الإسلام رسالة متكاملة للإنسانية جمعاء، فهي رسالة عالمية، وتتميز بالخلود، فسطورها مرسلة إلى أخر يوم من الحياة، أرٌيد لها أن تقود الإنسانية، لتحقيق الغرض من وجودهم، في هذا العالم المؤقت، وهي رسالة متسلحة بالعلم والمعرفة، بعيد عن الجهل أو الدعوة للجاهلية، وكل الصور المشوهة للإسلام الان، من وهابية العصر ودواعشها، أنما هي وليدة انقلاب السقيفة، ولا ربط لها بالمدرسة المحمدية، فالرسول الخاتم (ص)، كان يريد للرسالة أن تصل إلى يد أمينة، فهو مدينة العلم وتلميذه بابها، كما صرح في الحديث الشريف، فكان علي ابن أبي طالب بوابة العلم، لمن أراد العلم الحقيقي.

الأمام علي (ع)، هو العلامة المميزة للإسلام، عندما ننظر إلى علي كإنسان، ندرك جيدا أن مدرس الرسول الأعظم (ص)، مدرسة عظيمة، كان مخطط لها أن تقود العالم نحو شكل أخر، بحيث تصبح الحياة جنة أرضية، لكن عدم الوفاء ببيعة الغدير، أخر الوعد الإلهي مئات السنين، وجعل الإنسانية تتيه في صحراء كبيرة.

علي تلميذ الرسول الخاتم، له بصمة في كل مكان من الحياة، فهو معلم الأجيال في كل جوانب الحياة، وهنا نتكلم عن السياسة عند الأمام علي.

السياسة عند الامام علي أداة للتغلب على سلبيات الماضي والحاضر، من اجل التوصل إلى أوضاع حياتية أفضل، فيكون المستقبل أفضل، لأوسع فئة من المجتمع، وليس لفئة خاصة.

فالسياسة كان يجب بواسطتها، أن يتم حل مشاكل البلد، لكن تحولت إلى أداة للفوضى والفعل العكسي، فالمشاكل بمفهوم ساسة اليوم، يجب أن تزداد وتتوسع، بل أن بعض الساسة وعن قصد، يقوم بإيجاد مشاكل وأزمات، فقط لأغراض التفرد وإقصاء الآخرين والمزايدة، كي يفوز بالسلطة، هنا نستدل أن الساسة العراقيون، منحرفون عن طريقة الأمام علي، وان سلوكهم السياسي دليل الخطيئة، التي تحيط برقابهم، حاضرنا مظلم، ومستقبلنا مخيف، بفعل سياسة النخبة الحاكمة.

عند الامام علي (عليه السلام)، السياسة عبارة عن وسيلة للمحافظة على ايجابيات الماضي والحاضر، أمام أي عاصفة تغيير أو تقلبات مفاجئة، التي قد تنذر بكارثة للمجتمع.

لكن الغريب أن يسلك ساستنا اتجاه معاكس، فكانت همتهم متوجه، لمحاربة كل ايجابيات الماضي والحاضر، عبر سلوك سياسي يهدف لتثبيت حكمهم، وتجهيل المجتمع، مع اثارة الأزمات، وتعظيم عوامل الاغتراب عن ارث الأمة، فهذه العوامل هي ما تثبت حكم الطغاة، هم أدركوا جيدا هذا الأمر، وساروا عليه، طيلة 13 سنة، الان الأمية متفشية، وعوامل الجهل يتم تغذيتها، والأزمات يتم طبخها في قصور الخضراء، وأمام العولمة فتحت الأبواب، كي تقلع ما بقي من الجذور، هكذا منهج ساستنا، فانظر للبون الشاسع، ما بين سياسة الأمام علي وسياسة حاضرنا.

فالسياسة ليست فن التغيير فقط، بل هي أيضا فن الثبات، وهذا ما يجهله الساسة الحاليون، وسلوكهم فضح اتجاههم المخالف للمنطق.

كان الأمام علي مهتماً بفكرة مهمة ونبيلة، ألا وهي صنع الإنسان المسلم، المتكامل الواعي القوي والسعيد، وصنع المجتمع الواعي والمتكامل والسعيد، فكان هذا هدف سياسة الأمام علي.

أما ساستنا فكل همهم هو السيطرة على الحكم، واقتسام الغنيمة مع الأخوة الأعداء، والغنيمة هنا مؤسسات الدولة، والعمل لخدمة جماعاتهم من دون المجتمع، لم يكن في مفكرتهم صنع الإنسان الكامل، ولا المجتمع الواعي، لأنه يناقض طريقتهم، فالإنسان الواعي هو ما يخيفهم، فهم يريدون أتباعا، والواعي لن يتبع الفاشلين والفاسدين، والمجتمع المتكامل سيكون حجر عثرة، أمام تطلعاتهم بالخلود على كرسي الحكم، أما سعادة المجتمع فهي خط احمر، يجب منع تحققه، فانظر إلى مدى انحرافهم، عن طريقة الأمام علي في السياسة.

أخيرا، السياسة ليست مجرد ردود أفعال، ولا مجرد حسابات الأرباح والخسائر المتحصل من الحكم، له ولبطانته، لأنها تمثل سياسة الطيش والغريزة، وتحمل روح التاجر وليس روح المصلح.

لكن كانت دوما السياسة العراقية في 13 سنة الأخيرة، مجرد ردود أفعال، واغلبها سياسة متشنجة، وطائشة لأبعد الحدود، ويغلب عليها طابع الإرباح والخسائر، ولن ننسى المزاد، الذي فتح في أحد فنادق الأردن لبيع الوزارات، فالمنصب غنيمة تتصارع عليها الأحزاب، والقادة مجرد تجار يبحثون عن مقدار الأرباح، التي سيجنونها من أي خطوة سياسية، لا توجد خطوات لإيجاد سعادة الإنسان العراقي، بل جل خطواتهم مسبوقة بأمل الربح وتحصين المنصب، انهم ساسة بعيدون جدا عن مدرسة الأمام علي، وقريبون جدا من معاوية.

هنا اتضحت الفوارق بين سياسة الأمام علي، وسياسة بعض الكتل السياسية العراقية، ومدى ابتعادها عن الامام علي، فهل يدرك المواطن العراقي من يساند، وعن من يدافع، وعن من يعتصم، وعن من يجاهد بالكلمة.

في الختام نقول: سلاما على من سعى لان يكون سياسيا بمنهج علي ابن أبي طالب.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق