كيف تطورت حرائق الغابات على مدى العقدين الماضيين وكيف دمرت هذه الحرائق ما يقدر بثلاثة ملايين هكتار إضافية كل عام بما يضاهي مساحة بلجيكا مقارنة بعام 2001. فقدان الغطاء الشجري يحصل بغالبيته في الغابات الشمالية التي تغطي مساحات واسعة من روسيا وكندا وألاسكا وتعد من بين أكبر مستودعات الكربون...
تدمر حرائق الغابات الناجمة عن تغير المناخ ضعف المساحات العالمية المغطاة بالأشجار مقارنة مع ما كان يحدث قبل 20 عامًا، وفقًا لبيانات تظهر أن العالم يخسر كل دقيقة ما يوازي مساحة 16 ملعبًا لكرة القدم مغطاة بالأشجار.
أظهر البحث الذي وفر تحليلًا لم يسبق أن تضمن مثل هذه التفاصيل، كيف تطورت حرائق الغابات على مدى العقدين الماضيين وكيف دمرت هذه الحرائق ما يقدر بثلاثة ملايين هكتار إضافية كل عام - بما يضاهي مساحة بلجيكا - مقارنة بعام 2001.
وأظهرت الدراسة أن فقدان الغطاء الشجري يحصل بغالبيته في الغابات الشمالية التي تغطي مساحات واسعة من روسيا وكندا وألاسكا وتعد من بين أكبر مستودعات الكربون على الأرض.
استخدم باحثون من جامعة ميريلاند صور الأقمار الاصطناعية لرسم خرائط للمناطق التي فقدت غطاءها الشجري بما في ذلك تلك التي دمرتها الحرائق التي تقضي تمامًا على الغطاء الشجري أو معظمه وتتسبب في تغيرات طويلة المدى في بنية الغابة وكيمياء التربة.
أظهرت البيانات أن عام 2021 شهد بعض أسوأ حرائق الغابات منذ مطلع القرن مع فقدان 9,3 مليون هكتار من الغطاء الشجري على مستوى العالم.
كان هذا أكثر من ثلث إجمالي الغابات المفقودة في العام الماضي، وفقًا للبيانات التي جمعها مرصد غلوبال فوريست ووتش Global Forest Watch ومجموعة أبحاث معهد الموارد العالمية World Resources Institute.
قال جيمس مكارثي محلل البحوث في غلوبال فورست ووتش لوكالة فرانس برس "إن حرائق الغابات تزداد سوءا في جميع أنحاء العالم".
وأوضحت خدمة مراقبة الأقمار الاصطناعية التابعة للاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إن أوروبا الغربية شهدت حرائق على مستوى قياسي حتى الآن في عام 2022، مع فقدان عشرات الآلاف من الهكتارات من الغابات في فرنسا وإسبانيا والبرتغال.
وقال الباحثون إن تغير المناخ كان على الأرجح "دافعًا رئيسيًا" في زيادة استعار الحرائق، إذ تجعل موجات الحرارة الشديدة الغابات جافة أكثر بخمس مرات حاليًا مما كانت عليه قبل 150 عامًا.
وأوضحوا أن هذه الظروف الأكثر جفافاً تؤدي إلى إصدار انبعاثات أعلى من الحرائق لتزيد تفاقم تغير المناخ كجزء من "حلقة التغذية الراجعة بين الحرائق والمناخ".
الغالبية العظمى - نحو 70 في المائة - من فقدان الغطاء الشجري بسبب الحرائق على مدى العقدين الماضيين حدثت في المناطق الشمالية، وذلك على الأرجح بسبب ارتفاع درجة حرارة مناطق خطوط العرض العالية بمعدل أسرع من بقية أنحاء الكوكب.
والعام الماضي، فقدت روسيا 5,4 مليون هكتار من الغطاء الشجري بسبب الحرائق، وهو أعلى مستوى على الإطلاق مع زيادة قدرها 31 في المئة عن عام 2020.
وقالت الدراسة إن "هذه الخسارة القياسية ترجع جزئياً إلى موجات الحر الطويلة التي كانت مستحيلة عملياً بدون تغير المناخ بفعل النشاط البشري".
وحذر الفريق من أن التغييرات المتزايدة في المناخ واستعار الحرائق يمكن أن تحول الغابات الشمالية في نهاية المطاف من خزانات لالتقاط الكربون إلى مصدر لانبعاثات الكربون.
وقال مكارثي "في هذه المناطق الشمالية، تراكم الكربون في التربة على مدى مئات السنين وتمت حمايته بطبقة رطبة على السطح... هذه الحرائق الأكثر تكرارا وخطورة تحرق هذه الطبقة العليا وتكشف ذاك الكربون المخزَّن في التربة".
وأظهرت الدراسة أن فقدان الغطاء الشجري المرتبط بالحرائق في المناطق المدارية خلال القرن الحالي ازداد سنويًا بنحو خمسة بالمئة - حوالي 36 ألف هكتار.
والحرائق ليست السبب الرئيسي لفقدان الغابات في هذه المناطق فالعوامل الرئيسية في ذلك هي أنشطة إزالة الغابات وتدهورها.
لكن الباحثين قالوا إن فقدان الغابات بسبب إزالة الغابات يزيد من احتمال فقدان الغابات بسبب الحرائق إذ تؤدي هذه الممارسات إلى ارتفاع درجات الحرارة الإقليمية وجفاف الغطاء النباتي.
ودعوا الحكومات إلى تحسين قدرة الغابات على الصمود من خلال وقف إزالة الغابات والحد من ممارسات إدارة الغابات المحلية التي تشمل حرق مساحات حرجية في نطاق محدد لكنه يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة بسهولة خاصة أثناء فترات الجفاف.
وقال مكارثي إن "الغابات هي من أفضل الدفاعات التي نمتلكها ضد تغير المناخ".
رقم قياسي في أوروبا
بالرغم من أنّ موسم الحرائق لم ينتهِ بعد، إلّا أنّ الحصيلة الأولية للحرائق تتفاقم في الاتحاد الأوروبي حيث أتت النيران على أكثر من 660 ألف هكتار منذ كانون الثاني/يناير، وهو رقمٌ قياسي لهذه الفترة من العام منذ بدء تسجيل بيانات الأقمار الصناعية في العام 2006.
منذ بداية كانون الثاني/يناير، قضت الحرائق على 662,776 هكتار من الغابات في الاتحاد الأوروبي وفق البيانات التي حدّثها نظام المعلومات الأوروبي حول حرائق الغابات، الذي يحتفظ بإحصائيات قابلة للمقارنة منذ العام 2006 بفضل صور الأقمار الصناعية لبرنامج كوبرنيكوس الأوروبي.
شهدت فرنسا أعواماً أسوأ في السبعينيات، قبل البيانات الأوروبية الموحّدة. ولكن سنة 2022 تعدّ الأخطر منذ 16 عاماً وفقاً لهذه الأرقام، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى حريقين كبيرين متتاليين في جيروند، جنوب غرب البلاد، حيث وصل رجال الإطفاء الألمان والبولنديون والنمساويون هذا الأسبوع لتقديم الدعم في إطفاء الحرائق.
والوضع استثنائي أيضاً في وسط أوروبا، حيث استغرق رجال الإطفاء أكثر من عشرة أيام في تموز/يوليو للسيطرة على أكبر حريق في تاريخ سلوفينيا الحديث، بمساعدة السكان الذين حشدوا أنفسهم لدرجة أنّ الحكومة اضطرّت إلى مطالبة السكان بالتوقف عن التبرّع لرجال الإطفاء.
وسلوفيينا التي لا تملك طائرات متخصّصة في مكافحة النيران، طلبت مساعدة كرواتيا التي أرسلت طائرة... قبل استعادتها لإطفاء حرائقها الخاصّة. وتدرس الحكومة السلوفينية شراء أول طائراتها القاذفة المائية.
وفي العاصمة الألمانية برلين، اندلع حريق كبير الأسبوع الماضي انطلاقاً من مستودع ذخيرة للشرطة في غابة ضربها الجفاف، وسرعان ما تمّت السيطرة عليه. وحتى الآن، لا تزال العاصمة بمنأى عن مثل هذه الحرائق، إلّا أنها باتت مهدّدة بشكل متزايد بسبب مساحاتها الحرجيّة الشاسعة.
لكن المنطقة الأشد تضرّراً من الحرائق هي شبه الجزيرة الأيبيرية. فقد شهدت إسبانيا، التي سيطر عليها الجفاف مثل فرنسا بسبب عدّة موجات حرّ هذا الصيف، دمار 245,278 هكتاراً جراء الحرائق، خصوصاً في غاليسيا في الشمال الغربي. ومع ذلك، تحسّن الوضع مع انخفاض درجات الحرارة.
كذلك، تكافح البرتغال منذ أكثر من أسبوع حريقا في المحمية الجيولوجية العالمية المعترف به من قبل اليونسكو في منطقة جبل سيرا دا استريلا، والذي يبلغ ذروة ارتفاعه عند حوالى ألفي متر.
وتسجل إسبانيا أكبر مساحة من الأراضي المحروقة، تليها رومانيا (150528 هكتاراً) والبرتغال (75277 هكتاراً) وفرنسا (61289 هكتاراً).
وقال خيسوس سان ميغيل منسّق نظام المعلومات الأوروبي حول حرائق الغابات لوكالة فرانس برس، إنّ "العام 2022 يعدّ عاماً قياسياً بالفعل" في ما يتعلّق بفترة الصيف وحدها. ويعود الرقم القياسي السابق في أوروبا إلى العام 2017، عندما أتت النيران على 420913 هكتاراً في 13 آب/أغسطس، وعلى 988087 هكتاراً في عام واحد.
وأضاف "آمل ألا نشهد شهراً مماثلاً لشهر تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام"، حين دُمّر 400 ألف هكتار في جميع أنحاء أوروبا في شهر واحد.
وما يساهم في اندلاع الحرائق الجفاف الاستثنائي في أوروبا، إلى جانب موجات الحر.
ولوحظت الظروف الشديدة الجفاف في كثير من الأحيان في البلدان المطلّة على البحر الأبيض المتوسط ، ولكن خيسيوس سان ميغيل أشار إلى أنّ "هذا بالضبط ما حدث في وسط أوروبا" التي كانت تعدّ حتى الآن بمنأى عن هذه الظواهر الجوية.
على سبيل المثال، شهدت الجمهورية التشيكية حريقاً دمّر أكثر من ألف هكتار، وهو ما يعد ضئيلاً مقارنة بالدول الأخرى، ولكنه أعلى بـ158 مرّة من المتوسّط بين عامي 2006 و2021 عندما كانت الحرائق لا تذكر.
في أوروبا الوسطى، لا تزال المناطق المحروقة صغيرة مقارنة بعشرات آلاف الهكتارات في إسبانيا أو فرنسا أو البرتغال. وإلى جانب الحرائق في كرواتيا، كانت هناك ثلاثة حرائق فقط في سلوفينيا وخمسة في النمسا. لكن استمرار الاحتباس الحراري في أوروبا بأسرها، سيُسهم في تصاعد هذا الاتجاه.
الحرائق في فرنسا
لا تزال 19 مقاطعة تمتد من الجنوب الغربي إلى فينيستير في حالة التأهب من الدرجة البرتقالية، لكن من المتوقع ان تنحسر موجة الحر، مع حدوث عواصف رعدية فوق معظم انحاء فرنسا، بما في ذلك كورسيكا، حيث حالة التأهب عند الدرجة البرتقالية أيضا مع توقعات بعواصف رعدية.
إلا انه لا يزال من الصعب التنبؤ بتأثير العواصف الرعدية على الحرائق المستعرة لا سيما بسبب الرياح العاتية التي يمكن أن تشكل عائقاً أمام رجال الإطفاء.
بعد شهر من حريقين ضخمين شهدتهما جيروند، الأول في لانديراس والثاني في تيستي دو بوك، لم يطرأ على تجدد الحريق أي تغيير لأكثر من 48 ساعة بعد تدمير 7400 هكتار من أشجار الصنوبر.
قال تون نيوهالفيل، وهو رجل إطفاء ألماني يبلغ من العمر 36 عامًا "هنا، نحن جميعًا متطوعون. تلقينا تدريباً، ونريد تقديم المساعدة" مشيراً إلى أنه واجه حريقًا "هائلا" لم يصدف أن واجهه في ألمانيا.
وصلت الجمعة قاذفتان مائيتان ايطاليتان من طراز "كنداير" وأخريان يونانيتان إلى قاعدة جوية قرب مدينة بوردو. قال القائد أناستاسيس ساريوغلو (36 عاماً) الذي يقوم بأول مهمة له في فرنسا "نحن سعداء لأننا نعلم أننا نساعدكم، أيها الأصدقاء".
في فرنسا، أتت الحرائق على ثلاثة أضعاف المعدل السنوي للمساحة المحروقة خلال السنوات العشر الماضية، ما يشكل رقماً قياسياً الاتحاد الأوروبي منذ بداية السجلات في عام 2006.
حتى الجورا ذات المناخ المعتدل أصابها حريقان.
في بريتاني، دمر حريق ما يقرب من 300 هكتار الجمعة في غابات تقع غرب مدينة رين. وعند عصر الجمعة، تم "احتواء الثلثين"، على ما ذكر قائد الشرطة في مقاطعة موربيهان باسكال بولو.
في أرديش، "تمت السيطرة" على الحريق الذي دمر ما لا يقل عن 320 هكتارًا، وفق ما اعلنت قيادة الشرطة في المقاطعة، مضيفة أن من 150 إلى 200 من رجال الإطفاء ما زالوا في حالة تعبئة.
في مواجهة هذا الوضع "الاستثنائي"، اتخذت العديد من الشركات الفرنسية الكبرى - كارفور وأورانج وإي دي إف وأكسا وأوشان- تدابير لتسهيل تطوع عدد من موظفيها، استجابة لنداء وزير الداخلية جيرالد دارمانين.
طلب الوزير أيضا من قيادة الشرطة "توخي الحذر بشكل خاص" أو حتى إلغاء الاحتفالات بالالعاب النارية التقليدية في 15 آب/أغسطس بسبب "ارتفاع مخاطر اندلاع الحرائق".
نبهت هيئة الأرصاد الجوية إلى أن هطول الأمطار المتوقع اعتبارًا من مساء السبت لن يكون كافياً لمعالجة الجفاف غير المسبوق الذي تشهده البلاد، حيث انخفض متوسط هطول الأمطار في شهر تموز/يوليو إلى أقل سنتيمتر واحد.
حذرت كلير شانال، المتنبئة بالأرصاد، خلال مؤتمر صحافي من ان "العواصف "ستسهب على تربة جافة للغاية" لا تسمح بامتصاص المياه وتزيد من مخاطر حدوث فيضانات و"تساقط البَرَد".
في جزء كبير من فرنسا، يُحظر سقي المزروعات، وقد منع 73 محافظًا المزارعين من سحب المياه في جميع انحاء أو جزء من مقاطعاتهم.
وفي البرتغال التي تشهد جفافاً استثنائياً هذا العام مع شهر تموز/يوليو الأشد حرارة منذ ما يقرب من قرن، تم إعلان السيطرة على حريق حديقة سيرا دا إستريلا الطبيعية في وسط البلاد.
أوروبا تهب لمساعدة فرنسا
وقد وصل سابقا رجال إطفاء من دول أوروبية عدة إلى فرنسا لمساعدتها على مكافحة حرائق تلتهم الغابات بسبب موجات تاريخية من الحر والجفاف، بينها حريق هائل في جنوب غرب البلاد.
وتوجه 361 من رجال الإطفاء الأوروبيين إلى جنوب غرب فرنسا لدعم 1100 رجل إطفاء يعملون ليلًا ونهارًا للحد من حريق هائل اشتعل مجددا في لانديراس في جنوب غرب البلاد حيث احترق 14 ألف هكتار في تموز/يوليو.
من جهة أخرى، قالت المفوضية الأوروبية إنه تم إرسال أربع طائرات من أسطول مكافحة الحرائق التابع للاتحاد الأوروبي إلى فرنسا، من اليونان والسويد. وأعلنت بولندا أنها سترسل 146 رجل إطفاء اعتبارا من الخميس للمساعدة في الجنوب، حسب الرئاسة الفرنسية.
وفي تغريدة على "تويتر"، شكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "ألمانيا واليونان وبولندا، وفي الساعات المقبلة رومانيا والنمسا"، مؤكدا أن "شركاءنا يأتون لمساعدة فرنسا في مواجهة الحرائق".
وكتب بعد ساعات "كما حدث في تموز/يوليو، تبقى إيطاليا متضامنة مع فرنسا".
وتابع أن "عددا من طائرات رشّ المياه الكندية تصل لدعم رجال الإطفاء الفرنسيين والأوروبيين على أراضينا".
ووصل 65 من رجال الإطفاء الألمان و24 آلية إلى المنطقة التي تغطي سماءها سحب رمادية تحجب بالكامل الشمس الحارقة.
وقال سايمون فريتز، وهو رجل إطفاء محترف وصل من بون، "نحن جميعًا رجال إطفاء ونتفهم الوضع. من الصعب فعلا مكافحة حرائق استمرت هذه المدة وبهذا الحجم".
وفي الموقع، علّقت لافتات على عدد من المنازل تعبّر عن امتنان السكان لفرق الإطفاء. وكتب على ملاءة بيضاء "شكرًا لحماية منازلنا" أو "شكرًا لرجال الإطفاء".
وقال رجل الإطفاء ريمي لاهاي المحترف منذ 20 عاما وقد بدا عليه التعب، لوكالة فرانس برس، "إنه حريق هائل.. كما لو أننا في كاليفورنيا"، مضيفا "هنا الوضع يفوق قدرتنا في كل مكان".
وقالت إدارة المنطقة إن الجفاف في المنطقة ودرجات الحرارة الحارقة مع هواء جاف جدا ما زالت تشكل "خطرا شديدا لاندلاع حرائق".
في المجموع، احترق أكثر من أربعين ألف هكتار من الغابات هذا العام في فرنسا، حسب الحكومة، وخمسين ألفا، وفق بيانات الأقمار الاصطناعية الأوروبية. وأيا تكن المساحة، فهي تفوق المتوسط السنوي للأعوام ال15 الماضية، كما هو الحال في إسبانيا، بينما لم ينته الصيف بعد.
وتقول التقارير العلمية إن موجات الحرارة ستتضاعف وتطول وتشتد.
ويرى العلماء أنه في أوروبا يمكن أن يتضاعف عدد الوفيات المرتبطة بالإجهاد الحراري أو يصل حتى الى ثلاثة أضعاف، بحسب مدى الاحترار العالمي، خلال القرن الحالي.
وبدأت موجة الحر الحالية في فرنسا في 31 تموز/يوليو، وهي الثالثة خلال العام الجاري بعد واحدة في أواخر حزيران/يونيو وأخرى في منتصف تموز/يوليو.
وتمّ تصنيف شهر تموز/يوليو هذه السنة على أنه الشهر الأكثر جفافا منذ آذار/مارس 1961.
البرتغال وإسبانيا
شهدت البرتغال فترة هدوء على صعيد الحرائق بعدما أعلنت "السيطرة" على النيران في منتزه سيرا دا استريلا في وسط البلاد، فيما أضعفت الأمطار حريقين كبيرين في منطقة فالنسيا الإسبانية.
وقال قائد جهاز الدفاع المدني البرتغالي ميغيل أوليفيرا عبر أثير إذاعة "تي اس اف" إن "الحريق تحت السيطرة، لكن لم يتمّ إخماده. هناك عمل كثير سيتواصل في الأيام المقبلة".
وأوضح أن "لا يزال ممكنًا ومرجّحًا كثيرًا أن يحصل تجدّد (للنيران) لكن نأمل ألا تكون نسب ذلك مقلقة".
بعدما تمّت السيطرة عليه للمرة الأولى الأسبوع الماضي، تجدّد الحريق الاثنين وأجّجته رياح قوية.
واندلع الحريق في 6 آب/أغسطس قرب كوفيلا (وسط)، ودمّر غابات فريدة من النباتات في المحمية الطبيعية المدرجة على لائحة اليونسكو، وسط سلسلة جبال سيرا دا إستريلا البالغ ارتفاعها حوالى ألفي متر.
ويُعد حريق سيرا دا إستريلا الذي أتى على نحو 25 ألف هكتار من هذه المحمية بحسب التقديرات الأولية، الأكبر في البرتغال هذا الصيف. وأفادت خدمات الطوارئ الإسبانية أنّ رائحة الحريق وصلت إلى مدريد.
تنتظر البرتغال التي تشهد هذا العام جفافًا استثنائيًا، موجة حرّ جديدة اعتبارًا من السبت. ويتوقع المعهد البرتغالي للبحر والجوّ ارتفاعًا تدريجيًا في درجات الحرارة حتى أيلول/سبتمبر الذي يُرجّح أن يكون "أكثر حرًّا وأكثر جفافًا" من المعتاد.
ومنذ بداية العام، احترق نحو 92 ألف هكتار، وهي أكبر مساحة منذ حرائق 2017 التي أودت بمئة شخص، وفقًا لآخر تقرير صادر عن معهد الحفاظ على الطبيعة والغابات.
في إسبانيا، أضعف هطول الأمطار ومعها تدني درجات الحرارة، بشكل كبير حريقين كبرين ضربا منطقة فالنسيا (جنوب شرق)، وفق ما أعلنت السلطات وأجهزة الإنقاذ.
وكتب رئيس منطقة فالنسيا شيمو بوتش في تغريدة "أخيرًا نبأ سار: المطر وتدني درجات الحرارة سمحا باحتواء الحريق في فال ديبو".
وقال أيضًا عبر إذاعة "كادينا سير" إن "هذه الليلة، تطوّر حريق بيخيس إيجابًا مع تدني درجات الحرارة والأمطار (...) لا نرى سوى القليل من ألسنة اللهب" معربًا عن أمله في أن يكون الخميس "اليوم الحاسم للانتهاء من هذه الحرائق".وأكدت أجهزة الطوارئ في المنطقة أن المتساقطات التي راوحت "بين 14 و20 ملم من الأمطار خففت ألسنة اللهب إلى حدّ أنها جعلتها تختفي في كل المساحة".
وأتى الحريقان في بيخيس وفال ديبو على قرابة 25 ألف هكتار من الأراضي وأرغما نحو ثلاثة آلاف شخص على إخلاء منازلهم.
بحسب العلماء، يزيد الاحترار المناخي من إمكان حصول موجات حرّ وجفاف وبالتالي اندلاع حرائق.
وعاش سكان قرية أورجيس الواقعة على سفح سلسلة الجبال هذه الثلاثاء أوقاتا عصيبة مع اقتراب ألسنة اللهب من منازلهم.
وقالت فاتيما كاردوسو من سكان القرية والبالغة 62 عامًا لوكالة فرانس برس "سادت الفوضى"، مشيرة الى قلق عارم شعرت به مع اقتراب ألسنة اللهب من المنازل. وكافح السكان النيران إلى جانب رجال الإطفاء.
ويسعى عناصر الإطفاء إلى السيطرة على الحريق قبل أن تعاود درجات الحرارة ارتفاعها.
وفي ختام اجتماع مع المسؤولين في المعهد البرتغالي للبحر والغلاف الجوي، قال وزير الداخلية خوسيه لويس كارنيرو "لم نصل بعد إلى نهاية فترة الحرائق الحرجة هذه".
وأضاف "سنواجه موجة حر ثالثة" ومن المفترض أن تستمر حتى أيلول/سبتمبر الذي سيكون "أكثر سخونة وجفافًا" من المعتاد.
وشهدت البرتغال التي تواجه جفافاً استثنائياً هذا العام أشد شهر تموز/يوليو حرارة منذ نحو قرن.
ومنذ بداية العام، احترق نحو 92 ألف هكتار، وهي أكبر مساحة منذ حرائق 2017 التي اودت بمئة شخص، وفقًا لآخر تقرير صادر عن معهد الحفاظ على الطبيعة والغابات.
الجزائر والمغرب
قال تلفزيون النهار الجزائري نقلا عن المديرية العامة للحماية المدنية إن حصيلة قتلى حرائق الغابات في البلاد ارتفعت إلى 37 قتيلا من 26 قتيلا.
وأضاف التقرير أن عدد الجرحى ارتفع أيضا إلى 183 شخصا.
واشتعلت حرائق الغابات في المناطق الجبلية بشرق الجزائر، وكان الضحايا من ولايات الطارف وسطيف وسوق أهراس.
وقال مسؤولون إن أغلب حرائق الغابات أُخمدت بينما أصبحت بعضها تحت السيطرة. ولا يزال رجال الإطفاء يواصلون عملهم في عدة مناطق بمساعدة الطائرات الهليكوبتر.
وقبل نحو عام قُتل 65 شخصا على الأقل في منطقة القبائل.
وأوضحت الحماية المدنية أن 39 حريقا في 14 ولاية لا يزال متواصلا وأن ولاية الطارف الحدودية مع تونس ايضا سجلت 16 حريقا.
وتدخلت مروحيات في ثلاث ولايات بينها سوق هراس.
وأوضح وزير الداخلية أن منذ بداية الشهر الحالي، اندلعت 106 حرائق ما أدى إلى تدمير 800 هكتار من الغابات و1800 هكتار من الأراضي.
وأكد الوزير أن بعضًا من هذه الحرائق مفتعل.
وتمتد الغابات في الجزائر على مساحة 4,1 ملايين هكتار.
ويشهد شمال البلاد كل سنة حرائق غابات وتتزايد بشدة هذه الظاهرة بسبب التغيرات المناخية.
وكان صيف العام 2021 الأكثر تسجيلا لعدد القتلى. وقد لقي تسعون شخصا على الاقل حتفهم اثر حرائق غابات ضربت شمال البلاد وأتت على أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات.
وقُتل ثلاثة عناصر من فرق الإطفاء إثر سقوط مركبتهم في وادٍ شمال المغرب فيما كانوا يشاركون في جهود مكافحة حريق في إحدى الغابات، وفق ما أفادت السلطات المحلية ، مشيرة إلى توقيف 4 أشخاص يشتبه بأنهم أشعلوا النيران.
وقال مصدر من السلطات المحلية في محافظة المضيق "إن ثلاثة من أفراد المديرية العامة للوقاية المدنية لقوا مصرعهم أمس الاثنين، فيما أصيب اثنان آخران بجروح بليغة إثر سقوط المركبة التي كانوا يستقلونها في منحدر وادي".
ووقع الحادث "أثناء أدائهم لواجبهم المهني في مكافحة الحريق" الذي اندلع في غابة تقع بمحافظة المضيق الفنيدق.
وأشار المصدر إلى أن عنصري الإطفاء المصابَين نقلا إلى مستشفى متخصص بمدينة طنجة المجاورة، لتلقي الإسعافات الضرورية.
في الأثناء لا تزال الجهود متواصلة لإخماد الحريق، حيث استعانت فرق الإنقاذ بطائرات متخصصة في إطفاء الحرائق، وفق ما أضاف المصدر.
وأتت النيران على حوالي 90 هكتار من الغطاء النباتي، حسب تقديرات أولية.
وأسفرت تحقيقات أولية للشرطة عن توقيف أربعة أشخاص "يشتبه في وقوفهم وراء إضرام النيران".
وكانت حرائق غابات اندلعت في بؤر عدة شمال المملكة، تسببت بمقتل أربعة أشخاص في تموز/يوليو.
وأتت هذه الحرائق التي تزامنت مع موجات حر شديد، على ما يقارب 10300 هكتار في عدة غابات شمال البلاد، بحسب تقديرات رسمية.
شهد المغرب في السنوات الأخيرة اندلاع حرائق غابات خلال الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتفاقمت النيران هذا العام بفعل جفاف استثنائي أثار إجهادا مائيا.
لمواجهة آثار هذه الحرائق أعلنت السلطات في تموز/يوليو برنامجا لإعادة تشجير نحو 9 آلاف هكتار من الغابات المتضررة، إضافة إلى دعم مالي للمزارعين وسكان القرى المجاورة الذين تضررت بيوتهم.
اضف تعليق