q
للانتقال السريع من عالم ما قبل التواصل الى عالم التواصل ميزات عدة منها انها اتاحت فرصة للتواصل سيما لأولئك البعيدين عن الاهل والديار، لكنها في الوقت ذاته وضعت مسافات بين الناس لذا نوصي بضرورة الموازنة وفق قاعدة لا افراط ولا تفريط وهذا ما يحمينا من المضار الناتجة ويبقنا على تواصل مع العالم...

الغالبية العظمى من الناس انخرطت في دائرة وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، وربما افرط البعض في استخدامه لهذه المنصات لدواعي عديدة منها الترفيه، للاطلاع على ما يجري في المحيط، متابعة الهوايات والتفضيلات من الكوميديا، والاهم هو التواصل الذي اتيح بفضلها، لكن الاغلب وانا منهم لم يدرك او ربما تغافل الاثار السلبية التي يمكن ان تتركه على نفسية الانسان وعلى اجتماعيته.

بين الاستخدام لمواقع التواصل الاجتماعي والصحة النفسية علاقة طردية فلكما زاد الاستخدام كلما تدهورت الصحة والعكس هو الصواب، وفئة الشباب هي الاعلى نصيباً من هذا التدهور على اعتبارهم الفئة الاكثر استخداماً اذا ما قورنوا بالفئات الاخرى، لذا انا اخصهم في مقالي هذا املا في ان نخرج بتوصيات تحد من هذا الاستخدام غير المنظم وبالتالي تفادي سلبيات الامر بعد ان اصبح ادمانا.

كان المفهوم السائد عن الإدمان غالبا أنه إدمان للمواد المخدرة ولكن في السنوات الأخيرة شاع استخدام مصطلح الإدمان السلوكي وخاصة مع انتشار استخدام الهواتف الذكية والانترنت والالعاب الالكترونية، ويعرف الادمان على انه إخضاع الحياة الشخصية لعادة ما، أو هو عدم قدرة الإنسان على الاستغناء عن شيء ما، بصرف النظر عن هذا الشيء طالما استوفى بقية شروط الإدمان من حاجة إلى المزيد من هذا الشيء بشكل مستمر حتى يشبع حاجته حين يحرم منه.

يتصدر الفيس بوك مواقع التواصل الاخرى في نسب الاستخدام، اذ يستخدمه 71% ممن يدخلون على الإنترنت، ومستخدميه ليسوا فقط كثيرين في العدد بل هم أيضا نشطون في استخدامه، فقد وجد أن 63 % من مستخدميه يدخلون عليه على الأقل مرة يوميا، وأن 40 % يدخلون مرات عديدة يوميا.

وفي احصائيات اخرى تقول ان ما نسبته 93 % من مستخدمي الإنترنت يدخلون على واحد من مواقع التواصل الاجتماعي على الأقل في اليوم الواحد لأغراض ترفيهية ربما، بينما يدخل ما نسبته 93 % من مستخدمي مواقع التواصل يستخدمونه لأغراض تسويقية لا عمالهم او نتاجاتهم الفكرية او حتى الهابط التي تتسيد الان هذه المنصات.

المضار

جملة مضار التي تنتج من استخدامنا لمواقع التواصل تتلخص في:

المضار النفسية لهذه المنصات كثيرة فهي تقدم عالم بديل ليس واقعياً وبذا هي تتسبب بآثار نفسية كبيرة اذ تصور لهم الواقع بعدسة مضللة سيما الفئات العمرية الهشة (الصغيرة) حيث يختلط الواقع بالوهم وتتكون علاقات وارتباطات غير موجودة في العالم الواقعي قد تؤدي إلى تقليل مقدرة الفرد على أن يخلق شخصية نفسية سوية قادرة على التفاعل مع المجتمع والواقع المعاش وبين الحقيقة والوهم بوناً كبيراً من شأنه يخلل التوازن النفسي الانساني وبالتالي يقلل من الصحة النفسية.

وتأتي المضار الاجتماعية في المرتبة الثانية بعد المضار النفسية، اذ يؤدي الاستخدام الكثير لمنصات التواصل الاجتماعي الى انسحابنا من التجمعات البشرية بأتجاه العزلة والفردية وهو ما يقتل في الانسان التفاعل الاجتماعي، فكيف يمكننا الآن المحافظة على لحمتنا الاجتماعية مع هذا الغزو المعلوماتي الهائل والذي يمتلك اسلحته كل من يستطيع إنتاج المعلومات بحجم وزخم هائلين من شأنها ان تبعد الانسان عنو واقعه وبالتالي عن انسانيته المعهودة.

ويزيد الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي من معدلات الاكتئاب والقلق، حيث يصيب الاكتئاب إلى أكثر من 70% في ال 25 سنة الأخيرة، وهذا ربما يشير إلى ثمة علاقة سببية بين هذا وذاك، والقلق هو الاخر يرتفع معدله نتيجة للأخبار المزيفة والمعلومات التي تنشر عبر هذه المنصات سيما مع عدم وجود رقابة عليها.

في الختام نقول: للانتقال السريع من عالم ما قبل التواصل الى عالم التواصل ميزات عدة منها انها اتاحت فرصة للتواصل سيما لأولئك البعيدين عن الاهل والديار، لكنها في الوقت ذاته وضعت مسافات بين الناس لذا نوصي بضرورة الموازنة وفق قاعدة لا افراط ولا تفريط وهذا ما يحمينا من المضار الناتجة ويبقنا على تواصل مع العالم.

اضف تعليق