واهِمٌ جداً جداً من يظنُّ انّ سياسات نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية ستتغيّر اذا مات طاغية وخلِفه آخر، والتجربة اكير برهان.

فعلى مدى اكثر من قرنين من الزمن، اي منذ ان تأسّست دولته الاولى التي قامت على الثّنائي (الدّم والهدم) ولحدِّ الان، لم يتوقّف لا نهر الدّم ولا مِعول الهدم، فقد اعتمد هذا النظام أدوات جاهليّة مثل الغارات المسلّحة التي افتتح بها حملاتِه التوسّعيّة التي مكّنته من بسطِ نفوذه على مناطق الجزيرة العربية الواحدة تلو الاخرى، فلم تتوقف هذه الغارات الى يومنا هذا كان آخرها الغارة المسلحة على دولة البحرين عندما دفع الطّاغية المقبور بقوات ما يسمى بدرع الجزيرة الى داخل البحرين لتبطش باهلها الطيبين المسالمين بذريعة حماية الأمن القومي، مروراً بغاراته المسلحة على العراق والأردن والكويت واليمن وغيرها من دول المنطقة، والتي كان أسوأها الغارة على مدينة كربلاء المقدسة عام ١٨٠٢.

هذا النظام، اذن، لم ولن يتغيّر وقد أشار طاغيتهم الجديد الى هذه الحقيقة عندما قال في خطاب العرش بانه سوف لن يحيدَ قيدَ انملةٍ عن سياسات اسلافه.

املي هو ان لا يسوء دوره اكثر مما هو عليه الان، اما ان انتظر لنشهد تغييراً إيجابياً في سياساته الجاهلية فذلك ليس في وارد العقل والمنطق ابداً.

نعم سيتغيّر نظام القبيلة لواحد او اكثر من الأسباب التالية؛

اولاً؛ اذ هبّ شعب الجزيرة العربية هبّة رجلٍ واحد لقلب نظام الحكم القبلي من اجل التأسيس لنظام سياسي مدني وعصري يحترم حقوق الانسان ويتبنى مبدأ تداول السلطة سلمياً.

نظامٌ يعتمد الحياة الدستورية ويحترم القانون الذي يخضع له الجميع بلا تمييز ومن اي نوع كان.

ان ذلك بحاجةٍ الى ان يضع الطائفيون مصالحهم الضيقة جانباً، ويفكّروا بالصالح العام، فتنفتح كل شرائح المجتمع على بعض من اجل بلورة مشروع التغيير الوطني والعصري بعيداً عن كل انواع التعصب والتزمّت وسياسة الغاء الاخر.

ثانياً؛ اذا نَضَبَ البترول وجفّت آخر قطرة في آبارهِ، فعندها سيخضع نظام القبيلة للتغيير مرغماً، فلق نجح، للاسف، نجاحاً باهراً، والشهادة لله، في توظيف البترودولار توظيفاً رائعاً في نشر عقيدته الوهابية الفاسدة وفي شراء الذّمم والأقلام وتسخير التكنلوجيا في صناعة اعلام تضليلي قلّ نظيره للتأثير في السّياسات، بل وفي رسم السّياسات، فاذا نضب البترول وجفّت الآبار فسيرضخ للتغيير رغماً عنه.

ثالثاً؛ اذا قرّرت الولايات المتحدة الأميركية الاستغناء عن خدماته في المنطقة والعالم، فعندها لا تنفعهُ لا اموال البترودولار ولا اي شيء اخر.

وسيتحقّق ذلك بأحد الطرق التالية؛

الف؛ اذا استغنت الولايات المتحدة عن بتروله، وهذا ما بدأت تؤشر اليه التطورات الاقتصاديّة العالميّة الاخيرة.

باء؛ اذا نجحت الادارة في تذليل العقبات التي لاتزال تحول دون عودة العلاقات الحسنة مع الجمهورية الاسلامية في ايران، اذ كلّما تقدّمت واشنطن خطوة باتجاه طهران كلما ابتعدت خطوتين عن الرياض.

وهذا ما بدأت تؤشر اليه كذلك تسارع المحادثات بين الدولتين، الامر الذي يمكن ان نلمسهُ من خلال ردود الفعل الغاضبة التي يبديها نظام القبيلة بعد كل جولة محادثات ناجحة بين واشنطن وطهران.

جيم؛ اذا نجح ضحايا نظام القبيلة حول العالم، بمن فيهم من هم في الولايات المتحدة الأميركية من أسر ضحايا الارهاب، في الضغط على واشنطن للتخلي عنه، الامر الذي يحتاج الى خطّة ديبلوماسيّة تتسلّح بقوة القضاء لينجح.

دال؛ او ان نشهدَ معجزةٍ فينزو على السلطة جيلٌ جديدٌ من الاسرة الحاكمة، شابٌّ ومثقّف ومتعلّم، يقطع حبل السرّة الذي لازال عالقاً بين الاسرة الحاكمة والحزب الوهابي منذ الاعلان عن المولود الحرام الذي نتج عن زواجهما المشبوه وغير الشرعي ولحد الان.

اذا وصل الى السلطة هذا النوع من الجيل ونجح في ازاحة كل الحرس القديم من كلا الطرفين، الاسرة والحزب، عندها يمكن ان نشهد انطلاقة عملية التغيير المرجوة، وكما قلت فهذا لا يمكن تصوّره على الأقل بالمستوى المنظور الا اذا ترقّبنا معجزة!.

لقد جرى الحديث كثيراً عن مشاريع التغيير بعد كل عملية انتقال للسلطة، من دون ان نلمس شيئاً حقيقياً وواقعياً، فاذا كان من يخلف المقبور شاباً لم يستطع ان يحقق ايّ تغيير، فما بالك لو كان الخَلفُ عجوزاً مصاباً بمرض الزهايمر قيل انه لا يتذكّر اسمه، فضلا عن انه لا يُحسِن قول جملة مفيدة ولا يفهم من الحضارة والمدنية شيئاً كما هو حال الخلف الجديد؟!.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق