q

يرى خبراء وعاملون في مجال الطاقة والاسواق النفطية، ان المنافسة التي احدثها النفط الصخري قد اسهمت بشكل مباشر في الارباك الحاصل في اسعار النفط، اضافة الى التوقعات المستقبلية التي قد تنتج واقعا جديدا على مستوى الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة الامريكية والتخمة الكبيرة في المعروض في حال تم اعتماد النفط الصخري الى جانب النفط التقليدي، على الرغم من ارتفاع تكاليف إنتاجه الحالية، وهو امر اكدت عليه المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية ماريا فان دير هوفن، بعد اشارتها الى ان التطورات في سوق الطاقة خلال ال12 الى 18 شهرا المقبلة ستكون مهمة لترقب التأثير على منتجي النفط الصخري، وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي امام مؤتمر الطاقة العربي في ابوظبي ان مستويات الغموض في سوق الطاقة قد ارتفعت ولا يمكن لاحد ان يتكهن "بما سيحصل في المستقبل"، واعتبر النعيمي ان "هناك الكثير من النفوط التي تعد كفاءتها الانتاجية منخفضة (كلفة انتاجها مرتفعا) غير النفط الصخري، كل هذه ستتأثر بقوة"، واضاف "الامر قد يتطلب سنة او سنتين او ثلاث، لا نعرف ماذا سيحصل في المستقبل، الاكيد ان المنتجين بكفاءة مرتفعة سيحكمون السوق في المستقبل"، في اشارة الى منتجي النفط والغاز بكلفة منخفضة في الشرق الاوسط.

ورجح استطلاع شهري أجرته رويترز أن تنتعش أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2015 إذ قد يسهم احتمال تباطؤ انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في ذلك الحين في تقليص تخمة الامدادات التي تفاقمت جراء قرار أوبك عدم خفض انتاج المنظمة، وقال كارستن فريتش من كوميرتس بنك "ستنخفض أسعار النفط ما يحد من اغراء الاستثمار في النفط الصخري وهو ضروري لاستمرار نمو انتاج النفط الصخري"، وتوقع الاستطلاع الذي شارك فيه 30 اقتصاديا ومحللا أن يكون متوسط سعر برنت في العام المقبل 74 دولارا للبرميل وان يرتفع إلى 80.30 دولارا في عام 2016، وتقل التوقعات للعام المقبل بواقع 8.50 دولار عن متوسط التوقعات في استطلاع سابق.

ومع هذه التوقعات المتضاربة، والتي دللت على ضبابية المشهد النفطي بصورة عامة، يبقى السؤال الاهم يدور حول مدى امكانية صمود اقتصاديات الدول الخليجية في تحمل هذه الاوضاع الاستثنائية التي حدت كثيرا من وارداتها النفطية التي تعتمد عليها بنسبة شبه كاملة؟

واشار العديد من الخبراء ان الايام القادمة (في حال استمر النفط بالنزول الى مستويات قياسية جديدة في الاسعار) ستشهد صعوبات اقتصادية جمة بالنسبة لمدى وفاء دول الخليج بالتزاماتها الاقتصادية ومستوى حجم الانفاق الخدمي والتشغيلي الكبير، خصوصا وان اعتماد اغلبها على صندوق النقد السيادي (الخزين الاستراتيجي من العملة الصعبة) لن يدوم الى وقت طويل، وبالتالي فان الجميع سيتضرر مع اصرار اوبك والخليج على عدم تخفيض الانتاج النفطي بالرغم من وجود تخمة كبيرة في الاسواق، فيما اشار اخرون الى ان عوامل سياسية تقف خلف لعبة الاسعار وانخفاضها المفاجئ، وان التاريخ يتحدث عن امور مشابهة قد تم فيها استخدام النفط كورقة ضغط سياسي من اجل تمرير بعض المصالح او تحقيق نجاحات سياسية للدول الكبرى.   

مصاعب تلوح في الأفق

في سياق متصل يبدو ان اياما صعبة تنتظر دول الخليج مع تراجع اسعار الخام وبعد ان فوتت هذه الدول فرصة ذهبية لتنويع اقتصاداتها بالاستفادة من العائدات النفطية الضخمة التي سجلتها خلال العقد الماضي، ويمكن ان تبدأ دول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، بالمعاناة جراء تراجع اسعار الخام التي خسرت نصف قيمتها منذ حزيران/يونيو وهي بحدود ستين دولارا للبرميل، ودول الخليج التي تضخ 17,5 مليون برميل يوميا يمكن ان تخسر نصف عائداتها النفطية مع الاسعار الحالية، اي حوالى 350 مليار دولار سنويا، وتشكل العائدات النفطية حوالى 90% من العائدات العامة بالنسبة لمعظم دول الخليج، ومع انخفاض الاسعار الى ما دون توقعات الموازنة، فان الحكومات ستواجه من دون شك عجزا العام المقبل.

وسيتبع انخفاض العائدات خفض في الانفاق، وربما ايضا فرض ضرائب للمرة الاولى في تاريخ هذه الدول، ما يزيد المخاوف من الاستياء الشعبي، ومن التباطؤ الاقتصادي في النهاية، كما ادى انخفاض اسعار النفط الى انهيار بورصات الخليج والى خسارتها مليارات الدولارات من القيمة السوقية للاسهم، الامر الذي يؤذي شركات مهمة من القطاع الخاص مثل المطور العقاري اعمار وشركة المقاولات العملاقة ارابتك، وكلاهما في دبي، وصلب المشكلة بحسب المحلل الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون، هو فشل دول الخليج في اقتناص فرصة ارتفاع عائدات الطاقة من اجل تنمية اقتصاداتها خارج اطار القطاع النفطي، وقال السعدون "لقد ضيعت دول الخليج فرصة مهمة للاصلاح وبناء اقتصاد متنوع بشكل حقيقي"، وذكر المحلل ان "الانفاق العام ارتفع الى مستويات قياسية، ولم يكن ذلك على مشاريع بنى تحتية حيوية بهدف تنويع الاقتصاد"، واضاف ان الانفاق "ذهب خصوصا الى الاجور والرواتب والدعم، وعلى هبات مقابل الولاء السياسي، خصوصا بعد الربيع العربي".

ويحذر الخبراء الاقتصاديون بانه وبالرغم من التحوطات المالية الضخمة التي جمعتها، فان انحفاض اسعار النفط لفترة طويلة سيؤثر بشكل كبير على دول الخليج، وقال صندوق النقد الدولي في ورقة نشرها مؤخرا تحت عنوان "لقد حان الوقت للتنويع"، ان "انماط النمو السائدة بالنسبة لمعظم الدول المصدرة للنفط تجعل هذه الدول عرضة للتأثر بمراحل مطولة من انخفاض الاسعار"، وحذرت وكالة التصنيف ستاندرد اند بورز من ان الانخفاض الطويل في اسعار النفط سيبطئ على الارجح اقتصادات دول الخليج وسيؤدي الى انخفاض الانفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة، وسيؤثر ايضا على القطاع الخاص، وخفضت الوكالة مستوى النظرة المستقبلة بالنسبة للسعودية وسلطنة عمان والبحرين، الا انها ابقت على نفس التصنيف الائتماني بسبب التحوطات المالية الضخمة. بحسب فرانس برس.

وقال صندوق النقد الدولي انه عدا سلطنة عمان والبحرين اللتين تعانيان اصلا من عجز، فان الدول الخليجية الاخرى لن تتأثر بشكل كبير على المدى القصير اذ يمكنها ان تلجأ الى تحوطاتها المالية البالغة حوالى 2500 مليار دولار، الا ان هذه التحوطات ستؤمن "غطاء مؤقتا فقط"، وقد بدأت بالفعل عمليات شد الاحزمة في بعض دول المنطقة، وشددت السعودية على انها ستستمر بالانفاق المرتفع عبر الاستفادة من التحوطات المالية، الا ان الكويت امرت باجراء اقتطاعات كبيرة في الانفاق وهي تفكر في رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء، وفي الامارات، اعلنت دبي عن خطط لرفع اسعار الكهرباء والمياه، ومن المتوقع ان تتخذ دول اخرى تدابير مشابهة، واعتبرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني ان دول الخليج ستبدأ على الارجح في اجراء اقتطاعات في الانفاق على "مشاريع استثمارية غير استراتيجية"، الا انها ستواجه في النهاية ضرورة اتخاذ قرارات صعبة.

وقالت الوكالة "ستجد الحكومات صعوبات ازاء تباطؤ او تراجع الانفاق العام بما في ذلك اصلاح نظام الدعم، اذ ان هذه الحكومات تواجه المطالب بالرفاه الاجتماعي"، وبحسب ارقام صندوق النقد الدولي، فان عائدات النفط ارتفعت من مئة مليار دولار في العام 2000 الى 729 مليار العام الماضي، الا ان الانفاق ارتفع من 150 مليار دولار الى 547 مليار، لكن ارتفاع الانفاق كان بشكل اساسي على رفع الرواتب والدعم وليس على الاستثمارات، وقال الخبير ام آر راغو رئيس الابحاث في مركز الكويت المالي ان "الانفاق الجاري تجاوز الانفاق الاستثماري باشواط"، وخفض هذا الانفاق الآن يبدو صعبا اذ ان ذلك يعني اتخاذ خطوات جريئة في مجالات الرواتب ودعم الاسعار، بحسب الخبراء، واعتمدت دول الخليج انظمة رفاه اجتماعي ترعى المواطنين من المهد الى اللحد مع دعم قوي على اسعار الخدمات والمحروقات وغياب تام لضريبة الدخل، وطالب البنك الدولي دول الخليج بان تبدأ فورا بخفض دعم اسعار الطاقة، وهو دعم يكلفها 160 مليار دولار سنويا، فيما اعتبر الخبير السعدون ان فرض ضرائب "بات محتما"، وستواجه هكذا قرارات امتعاضا شعبيا كبيرا، الا ان السعدون يرى بان عدم اتخاذ هذه القرارات سيؤدي في النهاية الى وجود حاجة لقرارات اكثر جذرية، ما قد يطلق بدوره احتجاجات شبيهة بتلك التي شهدتها دول في المنطقة، وقال السعدون "نعم، ان هذه التدابير حساسة سياسيا، الا ان البديل هو ربيع عربي في الخليج، الخيارات لم تعد سهلة ابدا".

تخفيض الميزانيات التشغيلية

الى ذلك قال وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله الصباح إن مجلس الوزراء سيبحث تخفيض الميزانيات التشغيلية لبعض الجهات بين 20 و 25 بالمئة في مواجهة هبوط أسعار النفط، وفي كلمة أمام مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي قال الوزير معلقا على الهبوط الحاد في أسعار النفط التي هوت نحو 40 بالمئة منذ يونيو حزيران "السكين تعدت العظم الآن وعلينا جميعا التعامل مع هذا الموضوع"، وسبق للشيخ محمد أن قال ان انخفاض أسعار النفط يدعو لاعادة النظر الموازنة العامة للبلاد وأن "السكين قاربت العظم"، ومع استمرار هبوط أسعار النفط تواجه الكويت عضو منظمة أوبك موقفا صعبا بسبب شروع الحكومة في عدد من المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى المليارات لتمويلها وهو ما قد يدفعها للإقتراض كسبيل وحيد لإكمال هذه المشروعات والحيلولة دون توقفها، وقال وزير المالية الكويتي أنس الصالح إن هبوط أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل يعني أن الكويت ستسجل عجزا في موازنة العام المقبل وأن الحكومة قد تلجأ للاقتراض من الاحتياطي العام أو السوق لتمويل مشروعات التنمية.

