q
تقرب أول محطة شمسية فضائية في العالم الآمال المعقودة على توليد كهرباء نظيفة لا محدودة خارج حدود الأرض، ثم إعادة إرسالها إلى الكوكب؛ ما يسهِم في تعزيز أمن الطاقة وتسريع الجهود المناخية، وتمثل المحطة، التي نجحت شركة بريطانية في بناء نموذجها الأولي...

تقرب أول محطة شمسية فضائية في العالم الآمال المعقودة على توليد كهرباء نظيفة لا محدودة خارج حدود الأرض، ثم إعادة إرسالها إلى الكوكب؛ ما يسهِم في تعزيز أمن الطاقة وتسريع الجهود المناخية، وتمثل المحطة، التي نجحت شركة بريطانية في بناء نموذجها الأولي، علامة فارقة في الجهود المتواصلة من أجل الاستفادة من السطوع الشمسي المتوافر طوال الوقت في الفضاء بدلًا من ساعات النهار فقط كما هو الحال على الكوكب، لكن تبقى هناك تحديات قد تعرقل إنشاء المحطات الشمسية الفضائية؛ من بينها وجوب استعمال ألواح شمسية خفيفة الوزن وعالية الكفاءة ومقاومة للإشعاع، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

نموذج أولي

كشفت شركة سبيس سولار (Space Solar) البريطانية النقاب عن نموذج أولي لما تقول إنه أول محطة شمسية فضائية في العالم، لتخطو بذلك خطوة تقربها من حُلم توليد الكهرباء النظيفة طوال الوقت في الفضاء وإرسالها إلى الأرض، وفق ما أورده الموقع الرسمي للشركة، وتخطط سبيس سولار لتزويد أكثر من مليون منزل بالكهرباء بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، عبر مرايا وألواح شمسية تمتد بطول 1 ميل وتدور على ارتفاع 22 ألف ميل فوق كوكب الأرض.

ويتطلب التصميم الفاعل لمحطة الطاقة الشمسية الفضائية ويُطلق عليه "سي إيه إس إس آي أو بي إي آي إيه" (CASSIOPeiA) الذي يستهدف التقاط أشعة الشمس بصفة دائمة، دوران النظام بأكمله ناحية الشمس، أيًا كان وضعها المكاني، مع الاستمرار في إرسال الكهرباء إلى جهاز استقبال ثابت موجود على الأرض، ولعل هذا ما جرى اختباره عمليًا للمرة الأولى في جامعة كوينز بلفاست، إحدى أعرق وأقدم الجامعات في المملكة المتحدة؛ إذ وُجه شعاع لاسلكي بنجاح في معمل لتشغيل الضوء.

وقال مؤسس سبيس سولار مارتن سولتو: "تلك هي أول محطة شمسية فضائية في العالم، وبمقدورك أن تحصل على الكهرباء بصفة مستمرة طوال الوقت"، في تصريحات حصرية إلى شبكة سكاي نيوز، وأضاف سولتو: "سيكون لذلك مردود إيجابي كبير على أنظمة الكهرباء لدينا في المستقبل".

كفاءة أعلى 13 مرة

تلتقط الألواح الشمسية الضوء في الفضاء بكفاءة تزيد 13 مرة على نظيرتها على كوكب الأرض؛ نظرًا إلى أن شدة الضوء تكون أعلى في الفضاء كما لا يوجد هناك سحب أو غيوم أو حتى ليل، وحتى لو أن هناك بعض الكهرباء المفقودة خلال الوقت الذي تُرسَل فيه إلى الأرض وتوصل فيه بالشبكة، تظل إنتاجيتها أعلى بكثير من تلك المولدة بالطاقة الشمسية البرية.

ويبقى إنتاج الكهرباء على مدار الساعة السمة الرئيسة التي تميز الطاقة الشمسية الفضائية عن نظيرتها البرية؛ ما يجعل الأولى عاملًا حاسمًا في تسريع جهود تحول الطاقة، وقال مؤسس سبيس سولار مارتن سولتو: " لا تتسم الطاقة الشمسية الفضائية بكونها تساعد على تعزيز كفاءة منظومة الكهرباء برمتها فحسب، بل إن تكلفة الكهرباء المولدة بتلك التقنية تعادل قرابة رُبع نظيرتها المولدة بالطاقة النووية"، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

خيال علمي

حتى وقت قريب كان التفكير في بناء محطة طاقة شمسية في الفضاء تزن ألفي طن، دربًا من الخيال العلمي، غير أن سولتو قال إن شركته تُجري مباحثات مع شركة سبيس إكس (SpaceX) الأميركية بشأن استعمال صاروخ ستارشيب (Starship) الذي يُعد الأقوى من نوعه في العالم.

وستكون هناك حاجة إلى 68 عملية إطلاق لحمل مجموعة من الأجزاء التي ستُجمَّع لاحقًا بوساطة روبوت في المحطة الشمسية الموجودة في المدار، ومن المتوقع أن يقلل الصاروخ –كذلك- تكلفة أخذ أي شيء إلى المدار إلى 1% مقارنة بما كان عليه الحال قبل 20 سنة، وفي هذا السياق قال مؤسس سبيس سولار مارتن سولتو: "إن أول محطة شمسية فضائية في العالم ستغير قواعد اللعبة تمامًا، وسنتمكن من فعل أشياء في الفضاء لم يكن متيسرًا فعلها حتى قبل عقد من الزمان".

تحديات قائمة

رغم آفاقها الواعدة؛ تبقى هناك تحديات قد تقف حجر عثرة أمام بناء المحطات الشمسية الفضائية، أبرزها طمأنة الجمهور بأن أشعة الميكروويف التي يجري من خلالها إرسال الكهرباء إلى الأرض غير ضارة، وفي معرض تعقيبه على تلك النقطة قال سولتو إن تصميم أول محطة شمسية فضائية في العالم أخذ في الحسبان معايير السلامة، مشيرًا إلى أن هوائيات الاستقبال تلك ستكون بعيدة جدًا عن أي منطقة مأهولة بالسكان؛ إذ من المرجّح أن تكون قبالة الشواطئ، كما يتعين أن تتسم الألواح الشمسية الفضائية بخفة الوزن ومقامة الإشعاع والكفاءة العالية؛ بما يخفض تكاليف إطلاقها إلى الفضاء الخارجي.

دور مهم

ترى خبيرة الطاقة المستقلة بجامعة بورتسموث جوفانا رادولوفيتش، أن الطاقة الشمسية الفضائية ستؤدي دورًا حاسمًا في سد احتياجات الكهرباء خلال المستقبل، غير أن هناك حاجة إلى تقديم مزيد من الأدلة لدعم الآراء التي تقول إن الطاقة الشمسية الفضائية مقترنة ببصمة كربونية منخفضة رغم إطلاق الصواريخ مرات عديدة، وأضافت رادولوفيتش: "الانبعاثات الكربونية تعادل تلك المنطلقة عن المصادر المتجددة، لكن لا يأخذ هذا في الحسبان آثار التلوث المحتملة في طبقات الجو العليا"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة، وتابعت: "في تقديري أنه إذا حصلنا على مزيد من الشفافية والوضوح بشأن هذا الأمر، ونجحنا في إثبات أن الطاقة الشمسية الفضائية أنظف من بعض البدائل الحالية، سيعزز ذلك بالتأكيد من شعبيتها".

اضف تعليق