q

ماذا نعني بالوعي السياسي؟ وما الاشتراطات الواجبة لنصف شخصا ما بأنه يتمتع بهذا الوعي؟، وهل هو يتحدد بمعرفتنا بتحليل الواقع السياسي محليا وعربيا واقليميا؟، أم انه الفهم العام للمناخ السياسي وما يحركه من تجاذبات ومخطّطات داخل البلد أو حتى خارجه، نظرا للترابط العالمي للأحداث التي تتفاعل دوما فيما بينها، لتترك آثارا تمتد من المحلية الى ما حولها من دول قريبة أو بعيدة.

يمكننا ان نقول ان الوعي السياسي يتشكل عبر التفكير السليم بالواقع السياسي.. ويترابط مع الحراك الشعبي ليتمثل في الانتخاب والترشح للانتخابات، والقيام بالمظاهرات، وتحديد المطالب التي لا بد ان تكون بعيدة عن "الوعي الخاطىء" لتحقق فاعليتها الراسخة في احداث التغيير الامثل، لصالح المجتمعات التي لا بد ان تكون متمتعة بوعيها الذاتي، كي تسهم فعليا في المشتركات الايجابية لصالح الوطن ومستقبله.

واختلفت الآراء التحليلية لتفصيل مفهوم هذا الوعي الذي يؤكد "هيغل" على ان الرب هو من يكمن وراء الوعي المتنامي لدى المجموع العام، فيما يشير "ماركس" الى ان المحرك الأساسي للعقل هو الاقتصاد السياسي الذي هو الاساس في إحداث الثورات والانتفاضات المجتمعية بسبب سوء ادارة المال العام او الادارة.

وان اردنا ان نحلل واقعنا السياسي المحلي، بعد سنوات من التغيير السياسي الذي عاشه العراق، فأننا سنكتشف جانبا من منظومة "الوعي الخاطىء" الذي تسبب في إحداث شرخ كبير في العلاقة ما بين الاثنين "السياسي والمجتمع" و"المواطن والوعي السياسي" مما أنتج نوعا من التخلخل المنظور والمستتر، على مستويات عدة أثّرت بشكل سلبي تماما على مستوى الاتجاهات المتعددة في مفاصل المجتمع.

وحددت هذه العلاقة وما نشأ عنها اختلالا في منظومة القيم والاتجاهات السياسية، وبما أوجد نوعا من الانفصال بين مستويات الوعي الصحيح والخاطىء، فتلاشت مفاهيم متعددة كان بإمكانها ان تعيد التوازن لشرائح مجتمعية فاعلة وصالحة لإحداث التغيير الحقيقي، من دون فقدان عنصر الثقة الذي يحقق مستويات النجاح الأكيد.

إن كانت فكرة إحداث التغيير لا بد ان تستند على الرؤية الشاملة للأحداث والاحساس بالمسؤولية والادراك الواعي لضرورة العمل المبني على الأسس الصحيحة وهذا يقوم على أساس التخلص من "الوعي الخاطىء"، لأن تداخل مستويات الوعي ستجعل بعض من هذه المحددات تتعرض للتلاشي بما يجعل الحلقة ناقصة، فتسقط في عدم الوصول الى مستويات الوعي السليم المطلوب، وهنا نعود الى نقطة البداية من جديد، وتضيع معها فرصا عديدة كان لها ان تفعل فعلها الايجابي للتغيير الحقيقي.

* كاتبة وإعلامية وناشطة مدنية

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق