منهج السيدة فاطمة الزهراء هو المنهج الإلهي حسب قول والدها رسول الله.ومن هنا يحدد الطريق والمنهج الصحيح والعقيدة النقية، والفطرة السليمة، والسنة النبوية الشريفة الحقيقية حسب قوله (ص) بان الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، وبالتالي يجب محبة واتباع من احب السيدة فاطمة الزهراء ورضت عنه، والابتعاد والتبري ومعاداة...

السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليست مجرد بنت سيد الخلق الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وزوجة ولي الله امير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأم سبطي النبي وريحانته الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) وليس فقط انها سيدة نساء العالمين، وليس فقط انها ام لكل من يقول جدي رسول الله (ص) وغير ذلك من روايات وأحاديث تذكر عظمة منزلتها في السماء قبل الارض.

 روي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج ذات يوم، وقد أخذ بيد فاطمة (عليها السلام)، وقال: «من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها، فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة منّي، وهي قلبي الذي بين جنبيّ، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله».

وليست السيدة فاطمة الزهراء مجرد أطهر نسب للنبي (صلى عليه واله وسلم) بل أكثر وأكثر عظمة ومكانة، بل هي قلبه وروحه ونفسه وجسده ونوره وأكثر..؛ وذلك حسب ما ورد عن النبي محمد (صلى الله عليه واله) أنه قال: ”فاطمة بضعة مني، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها“. فالنبي لا يريد ان يقول فاطمة مني، من حيث الدم والجسد المادي فقط، فالكل يعلم انها بهذه المنزلة العظيمة والكبيرة من أبيها سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وآله)، بل قال (ص) هي بضعة مني جزء وقطعة وتمثل مسار ومنهج حقيقي تحمل عن والدها كل العلوم والمعارف الإلهية والرسالية والأخلاقية.. فهي خير من تمثل والدها صلوات الله عليه وآله.

اي ان الزهراء (عليها السلام)؛ الصراط المستقيم وسفينة النجاة والمنهج الصحيح لرضا الله (سبحانه وتعالى) وذلك حسب قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): "فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ". 

وبالتالي من رضت السيدة الزهراء عنه فهو في رضاء الله، ومن غضبت عليه الزهراء فهو بعيدا عن رحمة الله.

منهج الزهراء منهج رسول الله

منهج السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هو المنهج الإلهي حسب قول والدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرواية السابقة.

ومن هنا يحدد الطريق والمنهج الصحيح والعقيدة النقية، والفطرة السليمة، والسنة النبوية الشريفة الحقيقية حسب قوله (صلى الله عليه وآله) بان الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، وبالتالي يجب محبة واتباع من احب السيدة فاطمة الزهراء (ع) ورضت عنه، والابتعاد والتبري ومعاداة كل من ظلم السيدة فاطمة الزهراء وغضبت عليه في كل زمن. 

ومن الطبيعي من يحب الله ورسوله يتبع منهج فاطمة الزهراء (عليها السلام) ويحب من يحبها لان فيه رضاء الله (عز وجل).

نور فاطمة وبيتها..؛ بوصلة محبة الله 

السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي نور بوصلة محبة الله (عز وجل) ورسوله ورضاه ومعرفة الحق والحقيقة.. في كل زمان ومكان، ومن بركات نور السيدة فاطمة (ع) غدت مقصدا للمؤمنين والمؤمنات، يتمسكون بها ويفتخرون بالانتماء إليها، ويحرصون على إحياء ذكرها (الزهراء) ونشر مظلوميتها والبراءة ممن اعتدى عليها وأغضبها و..، فما وقع على السيدة الزهراء (ع) ليست مجرد حادثة تاريخيّة..، بل هي أعظم جريمة أوجعت قلب سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وآله) وأخطر جناية وحشية لطمس ذكره ونوره ورسالته، وأعظم مظلومية بعد شهادة رسول الله (ص) وآثارها مازالت لغاية اليوم، وأصبحت مظلوميتها عنوانا لنصرة المظلوم ورفض الظالمين.

بيت فاطمة هو بيت آل النبي

وان إحياء ذكرى نهضة السيدة الزهراء (عليها السلام) هي تأكيد على التمسك بمنهجها الذي هو منهج والدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورفض كل ما حدث من عدوان على بيتها، وكل المحاولات التي يقوم بها اعداء الله ورسوله والزهراء بالتشكيك وإيجاد المبررات الشيطانية أو منع الحديث ونقل ما وقع من جريمة وعدوان على السيدة فاطمة الزهراء واهل بيتها (صلوات الله عليهم) وحرق باب دارها الذي هو أطهر البيوت!.

فطالما وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عند باب بيت فاطمة وعلي وهو يقرأ (ص): ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، واهل البيت أحب الخلق إليه، حيث روي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "لا يؤمن عبدٌ حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه و يكون عترتي أحبّ إليه من عترته، و يكون أهلي أحَبّ إليه من أهله، و يكون ذاتي أحَبّ إليه من ذاته"*. وقال (ص): "لا يدخل الإيمان قلب رجل حتى يحبّهم لله ولقرابتهم مني "*.

وقال أيضا (ص): "لا يؤمن رجل حتّى يحبّ أهل بيتي لحبّي ".

بيت الإمام علي والسيدة الزهراء وأبنائهما (عليهم السلام) هو محل نزول الوحي وعروج الملائكة وأصحاب أهل الكساء، فقد جاء في حديث الكساء ان رسول الله أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال: "اللهم إن هؤلاء أهلُ بيتي وخاصتي فأًذهِب عنهم الرجسَ، وطَهِّرهم تطهيراً، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهِب عنهم الرجسَ و طَهِّرهُم تطهيراً". وكان الرسول الأعظم (ص) يعشق اهل هذا البيت: علي وفاطمة وأبنائهما، يسلم على اهل البيت كل صباح ومساء ليطمئن عليهم، وهو آخر بيت يزوره عند ترك المدينة، وأول بيت يزوره عندما يعود للمدينة من باب الشوق وتأكيد عظمته.

ومن شدة احترام النبي الأكرم (ص) لأهل بيت علي والزهراء فهو لا يدخله من دون إستئذان، وذلك بطلب رباني.

إغلاق النبي (ص) كافّة الأبواب على المسجد إلّا باب بيت فاطمة (ع) وعندما سئل عن ذلك قال: "أمّا بعد فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ فقال فيه قائلكم، وإنّي والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكن أُمرت بشيء فاتّبعته". 

الله (سبحانه وتعالى) هو من يأمر نبيه بالاستئذان عند زيارة النبي (ص) بيت بنته السيدة فاطمة والإمام علي (ع)، وان يفتح باب بيت فاطمة على المسجد، وهذا يدل على مكانة أهل البيت علي وفاطمة والحسن والحسين واولادهم (عليهم السلام).

وبيت علي وفاطمة والحسن والحسين وأبنائهما هم من نزلت فيهم الآية القرآنية كما روي لما نزلت آية (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: «علي وفاطمة وابناهما».

والأعظم من ذلك ان الوصية الأخيرة للنبي الكريم (صلى الله عليه وآله) كانت تتعلق برسم الطريق الصحيح والسبيل للهداية والنجاة من الضلال من بعده، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إنّي تركت فيكم الثقلين، كتاب الله وأهل بيتي"، ثم قال الإمام الصادق (عليه السلام): "فنحن أهل بيته".

وكل ذلك يدل على حرص الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) على تأكيد قدسية واحترام بيت علي وفاطمة (صلوات الله عليهما) في قلوب وعقول وضمائر الأمة بعد شهادته ورحيله (صلى الله عليه وآله)، وحصر النجاة للامة بالكتاب والعترة الطاهرة آل البيت عليهم السلام.

بيت علي وفاطمة هو بيت النبي (صلى الله عليه وآله) حسب ما ورد في الكثير من الروايات منها حديث الكساء والمباهلة، وهو بيت له قدسية واحترام كبير لإرتباطه بالله (سبحانه وتعالى) ونبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله). 

أين الأمة من تلك الروايات والأحاديث المتواترة عند جميع المسلمين من احترام اهل البيت (عليهم السلام) والتقرب منهم فهم سبيل النجاة؟.

لماذا الاعتداء على آل البيت (ع) واستهدافهم، وخاصة السيدة الزهراء (عليها السلام) من قبل من رأى النبي (ص) وسمع منه ما يرسخ مكانة ومقام السيدة الزهراء؟!.

النهضة الفاطمية (ومعاني بضعة النبي)

السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أول مسلمة رفعت راية النهضة والنضال للدفاع عن المنهج الإسلامي المحمدي الأصيل بعد شهادة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حيث وقفت بوجه من تجاوز الحد الشرعي ورفض تنفيذ أمر الله و وصية رسول الله (ص)، باختيار خليفة النبي (ص) ووصيه الشرعي المعين من قبل الله (سبحانه وتعالى)، إمام الأمة بعد الرسول الأعظم (ص) وهو الإمام علي (عليه السلام)، والاعتداء على سيدة نساء العالمين وعلى بيتها (بيت النبي وآله) وحرق بابه، والعدوان على ولي الله، في مخالفة واضحة لأمر الله ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) وخاصة في احترام وتقدير حبيبته وعزيزته وكريمته ومهجته التي قال عنها (ص): "فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني".

وكل العجب ان من اعتدوا على السيدة الزهراء (ع) وحرقوا باب دارها..، قد سمعوا تلك الأحاديث والروايات مباشرة من النبي (ص) حول محبته لابنته الزهراء (ع) والتحذير من إغضابها وإيذاؤها، المعتدون شاهدوا رسول الله (ص) يقف بشكل يومي على باب بيت علي والزهراء (صلوات الله عليهم) ويقرأ الآية الكريمة: "(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)"، التي نزلت في حق أهل البيت بيت ال النبي بيت فاطمة وعلي كما ورد في الروايات الكثيرة!!.

ما قام به القوم يعبر عن الحقد والحسد والضغينة والانتقام.. من النبي وآله (صلوات الله عليهم) أي انها عملية انقلاب وارتداد؛ باسم الدين!.

وهذا هو الأمر الخطير جدا الذي جعل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تقوم بدورها الشرعي والأخلاقي والتحرك للحفاظ على حقيقة الرسالة الإسلامية الصحيحة..، وللمطالبة بإحقاق الحق والحقوق، ونصرة المظلوم، ومقاومة الظلم والطغيان والفساد.

معاني فاطمة بضعة النبي

الحديث النبوي الشريف (صلى الله عليه وآله) (ص): "فاطمة بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، من آذاني فقد آذى الله" وفي رواية اخرى روي انه قال (ص): ”فاطمة بضعة مني، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها“. يدل على عظمة شخصية فاطمة الزهراء (عليها السلام) وعلو شأنها عند الله ورسوله والأئمة، وأنها متفردة، بانها جزء وقطعة في المقام والمكانة والتمثيل الجسدي والروحي والرسالي.. للرسول الأعظم محمد (ص)، وهذه الروايات تشير إلى ترسيخ محبة السيدة الزهراء (ع) وان محبتها من محبة الله ورسوله، كما يدل الحديث على ان سيدة نساء العالمين الزهراء (ع) معصومة عن الأخطاء، لان الله يرضى لرضاها، ويغضب لغضبها، فرضاها رضاء الرب كما ان غضبها يمثل غضبه (عز وجل).

فلا يجوز إيذاؤها بأي شيء، وليس هناك سبب كي تتعرض للاذى مهما كان..، فهي معصومة؛ ولأنها كذلك فهي حجة على الأمة وذات مكانة عالية عند عامة الناس والعلماء والصالحين.

وحول معاني كلمة البضعة في الحديث النبوي الشريف ”فاطمة بضعة مني، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها“. يقول سماحة آية الله السيد منير الخباز (حفظه الله) ".. والبضعة هي القلب، فكأنه يقول: فاطمة قلبي الذي بين جنبي، هذا التعبير أعظم مدلولاً من التعبير بكلمة مني، فكلمة مني وأنا منه تشير إلى المسانخة والمشابهة، فهو عندما يقول: ”علي مني وأنا منه“ أو ”الحسين مني وأنا منه“ فهذا التعبير يعني أن هناك مسانخة ومشابهة بيني وبين علي، بيني وبين الحسين، ولكن عندما يعبر بالبضعة، فالبضعة تعني مدلولاً أعظم من المسانخة، وأعظم من المشابهة، البضعة تعني التمثيل ”بضعة مني“ تعني هي صورة عني، تمثلني، تجسدني، ”فاطمة بضعة مني“ أي أن فاطمة صورة أخرى عني، ومثال آخر عني، يجسدني ويمثلني في تمام فضائلي ومناقبي وتفاصيل حياتي.

إذن هناك فرق بين التعبير بمني الذي يفيد المسانخة والمشابهة، وبين التعبير بضعة مني فإن البضعة بمعنى القلب، تفيد التمثيل وأن هذا الشخص صورة أخرى عن النبي محمد.

ويضيف آية الله السيد منير الخباز (حفظه الله): المعنى الثاني: أن كلمة بضعة مني تشير إلى أن قلب النبي وقلب الزهراء اشتركا في دور واحد، وفي منقبة واحدة، أي أن الله أعطى لقلب فاطمة دورا أعطاه لقلب النبي (صلى الله عليه وآله)".

النهضة الفاطمية

مظلومية السيدة الزهراء (ع) وشهادتها هي بداية مشروع النهضة الفاطمية لنصرة الحق والحقيقة والعدل ونصرة المظلوم ورفض الظلم والطغيان والعدوان.

لقد حاولت الزهراء (عليها السلام) استنهاض الأمة؛ بخطبتها المشهورة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الروضة الشريفة، حيث ذكرت الحضور من الانصار والمهاجرين الرجال والنساء بمنطق وحديث وأسلوب والدها النبي الكريم (ص)، وأوضحت الموقف الشرعي مما حدث وقدمت الأدلة الشرعية والاحتجاج على من قاموا بالانقلاب وبطلان حكومتهم وإظهار زيف دعواهم.

ومن سبل استنهاض الأمة التي قامت بها السيدة الزهراء (عليها السلام) ذهابها إلى بيوت اهل المدينة (الانصار والمهاجرين) رغم آلامها وأوجاعها..؛ وتذكيرهم بكلام ووصايا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ومنها؛ تنصيب خليفته ولي الله الإمام علي (عليه السلام) في يوم الغدير ومبايعتهم لعلي بذلك، ومكانة اهل البيت ومكانتها عند النبي والدها (ص) الذي أكد اكثر من مرة على احترامها بانها روحه ومهجة فؤاده وقطعة منه ومن تمثله.. ومما قال (ص): ”فاطمة بضعة مني، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها“.

وطلب نصرتها والشهادة بحقها في فدك والميراث، وما تعرضت له من اعتداء بلطم وجهها وادخال المسمار لصدرها وإسقاط جنينها وحرق باب دارها …، وطلب النصرة والوقوف مع الحق واهله حق الخليفة المنصب من الله تعالى عبر نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله).

واستمرت في موقفها الرسالي بالاحتجاج ورفض الانقلاب والظالمين من جهة، ومحاولة استنهاض الامة من جهة أخرى حتى شهادتها (عليها السلام).

وقبل شهادتها، أوصت السيدة الزهراء (عليها السلام) زوجها الإمام علي (عليه السلام) أن لا يحضر تشييعها ودفنها كل الانقلابيين ومن أيدهم، ومن أمر وشارك وقبل و.. بالاعتداء عليها، فغسلت وشيعت ودفنت سرا.. وتم إخفاء قبرها، كتعبير عن الغضب الفاطمي، لدرجة رفضها ان يقف اي شخص من الانقلابيين والظالمين والمعتدين عند قبرها ولو لطلب العفو … ولو بعد رحيلها؛ لتبقى حرارة الغضب الفاطمي سرمديا ضد الظالمين مشتعلة في قلوب شرفاء واحرار الأمة والعالم وتنتقل من جيل إلى جيل.

إخفاء قبر السيدة الزهراء (رسالة حق وعدالة ومظلومية)

من أسرار إخفاء مكان قبر السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هو إعلان عن قضية حق وحقوق وعدالة.. ما زالت قائمة؛.. حيث الحقوق وإحقاق الحق وتحقيق العدالة لا يسقط بالتقادم الزمني مهما طال، فالحقوق محترمة ومقدسة.

وربما أرادت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بوصيتها أن تدفن ليلا وإخفاء مكان قبرها؛ كتعبير عن مظلوميتها وسخطها وإحقاق الحق والعدالة، والإبقاء على ملف قضية مظلوميتها مفتوحا؛ وفي ذلك دلالة واضحة على حجم قضية السيدة الزهراء (ع) بانها ليست مجرد قضية حادثة تاريخيّة عابرة بل قضية رسالية دينية واخلاقية وانسانية حية، قضية لكل إنسان حر شريف في كل مكان وزمان فالنهضة الفاطمية ضد الحكام الظالمين نهضة عالمية ومازالت مؤثرة.

كما ان في إخفاء مكان قبرها، ترسيخ لقضية مظلومية الزهراء (ع) واحياء لقضيتها التي تمثل قضية حق وعدالة وصوت ضمير البشرية ضد الظلم والطغيان والاستبداد، وان حادثة قضية العدوان على السيدة الزهراء (ع) حية وجروح الحادثة المؤلمة والمظلومية المفجعة ما زالت قائمة تنتقل من جيل إلى جيل،.. فهناك حق لمن تمثل النبي الكريم (ص) والرسالة الإسلامية وضمير الإنسانية؛ يجب رفع ظلامتها وتحقيق العدالة.

