q

لماذا لم ينجح العالم في معالجة معضلة السمنة؟، وما العلاقة بين السمنة الزائدة ومرض السرطان؟، وهل يوجد علاج فعال ضد هذه المعضلة الصحية، جميع هذه التساؤلات تشير الى ان البدانة باتت تشكل من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً في العالم.

إذ يؤدي مرض السمنة للإصابة بالكثير من الإمراض العصرية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسرطان، كونه أصعب الأمراض علاجاً، وأقلها شفاء أو تحسناً على المدى البعيد، على الرغم من سهولة تشخيصه وتحديد أسبابه، كما أظهرت الأبحاث الحدثية أن تكلفة البدانة في العالم تماثل تكلفة التدخين أو النزاعات المسلحة وأنها أكبر من كلفة ادمان الكحول والتغير المناخي.

كما أشارت دراسة أخرى أن هناك من يخسر ست سنوات من عمره جراء هذه الظاهرة، وهناك من يفقد تسع سنوات مما يجعلها خطرا داهما على الصحة، خصوصا وان هنالك حوالي أكثر من مليار شخص يعانون من السمنة الزائدة في العالم.

لكن على الرغم من أن غالبية البشر يدركون مدى ارتباط السمنة بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، إلا أن ليس الجميع يعلمون مدى ارتباط السمنة بخطر الإصابة بمرض السرطان، في الوقت نفسه كشفت دراسة جديدة عن أن الشعور بالضغط والإجهاد، فضلاً عن تناول وجبة طعام غنية بالدهون، يساهمان في زيادة الوزن، من جانب أخر إكتشف علماء بريطانيون آلية في المخ يعتقدون أنها قد تكون الدافع وراء رغبتنا في الأغذية المشبعة بالجلوكوز ويقولون إن هذا الاكتشاف قد يؤدي يوما ما إلى ابتكار علاجات أفضل للبدانة.

لذا يتساءل البعض ما هي البدانة؟، يعد الشخص بدينا إذا كان زائد الوزن بدرجة كبيرة مع وجود قدر كبير من الدهون في جسمه، والطريقة الأوسع انتشارا لتقدير ما اذا كان شخص ما بدينا، هي المعروفة باسم مؤشر كتلة الجسم (BMI بي أم أي)، ويتم فيها قسمة الوزن بالكيلو على الطول بالمتر.

واذا كان ناتج تلك العملية أكثر من 25، تكون عندئذ يكون الشخص زائد الوزن. أما إذا كان الناتج بين 30 – 40 فهذا يعني أن الشخص بدينا. وإذا كان الناتج أكثر من 40 فهذا يعني شديد البدانة. أما إذا كان الرقم أقل من 18.5 فهذا يشير إلى شخص اقل من الوزن المناسب.

لذا يرى معظم الأطباء بأن السمنة مرض يهدد كل عضو بالجسم تقريباً. فتغلغل الخلايا الدهنية وغزوها لأنسجة القلب مثلا يقلل من كفاءته لضخ الدم، وعدم تحمل الهيكل العظمي لكمية الدهون الزائدة وغير الموزعة بانتظام يؤدي إلى التهابات مبكرة في المفاصل والعظام. أما الرئتان فيتسبب ضغط الوزن الزائد في إعاقة حركة الحجاب الحاجز، فلا تتمكن الرئتان من التمدد الجيد. بل تؤثر السمنة أيضا في إفراز الهورمونات في كلا الجنسين. وعليه فينصح الخبراء بهذا الشأن بالوقاية والتغذية السليمة كسلاح فعال لمواجهة جميع الامراض. فعندما يصحّ الجسم يصح العقل، ويتعافى، ويفكر بطريقة سليمة، تحسِّن حياة الانسان، ولذا أصبحت الصحة مطلبا عالميا.

البدانة باهظة الكلفة

فقد ذكر معهد ماكنزي الدولي إن البدانة تكلف العالم 1.3 تريليون جنيه استرليني أو نحو 2.8 في المئة من اجمالي النشاط الاقتصادي كل عام، وإنها كلفت بريطانيا 47 مليار جنية استرليني.

وتقول الدراسة إن نحو 2.1 مليار شخص – نحو 30 في المئة من سكان العالم – يعانون من زيادة الوزن أو البدانة.

وتخلص الدراسة إلى أنه يجب اتباع الوسائل التي تعتمد بدرجة اقل على المسؤولية الفردية للتعامل مع تلك المشكلة،وتشير الدراسة إلى وجود "تكلفة اقتصادية هائلة" للبدانة، وإلى أن تلك المعدلات يمكن أن تزداد إلى نصف سكان العالم بحلول العام 2030.

وتزداد التكلفة المالية للبدانة في المجال الصحي وبدرجة أكبر في المجال الاقتصادي.

وتؤدي البدانة إلى أمراض ينتج عنها خسارة في أيام العمل وفي الناتج العام.

وتشير الدراسة إلى الحاجة لبحث عدد من السياسات الطموحة، وايجاد حلول منتظمة مستمرة وليست جزئية للمشكلة.

ويقول التقرير "ستحتاج تلك المبادرات إلى الاعتماد بدرجة أقل على المسؤولية الفردية، وبدرجة أكبر على ادخال تغييرات على البيئة المحيطة".

ويضيف التقرير أن اتخاذ الاجراءات الصحيحة يمكن أن يوفر 760 مليون جنية استرليني في العام من ميزانية هيئة الخدمات الصحية الوطنية (ان اتش اس) في بريطانيا، وضمن المبادرات التي أجرى الباحثون تقييما لها، التحكم في حجم الوجبات الغذائية المعلبة، وإعادة النظر في تكوين الوجبات السريعة والمصنعة.

تسرق العمر والصحة    

أظهرت دراسة طبية أجرتها جامعة "مايك غيل" الكندية، ونشرتها مجلة "لانسيت" المتخصصة في مجال الطب، أن السمنة الزائدة قد تقلص من عمر المصاب بها تسع سنوات على الأقل.

أظهرت دراسة أجرتها جامعة كندية أن السمنة الزائدة تقلص تسع سنوات من عمر الشخص المصاب بها وتجعله يعيش حوالي 19 عاما في ظروف صحية سيئة.

من جهته، أكد الطبيب ستيفان غروفير من جامعة "مايك غيل" الكندية، والذي قام بالدراسة، أنه كلما عانى الشخص من زيادة في الوزن كلما أثر ذلك على صحته، مضيفا أن الدراسة كشفت أن السمنة الزائدة تساعد على ظهور أمراض القلب، وأمراض أخرى مثل السكري.

وفي نفس السياق، تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى تعرض 1.4 مليار شخص أعمارهم 20 سنة أو أكثر لهذا المرض، من بينهم 200 مليون رجل و300 مليون امرأة .

في فرنسا، يشير استطلاع للرأي نشره في مارس/آذار الماضي معهد " اوبنيون وي"، أن حوالي 46 بالمئة من البشر يعانون من ارتفاع في الوزن بالرغم من تناولهم وجبات غذائية صحية وقيامهم بنشاطات رياضية بشكل منتظم.

السمنة في دول الخليج

وأضاف الاستطلاع أن السمنة الزائدة تمس حوالي 21 بالمئة من الناس التي تتراوح أعمارهم ما بين 50-64 سنة.

وتأتي الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة في طليعة الدول التي تشكو من تنامي هذه الظاهرة الصحية. ما جعل المختبرات الطبية العالمية تسارع لإيجاد وصفات غذائية قادرة على مساعدة المتضررين من السمنة الزائدة على فقدان الوزن.

هذا، وأصبح مرض السمنة الزائدة يهدد أيضا المواطنين العرب، خاصة سكان دول الخليج بسبب تقلص النشاط الرياضي والإفراط في الطعام. بحسب فرانس برس.

وتأتي السعودية في مقدمة دول الخليج التي يشكو فيها المواطنون من مرض السمنة الزائدة (35.60 بالمئة) حسب تقرير نشرته المنظمة العالمية للصحة في 2010. ثم تأتي بعد ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة (33.70 بالمئة) ثم البحرين (28.90 بالمئة)

العلاقة بين السمنة والسرطان؟

وأشارت دراسة أمريكية إلى أن حوالي 90 في المائة من الأمريكيين يدركون أن التدخين مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، فيما 10 في المائة فقط يدركون بوجود ارتباط بين السمنة والسرطان.

 أما بالنسبة للعلاقة بين السمنة ومرض السرطان، فإن الدكتور كليفورد هوديس  يقول بأن 10 في المائة فقط من الناس يعرفون بوجد ارتباط بين المرضين.

وقال الدكتور كليفورد هوديس في الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية إن "البدانة تساهم بشكل رئيسي وغير ملحوظ في ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن مرض السرطان، ما يعني أن تأثير البدانة يفوق دور التبغ في خطر الإصابة بالسرطان."

وأشار تقرير صادر عن المعهد القومي للسرطان إلى أن "84 ألف حالة تشخيص بمرض السرطان سنوياً ترتبط بالسمنة." وتؤثر الدهون الزائدة على كيفية عمل علاجات مرض السرطان، ما يمكن أن يزيد من خطورة تعرض مريض السرطان للوفاة، نتيجة السرطان أو أسباب أخرى.

وأشار الدكتور هوديس إلى أن الوقاية من مرض السرطان المرتبط بالسمنة يعتبر أفضل علاج، لافتاً إلى أن معدلات الإصابة بغالبية أنواع السرطان تزيد مع التقدم بالعمر، لافتاً إلى أن الوقاية من السمنة تحصل من خلال اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية، والنوم الصحي، فضلاً عن التعامل مع الضغط وإدارة التوتر.

وكانت مجلة نيو إنغلاند أوف ميديسن نشرت نتائج دراسة في العام 2003، شملت أكثر من 900 ألف من الأشخاص البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية. ووضع المشاركون في الدراسة تحت المراقبة لمدة 16 عاماً، ما أثبت أن المشاركين الذي يعانون من زيادة في الوزن، كانوا أكثر عرضة للوفاة نتيجة الإصابة بمرض السرطان مقارنة بالمشاركين الذين يتمتعون بوزن صحي. بحسب السي ان ان.

وخلصت الدراسة بعد تحليل النتائج إلى أن الدهون الزائدة تتسبب بالوفاة بنسبة 14 في المائة بسبب أمراض السرطان لدى الرجال، ونسبة 20 في المائة لدى النساء، وأكد الباحثون بالاستناد إلى تحليل النتائج  أن علاقة وثيقة تربط بين السمنة وأمراض السرطان.

وقال المسؤول الطبي في جمعية السرطان الأمريكية الدكتور أوتيس برولي، إن الأبحاث كشفت عن اتباط السمنة بـ 12 نوع من أمراض السرطان، ومنها سرطان بطانة الرحم، والقولون، والمريء، فضلاً عن سرطان الكلى والبنكرياس.

وأشار الباحثون في تقرير نشر مؤخراً في مجلة الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان، إلى أن أمراض سرطان الرئة والبنكرياس والكبد ستعتبر بحلول العام 2030 من أبرز أمراض السرطان المسببة لحالات الوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب ارتباطها بمرض السمنة بشكل جزئي.

التوتر+الأطعمة المشبعة بالدهون=5 كيلوغرام زيادة بوزن النساء

أوضح البحث الجديد الذي نشر مؤخراً في مجلة "الطب النفسي البيولوجي" أن الشعور بالإجهاد يؤدي إلى التلهف للأطعمة غير الصحية، ويتسبب أيضاً بإبطاء حركة التمثيل الغذائي أو الأيض لدى النساء، بعدما تتناولن وجبات طعام غنية بالدهون.

ووجدت الدراسة أن هذه النتيجة تعتبر صحيحة، عندما تتناول النساء وجبة طعام عالية بالدهون بعد معاناتهن من الشعور بالإجهاد والتوتر. بحسب السي ان ان.

وتجدر الإشارة، إلى أن الدراسة شملت فقط 58 امرأة، واللواتي بلغ متوسط أعمارهن 53 سنة. وتم توجيه أسئلة لتلك النساء حول الضغوطات اليومية التي عانين منها في اليوم السابق، قبل الطلب منهن تناول وجبة طعام عالية الدهون. وتضمنت وجبة الطعام البيض، والسجق، والبسكويت والصلصة، أي ما مجموعه 930 سعرة حرارية و 60 غراماً من الدهون. وتم تصميم هذه الدراسة لتقليد كمية السعرات الحرارية والدهون الموجودة في شريحتي همبرغر مع بطاطا مقلية في مطعم للوجبات السريعة.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن النساء اللواتي عانين من الضغوطات قبل 24 ساعة من تناول وجبة الطعام، تمكن من حرق 104 سعرة حرارية أقل من النساء اللواتي لم يعانين من أي ضغوطات بعد مرور فترة سبع ساعات من تناول وجبة الطعام عالية الدهون، أي ما يبلغ حوالي 5 كيلوغرامات زيادة في الوزن سنوياً، لذلك، إذا كنت تتساءل ما هي أسوأ وجبة طعام غنية بالدهون، فالجواب يتمثل، بأي وجبة طعام مرتفعة الدهون، تتناولها بعد يوم مجهد.

علاج مبتكر

ووجد الباحثون في التجارب التي أجروها على الفئران في إمبريال كوليدج لندن آلية يبدو أنها تستشعر كمية الجلوكوز التي تصل إلى المخ وتحفز الحيوانات للبحث عن المزيد إذا عانت نقصا في هذه المادة. وقال العلماء إنه فيما يتعلق بالبشر فإن هذا قد يلعب دورا في الدفع نحو تفضيلنا للحلوى والأغذية النشوية، والجلوكوز مركب من الكربوهيدرات وهو مصدر الطاقة الرئيسي الذي تستخدمه خلايا المخ.

وقال جيمس جاردينر الذي قاد الدراسة ونشر نتائجها في دورية التحقيق السريري Journal of Clinical Investigation يوم الإثنين "تعتمد امخاخنا بشدة على الجلوكوز للحصول على الطاقة ... ولهذا نحن لدينا تفضيل ذو جذور عميقة للأغذية الغنية بالجلوكوز ونبحث عنها."

ويرى جاردينر أنه في البشر يمكن خفض الرغبة الشديدة في الجلوكوز عن طريق تغيير الحمية الغذائية وقال إن عقارا يمكن أن يعمل على هذا النظام قد يمنع البدانة.

وقال جاردينر في بيان عن الدارسة "بالنسبة لبعض الأشخاص فإن اكل المزيد من الأطعمة النشوية في بداية الوجبة ربما يكون طريقة للشعور بالشبع بشكل أسرع عن طريق استهداف هذا النظام وهو ما يعني مجمل ما سيأكلونه سيكون أقل."

دواء ضد السمنة

وافقت الوكالة الأوروبية للأدوية على تسويق دواء من إنتاج المختبرات الأمريكية ضد السمنة. ويحصل على هذا الدواء بوصفة طبية وهو موجه للبالغين الذين يواجهون مشاكل ارتفاع ظغط الدم ومعدل الكولسترول. وقبل عرضه في الصيدليات ينبغي أن ينال الموافقة الرسمية من المفوضية الأوروبية.

حصل دواء ضد السمنة من إنتاج المختبرات الأميركية "أوريكسيجن ثيرابوتيكس" على الضوء الأخضر لتسويقه في أوروبا، حسب ما كشفت عنه الوكالة الأوروبية للأدوية (إي ام إيه).

وأوصت لجنة الأدوية (سي اتش ام بي) التابعة للوكالة بالمواقفة على السماح بطرح" دواء "ميزيمبا" (المعروف في الولايات المتحدة باسم "كونتريف") في السوق.

ويقوم هذا الدواء على مزيج بين عاملين رئيسيين هما النالتريسكون المستخدم لمعالجة إدمان الكحول والأفيونيات والبوبروبريون المستخدم كمضاد للاكتئاب والذي يساعد أيضا على التوقف عن التدخين.

وبعد عدة سنوات من التردد بسبب خطر الإصابة بجلطات قلبية، وافقت وكالة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة على تسويقه في أيلول/سبتمبر الماضي.

وأوضحت الوكالة الأوروبية للأدوية، في بيانها، أن عقار "ميزيمبا" لن يوفر إلا بالاستناد إلى وصفة طبية وهو مخصص للبالغين الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد، ويواجهون أيضا ارتفاعا في ضغط الدم أو في معدل الكولسترول.

وذكرت الوكالة، في جملة الآثار الجانبية المحتملة لهذا العقار، مشاكل في المعدة والأمعاء وفي الجهاز العصبي المركزي، مشيرة إلى أن الآثار الطويلة الأمد على القلب والأوعية الدموية ليست أكيدة بعد. بحسب فرانس برس.

وأضافت الوكالة أن النتائج المتوسطة لاختبار سريري "هي مطمئنة في ما يخص احتمال الإصابة بأمراض خطيرة في القلب والأوعية الدموية".

وينبغي للمرضى الذين يوصف لهم تناول "ميزيمبا" أن يراجعوا أطباءهم بعد 16 أسبوعا وأن يوقفوا العلاج في حال لم يخسروا 5 % من وزنهم، بحسب "إي ام إيه".

ولا يزال ينبغي على المفوضية الأوروبية أن تعطي موافقتها الرسمية قبل البدء بتسويق الدواء في البلدان الأعضاء في الاتحاد.

اضف تعليق