هل سيتحول العراق الى نموذج مفكك لدولة هشة دائمة الذوبان في متطلبات الحرب الباردة الجديدة وهذا ما يذكرنا دائما بتلك الحلول القادمة الخارج، لعل ابرزها الاحتلال الأمريكي للعراق، فيما المفترض ان تكون هناك حلولا عراقية مع الأسف ما زالت عقليات الكثير من قيادات...

يدافع “هال براندز” أستاذ كرسي في القضايا العالمية بمركز هنري كيسينجر في جامعة جونز هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة، ومن كبار الباحثين في معهد أميركان إنتربرايز، وكاتب رأي في بلومبيرغ عما اسماه بـ ”عقيدة بايدن” الاخذة بالتصاعد بعنوان تجدد الحرب الباردة للدفاع عن المجتمعات الديمقراطية، وحدد في مقالة نشرتها دورية ”الشؤون الخارجية الامريكية” ثلاثة مخاطر أساسية تتمثل في التوسع الصيني، والحرب السيبرانية بقيادة روسية ونتائج سياسات الرئيس ترامب على الداخل الأمريكي، مثل هذه المقالات التبشيرية التي ينشرها خبراء الحزب الجمهوري الأمريكي تبرز التحديات الأساسية التي لابد من مواجهتها من داخل المؤسـسة الامريكية.

لست بصدد تحليل نوع تطبيقات الحرب الباردة الجديدة التي ترغب بها المؤسسة الامريكية لمواجهة استحقاقات ديمومة القيادة الامريكية للعالم وفق سياسات ناعمة تعتمد خبرة فريق عمل الرئيس بايدن من اكثر من النتائج وارتدادات ردود الأفعال أمريكية كانت ام صينية وروسية ناهيك عن حلف الناتو في مشروع الشرق الأوسط الكبير.

ديمقراطية ناشئة

مثال ذلك الديمقراطية الناشئة في عراق اليوم وهو يواجه استحقاق ديمومة الشراكة مع الولايات المتحدة الامريكية من عكسه، فكل ما ظهر في البيانات والتصريحات الرسمية خلال زيارة وفد تراسه السيد الكاظمي لواشنطن، لا تبدو ثمة بارقة امل حقيقة في الدفاع عن” الديمقراطية العراقية” في بلد تشدد التصريحات الامريكية على ضرورة ان يبدأ بمساعدة نفسه في ترسيخ الارتكاز على معايير الديمقراطية والحكم الرشيد مقابل تهديدات بنيوية في النظام السياسي العراقي ذاته بالضد من ابسط هذه المعايير.

السؤال الغائب – الحاضر، كيف سيدافع العراق عن تطبيقات الديمقراطية في الانتخابات المقبلة التي ينتظر منها متغيرات مفصلية؟؟

قبل عام مضى حذر أكثر من خمسمائة شخصية ومنظمة حول أرجاء العالم من “التهديد” الذي تمثله بعض الحكومات “خلال الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كوفيد ـ19 المستجد، والذي يهدف إلى تعريض الديمقراطية للخطر”.

أطلقت الرسالة بمبادرة من قبل “المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة في الانتخابات في ستوكهولم” بالسويد، والهدف من ورائها تحذير العالم من “الأنظمة الاستبدادية”، التي تستغل هذه الأزمة، لإسكات المنتقدين وإحكام قبضتهم السياسية. هل هي المخاوف من “الأخ الأكبر” و”الآذان المرهفة” و”آليات المراقبة”، الوثيقة واللصيقة بالتكنولوجيات الحديثة التي قلصت من الحريات الشخصية، واختصمت من ملامح ومعالم وآليات النموذج الديمقراطي الغربي، هل هذه كلها كانت الدافع وراء هذه الرسالة؟

يبدو أن ذلك كذلك، ولهذا يجزم الأمين العام للمعهد “كيفن كاساس. زامورا” على أنه مثلما كانت للوباء عواقب اقتصادية واجتماعية كبيرة، فمن المحتمل جداً أن تكون له عواقب سياسية عميقة جداً. يتطلب ذلك من النخب العراقية أن تتساءل أمام هذه الرسالة ومقالة ”عقيدة بايدن“ : أين هو الخطأ الذي جعل الديمقراطيات مهددة للحريات على هذا النحو؟

المثال التونسي، ومن قبله المثالين المصري والأردني يعبرون عن واقع حي في التعامل مع مضادات نتائج ”الربيع العربي” في عودة الولايات المتحدة لدعم ترسيخ أنظمة إقليمية تمثل ذلك الرابط بين المصالح الامريكية بعنوان الدفاع عن الديمقراطية من خلال الانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع بهذا الشكل او ذاك، فيما في عراق اليوم، وحتى في اطار نتائج أولية لزيارة الكاظمي وفريقه الوزاري الى واشنطن ليس ثمة بادرة حقيقية لظهور مثل هذا الميل لتصحيح أخطاء ”الفوضى الخلاقة” ما بعد احتلال العراق عام 2003 حتى اليوم.

فعاليات متواصلة

واقع الحال، يبدو ان واشنطن تمتلك سيناريوهات متجددة نتيجة فعاليات متواصلة لمراكز البحوث والدراسات بعنوان عريض “التنمية مقابل الامن ” وهو برنامج بحثي موله مجلس الامن القومي الأمريكي منذ عام 2018 حتى الان، للتعامل مع التهديدات المحدقة بالأمن القومي الأمريكي، فيما يتطلب عراقيا من مراكز التفكير وبيوت الخبرة ان تضع هي الأخرى “خارطة طريق” للتعامل مع واقع دولي اخذ بالتبلور من جديد بعنوان ”حرب باردة” تعيد العالم الى أواسط الستينات من القرن الماضي، لكن الكثير من معطيات تحليل الواقع تؤكد على ان هذه المراكز صوت لا يسمع من قبل امراء الطوائف السياسية في عراق اليوم.

لذلك يبقى السؤال، هل سيتحول العراق الى نموذج مفكك لدولة هشة دائمة الذوبان في متطلبات الحرب الباردة الجديدة وهذا ما يذكرنا دائما بتلك الحلول القادمة الخارج، لعل ابرزها الاحتلال الأمريكي للعراق، فيما المفترض ان تكون هناك حلولا عراقية مع الأسف ما زالت عقليات الكثير من قيادات امراء الطوائف السياسية تتوقف للنظر تحت انف اجنداتها الحزبية ومصالحها الشعبوية فحسب ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق