وكل من يكرر السؤال عن تلك الفجوة بين البرامج الانتخابية وعزوف الاغلبية الصامتة، عليه ان يتوقف عند دستورية الاجندات الحزبية وبرامجها الانتخابية كمقدمات لتطبيق سياسات عامة تتناسى تلك الفجوة كليا عند توزيع مغانم السلطة في نظام المحاصصة، فالموضوع ليس مجرد تحليل سياسي على منصة برامج اعلامي فاشل...

يتكرر السؤال عن ردم الفجوة بين البرامج الانتخابية وعزوف الاغلبية الصامتة، ابرز اوجه هذه الفجوة تتمثل في التباين الواضح بين أصول الأحكام الدستورية والبرامج الانتخابية واجندات احزابها، كيف ذلك؟

تعد الدساتير ميثاقا وطنيا في تحديد الإطار الاستراتيجي للدولة، اي دولة، ولست بصدد مناقشة الفيض الاكاديمي في الفقه الدستوري؛ بقدر الحاجة الملحة لقياس تطابق البرامج الانتخابية من خلال الاجندات الحزبية مع روح ونص الدستور العراقي، بما يحتم على السلطة القضائية بوصفها حامية نفاذ اعلوية النصوص الدستورية في معايير الترافع امام المحكمة الاتحادية، فهل هناك مخالفة قانونية صريحة ما بين تلك البرامج الانتخابية ونصوص دستورية، وما مسؤولية المحكمة الاتحادية في مراقبة اداء مفوضية الانتخابات لضمان تطابق النص الدستوري مع الاجندات الحزبية وبرامجها الانتخابية؟

فيما يبرز سؤال آخر.. لماذا هذه المسؤولية المحددة  تلقى على السلطة القضائية مقابل المسؤولية المجتمعية ومراجعها الدينية في كشف هذا التناسخ في اطوار الاختلاف بين نص وروح الدستور وتلك الاجندات الحزبية وبرامجها الانتخابية؟؟

من وجهة نظري المتواضعة.. أجد ان السلطة المجتمعية حتى في المرجعيات الدينية العليا غير قادرة على حسم الجدل في التنازع الدستوري، بل ان المرجعية الدينية العليا قد بح صوتها في النصح والارشاد حتى اغلقت أبوابها بوجه هذه الاحزاب.

لذلك فالمسؤولية الكاملة تلقى على عاتق السلطة القضائية متضامنة مع الهيئات المستقلة لعل ابرزها في تشخيص موضوع البحث ممثلة في مفوضية القضاة للانتخابات.. فما حدا من كلما بدا؟؟ يمكن الاجابة على هذه التساؤلات في ان المادة الثانية من الدستور العراقي النافذ حددت مصادر التشريعات العراقية بثوابت الدين الإسلامي وعدم تعارضها مع مبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان ..لكن ..!!

المفروض ان تصدر مفوضية الانتخابات من خلال المحكمة الاتحادية تفسيرات منهجية لهذا النص الدستوري يحدد السقف الدستوري للاجندات الحزبية، ما دام اصل الدستور ضامنا لوحدة الدولة ومشروعية وجود مؤسساتها .

لكن ..!!

لم يصدر مثل هذا التفسير حتى اليوم فيما اجندات الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم تمضي في تطبيقات نظام مفاسد المحاصصة وثقافة المكونات وامراء الطوائف السياسية او الأحزاب القومية الانفصالية.. بل هذه الاحزاب تمثل القوى السياسية المهمينة على مقدرات الدولة بسبب سياسات الاحتلال الامريكي وشركاه الإقليميين والمحليين  الذين فرضوا نظام المحاصصة ومفاسدها.

يتكرر السؤال.. ما المسؤولية الدستورية للسلطة القضائية في الحفاظ على مشروعية سيادة الدولة في تحديد الإطار الدستوري للاجندات الحزبية، متطابقة معه ام مختلفة ومتضاربة، اين محل الاتفاق والاختلاف، كيف يمكن تجاوز التعارض وتفكيك التباين؟

ربما نحتاج الى تطبيقات حقيقية في استقلالية وحيادية السلطات الثلاث دستوريا، والحافظ على ذلك في (بيان دستوري) بما يؤكد ان الدستور العراقي النافذ له الاعلوية على الاجندات الحزبية وبرامجها الانتخابية وليس العكس تماما كما هو حاصل اليوم.

فتكون النتيجة النهائية بتجربد الناخب العراقي من حقه في المنفعة العامة للدولة لتكون مخرجات مقدماتها الانتخابية  بتكرار نظام المحاصصة ومفاسدها  في كل دورة برلمانية، عدم ظهور قدرة حقيقية للتعبير عن دستورية البرامج الانتخابية ونصوص واضحة تمكن مفوضية الانتخابات لضمان نزاهة وحوكمة العملية الانتخابية.. تكون المخرجات ايضا بذات المنهج والاتجاه.

وكل من يكرر السؤال عن تلك الفجوة بين البرامج الانتخابية وعزوف الاغلبية الصامتة، عليه ان يتوقف عند دستورية الاجندات الحزبية وبرامجها الانتخابية كمقدمات لتطبيق سياسات عامة تتناسى تلك الفجوة كليا عند توزيع مغانم السلطة في نظام المحاصصة، فالموضوع ليس مجرد تحليل سياسي على منصة برامج اعلامي فاشل، بل يعد من أصول ادارة الدولة بما يحتم على القيادات السياسية المتصدية لسلطان الحكم مراجعة شاملة للإجابةعلى ذلك السؤال لماذا هذا العزوف عن المشاركة في الانتخابات؟؟، فهل من مدرك ؟؟ ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

........................................................................................................................

* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية. 

اضف تعليق