يبدو ان تدخل روسيا في سوريا قد جاء بفائدة كبيرة للعراق ليس على مستوى الجانب الاستخباري الذي قد يدمر داعش ويركز الضربات الجوية لتكون قاصمة لمواقعه، ولا على مستوى الجانب الستراتيجي بعودة العراق الى الواجهة الدولية باعتبار بغداد جزءا مهما وفاعلا إقليميا يجب ان يحسب اليها جيرانها والاقطاب الدولية الف حساب مستقبلا... بل لان التحالف الدولي الخامل منذ عام على تأسيسه والذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية بدأ يتفاعل إيجابا مع تدخل روسيا في سوريا ولكن لصالح العراق والحرب على داعش داخل العراق وان كان نسبيا الى الان ولا نثق به الا انه ينبغي تأشير المواقف التالية:

- تعيين ناطق باسم التحالف الدولي وهو الكولونيل ستيف وارن الذي يعرف العراق جيدا باعتباره قائد ميداني في حرب عام ٢٠٠٣، والاهم انه يمارس عمله من بغداد بما يؤكد ان سياسة امريكا ان لها ان تتغير في العراق وتكون اكثر فعالية، رغم تحفظنا الشديد على مجمل تصريحاته لحد الان.

- وصول المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي الجنرال جون آلن الى بغداد بتكليف من اوباما قبل ايام لترتيب مساعدة العراق في الحرب على داعش يؤكد انه الرئيس الامريكي يتعرض لضغوط داخلية لاستباق روسيا في العراق، وأننا مقبلون على دخول أسلحة امريكية جديدة ونوعية.

- قيام طيران التحالف بضربات جوية مكثفة على محيط مدينة الرمادي ساعد القوات العراقية في التقدم باتجاه قلب المدينة ويبشر باستعادتها خلال اسبوع، كل ذلك لا يعني ان التحالف الدولي صاحب الفضل باي انتصار مقبل لان من يقاتل ويمسك الارض هو العراقي جندي وحشد، ولكن الأهم ان بيجي والموصل بعد الرمادي ان حافظنا على هذا المنوال.

واذا كان سباق روسيا وامريكا في المنطقة بالحرب على داعش يثير العديد من التساؤلات عن عدم توحد جهودهما وتقاطعهما في كل مناسبة رغم ان العدو واحد!!؟؟ فان ما يحكم تصرفات الدول ومواقفها هو مقدار مصالحها؛ فلا وجود لتحالف دائم بل مصالح دائمة.. وعليه فان موقف الحكومة العراقية ما زال ايجابيا بين القطبين بمسكها العصا من الوسط وبالتعاون مع الاثنين طالما اقتضت مصلحتنا ذلك، ويفضل ان لا ينحاز هذا الموقف الى اي طرف طالما كان ذلك في مصلحة العراق، وهو ما يستلزم فعلا توحد المواقف السياسية خلف الحكومة في هذه المرحلة الحرجة وتوحدها على مصلحة العراق دون غيره ومصلحتنا بما لا يقبل الشك هو في القضاء على داعش.

العراق وسوريا قلب الشرق ومحوره الحاسم في الصراع مع داعش

لا يخفى على المتتبع ان هناك قوتين عظميين تلعبان دورين مختلفين في الشرق الاوسط:

الاولى - تبحث عن شرق اوسط جديد تغيب عن خارطته دول اساسية مثل العراق وسوريا وتظهر فيه كيانات هزيلة ومتصارعة، ويمثل هذا التيار دول التحالف الدولي ضد داعش وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الغربية التي تبحث عن مناطق نفوذ جديدة في المنطقة وقوى إقليمية داعمة تتصدرها تركيا والسعودية وقطر.

الثاني - تيار محافظ يمثله العراق وسوريا وقوى إقليمية في مقدمتها ايران وبشكل نسبي لبنان وانضم اليها مؤخراً عنصرا فاعلا كان داعما سياسيا منذ البداية الا انه اختار مؤخرا النزول الى الارض وهي روسيا بكل ترسانتها العسكرية وجهودها الاستخبارية، وفي جانبين على درجة من الاهمية لانهما يشكلان قلب الصراع في الشرق ومحوره الحاسم:

- اللاذقية: قاعدة انطلاق وامداد عسكرية؛ بحرية وجوية وارضية؛ للعمليات الحربية سوف يكون لها الحسم في الكثير من المناطق الحيوية ضد داعش وكل من يتقاطع مع نظام الرئيس بشار الاسد.

- بغداد: بإعلان محور التعاون الاستخباري وتبادل المعلومات حول داعش بين الحلفاء الأربع الجدد: روسيا وإيران والعراق وسوريا، وعلى مستوى رفيع قد يصل الى رؤساء الأركان.

وفي الوقت الذي يحبس انصار التحالف الدولي القديم من القوى الإقليمية أنفاسهم بانتظار جهود الولايات المتحدة الامريكية في إقناع روسيا على هامش اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك بالعدول عن التدخل في الشرق الاوسط، فان الدول الاربعة تحث الخطى لإعلان تحالف دولي جديد ضد داعش قد يعيد تثبيت خارطة الشرق الاوسط الحالية بصورة قد لا تستسيغها امريكا وحلفاءها في المنطقة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق