إن لتقديم الحب للأبناء الكثير من الآثار الإيجابية سيما على الصحة النفسية، فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة مليئة بالحب والاهتمام يكونون أقل عرضة للقلق والاكتئاب والإحباط، حيث يكتسبون مهارات التعامل مع المشاعر بطريقة صحية، ولأجل ذلك يجب أن يقدم الحب للأبناء بسخاء...

هناك من يعتقد أن الطفل أول ما يحتاجه هو الطبقة الأولى من هرم ماسلو للحاجات والتي تمثل قاعدة الهرم، وتتمثل هذه الطبقة بالحاجات الأساسية الفسيولوجية بالأكل والشرب والملبس وغيرها، لكن هذا الاعتقاد ليس دقيقاً بالمرة؛ فالطفل يحتاج إلى حاجات أخرى ضرورية بنسب متفاوتة، ومن بين هذه الحاجات حاجته إلى الحب والاهتمام ليشعر بقيمته. فما هي مردودات إشعار الطفل بالحب؟ وما هي الأساليب التي يجب أن يتبعها الوالدان من أجل إظهار الحب لأبنائهم؟

تمثل الطفولة أكثر الفترات حساسية في حياة الفرد، حيث يتم خلالها تطوير الفهم العاطفي والاجتماعي للطفل؛ لذلك فإن المشاعر الإيجابية والرعاية التي يحصل عليها الطفل من الأهل ومن المحيطين به تعتبر أموراً مهمة جداً في تقوية ثقة الطفل بنفسه، وتحفيز مهاراته العقلية والاجتماعية.

إشعار الطفل بالحب هو أسلوب تربوي يعتمد على تعزيز العلاقة بين الأهل وأطفالهم من خلال التواصل العاطفي الإيجابي والتفهم لاحتياجاتهم العاطفية، وهذا النهج لا يعني غياب الحدود أو التسيب، بل يعتمد على وضع قواعد واضحة بطريقة هادئة ومحترمة تعزز من نمو الطفل النفسي والاجتماعي عبر إضفاء طابع الحب والاهتمام من الوالدين لأبنائهم بدلاً من ممارسة الرقابة المشددة عليهم.

يركز هذا الأسلوب في التربية على التعرف على مشاعر الطفل وفهمها، بالإضافة إلى مساعدته في التعبير عنها بطرق صحيحة، بدلاً من استخدام العقوبات، ويعتمد الآباء على تقنيات مثل الاستماع الجيد، والتوجيه الإيجابي، والمناقشة المفيدة لتعديل سلوك الطفل وزيادة وعيه الذاتي، وكل هذه السلوكيات هي صور للحب الذي يسديه الآباء لأبنائهم.

ومن الأهمية بمكان أن يعرف الوالدان والمربون أن التربية بالحب لا تقتصر على الحضن والكلمة الطيبة والتعبير عن الحب بشكل لفظي، بل تشمل منظومة كاملة من القيم والممارسات التي تعكس حب الأهل لأبنائهم بشكل عملي ومنهجي، وتمنح الطفل الأمان الداخلي والثقة بالنفس.

كيف يظهر الوالدان الحب لأبنائهم؟

يمكن للأبوين أن يعبروا عن الحب لأبنائهم عبر عدة سلوكيات، من أهمها الاهتمام بمشاعرهم ومشاكلهم، إذ إن الأطفال يحتاجون إلى شخص يستمع إليهم ويفهمهم، وهذا يعزز ثقتهم في والديهم ويدفعهم لأن يكونوا أكثر انفتاحاً في التعبير عن مشاعرهم لهم والابتعاد عن كبت مشاعرهم؛ لأن كبت المشاعر يقلل من مستويات الصحة النفسية للإنسان بصورة عامة، والبوح يعيد حالة التوازن عبر التنفيس العاطفي.

ومن صور تقديم الحب للأبناء هو قضاء وقت معهم، إذ إن الطفل حين يشعر أنك تمنحه جزءاً من وقتك حتى في حالات الانشغال، والمبادرة إلى سؤاله عن يومه وعما مارسه خلال يومه سواء في المدرسة أو في أي مكان كان فيه، فإن ذلك يجعل الطفل يشعر بالارتياح النفسي الذي يربطه بوالديه ربطاً روحياً وليس وراثياً فقط.

ومن السلوكيات الدالة على الحب من الآباء لأبنائهم هو تدريب الأبناء على استخدام الوسائل الحديثة مثل أجهزة الكمبيوتر وغيرها التي أصبحت حاجات ضرورية في الحياة البشرية؛ فبدلاً من ترك الأبناء يلعبون ويمرحون ويقتلون وقتهم بطريقة غير منتجة، يأتي تعليم الأبناء بعض المهارات التي تعدهم لمواجهة تحديات الحياة وصعوباتها.

وفي الختام نقول: إن لتقديم الحب للأبناء الكثير من الآثار الإيجابية سيما على الصحة النفسية، فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة مليئة بالحب والاهتمام يكونون أقل عرضة للقلق والاكتئاب والإحباط، حيث يكتسبون مهارات التعامل مع المشاعر بطريقة صحية، ولأجل ذلك يجب أن يقدم الحب للأبناء بسخاء.

اضف تعليق