q
هناك من يتساءل هل سوف تعود التظاهرات الاحتجاجية بعد انقضاء ازمة كورونا؟، المتحمسون يقولون: نعم، سنعود الى ساحات التظاهر، التحرير والحبوبي وغيرها، بعد رحيل كورونا، وانا أقول، لا انتقلوا الى مرحلة ثانية من العمل، التظاهرات احدى وسائل التعبير عن الرأي بما في ذلك الرأي الاحتجاجي والرافض...

هناك من يتساءل: هل سوف تعود التظاهرات الاحتجاجية بعد انقضاء ازمة كورونا؟، المتحمسون يقولون: نعم، سنعود الى ساحات التظاهر، التحرير والحبوبي وغيرها، بعد رحيل كورونا!، وانا اقول؛ لا انتقلوا الى مرحلة ثانية من العمل.

التظاهرات احدى وسائل التعبير عن الرأي بما في ذلك الرأي الاحتجاجي والرافض. ومنذ الاول من تشرين الاول من العام الفائت تم التعبير عن الرأي، ووصل هذا الرأي الى اقاصي المعمورة بما في ذلك الامم المتحدة.

وبهذا المقدار نقول ان التظاهرات حققت غرضها، وقد تكون التظاهرات احدى ادوات التغيير، لكنها وحدها لا تكفي لتحقيق التغيير. على الاقل، تؤكد التظاهرات ضرورة التغيير. حتى ان المرجعية الدينية قالت ان الوضع بعد التظاهرات لن يكون نفس الوضع قبلها.

وبهذا المعنى نقول ان التظاهرات حققت غرضها، وان على المتظاهرين الانتقال الى المرحلة التالية باستخدام ادوات اخرى للتغيير. وطبعا يجب ان تكون هذه الادوات سلمية ودستورية، هذا الكلام لا يشمل كل المتظاهرين؛ لان الحقيقة التي لابد من ذكرها والاعتراف بها هي انه تم اختراق جموع المتظاهرين، وهذا الكلام موجه فقط الى القسم الذي لم يخترق ولم تتم السيطرة عليه من قبل جهات اخرى.

الكلام موجه فقط للمتظاهرين المستقلين السلميين الداعين بصدق واخلاص الى محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح. لهؤلاء فقط اقول ان تعميق المضمون الديمقراطي للدولة هو من اهم اهداف المعركة الاصلاحية ضد الفساد. ذلك انه تم حرف المسار الديمقراطي للدولة، عن طريق المحاصصة والتوافقية والفساد السياسي، ووقعت الدولة باسر الاوليجارشية الحاكمة، ما يجعل تحرير الدولة منها ضرورة قصوى. وليس هناك من يستطيع تحقيق هذا الهدف المهم والصعب سوى المتظاهرين السلميين الصادقين المستقلين.

ويتم هذا باستخدام الادوات السياسية السلمية الدستورية. وليس هناك من اداة بهذه المواصفات غير الانتخابات، والانتخابات المبكرة بطريقة الانتخاب الفردي. هذه هي الطريقة السليمة الوحيدة. ولذا، يتعين التحرك الان وبعد كورونا والاستعداد لخوض الانتخابات وتحقيق النصر فيها. وصرف كل الجهود في هذا الاتجاه وعدم هدر الوقت والطاقات في اتجاهات اخرى. واعني تحديدا التظاهر مجددا.

لم تعد هناك حاجة للعودة الى ساحة التحرير بعد كورونا، انما هناك حاجة ماسة الى القيام بما يلي: اولا، تثقيف الجمهور على اطروحة الدولة الحضارية الحديثة باعتبارها الطريق المضمون الى القضاء على التخلف والفساد، وتحقيق السعادة والخير العام. العمل السياسي السليم لا يقتصر على الرفض والمعارضة فقط، انما يشمل البناء، وهذا هو الاهم، وبناء الدولة الحضارية الحديثة هو الهدف الاعلى الذي يجب على المجتمع التحرك نحوه.

ثانيا، توعية الجمهور على ضرورة المشاركة الكبيرة والحضارية في الانتخابات القادمة سواء كانت مبكرة ام في موعدها في عام ٢٠٢٢. وهنا اقصد بالجمهور الناخبين تحديدا الذين يتحدد وفق سلوكهم الانتخابي مستقبل مجلس النواب الجديد. سوف نواجه التصويت على اساس العصبية القومية او الطائفية او الحزبية. وهنا يتعين تثقيف الناخبين على ضرورة التصويت بطريقة حضارية وليس فئوية.

ثالثا، توحيد الجهود ولملمة الصفوف من اجل التصويت على مرشحين اصلاحيين وحضاريين. وهنا من الضروري تجنب التنافس بين هذا النوع من المرشحين خاصة الدوائر ذات النائب الواحد او النائبين لان ذلك يؤدي الى تشتت الاصوات وضياع فرص الفوز. رابعا، ومن الضروري عدم الوقوع تحت اغراء تشكيل احزاب كثيرة بين المتظاهرين، وهي ظاهره بدأت مؤشراتها من الان. سوف يؤدي هذا الى تمزيق الصفوف وظهور احزاب صغيرة جدا، او احزاب مجهرية لا ترى بالعين المجردة، او احزاب موسمية او فردية. وكلها لا تخدم الدعوة الاصلاحية. لا نحتاج سوى الى تنظيم انتخابي كبير يحقق الاغلبية البرلمانية صاحبة الحق الدستوري بترشيح رئيس مجلس الوزراء.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق