تشجع التربية اللطيفة الآباء على تربية أبنائهم دون خجل أو لوم أو عقاب. هذا الأسلوب التربوي القائم على الأدلة، يتمحور حول التعاون بين الوالدين والأبناء. وتشمل مبادئه وأساليبه الرئيسية التعاطف والاحترام والتفهم ووضع الحدود. في التربية اللطيفة، يكون الآباء رحيمين ويساعدون أطفالهم على خوض غمار الحياة...
التربية اللطيفة أسلوب تربية سلمي وهادئ قائم على الأدلة، يركز على بناء علاقة تعاونية بين الوالدين والطفل. يمارس الآباء التعاطف والاحترام والتفاهم ووضع حدود سليمة مع أطفالهم. ومن خلال الاتساق والتعاطف، يعمل الآباء على تشجيع أطفالهم على إدراك ذاتهم والتعبير عن أنفسهم بطرق اجتماعية مناسبة.
ما هي التربية اللطيفة؟
تشجع التربية اللطيفة الآباء على تربية أبنائهم دون خجل أو لوم أو عقاب. هذا الأسلوب التربوي القائم على الأدلة، والذي أسسته سارة أوكويل سميث، يتمحور حول التعاون بين الوالدين والأبناء. وتشمل مبادئه وأساليبه الرئيسية التعاطف والاحترام والتفهم ووضع الحدود. في التربية اللطيفة، يكون الآباء رحيمين ويساعدون أطفالهم على خوض غمار الحياة.
تتضمن عناصر التربية اللطيفة أربعة عناصر:
تعاطف
التعاطف أساسي لنمو الأطفال، إذ يدعم استقلاليتهم ونموهم العاطفي والمعرفي والجسدي. 2 يُقدم الآباء اللطفاء قدوة حسنة من خلال تجسيدهم للتعاطف في تعاملاتهم اليومية. يتعلم الأطفال التعاطف من خلال مراقبة سلوك والديهم وتقليده تجاههم وتجاه الآخرين. إضافةً إلى ذلك، فإن اللطف المستمر يبني ثقة الطفل بنفسه، لأنه يحترم مشاعره وتجاربه ويؤكدها.
فهم
عندما تُحافظ التربية اللطيفة على الانفتاح والتفهم، فإنها تُتيح للأطفال مساحةً لإدراك سلوكياتهم وفهمها. على سبيل المثال، إذا رمى الطفل الأشياء عند انزعاجه، يُهيئ الوالدان له مكانًا آمنًا لاستكشاف هذه الأفعال. يُظهر الوالدان المتفهمان إدراكهما لعملية تعلم طفلهما وحدوده العمرية.
حدود صحية
تُشدد التربية اللطيفة على أهمية وضع حدود سليمة، لأنها تُنمّي توقعات لدى الأطفال. فوضع الحدود يُنشئ معايير تُعزز الاتساق. على سبيل المثال، إذا كانت القاعدة التي وضعها أحد الوالدين هي "منع رمي الأشياء على الآخرين"، فإن كلا الوالدين والأبناء يتفقون على التوقعات والعواقب.
احترام
الاحترام ضروري لأي علاقة بين الوالدين والطفل، ويساهم في بناء علاقة آمنة بينهما. تُركز التربية اللطيفة على احترام مشاعر الطفل لتعليمه التعاطف والمعاملة بالمثل. ولأن الأطفال يتعلمون من محيطهم، فإن غرس السلوكيات المحترمة، كالتحدث بلطف وأدب، يُرسّخ لدى الطفل مفهوم أن الاحترام أولوية. ومع نضج الأطفال، يصبحون قادرين على بناء علاقات قائمة على الاحترام مع الآخرين.
التربية اللطيفة مقابل أساليب التربية الأخرى
هناك أساليب تربوية متعددة، لكن الخبراء حددوا أربعة أساليب رئيسية: التسلط، والاستبداد، والتساهل، واللامبالاة. تختلف هذه الأساليب في إلحاحها وتجاوبها، وقد تشعبت أساليب كل منها لتشكل فلسفات تربوية إضافية. تشبه التربية اللطيفة إلى حد كبير الأسلوب التسلطي مع اختلافات طفيفة.
تتضمن الاختلافات بين التربية اللطيفة وأساليب التربية الأخرى ما يلي:
السلطوية: يضع الآباء السلطويون قواعد وتوقعات واضحة، ويطبقون الانضباط عند الضرورة، ويحافظون على استجابتهم السريعة لاحتياجات أطفالهم ومشاعرهم. وبينما تُركز التربية اللطيفة على التعاطف والتفهم، فإنها لا تشجع على العقاب أو التأديب.
الاستبدادي: يتميز هذا الأسلوب التربوي بالصرامة والتركيز على الطاعة دون أي نقاش. أما الآباء اللطفاء فهم عكس الآباء الاستبداديين تمامًا، إذ يشجعون استقلالية الطفل واستقلاليته وقدرته على التعبير عن نفسه.
متساهلون: الآباء المتساهلون متساهلون جدًا في وضع القواعد والحدود، وغالبًا ما يسمحون للطفل بفعل ما يشاء. الآباء اللطفاء يشجعون أطفالهم على استكشاف شخصيتهم وتطويرها، لكنهم يُعطون الأولوية للسلامة بوضع حدود وتوقعات واضحة.
غير مهتمين: على عكس الآباء اللطفاء، لا يرغب الآباء المهملون أو غير المنخرطين في أي علاقة مع أطفالهم. قد يتجاهل هؤلاء الآباء أطفالهم حتى من خلال عدم تلبية احتياجاتهم العاطفية، أو الانخراط في الدراسة، أو تعليمهم مهارات حياتية أساسية.
فوائد التربية اللطيفة
التربية اللطيفة تُتيح للأطفال فرصةً لرؤية كيف تؤثر سلوكياتهم على الآخرين، وكيف يتفاعلون، وكيف يُمكنهم التفاعل. هذا النهج يُفيد الآباء والأبناء، إذ يُعزز العمل والنمو معًا. مع نمو الأطفال، يتعلمون التفكير في كيفية تأثير سلوكياتهم على الآخرين، وما هي النتائج المُحتملة للمواقف.
تشمل الفوائد المحتملة للتربية اللطيفة ما يلي:
انخفاض القلق في مرحلة الطفولة
يمكن أن تقلل التربية اللطيفة من احتمالية تعرض الطفل للقلق الطفولي والقلق الاجتماعي. 4 إن الآباء الذين يوفرون بيئة منزلية داعمة ومشجعة يسمحون لأطفالهم بمعرفة ما يمكن توقعه من تربيتهم لهم.
تحسين العلاقة بين الوالدين والطفل
يبني الآباء اللطفاء علاقة قوية مع أطفالهم، ويكونون متفهمين لما يحدث لهم. إن بناء هذه العلاقة الإيجابية يُساعد الأطفال على بناء علاقات صحية مع الآخرين. كما أن معرفة طبيعة العلاقة الصحية تُرشدهم إلى متى يجب عليهم التخلي عن علاقة سلبية.
انخفاض الغضب في مرحلة الطفولة
التربية اللطيفة تُهيئ بيئة عائلية خالية من اللوم والعقاب. غالبًا ما يُخفي الغضب مشاعر أكثر حساسية، كالخجل والخوف وانخفاض قيمة الذات. يُكرّم أسلوب التربية اللطيف هذه المشاعر، مما يُساعد في الحد من مشاكل الغضب لدى الأطفال. على سبيل المثال، إذا غضب طفل، يُحاول الوالدان فهم سبب هذا الغضب ودعمه.
المهارات الاجتماعية الإيجابية
تعلم التعاطف واحترام الآخرين ورسم الحدود والتفهم من الوالدين أمرٌ أساسي. يستطيع الأطفال الصغار تطوير هذه المهارات وتعلم كيفية التفاعل مع الآخرين عند دعمهم. يساعد أسلوب التربية اللطيف الأطفال على تعلم المشاركة وضبط أنفسهم في المواقف الاجتماعية الصعبة.
يمكن استخدامها كأداة تحفيزية
يمكن للوالدين استخدام أساليب التربية اللطيفة لتحفيز أطفالهم على التعامل مع المواقف بطريقة مختلفة. إذا كان الطفل يعاني من مشكلة غضب، يُركز الوالد اللطيف على فهم سبب معاناته. يتيح له ذلك تعليمه كيفية التعامل مع المشاعر السلبية بإيجابية.
زيادة المفردات العاطفية
يُعدّ وعي الوالدين أمرًا أساسيًا للنمو الإيجابي، إذ يُوسّع الأطفال مفرداتهم العاطفية. يتعلم الأطفال المشاعر الأساسية، كالسعادة والحزن والغضب، في سن مبكرة. تُتيح التربية اللطيفة مساحةً لاستكشاف المشاعر الأخرى وكيفية تفاعلها. ومع اختبار الأطفال لمشاعر جديدة، سيعرفون بالفعل كيفية التعامل معها.
سلبيات محتملة للتربية اللطيفة
كما هو الحال مع أي أسلوب تربوي، قد تكون هناك عيوب محتملة لأسلوب التربية اللطيف. ينبغي على الوالدين مراعاة الصبر والمثابرة والوقت اللازم لممارسة هذا النهج قبل اعتماده. كما ينبغي عليهم تحديد العوامل المُقيِّدة، مثل انفصال الوالدين والتحديات الأسرية الأخرى.
من بين العيوب المحتملة للتربية اللطيفة ما يلي:
قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً: تتطلب التربية اللطيفة من الوالدين أن يكونوا فاعلين وحاضرين لدعم أطفالهم. قد تقع على عاتق الوالدين مسؤوليات تُقلل من الوقت المتاح لهم للتركيز على التربية باستمرار.
قد يكون وضع الحدود أمرًا صعبًا: قد يجد بعض الآباء صعوبة في وضع الحدود مع أطفالهم وغيرهم. يتطلب وضع القواعد والعواقب ممارسة وتقييمًا مستمرًا.
قد يكون كسر الأنماط التربوية أمرًا صعبًا: يكتسب العديد من الآباء أساليب التربية من تربيتهم، وقد يكون كسر هذه الأنماط أمرًا صعبًا. يجب على الآباء تقييم تجارب طفولتهم ومعالجتها قبل أن يصبحوا آباءً حنونين وفعالين.
قد يبدو هذا الأسلوب غير منظم: فالتعاون مع الأطفال قد يُغيّر ديناميكية الأسرة، إذ يصبح الأطفال والآباء شركاء. قد يفترض البعض أن العلاقة المتبادلة بين الوالدين والأبناء قد تجعلهم يبدون كـ"أصدقاء" أكثر منهم آباء.
يحتاج الآباء إلى الصبر لإنجاح الأمر: يتطلب أسلوب التربية اللطيف من الآباء التحلي بالصبر. قد يكون التحلي بالصبر صعبًا مع الأطفال، وقد يُسهم في الإحباط ونقص الحافز لديهم.
هل التربية اللطيفة فعالة؟
تشير الأبحاث حول التربية اللطيفة إلى أن هذه الفلسفة يمكن أن تعزز النمو الإيجابي للطفل بفعالية. وقد وجدت إحدى الدراسات أن أطفال الآباء اللطيفين يتمتعون بصحة نفسية أفضل ومشاكل سلوكية أقل مقارنةً بأطفال الآباء المتسلطين أو المتساهلين. 5 وتشير أبحاث أخرى إلى أن التربية اللطيفة ترتبط بتحسن النمو الاجتماعي والعاطفي للطفل. 6
مع أن فهم الفوائد المحتملة يتطلب إجراء المزيد من البحوث، إلا أن النتائج الحالية تشير إلى أن التربية اللطيفة تُجدي نفعًا إلى حد ما. فمن خلال إعطاء الأولوية للتعاطف والاحترام والتواصل الإيجابي، قد تُساعد التربية اللطيفة الأطفال على تطوير مهارات حياتية هادفة وبناء علاقات قوية ومُحبة مع والديهم.
تربية الأبناء بلطف.. 9 نصائح للنجاح
عند اتباع أساليب التربية اللطيفة، يُعدّ الثبات والصبر أمرًا بالغ الأهمية. ينبغي على الوالدين التركيز على الهدوء عند حدوث الإحباط. قد تُصبح السلامة أمرًا بالغ الأهمية في بعض الحالات، لذا يجب أن تكون سلامة الطفل أو سلامة الآخرين على رأس الأولويات. كما ينبغي على العائلات مراعاة تأثير ثقافتهم وظروفهم اليومية على ممارساتهم التربوية اللطيفة.
فيما يلي تسع نصائح لممارسة التربية اللطيفة:
1. حافظ على هدوئك
الحفاظ على الهدوء، خاصةً في أوقات التوتر الشديد، ضروريٌّ عند تربية الأطفال بلطف. فبهدوئه، يستطيع الوالدان التفكير في كيفية التصرف المناسب والالتزام بدور مقدم الرعاية الداعم. كما يُنصتان بانتباه ويفهمان سلوكيات أطفالهما بشكل أفضل.
2. كن متسقًا
في التربية اللطيفة، يُساعد الاتساق في إظهار الاحترام والتفهم والتعاطف على جعل عملية التعاون أكثر سهولة. بعد وضع الحدود، يجب على الوالدين التأكد من التزام جميع أفراد الأسرة بها وإقرارهم بها. يُعدّ ذلك أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أساليب التربية اللطيفة. كما يتضمن الاتساق تأكيد الشريكين على توافقهما بشأن التوقعات والحدود.
3. التخطيط للمواقف السلبية
الاستعداد للمواقف السلبية المحتملة يُساعدك على تجنب المشاكل المتوقعة وغير المتوقعة. يمكن للوالدين الحفاظ على هدوئهم عند وقوع أحداث مُرهقة إذا حددوا مسبقًا حلولًا مُمكنة.
4. حدد التوقعات مع الآخرين
إن الشفافية مع العائلة والأصدقاء والآخرين تساعد على ممارسة أسلوب تربية لطيف بثقة.
5. ابق إيجابيًا
إن الحفاظ على الإيجابية يُساعدك على الحفاظ على حماسك عند ممارسة أساليب التربية اللطيفة. كما يُتيح لك التفكير في جوانب التحسين. تُقدم الإيجابية الأبوية نموذجًا صحيًا للأطفال ليتبعوه، فيتعلمون أن بإمكانهم المحاولة مرة أخرى إذا لم تسر الأمور كما هو متوقع.
6. العمل معًا
في أي أسلوب تربوي، يُنشئ العمل الجماعي شعورًا بالدعم في المنزل. تُشدد التربية اللطيفة على أهمية الحفاظ على وحدة الأسرة، لذا فإن خلق بيئة عمل جماعية يُجسّد هذا في ممارساتنا اليومية. يُمكن للآباء والأبناء معًا تبادل الأفكار لإيجاد حلول مُمكنة للمشكلات.
7. كن قدوة إيجابية في اللطف
إن تقديم القدوة الحسنة جانبٌ مهمٌ من التربية اللطيفة. فالآباء الذين يُظهرون التعاطف والرحمة يُعلّمون أطفالهم كيفية التعامل مع علاقاتهم. ابدأ بالتحلّي بالصبر والتفهم والدعم لطفلك. فمن المرجح أن يتبنّى طفلك هذه السلوكيات إذا مارستها أنت بنفسك.
8. تشجيع أي سلوكيات إيجابية
ركّز على ما يُجيده طفلك بدلًا من الإشارة دائمًا إلى أخطائه أو عيوبه. مثال على التربية اللطيفة، إذا شارك طفلك لعبةً مع صديق أو ساعد أخاه في مهمة، فامدحه على لطفه وكرمه. هذا التعزيز الإيجابي يُساعد طفلك على الشعور بالرضا عن نفسه وعن أفعاله.
9. علّق على أفعالهم، وليس على طفلك
عالج السلوك أو الفعل غير الصحي بدلًا من انتقاد طفلك كشخص. على سبيل المثال، تجنب قول: "أنت كسول جدًا" عندما لا يرغب طفلك بتنظيف غرفته. ركز على تقديم اقتراحات صحية مثل: "لنعمل معًا لتنظيف غرفتك". التحدث بهذه الطريقة يُظهر لطفلك أن أفعاله لا تُعرّفه. كما أنه يُشعره بأن صوته مسموع ويشجعه على العمل معك لإيجاد حل.
هل التربية اللطيفة مناسبة لعائلتي؟
قد لا تناسب التربية اللطيفة الجميع، ولكن يمكن للوالدين دمج أساليبها في أسلوبهم. قد يكون استكشاف خيارات التربية أمرًا مرهقًا، لكن القيام بذلك سيساعدك على تحديد ما يناسبك وما لا يناسبك.
يمكن أن يكون العلاج مفيدًا في تحديد أسلوب تربية جيد يتوافق مع قيمك ومعتقداتك. يجد العديد من الآباء خيارات العلاج عبر الإنترنت خيارًا جيدًا إذا كانت جداول أعمالهم مزدحمة. قد يشعر الآباء بالقلق حيال أساليب التربية التي يتبعونها، لذا فإن العثور على المعالج المناسب لمساعدتهم في التغلب على تحدياتهم قد يكون خطوة إيجابية.
الأفكار النهائية
يتطلب تطوير أساليب تربية مناسبة لعائلتكم الفريدة وقتًا. مع أن التربية اللطيفة طريقة سلمية وإيجابية لتربية الأطفال، إلا أنه ينبغي على العائلات إيجاد أساليب مناسبة لاحتياجاتهم الشخصية.
اضف تعليق