q
ومع أن من المبكر اعطاء اجابة قاطعة على السؤال الذي طرحته عنواناً لهذا المقال، الا اني أرى بدايات واضحة لمغادرة الناخب العراقي والجمهور العراقي عموماً لفضاءات الاسلام السياسي التي أما باتت منفّرة للناخب أو على الأقل غير جاذبة له. أضافة الى مؤشر تدني عدد ونسبة المقاعد التي حازها...

انتهيت في المقال السابق الى اثبات أن الوزن النسبي لقوى الاسلام السياسي في العراق آخذة في التراجع منذ انتخابات 2018 وأن الانتخابات العراقية الأخيرة فاقمت من أزمة قوى الاسلام السياسي التي باتت أقلية (40% فقط) في برلمان 2022. مع ذلك أحذر من القفز نحو استنتاجين قد لا يكونان صحيحين.

الأول أن هذه الخسارة للإسلام السياسي تعني ربحاً للعلمانية. فما يحصل باعتقادي هو فشل متراكم للإسلام السياسي في أدارة مقاليد الحكم في العراق طيلة السنين بعد الاحتلال، وهو لا يعني نجاح القوى المدنية أو العلمانية في العراق بخاصة وأن تلك القوى في الغالب غير ناضجة بنيوياً ووظيفياً بعد ويصعب عليها أن تقدم البديل الناجح للناخب العراقي.

أما الاستنتاج الثاني الذي أحذر منه، فهو القول بان تأثير الاسلام السياسي في المشهد العراقي قد قل. أن السباق الحالي لتشكيل الحكومة العراقية واختيار كل الرئاسات يقوده وأو يؤثر فيه التنافس القائم بين أكبر كتلتين سياسيتين في الجانب (الشيعي) وكلاهما-الصدر والإطار-يصنفان على قوى الاسلام السياسي.

ومع أن من المبكر اعطاء اجابة قاطعة على السؤال الذي طرحته عنواناً لهذا المقال، الا اني أرى بدايات واضحة لمغادرة الناخب العراقي والجمهور العراقي عموماً لفضاءات الاسلام السياسي التي أما باتت منفّرة للناخب أو على الأقل غير جاذبة له. أضافة الى مؤشر تدني عدد ونسبة المقاعد التي حازها الاسلاميون في هذه الدورة البرلمانية، فأن هناك مؤشراً ينبغي ان يستفز قوى الاسلام السياسي أكثر، الا وهو مؤشر الاحجام الجماهيري عنها

.فوفقاً للارقام التي أعلنتها مفوضية الانتخابات ولتصنيفات القوى البرلمانية الحالية، فأن نسبة أصوات كل الناجحين من الاسلاميين في الانتخابات الأخيرة (أي البرلمانيين حالياً) شكلت 34%- شيعةً وسنةً وكورداً- في حين حصد البرلمانيون غير الاسلاميين أكثر من ثلثي الاصوات كما هو واضح من الشكل 1.

أما أذا ذهبنا في مستوى التحليل لاعداد الناخبين على أساس توجهات القوى السياسية البرلمانية (اسلامية غير اسلامية) فستكون الارقام صادمة للاسلاميين حتماً. أن مجموع الاصوات التي حصدتها القوى البرلمانية (وليس البرلمانيون) الحالية تزيد عن 7 مليون صوت، كانت حصة الاسلاميين منها حوالي الربع فقط (28%) مقابل 66% لغير الاسـلاميين و6% لقوى أخرى غير واضحة التوجهات.

هذا يعني انه على الرغم من أن نسبة البرلمانيين الاسلاميين في البرلمان الحالي هي 40% الا أن نسبة جمهور قوى الاسلام السياسي لا تمثل سوى الربع فقط. هذا يعكس مدى تنظيم جمهور الاسلام السياسي وقدرة تلك القوى على استثمار قواعدها الجماهيرية بأفضل وأكفأ طريقة.

لكن ذلك التنظيم وتلك القدرة الانتخابية الأكفأ للاسلاميين عليها ان لا تحجب عنهم حقيقتين قد تزيحهم عن التأثير في المشهد السياسي القادم أذا لم يحسّنوا أداءهم السياسي.

الأولى، ان هناك ثلثي الناخبين ممن قاطعوا الانتخابات أو لم يشاركوا فيها وهؤلاء في معظمهم ليسوا من جمهور القوى الاسلامية. الثانية، أن الثقل الحقيقي لقوى الاسلام السياسي يقع في الجغرافية (الشيعية). فبعد خسارة الحزب الإسلامي (السني) وعدم حصول الأحزاب الاسلامية الكوردية سوى على مقعد واحد بات الاسلام السياسي(الشيعي) يمثل تقريباً كل قوى الاسلام السياسي الممثلة في البرلمان الحالي. هذا يعني أن الخسارة التي حصلت في مقاعد وجمهور الاسلام السياسي أكلت من جرف الجانب (الشيعي) أساساً.

فبعد أن كانت قوى الاسلام السياسي(الشيعي) تمثل 85-90% من الثقل البرلماني (الشيعي) طوال كل الدورات الانتخابية السابقة سواء من حيث عدد المقاعد أو الناخبين، باتت هذه القوى لا تمثل سوى 66% من مجموع المقاعد المخصصة (للشيعة) على مستوى العراق، كما أن مجموع ناخبيهم لم يمثل سوى ثلث الناخبين (الشيعة) تقريباً.

أي ان واحد فقط من كل ثلاثة ناخبين (شيعة) صوت لحزب اسلامي وهذه باعتقادي نكسة كبيرة ستكون لها تداعيات واضحة على الاسلام السياسي الشيعي.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق