حينما كان المستشفى يستقبل ضحايا العمليات الارهابية، والتي تجاوزت 400 جريح دفعة واحدة في حادث واحد، بالإضافة إلى رفد المعركة بالأطباء والممرضين والمعدات والأدوية والمستشفيات الميدانية في صلاح الدين والموصل والأنبار، وهكذا حينما تفانى عاملوه اطباءَ وممرضين وإداريين في جائحة كورونا، وغيرها من المواقف التي لا نستطيع أن نصورها إلاّ حين الاختبار. ..
نقل عن رسول الله محمد (ص) أنه قال: "لَأن يمتلئَ جوفُ أحدِكُم قيحًا خيرٌ لَهُ من أن يمتلئَ شعرًا"، وقيل المعنى ما هُجي به الرسول الكريم، أو أن للحديث تكملة (هُجيت به) وفي الحالين منع عن هجاء الرسول ولو كان بشطر بيت فذلك كفر، ومن فهمه ظاهرا من الشعراء امتنع من الشعر، وعندما فهم حقيقة التفسير أو التكملة عاد إلى الشعر.
هكذا هي الحقائق عندما تكون مقطوعة أو تعتمد على مصادر غير صحيحة أو تبني على ظل الصورة دون مشاهدتها، وهذه الحال صارت شائعة في ظل الحصول على الشهرة على حساب المحتوى والنتائج والتأثيرات السلبية، لدرجة أن بعض نواب البرلمان ومن يملكون صفحات ممولة ويبحثون عن الشهرة بأيّ ثمن وإن كان على حساب القيم والاخلاق والحقائق، فينقلون من صفحات التواصل الاجتماعي ما يختلف تماماً عن الحقيقة ومن الكتب المزورة والفيديوات المفبركة، فما بالك في شعب يعتقد بأن هؤلاء مصداق وأن قلوبًا تتلظى حرقة على شعبها! سيما وأنهم يجيدون صناعة المحتوى ويظهرون بصورة المتباكي على حال الشعب؟!
ما أريد التعرض له وأعرضه بصورته الحقيقة، هي تلك الهجمات الألكترونية التي تتعرض لها مدينة الطب ومستشفى بغداد التعليمي تحديداً، وأكيد لا أبرّئ النوايا التي تجافي الحقيقة، وباستعراض بسيط فهذا المستشفى هو الأم لمستشفيات مدينة الطب بمختلف خدماتها الكبيرة حسب تخصصاتها، إلاّ أن مستشفى بغداد يتحمل العبء الأكبر بعياداته الاستشارية وفروعه وأقسامه التخصصية الدقيقة.
افتتح المستشفى في العام 1970 بسعة 600 سرير والآن يستقبل أكثر من 1200 سريرًا، وما لذلك من ضغط على البنى التحتية والخدمات والعاملين، وسنوياً يُجري اكثر من 24 ألف عملية جراحية معظمها فوق الكبرى وأخرى نادرة، ويُنجز أكثر من 5 ملايين فحص مختبري، وهكذا أرقام كبيرة في مختلف المجالات، ومن المؤكد ذلك بجهود جبارة وعمل دؤوب، لا يمكن اختزاله بفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 30 ثانية، من شخص مجهول دخل وخرج لمجرد قيامه بالتصوير!! لتبنى على ذلك مواقف تنكر مواقف وطنية كبيرة وفريدة من نوعها، وإن تحدثنا عن ما بعد العام 2003م فحسب، حينما كان المستشفى يستقبل ضحايا العمليات الارهابية، والتي تجاوزت 400 جريح دفعة واحدة في حادث واحد، بالإضافة إلى رفد المعركة بالأطباء والممرضين والمعدات والأدوية والمستشفيات الميدانية في صلاح الدين والموصل والأنبار، وهكذا حينما تفانى عاملوه اطباءَ وممرضين وإداريين في جائحة كورونا، وغيرها من المواقف التي لا نستطيع أن نصورها إلاّ حين الاختبار.
إن الفيديو الذي نتحدث عنه؛ يُصور مريضًا يُنقل على سرير إلى الحمام بيد عامل خدمة، ولكن الحقيقة أنه رجل كان ملقى في الشارع واستقبل في الطوارىء وأدخل بعد ذلك إلى الردهة وتعافى دون وجود أهله، وقام بذلك المستشفى بالعناية الطبية والرعاية الاجتماعية، وهذه الثواني لم تتحدث عن ما قبلها من عناية ورقود وسرير وفحوصات وطعام وتنظيف يومي، وبعدها من استحمام وطعام وملابس، إلى ان شاهد أهل المريض الفيديو وسارعوا لأخذه بعد أن تركوه في الشارع والمستشفى.
لا أعيد ما يُنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها تحمل أقل من أنصاف الحقائق، بل أؤمن بمبدأ (بين الحق والباطل أربعة أصابع)، ومن يثق بمواقع التواصل كمن يسمع دون أن يرى، وكأنه أستهداف لكل فعل خير وإساءة لأكبر مؤسسة طبية وعلمية في العراق؛ خرّجت كبار أساتذة الطب ومختلف العلوم، وأجريت فيها مئات آلاف العمليات النادرة والمعقدة، واستهداف مؤسسة بهذا المستوى الخدمي والإنساني، هو استهداف للمواطن والإنسانية في العراق، والحقيقة شرحناها، ويبقى التشويه لأصحاب العقول والنظريات السوداوية، من الذين لا يريدون للعراق خيراً ، ومثلما استهدفوا بلدًا هو قِبلة ومدار الشرق الأوسط والعالم، فإنهم يستهدفون قِبلة الطب في العراق، وهذه هي الحقيقة التي أرادوا تشويهها.
اضف تعليق