لم يعد التعليم محصورا بتعلم مهارات البسيطة التي تعطى في الفصول الدراسية، فالمعرفة الواسعة والحصول على المزيد من المهارات ربما من أكثر الأوقات متاحة في الوقت الحاضر، البرامج التعليمية والتطويرية موجودة بكثرة على قنوات اليوتيوب، وبإمكان الطالب او الخريج في الوقت الحالي وفي المستقبل اكتساب الكثير من المهارات الأساسية...
وانا اتابع حفل التخرج المركزي للجامعات العراقية الذي نظمته العتبة العباسية المقدسة، بمشاركة نحو 5 آلاف طالب يمثلون 64 جامعة حكومية واهلية، تساءلت عن مصير هذه الاعداد، وهل يوجد سوق عمل يستوعب هذه الآلاف سنويا، وهل يمكن لهؤلاء الخريجون من مواكبة التطورات الحاصلة في السوق ومتطلباته؟
الإجابة على هذه التساؤلات صعبة للغاية، في ظل التطورات السريعة التي يشهدها سوق العمل العالمي والمحلي على وجه الخصوص، فلم يعد التحصيل الأكاديمي وحده قادر على رفد سوق العمل بقوة عاملة تتمكن من تلبية المتطلبات بل هنالك حزمة من المؤهلات يجب ان تتوفر فيهم من اجل الحصول على فرصة عمل.
قرابة الخمسة آلاف متخرج لو أجرينا اختبارات للمهارات الفردية التي يمتلكونها لوجدنا الكثير منهم غير مؤهل للعمل ولا يمتلك مهارة كافية لإنجاز وظيفته بصورة احترافية.
ما هو السبب وأين الخلل؟
ليس السبب بالخريج نفسه، بل هنالك جملة من الأسباب تجعل الطلبة المتخرجين، غير مؤهلين بشكل كامل للعمل، السبب الأول والاهم هو خلو المؤسسات التعليمية في البلاد من مختبرات ومنشآت تُنمي الجوانب العملية والمهارية لدى الطلبة، بينما تركز المواد الدراسية على الجوانب النظرية بعيدا عن التطبيقات العملية.
فالتركيز النظري يجعل الخريج لا يصمد امام أبسط الاختبارات التي عادة ما تجرى قبيل توقيع العمل والاتفاق على الشروط العامة، فالشهادة وحدها قد لا تكفي لاجتياز البوابة الأولى من بوابات الحصول على وظيفة في القطاع الخاص؛ ذلك ان القطاع الحكومي عادة لا يركز على المهارة وجعلها شرط أساسي من شروط التعيين.
والخريج يعول على القطاع العام الذي يستوعب الآلاف دون قيد او شرط، لذلك تبقى المؤسسات الحكومية في حالة من عدم التطور او انخفاض نسبة الابتكار والتفكير بالمستجدات وضرورة الاستفادة منها في القطاعات الخدمية والصحية والهندسية انسحابا على بقية القطاعات.
بينما الوضع اختلف تماما في الوقت الحالي، فقد أصبح من الضروري أن يمتلك الخريج مهارات متعددة تواكب التحولات الرقمية والتكنولوجية التي تؤثر على جميع المجالات.
بحيث أصبحت هذه المتطلبات الجديدة من أبرز الاحتياجات للإلمام بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهي ما يتحتم على الخريج التسلح بها الى جانب الجوانب الاكاديمية الأخرى، ذلك ان المستقبل يشير الى الاعتماد الكبير على التقنيات والأدوات الرقمية، مما يجعل التكيف مع هذه الأدوات مهارة أساسية يجب أن يكتسبها الطلاب أثناء دراستهم الجامعية.
فضلا عما تقدم يحتاج الطالب الجامعي في الحال الى ان يكون عنصرا مُبتكِرا لديه الكثير من مهارات التفكير النقدي الذي يسهم في توجيه الأفكار وجعلها أكثر نفعا في المجتمع، اذ لم تعد الحلول التقليدية كافية لمواكبة التحديات المعاصرة والمتغيرة والبحث عن حلول مبتكرة مبنية على الأدلة التي تجعل من الخريج ينجح في بيئة العمل الجديدة.
ولهذا يتطلب من المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية توفير البيئة المواكبة للتطور العالمي، والاستفادة القصوى من التسهيلات التي تقدمها شبكة الانترنت والذكاء الاصطناعي، وهذا يستدعي في الوقت نفسه من الخريج ان يكون قادرا على اكتساب مهارات جديدة.
لم يعد التعليم محصورا بتعلم مهارات البسيطة التي تعطى في الفصول الدراسية، فالمعرفة الواسعة والحصول على المزيد من المهارات ربما من أكثر الأوقات متاحة في الوقت الحاضر، البرامج التعليمية والتطويرية موجودة بكثرة على قنوات اليوتيوب، وبإمكان الطالب او الخريج في الوقت الحالي وفي المستقبل اكتساب الكثير من المهارات الأساسية التي يبحث عنها ارباب العمل.
اضف تعليق