ينسب إلى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والأشهر ونستون تشرشل قوله؛ (الحقيقة في زمن الحرب ثمينة لذا يجب حمايتها بجيش من الاكاذيب) والكلام هنا قد يكون بشكل ضمني وليس بالنص، لكن المعطى واضح، فهذه العبارة لها ما يبررها في زمن الحرب، سواء في ميدانها العسكري أو عمقها السياسي ويفعلها تشرشل وغيره على حد سواء...

ينسب إلى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والأشهر ونستون تشرشل قوله؛ (الحقيقة في زمن الحرب ثمينة لذا يجب حمايتها بجيش من الاكاذيب) والكلام هنا قد يكون بشكل ضمني وليس بالنص، لكن المعطى واضح، فهذه العبارة لها ما يبررها في زمن الحرب، سواء في ميدانها العسكري أو عمقها السياسي ويفعلها تشرشل وغيره على حد سواء.

من الأمور التي تلفت الانتباه لدينا، ان بعض الناس يرون ان أي شكل من اشكال التنافس هو بمثابة حرب، وان الانتصار فيها يصبح هدفا تهون دونه الاموال مثلما تسفح على ارضها الاكاذيب ايضا! ولعلنا شهدنا وما زلنا نشهد حملات التسقيط التي تكتسح ساحتنا الاعلامية قبيل أي انتخابات، وعادة ما تكون هذه (المعارك الانتخابية) بواسطة اذرع من المتبرعين أو المستعدين لتقديم (عطاءاتهم) لمن يرغب بذلك، وبما ان منافذ الوصول إلى الناس صارت كثيرة، وابرزها (الفيسبوك) والـ(واتساب) و(اليوتيوب) وغيرها من وسائل الاعلام السريعة والمؤثرة، فإن هذه الوسائل تزدحم قبيل كل انتخابات بما يجعل المتلقي حائرا ومصدوما، خصوصا اذا كان من اصحاب النيات السليمة وغير محصن ثقافيا.

اتذكر مرة اختلف شخص اعرفه مع صديق له، وصار بينهما جفاء أو زعل، فجاء احد اصدقائه وراح ينتقد الشخص الآخر(الخصم) امامه، ويصفه بعبارات قاسية، بقصد مجاملة صديقه هذا، فما كان منه الا أن احتج وغضب على صديقه وقال له؛ إنك تشوه سمعة الرجل وتلفق الأكاذيب لتسيء اليه، اندهش هذا وكان يتصور أن صديقه سيفرح من كلامه الموجه ضد خصمه، لكن الصديق قال له؛ انا اختلف معه وهو الآن خصمي، لكني لا أنزل إلى مستوى تشويه سمعته بهذه الطريقة، لأن هذا يفقدني شرف الخصومة.

لا أدري هل كان هذا الصديق المجامل بطريقته السيئة وغير الاخلاقية تلك، يفهم عبارة (شرف الخصومة) أو لا ؟، لكني شخصيا، وكنت حينها في مطلع شبابي، احترمت كثيرا هذا الانسان، وكانت تلك الواقعة درسا أخلاقيا كبيرا بالنسبة لي.

اليوم، ونحن على ابواب الانتخابات النيابية، صرت كلما افتح (الفيسبوك) اجد اخبارا وتصريحات واقوالا غريبة عجيبة، منسوبة لهذا المسؤول أو لتلك الشخصية تثير استفزاز القارئ، بل بعضها يوتر أعصابه، واغلبها غير صحيح أو مبالغ فيها، وانا هنا لا أريد القول إننا في واقع سياسي تتوزعه ملائكة، ولا اريد أن أدافع عن أحد ولا عن جهة معينة ولا اتبنى افكار أي حزب أو جماعة. 

انا هنا اريد ان اشير إلى هذه الظاهرة السيئة التي تغزو (الفيسبوك) وغيره وتزيد المشهد المشوش تشويشا.

نعم، مطلوب منا دائما فضح الفاسدين والتنبيه إلى خطورة تسلمهم اية مسؤولية، ونحث المواطنين على عدم دعمهم، لكن أن تنشر أخبارا كاذبة أو مبالغ فيها تستهدف شخصية ما أو جهة سياسية أو اعلامية أو ثقافية أو غيرها لكي يصب ذلك في مصلحة الجهة المنافسة لها، فهذا امر غير مقبول، بل إنه يضر بالصالح العام، كونه يعمي الأعين عن معرفة الحقيقة ويسبب خلطا للأوراق، وهذا ما تريده بعض الجهات، وتحديدا التي تعرف انها غير مقبولة جماهيرا وتلجأ إلى هذه الاساليب الرخيصة.

اضف تعليق