q
تشير التوقعات إلى أن ثمة مستقبلًا قاتمًا ينتظر الأرض فيما يخص قضية التنوع البيولوجي، وتعطينا عوامل مثل التلوث والأمراض وفقدان الموطن البيئي وتغير المناخ لمحةً عن طائفة أكبر بكثير من عوامل التهديد القائمة التي قد تعم عشرات الآلاف من الأنواع في أنحاء الكوكب...
بقلم: أندريا تومسون

تشير التوقعات إلى أن ثمة مستقبلًا قاتمًا ينتظر الأرض فيما يخص قضية التنوع البيولوجي، وتعطينا عوامل مثل التلوث والأمراض وفقدان الموطن البيئي وتغير المناخ لمحةً عن طائفة أكبر بكثير من عوامل التهديد القائمة التي قد تعم عشرات الآلاف من الأنواع في أنحاء الكوكب؛ فمن بين أكثر من 150 ألف نوع مدرج في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن «الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة» (IUCN)، "أكثر من الربع مُعرَّض لخطر الانقراض، والنمط الغالب على القائمة الحمراء هو أن الأوضاع تزداد سوءًا"، على حد تعبير كريج هيلتون-تيلور، رئيس وحدة القائمة الحمراء بالاتحاد العالمي.

كان الاتحاد العالمي قد أعلن يوم الجمعة عن آخر التطورات التي طرأت على القائمة، ومن بينها التراجُع في حالة حفظ 22 نوعًا، وجاء الصفيلح والأطوم وغيرهما من الكائنات البحرية ضمن الأنواع التي سُلِّط عليها الضوء في الإعلان.

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع المفاوضات الدولية المصيرية الجاري العمل عليها في مونتريال لصياغة اتفاقية عالمية تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي وتصحيح مساره الآخذ في التدهور بحلول عام 2030، على غرار اتفاق باريس للمناخ، الذي وضع أهدافًا لخفض انبعاثات غازات الدفيئة والحد من الاحتباس الحراري، وكثيرًا ما تستأثر حالة الطوارئ المناخية بالاهتمام على حساب أزمة الانقراض السريع الذي تواجهه بعض الأنواع على الأرض، لكن هاتين الأزمتين "وجهان لعملة واحدة"، والالتفات إلى إحداهما يساعد في التخفيف من وطأة الأخرى، وفق ما يقول هيلتون-تيلور.

وتستفيد وحدة القائمة الحمراء من جهود شبكة تضم آلاف الباحثين حول العالم، يعمل هؤلاء الباحثون على تقييم المخاطر التي تواجه كل نوع، ثم يُدرجون هذه الأنواع ضمن مقياس يُقيِّم خطر انقراض الأنواع التي لا تزال موجودة في البرية بدرجات تتراوح بين "غير مهدد بالانقراض" و"مهدد بالانقراض بشكل حرج"، (وبعيدًا عن هذه الفئة من الأنواع ومقياسها، توجد "أنواع منقرضة في البرية" و "أنواع منقرضة")، وعلى الرغم من أن القائمة لا تحمل أي صفة قانونية، فيمكن اعتبارها "النداء الأول لاتخاذ إجراءات للحفاظ على البيئة"، على حد وصف هيلتون-تيلور؛ فهي تمنح الحكومات وجماعات الحفاظ على البيئة المعلومات المهمة اللازمة لصياغة خطط للحفاظ على البيئة.

والشائع عن الصفيلح، هذا الحيوان البحري الرخوي، هو أنه أحد المأكولات البحرية الشهية، واليوم، يواجه حوالي 40% من 54 نوعًا من الصفيلح حول العالم خطر الانقراض، وهو ما يرجع في الأساس إلى الحصاد غير المستدام والصيد الجائر، وفق ما أفاد الاتحاد العالمي، وقد أدى التلوث والأمراض وموجات الحر البحرية التي زادت حدتها بسبب تغير المناخ إلى تفاقم الأزمة التي يمر بها الصفيلح.

وقد نال هذا التدهور في الأوضاع من الأطوم أيضًا، وهو حيوان ثديي بحري قريب لخروف البحر، على سبيل المثال، أصبحت تجمعات الأطوم التي تعيش قبالة سواحل شرق إفريقيا الآن مهددةً بالانقراض بشكل حرج؛ إذ يقل عدد الأفراد البالغين المتبقين من هذا النوع في البرية عن 250 فردًا، أما تجمعات الأطوم التي تعيش في كاليدونيا الجديدة (وهي جزيرة فرنسية تقع في جنوب المحيط الهادئ) فهي مُدرَجة الآن في فئة الأنواع المهددة بالانقراض، وتهدد الإصابات الناجمة عن الاصطدام بالقوارب حياة كلتا المجموعتين، مثلما يفعل استخراج النفط والغاز في شرق إفريقيا والصيد الجائر في كاليدونيا الجديدة.

كما سلط الاتحاد العالمي الضوء على الشعاب المرجانية العمودية الموجودة في أنحاء منطقة البحر الكاريبي؛ إذ انخفض عددها بأكثر من %80 عبر معظم نطاقها منذ عام 1990، كما تراجعت في التصنيف من فئة الأنواع المعرضة للانقراض إلى فئة الأنواع المهددة بالانقراض بشكل حرج، ومما يبعث على القلق الشديد مرض فقدان الأنسجة المرجانية الصخرية شديد العدوى الذي ظهر في السنوات الأربع الماضية؛ إذ يمكن لارتفاع درجات حرارة المحيطات والتلوث أن يجعلا الشعاب المرجانية أكثر تعرضًا لمثل هذه الأمراض، والشعاب المرجانية العمودية "هي في الحقيقة مجرد غيض من فيض" فيما يتعلق بأزمة الشعاب المرجانية، على حد تعبير هيلتون-تيلور.

ومع ذلك، فقد كان هناك بصيص من الأمل في التطورات التي استعرضها الاتحاد العالمي في إعلانه؛ إذ شهدت سبعة أنواع تحسنًا في حالة حفظها، يقول هيلتون-تيلور: إن ضفدع يوسمايت انتقل من فئة الأنواع المهددة بالانقراض إلى فئة الأنواع المعرضة للانقراض، وذلك بفضل خطة الحفظ الشاملة التي ضمت عدة هيئات حكومية، بالإضافة إلى ملاك الأراضي المحليين، وبالمثل، كان إشراك المجتمعات المحلية عاملًا رئيسيًّا في انتقال الواق الأسترالي -وهو نوع من الطيور- من فئة الأنواع المهددة بالانقراض إلى فئة الأنواع المعرضة للانقراض، ويقول هيلتون-تيلور: إن هذا الطائر يزدهر نموه في الأراضي الرطبة، وقد تعاون نشطاء الحفاظ على البيئة في أستراليا مع زارعي الأرز المحليين لجعل حقولهم صديقةً لهذا النوع.

ويضيف هيلتون-تيلور أن هذه النجاحات تبرهن أن خطط الحفظ المصممة جيدًا –أي تلك التي تشمل المجتمعات المحلية وتحظى بموارد كافية- يمكن أن تُحدث فارقًا في تصحيح مسار الأنواع التي تمر بحالة تدهور، ويأمل هيلتون-تيلور والعديد من خبراء الحفاظ على البيئة الآخرين أن تساعد اتفاقية حماية التنوع البيولوجي التي يجري التفاوض بشأنها هذا الشهر في مونتريال في جعل هذه الجهود ممكنةً على نطاقٍ أوسع بكثير، يقول: "نحن حقًّا بحاجة إلى خطة عالمية لحماية الحياة على الأرض"، ويجب أن يكون لها "أهداف طموحة وجريئة وقابلة للقياس".

ومن بين هذه الأهداف المطروحة على طاولة مفاوضات مونتريال الحالية حماية % 30 من أراضي الكوكب ومحيطاته بحلول عام 2030، وفي بيان صادر عن «جمعية المحافظة على الحياة البرية» Wildlife Conservation Society، وهي مؤسسة غير ربحية، قالت نائبة رئيس السياسة الدولية، سوزان ليبرمان: إنه من أجل نجاح المفاوضات، "يجب على الحكومات الالتزام بما يلي: صون وحماية السلامة الإيكولوجية والنظم الإيكولوجية التي تتمتع بحالة جيدة إلى حدٍّ كبير (من الغابات إلى الشعاب المرجانية)، والقيام على نحو متكافئ بحماية وصون ما لا يقل عن 30% من الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030، والقضاء على استغلال الأحياء البرية والاتجار فيها واستخدامها بشكل غير قانوني أو غير مستدام أو على النحو الذي يهدد بانتشار مسببات الأمراض للبشر أو الأحياء البرية أو الحيوانات الأخرى".

اضف تعليق