وقال الشيخ محمد إن النفط الذي هبطت أسعاره "هو المصدر الوحيد للحكومة، والوضع القادم مختلف"، ونفى أن يكون لدى الحكومة نية لفرض ضرائب على المواطنين مبينا أن الحكومة لم تكلف أي جهة بدراسة موضوع الضرائب "وحتى الآن لم نصل للتفكير في هذا الشأن" رغم أن الضرائب تشكل أحد الموارد الرئيسية لغالبية دول العالم، وكان رئيس لجنة الميزانيات بالبرلمان النائب عدنان عبد الصمد قال بعد اجتماع اللجنة مع مسؤولي وزارة المالية إنه تقرر تخفيض ميزانية 2015-2016 بمقدار 4.2 مليار دينار (14.4 مليار دولار) عن ميزانية 2014-2015 لتصل إلى 19 مليار دينار، لكن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أكد في البرلمان أن التخفيض الذي سيلحق بميزانية العام المقبل لن يمس رواتب المواطنين ولا المشروعات التنموية التي تضطلع الحكومة بتنفيذها، وقال إن التخفيض سيتم من خلال حصر موارد "الهدر" في الميزانية ومن أهمها بدلات السفر ومكافآت القياديين في الجهاز الحكومي ومصروفات التدريب، وأوضح أن وزارة المالية أصدرت توجيها لكل الجهات الحكومية بضرورة ضبط الإنفاق تنفيذا لسياسة عامة يتم تنفيذها حاليا في الدولة النفطية عضو منظمة أوبك في ظل الهبوط المستمر لأسعار النفط.

ومع استمرار هبوط أسعار النفط تواجه الكويت عضو منظمة أوبك موقفا صعبا بسبب شروع الحكومة في عدد من المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى المليارات لتمويلها وهو ما قد يدفعها للإقتراض كسبيل وحيد لإكمال هذه المشروعات والحيلولة دون توقفها، وقال وزير المالية الكويتي أنس الصالح إن هبوط أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل يعني أن الكويت ستسجل عجزا في موازنة العام المقبل وأن الحكومة قد تلجأ للاقتراض من الاحتياطي العام أو السوق لتمويل مشروعات التنمية، وأكد الصالح في تصريحات للصحفيين على هامش افتتاح ملتقى الكويت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أن الحكومة تمضي قدما في تنفيذ مشاريع التنمية التي تعول الدولة عليها كثيرا من أجل تحديث بنيتها التحتية وتقدم خدمات لائقة للمواطنين في هذا البلد الغني، وقال الصالح "من المؤكد أنه إذا كان (سعر برميل النفط) 60 دولارا فسنواجه عجزا في الميزانية"، لكنه أضاف "هذا لن نتركه ينعكس سلبا على قدرتنا في تنفيذ المشاريع، نفاضل وندرس حاليا بين آليات تمويل هذه المشاريع، إما الاقتراض من الاحتياطي العام أو الذهاب للسوق التجاري". بحسب رويترز.

وتمتلك الكويت صندوقا سياديا تديره الهيئة العامة للاستثمار ويتكون من احتياطي الأجيال القادمة والاحتياطي العام للدولة ولا تفصح الهيئة عادة عن حجم الأصول التي تستثمرها ولا عن كيفية تقييم استثماراته تفاديا لما تقول إنه "مساس بمصالح الدولة الاقتصادية"، لكن بيانات معهد صناديق الثروة السيادية تقدر قيمة ما تديره الهيئة من أصول بمبلغ 386 مليار دولار وهو ما يضعها في المرتبة السادسة عالميا وتملك حصصا في شركات كبرى مثل بي.بي وفودافون واتش.اس.بي.سي، وتقوم الهيئة باستثمار معظم أموال صندوق احتياطي الأجيال القادمة في الأسواق الخارجية، وكان رئيس لجنة الميزانيات بالبرلمان الكويتي عدنان عبد الصمد قال في بيان إنه في ضوء التقديرات التي قدمتها الحكومة فإن ميزانية البلاد ستسجل عجزا قدره 2.8 مليار دينار (9.6 مليار دولار) في السنة المالية المقبلة 2015-2016 وذلك قبل استقطاع احتياطي الأجيال القادمة، من ناحية أخرى قال رئيس اتحاد مصارف الكويت حمد المرزوق إن بنوك الكويت على استعداد تام لتمويل مشروعات التنمية التي تضطلع بها الدولة في وقت تواجه فيه الحكومة معضلة تمويل بسبب هبوط أسعار النفط، وقال المرزوق للصحفيين على هامش الملتقى "قطاع المصارف على استعداد كامل لتمويل خطط التنمية لما يتمتع به هذا القطاع من رأسمال قوي وسيولة عالية"، واضاف "نرى أنه لا بديل عن اللجوء للمصارف المحلية لتمويل خطة التنمية".

من جانب اخر اقترح مجلس الشورى في سلطنة عمان خفضا كبيرا للإنفاق وزيادة الضرائب بما في ذلك فرض رسوم على صادرات الغاز الطبيعي المسال للتغلب على الضرر الواقع على إيرادات الدولة جراء هبوط أسعار النفط، وتسجل موازنة عمان فائضا محدودا منذ بداية العام لكن هبوط سعر خام برنت إلى نحو 80 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة (من نحو 115 دولارا في يونيو حزيران) ينذر بتسجيل عجز في موازنة البلاد ما لم تتعافى أسعار النفط بقوة، وقالت وكالة الأنباء العمانية إنه على افتراض وصول متوسط سعر النفط إلى 80 دولارا للبرميل في العام المقبل مع عدم اتخاذ أي خطوات إضافية لتعزيز الإيرادات فستسجل الحكومة على الأرجح عجزا قدره 3.05 مليار ريـال (7.9 مليار دولار)، ومن ثم اقترح مجلس الشورى إجراء إصلاحات لزيادة إيرادات السلطنة من الضرائب غير النفطية ومن بينها توسيع القاعدة الضريبية ومراجعة المعدلات وإضافة مصادر ضريبية جديدة وتحسين كفاءة نظام التحصيل.

وقالت الوكالة إنه سيجري فرض ضريبة 12 بالمئة على إيرادات شركات الاتصالات وهو ما سيضيف إلى خزينة الدولة نحو 31 مليون ريـال من شركة الاتصالات العمانية عمانتل والأنشطة المحلية لشركة أريد القطرية، وأوصت اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس أيضا ضريبة تبلغ اثنين بالمئة على التحويلات التي يرسلها أكثر من مليون عامل أجنبي في السلطنة إلى بلادهم وهو ما سيوفر للدولة نحو 62 مليون ريـال، وأوصت برفع الضرائب المفروضة على استغلال المعادن إلى أعلى نسبة مئوية ينص عليها قانون التعدين العماني وهي عشرة بالمئة من إيرادات البيع، وفي الوقت نفسه اقترحت اللجنة فرض "ضريبة عادلة" على صادرات الغاز الطبيعي المسال لجمع 196 مليون ريـال إضافية، وتوقع مجلس الشورى أن توفر الإجراءات الضريبية الجديدة 302 مليون ريـال مما يزيد إيرادات الدولة المقدرة في عام 2015 إلى 12.24 مليار ريـال، واقترح المجلس خفض الإنفاق بنسبة خمسة بالمئة على إنتاج النفط والغاز والدفاع والأمن ومشروعات التنمية وهو ما سيقلل النفقات العامة للدولة في 2015 بواقع 280 مليون ريـال إلى 14.72 مليار ريـال، ومن المتوقع أن يعلن وزير الشؤون المالية العماني درويش البلوشي عن خطة موازنة 2015 في نهاية الشهر أو في أوائل يناير كانون الثاني، وتقل احتياطات عمان من النفط والغاز عن جيرانها من دول الخليج الغنية وتزيد تكاليف الإنتاج في السلطنة وهو ما يجعلها شديدة التأثر بهبوط أسعار النفط، وتتخذ بعض الحكومات الأخرى خطوات محدودة إذ قالت الكويت إنها ستخفض بعض الدعم على الطاقة بينما قررت أبوظبي رفع أسعار الكهرباء والمياه.

