق تطبيق «ثريدز» المنسوخ عن تويتر في لحظة قاتلة. ثم تراجع عن الخطة مؤكداً أنّها كانت مؤقتة. يتأخر عن دفع المال مقابل خدمات السحاب لأمازون، فيواجه التطبيق مشكلات في الخدمة. ثم يقول أخيراً إنّ شركة تويتر لا تزال تخسر الأموال لأن الإعلانات انخفضت بمقدار النصف.

يُعيد البعض فشل قرارات ماسك في تويتر، إلى كونه مهندساً، وليس خبيراً في منصات التواصل. وها هو ينتقل من فشلٍ إلى آخر، وكأنّ تويتر هو نهاية نجاحاته. وصحيح أنّ «تويتر بلو»، وهي خدمة اشتراك تقدم ميزات إضافية للمستخدمين، حققت 11 مليون دولار فقط في الأشهر الثلاثة الأولى لها، إلا أنّه لا يبدو أنّها تحفّز جموع المستخدمين على الاشتراك بها. لكن أخيراً، بدأت تظهر بوادر إيجابية للشركة بعدما بدأت بدفع المال لصناع المحتوى مقابل ما يقدمونه على المنصة وعدد مرات المشاهدات وكمية التعليقات التي يشاركون فيها. لكن الأمر غير كافٍ لتعديل النظرة من سلبية إلى إيجابية في الوقت الراهن.

لفهم ما يحصل مع ماسك، لا بد من الإشارة إلى الفيل الكبير في الغرفة، أي ميوله السياسية الجمهورية التي بدأت تتمظهر على المنصة، بشكل منشورات محذرة من ثقافة اليقظة (wokeness) أو من خطر «تسلل المثلية إلى الأطفال» ودعوته الصريحة إلى مشاهدة فيلم «?What is a Woman» الوثائقي، والذي أعاد نشره ليصل إلى ملايين المشاهدات. قد يبدو لنا من خلال هذه الأفعال أن ماسك محافظ متمسك بمعتقداته الدينية. لكن في الواقع، الرجل لديه ابن عابر جنسياً، وكان من أشد المعجبين بالرئيس الأسبق باراك أوباما، مع كل قيم الديموقراطية التي كان يصدح بها. الرجل لديه مشكلة مع الحزب الديموقراطي كونه كارهاً للنقابات، لا يستطيع أن يتصوّر أنّ العمال والموظفين لديه متحدون في نقابات. وبسبب ذلك، عندما دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، كبرى شركات السيارات الأميركية إلى البيت الأبيض، لمناقشة مشاريع التحول إلى سيارات كهربائية، كانت «تسلا»، الشركة الرائدة في تلك الصناعة، غائبة عن الاجتماع بشكل فاضح. ومذّاك، أخذ ماسك على عاتقه أن يكون مشاغباً في وجه إدارة بايدن التي لم تعطه الاهتمام الذي كان يتوقعه. أو بكلمات أخرى، أن يكون له جزءاً من الأموال التي ستنفق في هذا المجال. وبمعزل عن توجهات ماسك، كل شخص حر في معتقداته وقيمه، لكن القصد هنا الإشارة إلى الأسباب الحقيقية خلف هجومه على قيم الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي الأميركي.

ألمح إيلون ماسك، أخيراً، إلى رؤيته لتطبيق جديد يسمى X. هوس الرجل بهذا الحرف لا يوصف. المهم، هو تطبيق كل شيء، مشابه لعمل تطبيق «وي تشات» الصيني. فالأخير عبارة عن منصة تواصل اجتماعي، وتطبيق دردشة، وتطبيق يسمح بدفع المال واستلامه بين الناس داخل الجمهورية الشيوعية. كذلك، اقترح ماسك أن التطبيق الجديد يمكن أن يكون تحقيقاً لرؤيته الأصلية لموقع X.com، وهو بنك عبر الإنترنت شارك في تأسيسه عام 1999، ليتحول في ما بعد إلى «باي بال».

خلال إطلالة له في بودكاست All-In، العام الماضي، قال ماسك إنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى تطبيق فائق، وأنّه يمكن إنشاؤه إما عن طريق تحويل تويتر أو عن طريق بدء شيء جديد. ووصف «وي تشات» بأنّه تطبيق ممتاز يفعل كل شيء، بما في ذلك وظائف مثل تويتر و«باي بال» والمزيد، وكلها مدمجة في واحد بواجهة مستخدم رائعة.

يرى ماسك أنّ التطبيق الفائق يجب أن يكون بمثابة «ساحة مدينة رقمية» تتيح للمستخدمين ترك التعليقات ونشر مقاطع الفيديو. وبمجرد أن تتمتع المنصة بمستوى عالٍ من الثقة بين الجمهور، يتوقّع أنّ الإيرادات، سواء كانت عملات مشفرة أو عملات حقيقية، ستتدفق بشكل كبير.

وهنا، نلاحظ أنّ ماسك، دائماً ما يعود إلى عادته القديمة ذاتها. يعد الناس بسيارة «سايبر تراك» من إنتاج «تسلا»، فيأخذ المال منهم ويجعلهم ينتظرون ثلاث سنوات، فيما السيارة لم تأت بعد. يعد بروبوتات متطوّرة لخدمة المنازل، في حين أن التكنولوجيا أساساً لم تصل إلى هذا النوع من التطوّر. الرجل لديه مشكلة في ربط تصوّراته مع الوقت الحقيقي لإنشائها. وهنا أيضاً، يحاول أن يتخطّى المشكلات التي تحدث في تويتر، عبر وعد الناس بأمر لم يحصل بعد. يبقيهم مترقبين دائماً!

اضف تعليق