q

لا يزال منتجو النفط يحلمون بعودة الاسعار الى سابق عهدها، ولكن لا تستند هذه التوقعات أو (الأحلام)، الى حقائق مؤكدة، فالأمور التي تتعلق بالانتاج والتسويق واجراء عمليات البيع والشراء في الاسواق المحلية، لا تنبئ بشيء مشجع، بحسب ما تراه وتعلنه الوكالة الدولية للطاقة، فضلا عن توقعات الخبراء النفطيين الذين تأرجحت تصريحاتهم بين التفاؤل والتشاؤم حول عودة اسعار النفط كما كانت قبل عام 2014.

علما أن هناك بعض الخطوات لتحريك الاسعار ودفعها نحو سلّم الارتفاع، ولكن ليس هناك نتائج حاسمة في هذا المجال كما يؤكد خبراء مختصون، فقد قال سبنسر ديل كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بي.بي إنه لا يستطيع التنبؤ بما ستفعله أوبك والمنتجون الكبار الآخرون مضيفا أن التجميد المزمع جاء من دول من غير المرجح أن تزيد إنتاجها بأي حال. وتابع "من الواضح أن سوق النفط تتحرك كأي سوق أخرى. تتراجع الأسعار بشكل حاد..ونتيجة لذلك..ينمو الطلب بوتيرة سريعة. في العام الماضي..نما الطلب العالمي على النفط بمثلي متوسطه في عشر سنوات."

وقد أظهرت مؤشرات السوق الدامغة، انحسارا في الاسعار وتذبذبا فيها، لكنها نتيجة لتخمة العرض تميل الى الهبوط التدريجي كما اكدت ذلك وكالة الطاقة الدولية التي رأت بدورها انه من غير المرجح ان ترتفع اسعار النفط في الاسواق العالمية عن مستوياتها الحالية قبل العام 2017، مشيرة الى ان الانتعاش سيكون بطيئا في 2017 نظرا لوجود امدادات كبيرة للنفط في الاسواق. وذكرت الوكالة في تقريرها عن توقعاتها للسنوات الخمس المقبلة "علينا ان نقول ان اوضاع سوق النفط الحالية لا تشير الى ان الاسعار يمكن ان تنتعش بشكل كبير في المستقبل القريب، الا اذا حصل، بالطبع، تطور جيوسياسي كبير". واضافت "لن نشهد قبل 2017 انسجاما بين الامدادات والطلب على النفط

ويرى خبراء أن ما يحدث في اسواق النفط اليوم، وما تتعرض له قطاعات النفط من تراجع وعزوف عن الاستثمار، سوف يكون عاملا لصعود كبير في اسعار النفط بعد أن يتعرض المخزون النفطي الى نقص حاد كما يرى بعض الخبراء، في وقت ترى وكالة الطاقة الدولية ان الامدادات ستقل نظرا الى ان انخفاض الاستثمارات جراء انخفاض الاسعار سيؤدي الى انخفاض الانتاج. ومن المتوقع انخفاض الانفاق على التنقيب على النفط ومعدات النفط بنسبة 17% هذا العام بعد انخفاضه بنسبة 24% في 2015، وستكون هذه اول مرة منذ1986 تنخفض فيها الاستثمارات في قطاع الصناعات النفطية على مدى عامين متتاليين، بحسب الوكالة.

ولا يتوقف الامر عند هذا الحد، فقد اعلن خبراء خبرا سيئا، حينما اكد بعضهم الى احتمال هبوط النفط الى اقل من 20 دولارا للبرميل، كما نلاحظ في قول جيف كوري رئيس أبحاث السلع الأولية لدى بنك جولدمان ساكس لتلفزيون بلومبرج الذي قال إن هناك احتمالا لهبوط أسعار النفط دون 20 دولارا للبرميل إذا جرى تخطي الطاقة التخزينية. وقال كوري إن مستوى "العشرين دولارا يستند إلى ما نسميه التكلفة النقدية مما يعني أنه حالما تتخطى الطاقة التخزينية يتعين هبوط الأسعار دون التكلفة النقدية لأنه يكون عليك وقف الإنتاج بشكل شبه فوري. وأضاف "لن أتفاجأ (إذا) اتجهت هذه السوق إلى منطقة 11-19 (دولارا)

لاسيما أن وكالة الطاقة قد خفضت تقديراتها قليلا لنمو الطلب على النفط في 2016 والذي يبلغ حاليا 1.17 مليون برميل يوميا عقب وصوله لأعلى مستوياته في خمس سنوات عند 1.6 مليون في 2015. كما خفضت الوكالة توقعاتها للطلب على نفط أوبك في عام 2016 بواقع 100 ألف برميل يوميا إلى 31.7 مليون برميل يوميا. ويقل هذا المستوى كثيرا عن حجم إنتاج المنظمة في يناير كانون الثاني الذي بلغ 32.63 مليون برميل يوميا.

ارتفاع حاد في أسعار النفط مستقبلا

في هذا السياق حذرت الوكالة الدولية للطاقة المستهلكين من ألا يشعروا بالأمان بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط التي ستعاود الارتفاع بشكل حاد بحلول عام 2021. وقالت الوكالة، في أحدث تقاريرها، إنها تتوقع تعافي أسعار النفط في 2017. وأشارت إلى توقعات أخرى تفيد أن التعافي سوف يتبعه صعود حاد نتيجة لتناقص المعروض من النفط بسبب تراجع استثمارات المنتجين في هذا القطاع الذين يعانون من هبوط الأسعار في الوقت الحالي.

وبلغ سعر خام برنت أدنى مستوياته في 13 سنة عند 28.88 دولارا للبرميل في يناير/ كانون الثاني الماضي. وتعافى سعر الخام بعض الشيء، لكنه لا زال أقل بكثير جدا من مستويات يونيو/ حزيران 2014 عندما لامست الأسعار 115.00 دولارا للبرميل. وارتفعت أسعار برنت بواقع 4.9 في المئة يوم الاثنين لتصل إلى 34.62 دولارا للبرميل.

وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتيه بيرول إنه "من السهل على المستهلكين أن ينخدعوا في المخزون الكبير والأسعار المنخفضة حاليا، لكننا ينبغي أن نكتب على الحائط: التراجع التاريخي للاستثمارات الذي نراه الآن يثير الكثير من علامات التعجب حول المفاجآت التي قد نراها على صعيد الأمن النفطي وذلك في المستقبل غير البعيد". وتوقع خبراء استشاريون لدى الوكالة الدولية للطاقة أن يبلغ المعروض من النفط في الأسواق العالمية 4.1 مليون برميل في اليوم الواحد في الفترة الممتدة من 2015 و 2021، وهو ما يشير إلى تراجع مقارنة بالمعروض العالمي الذي ارتفع إلى 11 مليون برميل يوميا في الفترة من 2009 إلى 2015. وأشاروا أيضا إلى توقعات بتراجع في استثمارات وإنتاج النفط بواقع 17% في 2016 بعد انخفاضه بواقع 24% العام الماضي.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن "عام 2017 فقط هو الذي سيشهد في نهاية الأمر تساوي بين العرض والطلب في سوق النفط، لكن المخزونات الهائلة التي تتراكم في الوقت الراهن سوف تضعف وتيرة تعافي الأسعار في الأسواق عندما تبدأ السوق في استعادة التوازن، عندها تبدأ تلك المخزونات في التضاؤل". وأُغرقت الأسواق بالنفط منذ ازدهار إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. ويُرجح أن ذلك هو السبب الذي دفع دول أوبك، على رأسها السعودية، إلى الإبقاء على معدل إنتاج النفط الحفري عند مستوياته الحالية دون خفض، ما أدى إلى تراجع حاد في أسعار النفط ووضع المزيد ووضع ضغوطا على كاهل المنافس الأمريكي. وكان تباطؤ اقتصاد الصين من العوامل التي أحدثت آثارا سلبية انعكست على الطلب العالمي على النفط.

انتهاء تخمة المعروض النفطي قريبا

من جهته قال كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بي.بي النفطية البريطانية الكبرى إن من المنتظر أن يبدأ الطلب القوي في تقليص تخمة المعروض النفطي بنهاية العام رغم ضخ إمدادات إيرانية جديدة إلى السوق واستمرار الشكوك حول ما إذا كان منتجو النفط الرئيسيين سيخفضون الإنتاج أم لا. لكن تراكم المخزونات ربما يستمر عاما على الأقل حتى يختفي.

وهبطت أسعار النفط الشهر الماضي لأدنى مستوياتها منذ 2003 تحت ضغط فائض في الإمدادات بنحو مليون برميل يوميا. واستبعد وزير البترول السعودي علي النعيمي خفضا وشيكا للإنتاج من جانب منظمة أوبك رغم أنه قال يوم الثلاثاء إنه على ثقة من انضمام مزيد من الدول إلى اتفاق تجميد الإنتاج. وفي الوقت نفسه تسعى إيران عضو منظمة أوبك إلى زيادة إنتاجها بعد رفع العقوبات المفروضة عليها.

وقال سبنسر ديل كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بي.بي إنه لا يستطيع التنبؤ بما ستفعله أوبك والمنتجون الكبار الآخرون مضيفا أن التجميد المزمع جاء من دول من غير المرجح أن تزيد إنتاجها بأي حال. وتابع "من الواضح أن سوق النفط تتحرك كأي سوق أخرى. تتراجع الأسعار بشكل حاد..ونتيجة لذلك..ينمو الطلب بوتيرة سريعة. في العام الماضي..نما الطلب العالمي على النفط بمثلي متوسطه في عشر سنوات." وأضاف أن نمو الطلب سيستمر لكن ليس بقوة العام الماضي بينما ستتقلص الإمدادات الجديدة وبصفة خاصة من النفط الصخري في الولايات المتحدة بنحو نصف مليون برميل يوميا من ذورتها.

وقال ديل "حتى مع ضخ الإمدادات الإيرانية..أتوقع استقرارا إلى هبوط في الإمدادات العالمية هذا العام ولذا أعتقد أننا سنرى تأرجحا كبيرا في السوق. ستقترب السوق من التوازن بنهاية العام. "سيستمر تراكم كميات كبيرة من المخزونات" مضيفا أن الأمر سيستغرق عاما أو أكثر حتى تختفي. وتتوقع بي.بي على الأجل الطويل حتى 2035 زيادة الطلب على النفط مع زيادة عدد المركبات خارج الدول المتقدمة بثلاثة أمثاله. وخفضت بي.بي في وقت سابق تقديراتها لمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية بينما رفعت تقديراتها للطاقة النووية والوقود الحيوي. وبشكل عام تتوقع نمو الوقود غير الأحفوري بنحو 6.5 في المئة. وتتوقع بي.بي زيادة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري 20 في المئة بحلول عام 2035 بحسب رويترز.

انتعاش بطيء لاسعار النفط في 2017

من جهتها قالت وكالة الطاقة الدولية انه من غير المرجح ان ترتفع اسعار النفط في الاسواق العالمية عن مستوياتها الحالية قبل العام 2017، مشيرة الى ان الانتعاش سيكون بطيئا في 2017 نظرا لوجود امدادات كبيرة للنفط في الاسواق. وذكرت الوكالة في تقريرها عن توقعاتها للسنوات الخمس المقبلة "علينا ان نقول ان اوضاع سوق النفط الحالية لا تشير الى ان الاسعار يمكن ان تنتعش بشكل كبير في المستقبل القريب، الا اذا حصل، بالطبع، تطور جيوسياسي كبير". واضافت "لن نشهد قبل 2017 انسجاما بين الامدادات والطلب على النفط، الا ان تراكم المخزونات الهائلة سيعمل على ابطاء وتيرة انتعاش اسعار النفط، وبعد ذلك فان الاسواق التي ستكون قد توازنت ستبدأ تأخذ من هذه المخزونات".

وتابعت "بينما تبدأ الاسعار في الارتفاع التدريجي عندما تبدأ السوق باستعادة توازنها، فان توافر الامدادات التي يمكن الاخذ منها بسهولة وسرعة، سيحد من ارتفاع الاسعار". واقرت الوكالة بان توقع حركة سوق النفط "عملية معقدة جدا اليوم" وقالت ان الخبراء لا يزالون يعانون من تبعات الانخفاض الكبير في اسعار النفط من 100 دولار للبرميل في تموز/يوليو 2014 الى نحو 30 دولارا اليوم. وقبل عام توقع المحللون انتهاء تخمة امدادات النفط في اواخر 2015 الا ان توقعاتهم لم تصب.

وترى الوكالة ان الامدادات ستقل نظرا الى ان انخفاض الاستثمارات جراء انخفاض الاسعار سيؤدي الى انخفاض الانتاج. ومن المتوقع انخفاض الانفاق على التنقيب على النفط ومعدات النفط بنسبة 17% هذا العام بعد انخفاضه بنسبة 24% في 2015، وستكون هذه اول مرة منذ1986 تنخفض فيها الاستثمارات في قطاع الصناعات النفطية على مدى عامين متتاليين، بحسب الوكالة.

ولاحظت ان الطلب على النفط سيستمر في الازدياد ولكن بوتيرة اضعف وسط اضطرابات اسواق المال والمؤشرات الواضحة الى ان "كل الاقتصادات تقريبا يمكن ان تشهد انخفاضا في احتمالات نمو اجمالي ناتجها المحلي". وتوقعت الوكالة ان يبلغ معدل نمو الطلب العالمي السنوي خلال السنوات الخمس المقبلة 1,2 مليون برميل يوميا، بانخفاض عن الزيادة بمقدار 1,6 مليون برميل في 2015 عندما ازداد الطلب في البداية بسبب انخفاض اسعار النفط بحسب رويترز.

قد يهبط النفط دون 20 دولارا للبرميل

في السياق نفسه قال جيف كوري رئيس أبحاث السلع الأولية لدى بنك جولدمان ساكس لتلفزيون بلومبرج إن هناك احتمالا لهبوط أسعار النفط دون 20 دولارا للبرميل إذا جرى تخطي الطاقة التخزينية. وقال كوري إن مستوى "العشرين دولارا يستند إلى ما نسميه التكلفة النقدية مما يعني أنه حالما تتخطى الطاقة التخزينية يتعين هبوط الأسعار دون التكلفة النقدية لأنه يكون عليك وقف الإنتاج بشكل شبه فوري.

وأضاف "لن أتفاجأ (إذا) اتجهت هذه السوق إلى منطقة 11-19 (دولارا) لكننا نعرف أنه عندما دخلنا في منطقة 26-28 دولارا بدأنا نرى تحركا. بدأنا نرى تقلبات الأسعار تتحول للمرة الأولى إلى تقلبات تقوم على عوامل أساسية." وذكر كوري أن هبوط أسعار النفط يؤدي إلى انخفاض الحصيلة الضريبية محليا مما ينقل عبء تدني أسعار الخام من الشركات إلى المستوى السيادي.

وأضاف "السمة الأكثر وضوحا في هذه السوق فيما يتعلق بالدورات السابقة هي عدم وجود استجابة في الجانب المتعلق بالإمدادات أو حتى تخفيض الإنفاق في موازنات الدول في ظل هذا الهبوط في الأسعار لكن الآن بدأنا نرى تحركات أساسية" بحسب رويترز.

صعوبة تحسن اسعار النفط

وقد استبعدت الوكالة الدولية للطاقة مؤخرا تحسن اسعار النفط التي سجلت بعض التعافي بعد تدهورها الى ادنى مستوى منذ 12عاما واعتبرت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) مسؤولة عن وفرة العرض الحالية في السوق. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري "من الصعب تصور كيف يمكن لاسعار النفط ان ترتفع بصورة ملحوظة على المدى القصير في حين ان السوق متخمة بالنفط (...) على العكس، مخاطر تراجع الاسعار على المدى القصير باتت أكبر".

وانهارت اسعار الخام من اكثر من 100 دولار للبرميل في تموز/يوليو 2014 إلى اقل من 30 دولارا الشهر الماضي مع تباطؤ النمو في الصين وزيادة الانتاج في دول اوبك بهدف ازاحة منتجي النفط الاعلى كلفة من السوق. وفي حين تعتبر اسعار النفط المنخفضة جيدة للدول المستهلكة للنفط وللنشاط الاقتصادي العالمي، بدأ المستثمرون خلافا للعادة خلال الاشهر الماضية باعتبار سعر النفط مؤشرا للطلب الاقتصادي متسببا في تقلب الاسواق العالمية.

وبعد هبوطه الى اقل من 28 دولارا للبرميل الشهر الماضي عاد سعر النفط ليرتفع فوق 35 دولارا واستقر حاليا حول 33 دولارا. لكن الوكالة الدولية للطاقة تقول انه "قبل اعلان الانتصار على القوى التي تدفع اسعار النفط الى التراجع علينا ان نفهم العوامل الرئيسية التي تدعو الى التفاؤل". وبعد تفنيد العوامل التي تدفع الاسعار الى الارتفاع ومن بينها اولا توقع حصول اتفاق بين المنتجين الاعضاء وغير الاعضاء في اوبك على خفض الانتاج كتبت المنظمة ان "ان هناك احتمالا ضئيلا جدا بان يتم التنسيق لخفض الانتاج".

وقالت وكالة الطاقة ان هناك رؤية سائدة في السوق بأن بلدان اوبك ستبطىء الزيادة في انتاجها ما عدا ايران العائدة الى السوق بعد سنوات من العقوبات الدولية. ولكنها اشارت الى ان انتاج العراق بلغ مستوى قياسيا جديدا في كانون الثاني/يناير وان هناك مؤشرات على ان السعودية زادت صادراتها. وكتبت الوكالة ومقرها باريس والتي تقوم بدور استشاري للدول المستهلكة في شؤون الطاقة ان منظمة اوبك مسؤولة عن التخمة الحالية في سوق النفط بسبب امدادات السنة الماضية. وفي حين لم تتغير مستويات انتاج الدول غير الاعضاء في اوبك منذ سنة وبلغت 32,6 مليار برميل يوميا في كانون الثاني/يناير، كانت امدادات اوبك اعلى ب1,7 مليون برميل يوميا مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه قبل سنة.

وكتبت الوكالة "يعود الامر لمنظمة اوبك للتقرير بشأن خفض الانتاج او عدم خفضه سواء وحدها او بالتنسيق مع منتجين اخرين، ولكن الاحتمال ضئيل جدا بان يتم التنسيق لخفض الانتاج". واضافت انه "عند المستويات الحالية فان انتاج اوبك يعني ان مخزونات النفط ستزداد".

ومن الاسباب التي دفعت الى تحسن اسعار النفط خلال الفترة الماضية الاعتقاد بان اسعار النفط المنخفضة ستؤدي الى زيادة الطلب. ولكن وكالة الطاقة تمسكت برؤيتها بان "نمو الطلب العالمي على النفط سيتراجع بشكل كبير" في 2016 الى 1,2 مليار برميل يوميا مقارنة مع 1,6 مليار برميل يوميا في 2015 عندما سجل اعلى مستوى له خلال خمس سنوات. بذلك عدلت الوكالة توقعاتها بشأن الطلب العالمي على النفط في 2016 الى 95,6 مليار برميل يوميا بانخفاض 0,1 مليار برميل يوميا.

في السياق نفسه راجع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي توقعاته بشأن النمو العالمي هذه السنة الى 3,4 بالمئة بانخفاض بنسبة 0,2 بالمئة. وفي حين يشكل ذلك تحسنا مقارنة مع 3,1% في 2015، لاحظت الوكالة الدولية للطاقة ان هذه التوقعات تثير تحفظا لا سيما بسبب المخاطر على النمو في البرازيل وروسيا وبالطبع تباطؤ النمو في الصين. واضافت ان "الرياح الاقتصادية المعاكسة تشير الى ان اي تغيير سيتجه نزولا على الارجح".

وعبرت المنظمة كذلك عن شكوكها في ان تشكل قيمة الدولار الاميركي المتداول في سوق النفط عاملا مستداما لتحفيز الاستهلاك. وفي حين ان تراجع سعر الدولار في الاسابيع الاخيرة مع تراجع التوقعات بشأن زيادة اسعار الفائدة، جعل شراء النفط ارخص بعملات اخرى، لاحظت الوكالة ان المخاوف بشأن حالة الاقتصاد العالمي تعمل لصالح الدولار الاميركي.

وكتبت ان "من المتوقع ان يبقى الدولار قويا مستفيدا من وضعه كملاذ آمن في حين تسجل الاقتصاديات الاخرى اداء اسوأ نسبيا". ومن العوامل الاخرى التي تسهم في زيادة اسعار النفط خفض الانتاج في الدول غير الاعضاء في اوبك في وقت لاحق هذه السنة. ولاحظت الوكالة الدولية ان انخفاض الانتاج كان ابطأ مما توقعه السوق متوقعة انخفاضا من 0,6 مليار برميل يوميا في 2016. ولكنها قالت ان "المقاومة ستستمر لبعض الوقت". وقد ارتفعت اسعار نفط برنت في اسواق آسيا سنتين الى 32,90 دولارا للبرميل في حين ارتفع نفط وست تكساس انترميدييت 31 سنتا الى 30 دولارا بحسب فرانس برس.

قد لا يتفق المنتجون على تخفيض الانتاج

في سياق مقارب قالت وكالة الطاقة الدولية إن مخزونات النفط العالمية ستواصل النمو في معظم عام 2016 نظرا لأن انخفاض الإنتاج الأمريكي سيستغرق وقتا طويلا في حين من المستبعد أن تتوصل أوبك لاتفاق مع المنتجين المستقلين على خفض الإمدادات الآخذة في النمو. وذكرت الوكالة التي تنسق سياسات الطاقة للدول الصناعية أنها لا تعتقد أن أسعار النفط ستهبط إلى عشرة دولارات للبرميل وفقا لأكثر التوقعات تطرفا لكن من الصعب أيضا التنبؤ بكيفية ارتفاعها كثيرا عن مستوياتها الحالية.

وخفضت وكالة الطاقة تقديراتها قليلا لنمو الطلب على النفط في 2016 والذي يبلغ حاليا 1.17 مليون برميل يوميا عقب وصوله لأعلى مستوياته في خمس سنوات عند 1.6 مليون في 2015.

كما خفضت الوكالة توقعاتها للطلب على نفط أوبك في عام 2016 بواقع 100 ألف برميل يوميا إلى 31.7 مليون برميل يوميا. ويقل هذا المستوى كثيرا عن حجم إنتاج المنظمة في يناير كانون الثاني الذي بلغ 32.63 مليون برميل يوميا.

وقالت "التكهن المستمر بشأن التوصل لاتفاق بين أوبك وكبار المنتجين من خارجها على خفض الإنتاج يبدو مجرد تكهن. خفض إنتاج أوبك من عدمه أمر يخص المنظمة سواء قامت بذلك بمفردها أو بالتنسيق مع المنتجين الآخرين لكن احتمال اجراء تخفيضات منسقة في الانتاج ضعيف جدا." وانهارت أسعار النفط خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية إلى أقل من 30 دولارا للبرميل من 115 دولارا للبرميل مع توجه أوبك نحو زيادة إنتاجها لإخراج المنتجين مرتفعي التكلفة مثل شركات النفط الصخري الأمريكي من السوق.

وحفز تدني أسعار النفط الطلب العالمي لكن حجم هذا الطلب لم يكن كافيا لاستيعاب جميع كميات النفط المنتجة. ونتيجة لذلك كان يتم تحويل الفائض إلى المخزونات مما أدى إلى تراكم المخزون العالمي إلى مستوى قياسي يزيد عن الثلاثة مليارات برميل. وبدأ إنتاج النفط الصخري الأمريكي يتراجع بسبب تدني الأسعار وقالت أوبك إنها تتوقع استعادة السوق توازنها في وقت لاحق من هذا العام عندما يعادل حجم الطلب مستويات الإنتاج.