أوهام النمو الاقتصادي

فيما توقعت قطر أن ينمو اقتصادها 7.7 في المئة العام القادم وهو ما يشير إلى أن أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي في العالم يتوقع ألا تتأثر اوضاعه المالية العامة جراء هبوط أسعار النفط، وتقل التوقعات التي أصدرتها وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية بشكل طفيف عن تقديرات سابقة للنمو في 2015 أصدرتها الوزارة في يونيو حزيران وبلغت 7.8 بالمئة، ومنذ يونيو حزيران تراجع خام القياس العالمي مزيج برنت من حوالي 115 دولارا للبرميل ليقترب من 60 دولارا وهو ما يشكل ضغطا على المالية العامة لمصدري الطاقة حول العالم، وفي منطقة الخليج من المتوقع أن تكون البحرين وسلطنة عمان الأشد تضررا، لكن على ما يبدو لن تتأثر قطر تقريبا جراء هبوط أسعار النفط، فرغم أنها منتج كبير للنفط إلا أن أسعار صادراتها من الغاز الطبيعي لا ترتبط بالنفط ارتباطا وثيقا، وحتى عند مستويات الأسعار الحالية للنفط فإن محللين لا يتوقعون ان تسجل ميزانية قطر عجزا في العام القادم بفضل احتياطياتها المالية الضخمة. بحسب رويترز.

وستكون وتيرة النمو عند 7.7 في المئة في 2015 هي الأسرع منذ 2011 وأسرع أيضا من نمو متوقع قدره 6.3 في المئة لهذا العام، ولم تذكر الوزارة توقعات لمتوسط سعر للنفط، وقالت الوزارة في تقريرها "سيحافظ النمو المرتفع في الأنشطة غير الكربونية على قيادته للزخم الاقتصادي العام مدفوعا بالإنفاق الاستثماري والسياسة المالية التوسعية والنمو السكاني"، وتابعت "انخفاض أسعار النفط قد يمثل عامل الخطر الخارجي الأساسي إذا استمر لفترة طويلة أو ازدادت حدته إلا أن قدر المرونة الكبيرة المتوفرة للدولة من شأنها على الأرجح أن تحمي الاقتصاد بصورة عامة من أثر هذا العامل"، وأضافت "من المتوقع أن تستمر الموازنة العامة بتحقيق فائض خلال السنوات المشمولة بالتقييم 2014-2016 لكنه من المنتظر أن ينخفض هذا الفائض مع تسارع تنفيذ برنامج الاستثمار العام وتراجع الإيرادات الهيدروكربونية والدخل الاستثماري المحول من شركة قطر للبترول".

وقالت الوزارة إن من المتوقع أن يبلغ الفائض المالي 8.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2015 بدلا من 5.5 في المئة في توقعات سابقة في يونيو حزيران، ورفعت توقعاتها للفائض هذا العام إلى 12.9 في المئة من 9.3 في المئة، وتتمثل المخاطر المحلية التي تتهدد الاقتصاد في حجم مشروعات البنية التحتية المزمعة قبل استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 ومدى تعقيدها، ورفعت الوزارة توقعاتها لمعدل التضخم للعام المقبل إلى 3.5 بالمئة من 3.4 بالمئة، وأضافت الوزارة "ان زيادة الإنفاق بدرجة كبيرة في فترة قصيرة من الزمن قد يغذي الضغوط التضخمية المحلية ويرفع تكاليف المشاريع".

اضف تعليق