ان علاقة النفس بالزمن علاقة طبيعية لا يمكن الفصل بينهما، وطبيعة النفس متغير غير ثابت امام مطلق زمني ثابت لا يتغير، هذا ليس نجده على مستوى علم النفس في الادراك الشعوري واللاشعوري الدارج للزمن، وهو تعبير خاطئ صحيحه هو الشعور واللاشعور يكونان في مصدر النفس وليس في مصدر الزمن...
باعتقادي فهم افلاطون الزمن هو فهم التحقيب الارضي التاريخي الذي يخضع فيه افلاطون إدراكنا الزمن بدلالة وقائع ما نعيشه من حوادث ولم يكن مخطئا بفهمه الفلسفي هذا. فالزمن الارضي ليس زمنا بل هو توقيت التحولات الطبيعية وتغيراتها في العالم من حولنا كما هو توقيت وليس زمن تورخة الوقائع في وجودها الانطولوجي وليس في زمانها الملازم لإدراكاتنا المزعوم... لكن افلاطون أهمل استحالة إدراك الزمن تجريديا من غير دلالة تعالقه بالمكان (الطبيعة) لذا هو ابتعد بحديثه عن الزمان الكوني الفضائي (space) الذي هو فيه الزمن ليس تحقيبا توقيتيا ينقسم الى ماض وحاضر ومستقبل ارضي.
ميزة الزمان الكوني الذي لم يكن يدركه افلاطون أنه مطلق ازلي تجريدي، وهو ما ندركه اليوم بتعالقه مع قوانين فيزياء الكون. الزمن وسيلة إدراك بالدلالة التجريدية المحايدة وليس موضوعا للإدراك العقلي بذاته في كل الاحوال سواء أكان زمانا تحقيبيا ارضيا أو كان زمانا كونيا ازليا مطلقا. الزمن ليس جدلا ديالكتيكيا مع مدركاتنا ولا هو تكامل معرفي معها. الزمن او الاصح التحقيب الارضي هو عامل حيادي مساعد لفهم مدركاتنا المحسوسة.
لو كنا تمكنا معرفة الصفات والماهية للزمان الارضي لكن تيسر لنا معرفتهما في الزمان الكوني. الصفات والماهية للمفاهيم المطلقة مثل الوجود والزمان والضوء والجاذبية وغيرها لا تحكمها الماهية والصفات على الارض كما لا تحكمها في الزمان الكوني. مثلا أنك لا تستطيع إدراك ماهية وصفات الزمن على الارض ويتعذر ادراكهما لك فضائيا. الزمن دلالة ملازمة معرفتنا لشيء وليس معرفتنا الزمن بدلالة ذلك الشيء. إدراك المكان إدراك حقيقي واقعي بدلالة زيف إدراك الزمن الوهمي غير الموجود.
ارسطو أدرك الزمان الكوني الذي أهمله افلاطون لكنه هو الاخر اي ارسطو ادخلت مفاهيمه الفلسفية عن الزمن اوربا في القرون الوسطى طيلة الفي عاما عندما اعتبر مركز الكون هو الارض وهي ثابتة لا تتحرك ما جعل كلا من كوبرنيكوس 1543م في ورطة تعارضه مع الكنيسة عندما قال الارض ليست مركزا للكون وانما الارض جرم كروي غير ثابت من مليارات الكواكب والنجوم يتبع في حركته الدائرية ثبات الشمس ما جرّ الويلات على كل من جوردان برونو وكبلر وغاليلو ونيوتن.
لذا رغم الاخطاء الفيزيائية التي أثبتها العلم على افكار ارسطو الفلسفية لاحقا نعتبر فهم ارسطو للزمن هو فهم أنضج من الفهم الافلاطوني في اعتبار ارسطو الزمن الارضي تحقيبا يعرف بدلالة وقائع حادثة تاريخيا، والفضاء الكوني مطلق ازلي لا يدركه العقل ماهويا لا تجريديا ولا بدلالة تعالقه مع قوانين الطبيعة الكونية التي أثبتها علماء الفيزياء من انشتاين ونزولا الى علماء الذرة والفضاء بكل تخصصاتهما.
الزمان حقيقة كونية مطلقة نفهمه وسيلة دلالة لغيره من الامكنة والوقائع والحوادث لكنه – الزمن - لا يكون موضوعا يدركه العقل. اود التأكيد ان مفهوم القفزة النوعية او الطفرة النوعية في الزمن غير موجودة على الاطلاق كون الزمن مطلق كوني واحد لا يتقبل القسمة على نفسه ولا القطوعات التحقيبية الا فقط كما في الزمن الارضي الذي هو تحقيب وقائعي وليس زمنا كونيا مطلقا. الفرق بين التوقيت الارضي الذي ندركه بتعالقه مع حركة الارض وتغيرات المناخ الطبيعية وغيرها. هو ليس الزمن المطلق الازلي الكوني الذي نفهمه بجهود علماء الفيزياء جزئيا.
اذن بماذا يلتقي الزمانان الارضي والكوني انهما يلتقيان بواحدية الماهية والصفات ومحدودية العقل ادراكهما. الزمن وحدة كلية من الماهية والصفات لا يدركها العقل في اي مكان يلازمه الزمن.
والزمن التحقيبي الارضي لا يفقد صفته الخصائصية الفريدة انه مطلق لا يدركه العقل تجريديا لذا نجد تعريف سقراط كان في غاية الذكاء حين سئل ما هو الزمن قال: الزمن هو مقدار حركة جسم ما في الزمن، والزمن دلالة حركية للأشياء لكن الزمن ليس حركة ولا يخضع لإدراك عقلي كموضوع. وبهذا التعريف تخلص ارسطو من محاولة امكانية معرفتنا ادراكنا صفات وماهية الزمن.
أما مسار التاريخ الذي يقوم على جدل دائري حلزوني صاعد هو مسار خطّي كونه محكوم بإلزام النقلات النوعية، التاريخ حسب التحليل المادي يسير خطيّا أفقيا في دوائر تعاقب ديالكتيكية لكن ليس بأسلوب إنعدام الطفرات النوعية فيه. وهذا هو الفرق الجوهري بين مفهوم تعاقب الدوائر في إعادة نفسها على أساس أن ما حدث سيحدث لاحقا في العود الابدي عند نيتشة، وبين ديالكتيك الدائرة التي تتخللها الطفرات النوعية الكيفية المتقدمة دوما في ملاحقة التجديد الذي يندثر القديم خلفه. ليستحدث نفسه ثانية في الظاهرة الجديدة التي يحكمها الديالكتيك بقانون نفي النفي لها ايضا كما في المادية الماركسية. (لي اكثر من مقال ان الجدل الديالكتيكي في المادة والتاريخ تنظير فلسفي غير متحقق بالفكر(هيجل) ولا في التاريخ ماديا(ماركس) كونه منهجا افتراضيا لا يمكن البرهنة على تحققه)
ما حقيقة الحاضر الوهمي للزمان؟
افلاطون يفهم الزمان على أنه عود أبدي في التكرار قبل نيتشة ان ماسبق له وحدث سيعيد نفسه كما حدث اول مرة. الذي يخلو من التنوع الكيفي في طفرات نوعية التي يرجع فضل الاشارة لها قبل هيجل وماركس الى الفيلسوف الدنماركي سورين كيركجورد فهو كان سباقا قوله مسار تقدم التاريخ ليس مستقيما خال الطفرات النوعية التي تتخلله سواء اكانت طفرات اعاقة لتقدم المسار التطوري للزمن او طفرات تقدمية تدفع مسار التاريخ الى امام.
وميزة عبقرية افلاطون رغم اعتماده تعاقب الدوائر زمانيا إلا أنه لم يفهم الزمان مسارا أفقيا خطيّا جرى تقسيمه التحقيبي الى ماض وحاضر ومستقبل من أجل تيسير فهم الزمان كيف يعمل في تعالقه بنظام الطبيعة والاشياء وحركة القمر والارض والكواكب الاخرى. بارتباطها فيزيائيا بحركة الارض حول نفسها وحول الشمس وحركة القمر، وفي تعاقب الليل والنهار والفصول الاربعة والسنة والشهور وغيرها من أمور تحكمها قوانين الطبيعة والفيزياء الثابتة.. ثبت فيزيائيا علميا ان الزمن حزم متموجة لا تسير بخط مستقيم وان الزمن يتمدد ويتقلص كما هي خاصية المادة المدركة.
افلاطون يوضّح فهمه للتحقيب الزماني أن الحاضر هو إفتراض وهمي خارج سلسلة التعاقب الزمني من الماضي الى المستقبل، والحاضر تحقيب مؤقت بضوء ماض متشّكل وجودا لا نفهمه إدراكيا بغير الحاضر الافتراضي وجودا، وبين مستقبل يندغم به الحاضر حتميا ألزاميا زمانيا في بناء ملامح مستقبل يسعى الانسان حضوره وتحققه.
والحاضر الزمني لا يمكننا إدراكه كونه تغييرا حركيا مؤقتا لا يتّسم بالثبات المقارن مع ثبات الماضي ولا يمتلك كينونة زمنية استقلالية تفصله عن المستقبل. لذا اعتبر فلاسفة اليونان الحاضر نقطة وهمية ليست زمانية ينتقل عبرها تجسير الماضي الى المستقبل في تجاوز الحاضر كقطوعة زمنية لا نمتلك إدراكها معرفيا ولا ادراكنا حدوثها.
من الخطأ بضوء هذا المعنى أن نفهم الحاضر حلقة وصل بين ماض انتهى وبين مستقبل يتشّكل منهما سوية أي يتشكل من ترابط الماضي مع الحاضر. وبتعبير افلاطون (من الخطأ أن نستعمل الحاضر وصورة ما هو كائن، لما هو متغيّر متحّول من الماضي الى المستقبل)، فهو يعتبر الحاضر لحظة قصيرة جدا عابرة لذا لا يجب معاملتنا لحظة الحاضر المؤقتة كزمان تجسيري يربط الماضي بالمستقبل وهذه حقيقة لا غبار عليها من جنبة فهمنا الحاضر زمانا وليس تاريخا وقائعيا ثابتا يلازمه الزمان.. واعتبر افلاطون كلا من الماضي والمستقبل متغيران على الدوام في تغذية الحاضر المندثر المتوزع بينهما رغم التباين المختلف ان الماضي هو تاريخ وقائعي ثابت لحوادث. والمستقبل سيرورة متشكلة على الدوام بتغذية الحاضر بالجديد لها.
والسبب في غمط الحاضر كتحقيب زماني غير مدرك زمانا رغم حقيقة كونه مدركا موضوعيا فيزيائيا لا يكون بدلالة إدراكه الحسّي المباشر كزمن بل بدلالة تحقيبه تجسير ربط الماضي بالمستقبل كتاريخ احداث واقعية.
الحقيقة التي سبق لي تكرارها في أكثر من مقال لي أن الزمان في تحقيبه الارضي كزمان مجرد عن تاريخانيتة الى ماض وحاضر ومستقبل هو حدس يدرك بدلالة غيره من حركة أجسام يحتويها ويتمايز عنها بالمواصفات والكيفية. فنحن ندرك الزمن الماضي بدلالة وقائع ما يحتويه من احداث تاريخ، وندرك المستقبل بدلالة سيرورته التاريخية ألمتشّكلة على الدوام من معطيات التجدد بالحاضر وليس في زمانية مجردة نطلق عليها لفظة مستقبل.
ما يصنعه حاضرنا هو بناء مستقبلنا وفهم ماضينا حتى لو جاء على حساب نفيه الموجودي كتجسير ينفي نفسه ويستحدثها لاحقا على الدوام في محكومية ثنائية الجذب المتعاكس بين تذويت الماضي والمستقبل للحاضر والحكم على وهميته الحضورية حسب محدودية مدركاتنا العقلية.
هنا في تداخل بسيط نناقش به افلاطون يعتبر ألحاضر وهما غير موجود زمانا من حيث أن ما يفعله الانسان في كل حركة من حركاته هي بنية مستقبل غير منظور وليس حاضرا غير منظور لا يمتلك زمانية سكونية كافيّة لبقائه كي يدركه العقل. وكذلك يصبح ماضيا حين يجري إندغامه كحاضر بالماضي في إستعادتنا إستذكارنا تحقيب وقائع الماضي لا زمانيته. فاللغة مثلا التي يتكلمها الانسان هي لغة مستقبل زمانيّا وليست لغة حاضر غادر زمانيته وأصبحت تعبيرا عن ماض إنتهى لحظة الانتهاء من تعبير الجملة كما وتدخل العبارة كمساهمة جزئية في بناء المستقبل.
لذا نجد افلاطون يعبّر عن هذا المعنى (الحاضر لحظة غير معقولة لأنها تفترض البقاء ولو أقصر مدة فيما ليس هي بكائن على الاطلاق) بمعنى الحاضر ليس بكائن موجودي يدرك زمانا على الإطلاق حسب تعبير افلاطون نصّا. وهنا لا يمكن تخطئة افلاطون بتعبيره هذا كونه يتعامل مع زمان حاضر تجريدي على صعيد التصور الفلسفي الارضي لا يحتويه تاريخ وقائعي ثابت. الحاضر معطى في تشكيل حضور المستقبل وحتى عندما نقول الحاضر هو زمن مستقبلي لا نكون مخطئين.
وقائع ما ندركه حاضرا في حياتنا هي قسمة مشتركة بين ماض يحتضنها ومستقبل من السيرورة يختزنها قابلة للتطور والاضافة والتجديد عليها. الفرق بين الماضي والمستقبل ان وقائع الماضي تكتسب ثبات ادراكي زمني مفارق لها بدلالة استذكاراتنا الماضي. اما المستقبل فهو سيرورة متغيرة متطورة حركية يلازمها الزمن بحيادية دائمية فهو دلالة إدراك وليس جزءا من مواضيع الادراك.
الحاضر الزماني حسب تفسير افلاطون هو لحظة لا يعقلها العقل لتعّذر إدراكها، فهي بقاء مؤقت زائل لذا لا يكون الحاضر كائنا مدركا كمفهوم زماني. ولو أننا تماهينا مع افلاطون مع هذا التصور الزماني الميتافيزيقي الذي يبدو لنا صحيحا منطقيا، سوف نسقط في نفس الاستحالة الإدراكية في فهمنا للماضي، على ضوء فرضية أن الحاضر وهمي غير معقول وكذا نفس الحال مع المستقبل ما يجعل من تحقيب الزمان ماضيا وحاضرا ومستقبلا محض افتراضية عشوائية لا معنى لها سوى في إذهاننا فقط في محاولة ترتيب مدركاتنا واستيعابنا لمتغيرات العالم وموجودات الطبيعة من حولنا. ولا تحمل مدلولاتها الادراكية الزمانية الحقيقية فهي وقائع تاريخ وليس زمانا مستقلا.
وهذا التحقيب العشوائي الزماني كقطوعات تحقيبية هي موضع شك لا يمكننا البرهنة المنطقية العقلية عليه. كون هذه السلسلة من التعاقبات الماضي والحاضر والمستقبل جميعها ترجع الى أصل المشكلة أن الزمان ليس موضوعا مدركا للعقل لا بالصفات الانفرادية ولا بالماهية له...كما أن الزمان وحدة زمنية واحدة في عدم إدراكنا ماهية الزمن كموضوع مدرك فهو سرمدي أزلي لانهائي.. ما بعد الزمن الكوني لازمن ولا فراغ ولا عدم كون ادراكنا ازلية لانهائية الزمن امرا مستحيلا كي يتسنى معرفة ماذا كان قبل الزمن وماذا سيكون مابعد الزمن اللانهائي في مطلقه غير المدرك.
قطوعات الماضي والحاضر والمستقبل تعبيرات مجازية على الارض لزمن مجرد يستحيل إدراكه تجريدا، لكن ألمدرك الحقيقي لنا أننا ندرك هذه القطوعات الثلاث ليست زمنية بل قطوعات تاريخية فقط نعيشها في ماضيها وفي حاضرها وفي سيرورة مستقبلها.
الزمن والنفس
اود الاشارة الى أن علاقة النفس بالزمن علاقة طبيعية لا يمكن الفصل بينهما، وطبيعة النفس متغير غير ثابت امام مطلق زمني ثابت لا يتغير، هذا ليس نجده على مستوى علم النفس في الادراك الشعوري واللاشعوري الدارج للزمن، وهو تعبير خاطئ صحيحه هو الشعور واللاشعور يكونان في مصدر النفس وليس في مصدر الزمن.
حقيقة الارباك الذي اثاره الفيلسوف العقلاني العلمي جاستون باشلار حول رومانسية المكان على أنها زمن إسترجاعي ذاكراتي ناقص انما هوفي حقيقته تعبير مجازي عن الزمان. الزمن تجريد دلالة فقط وعند استذكار الماضي انما نحن نستذكر انطباعات نفسية وليس انتقالات زمانية. فنحن لا ندرك ما لا يمكن ادراكه كموضوع هو الزمن.
لتكن البداية من منطلق التساؤل هل يمكننا اسقاط رغائب النفس على السيرورة الحركية للزمن في الزاميه التنفيذ الاستجابي في تحقيق تلك الرغائب النفسية حتى لو حاولنا تطويع الزمن رضوخا في قبوله قطوعات النفس الساقطة عليه؟
لا نعتقد متاحا أن تكون هيمنة رغائب النفس على الزمن ممكنة التحقق. فالاسقاط الشيئي سواء كان ماديا أو موضوعا خياليا مستمدا من الذاكرة والمخيلة اسقاطيا على الزمن يبقى يدور في حلقة هيولية مفرغة خارج مركزية الزمن المحتفظ بماهية نوعية مطلقة لا تجانس أي إسقاط مادي أو خيالي عليه. الزمن في كل حالاته الموجودية لا يماثل اية مادة لا في الماهية ولا بالصفات التي يدركها العقل بالمادة فقط.
الصفة الرئيسية للزمن انه دلالة لمعرفة او إدراك شيء او موضوع. وأكثر من ذلك ان الزمن يلازم كل حركة مادية بحيادية تامة لكنه ليس حركة ندركها بدلالة جسم مادي او غيره. الزمن حسب تعبير ارسطو هو قياس مقدار حركة جسم لكنه ليس بحركة.
وفي محاولة معالجة الفلسفة تطويعها الزمن لرغائب النفس هي نوع من التحليق الرومانسي (حلم يقظة) يجد في ركوب وامتطاء رغائب النفس ظهر الزمان ممكنا واردا.
هذا الاسقاط الالزامي التطويعي يتوسط دائرتين دائرة النفس المنفتحة على الزمن إستذكاريا يقابلها دائرة الزمن المقفلة على نفسها ماهويا مطلقا المنفصلتين كلتاهما عن بعضهما ماهويا. فالفكر الاستذكاري للماضي ماهيته الادراك الخيالي، ودائرة الزمن المقفلة على نفسها ماهيتها المطلق غير المدرك عقليا.
من الممكن تصور أن تكون النفس زمانية ماضويا بدلالة تحقيب نفسي لازماني حقيقي لكن من المحال أن يكون الزمان مطيّة النفس في تداخل جوهري معها على صعيد المجانسة الماهوية النوعية لكليهما، ليبقى الزمن محتفظا في جوهره الماهوي المطلق في الانفصال التام عن النفس.
وتعليل هذا الالتواء القصدي احتمال نجد تبريره في سبب لا يتوفر للإنسان صيغة اسلوبية بديلة عنه أن تعيش النفس الزمان الاستذكاري الماضي بما يحقق رغائبها من غير إسقاطها المباشر على الزمن خارج التجريد المكاني. بمعنى توضيحي زمن حوادث التاريخ الماضي هي ليست زمن التاريخ الاستذكاري لها ونحن نعيش الحاضر.
في تعبير مقتصد جدا النفس هي إسقاط خيالي لحوادث تاريخية على زمان مطلق تعرف وتدرك تلك الاسقاطات بدلالته ولا يكون هو متداخلا بها منقادا لها. الزمان وعي حيادي لا يدرك ذاته ولا يدرك موضوعه بدلالة رجوعه الى ذاته. الزمان والطبيعة جوهران متلازمان ماهويا إنفصاليا لا يدركان علاقتهما بكل شيء يدركه عقل الانسان ولا يدركانه.
ما يدركه العقل ليس بالضرورة يكون مدركا زمانيا أي مدركا زمانا خارج العقل، ولا يكون الزمن ايضا مدركا طبيعيا أي تدركه الطبيعة. هنا نجد مهما الإبانة التوضيحية أن ما يدركه الانسان زمانيا هو إدراك متزامن مع مكان، لكن لا العقل يدرك المكان تجريدا من غير ملازمة زمانية له ولا الزمان يدرك ملازمة إدراك المكان مجردا مستقلا عن فاعلية العقل التي تحتوي الزمان والمكان معا.
اضف تعليق