لكن وكالة الطاقة الدولية قالت إن الإنتاج قد يظل يتجاوز حجم الطلب هذا العام بالكامل وإنها تتوقع انخفاض الإنتاج من الدول غير الأعضاء في أوبك بواقع 0.6 في المئة فقط في 2016. وقالت الوكالة "الرقم قد يكون أعلى بالطبع وبيانات الكثير من شركات النفط العالمية الكبرى تقول ذلك لكن هناك شعورا دائما أن الانخفاض الكبير في إنتاج شركات النفط الصخري الأمريكي سيأخذ وقتا كثيرا جدا قبل أن يتحقق. ربما يتعين الصمود لبعض الوقت."

وأضافت الوكالة أنها تتوقع أن يظل الدولار قويا إذ يستفيد من وضعية الملاذ الآمن مما يعني المزيد من الضغوط النزولية على أسعار الخام. وقالت الوكالة إنه في ظل ضعف الطلب العالمي واحتمال زيادة إنتاج العراق وإيران والمملكة العربية السعودية وقلة فرص التوصل إلى اتفاق مع أوبك وصمود الإنتاج الأمريكي وارتفاع الدولار فإن تخمة المعروض من النفط في الأسواق العالمية مهيأة للتفاقم. وأضافت أنه حتى إذا بقي إنتاج أوبك دون تغير فإن المخزونات ستزيد بواقع مليوني برميل يوميا في الربع الأول قبل أن تسجل زيادة بواقع 1.5 مليون برميل يوميا في الربع الثاني.

وقالت الوكالة "بيانات العرض والطلب الخاصة بالنصف الثاني من العام ترجح زيادة الإنتاج هذه المرة بواقع 0.3 مليون برميل يوميا وإذا ما ثبت أن هذه الأرقام دقيقة في ظل وجود سوق متخمة بالنفط بالفعل من الصعب جدا معرفة مدى احتمال ارتفاع سعر النفط بشكل كبير في المدى القصير. وفي هذه الظروف تزيد المخاطر النزولية قصيرة المدى" بحسب رويترز.

الجزائر تسعى لاتفاق مع الدول المنتجة

من جهته قال وزير الطاقة الجزائري صالح خبري إن بلاده تجري مباحثات مع الدول المنتجة للنفط للتوصل إلى اتفاق يتيح "استقرار السوق البترولية ورفع أسعار النفط". وأعلن وزير الطاقة الجزائري صالح خبري أن بلاده تجري مباحثات مع الدول المنتجة للنفط، سواء كانت أعضاء في منظمة "أوبك" أم لا، سعيا للتوصل إلى اتفاق يتيح "استقرار السوق البترولية ورفع أسعار النفط".

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية قول الوزير إن هذه المباحثات تهدف إلى "التوصل إلى توافق بين البلدان المنتجة بغية التخفيض من إنتاجها". وتابع أن هناك "اتصالات جارية من أجل استقرار السوق التي تعرف فائضا في العرض مقابل انخفاض الطلب وغياب انتعاش اقتصادي"، مشيرا إلى أن هذه المباحثات "تهدف إلى تقريب وجهات نظر البلدان المعنية من أجل تخفيض إنتاجها لكنها لا تقتصر فقط على البلدان الأعضاء في منظمة أوبك وإنما تشمل كذلك أهم البلدان المنتجة للنفط غير الأعضاء في هذه المنظمة على غرار روسيا".

وأوضح الوزير الجزائري أن "هذه المساعي قد شرع فيها منذ تراجع الأسعار في 2014"، معتبرا أن "عدم اتخاذ منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قرارا بتخفيض الإنتاج في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 قد أدى إلى استمرار تراجع الأسعار". ولفت خبري إلى أن "منظمة أوبك تخسر حصصها في السوق، حيث انتقلت من 44 % في التسعينات إلى 31 %حاليا، مما يحتم انضمام بلدان كبرى منتجة إلى مسعى تخفيض الإنتاج".

وتابع أن "المباحثات تصطدم بمسألة مشاركة بلدان من خارج أوبك في مسعى تخفيض الإنتاج". وشدد خبري على أن "الجزائر لن تشارك في أي اجتماع (لأوبك) إذا لم يكن هناك اتفاق مسبق حول تخفيض الإنتاج لأنه لا جدوى من عقد اجتماع استثنائي مآله الفشل" بحسب فرانس برس.

اضف تعليق