وقد يكون من أسباب إخفاء قبر السيدة الزهراء (ع) الحفاظ على طهارة ومقام وحرمة القبر، ولعلم الزهراء وزوجها الامام علي (سلام الله عليهما) حقيقة زمرة القتلة الذين اعتدوا على الزهراء (ع) في حياتها والتسبب بشهادتها؛ وبالتالي فلا يوجد ما يمنعهم من ارتكاب جرائم أكبر وانتهاكات أعظم ومنها نبش قبرها والاعتداء على جثمانها!.

ولا غرابة في ذلك فالقتلة أظهروا عدم احترام النبي (ص) بقتل بضعته وروحه وبهجة قلبه؛ بإصرار وتحدي إجرامي بمخالفة أوامر الله ورسوله، حيث إنهم يعلمون مقام ومكانة الزهراء عند الله (سبحانه وتعالى) ونبيه الكريم (ص)، حيث روي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال بشأنها: "فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني". وقال أيضا ( صلى الله عليه و آله): "يا فاطمة إنّ اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك"، وهناك الكثير من الروايات والأحاديث التي سمعها ونقلها الصحابة.

ورغم كل ذلك عندما أرادوا الاعتداء على بيت فاطمة (ع) قيل لهم ان في الدار فاطمة - من باب التحذير من القيام باي عمل فيه اذية ويغضب الزهراء - ولكنه صاح: وإن! وقام برفس الباب وضرب الزهراء ولطمها والتسبب بسقوط جنينها..!!.

فكيف سيتعامل المعتدون المجرمون مع جثمانها وقبرها؛ لإخفاء اي وجود يشير للسيدة الزهراء (عليها السلام) ومحاولة لطمس جريمتهم؟.

وأين القوم من قول (رسول الله صلى الله عليه وآله) حيث روت السيدة فاطمة الزهراء (ع) عن والدها (ص) قال: " المرء يحفظ في ولده". لماذ لم يحفظوا رسول الله (ص) في ولده السيدة الزهراء، وحفظ منزلته وكرامته؟!. 

الزمرة المعتدية على بيت ال النبي (ص) - بيت علي وفاطمة - كانوا يجدون في الزهراء (ع) خطرا على مشروعهم الانقلابي، حيث انها (ع) تمثل الإسلام المحمدي الأصيل في حياتها، فهي بضعة النبي لقوله (صلى الله عليه واله): "فاطمة بضعة مني". وخير من تمثله وتحمل رسالته، منطقها وحديثها منطق وحديث رسول الله (ص) وهي أشبه الناس بوالدها (ص).

وبالتالي فالزمرة الظالمة تشعر بالخوف الشديد من أن تتحول الزهراء بوجود شاهد لها ولو كان قبرا باسمها إلى رمز للمظلومية ورفض الظلم والظالمين وخاصة الحاكم، ودافع للنهضة والثورة ضد الانقلابين؟.

ان إخفاء مكان قبر السيدة الزهراء (سلام الله عليها) رسخ مظلوميتها منذ الهجوم على دارها وشهادتها؛ وشكل ادانة ثابتة على المعتدين المجرمين تلاحقهم عبر التاريخ، وفشل وعدم قدرة كل من حاول ايجاد مبرر للزمرة المجرمة رغم ما تملكه من سلطة حاكمة؛ و إخفاء القبر جعل قضية الزهراء حية لا تموت وجروح الحادثة المؤلمة والمظلومية المفجعة ما زالت تنبض في قلوب الشرفاء وتجدد المصاب..، والاصرار على رفع ظلامتها.

ومع مرور الزمن أصبحت الزهراء رمزا حيا للمبادئ والقيم الدينية وأيقونة النهضة والثورة ضد الظالمين، ونتيجة عدم معرفة مكان قبر الزهراء (ع) تحول قلب كل محب للزهراء وأبيها وبعلها وبنيها (صلوات الله عليهم) إلى قبر للسيدة الزهراء يتجاوز المكان والزمان.

ينبغي على محبيها والشرفاء والأحرار تحمل المسؤولية للمطالبة بحقها وبحمل راية المظلومية والغضب الفاطمي، ونصب مآتم الحزن السرمدي على ما تعرضت له من ظلامة عظيمة، والقيام بالنهضة والثورة لإحقاق الحق والعدل والإصلاح والحرية والكرامة ونصرة قضية الزهراء (ع)..؛ فالغضب الفاطمي والحزن لمصابها سيستمر طوال التاريخ حتى ظهور الإمام المهدي (عج) ولا يمكن الاعلان عن قبرها إلا بعد أخذ حقها في الدنيا قبل الآخرة. فإخفاء مكان قبرها رسالة حق وعدل وغضب ومظلومية وثورة ضد الظلم والطغيان.

لقد أصبح اسم فاطمة الزهراء (عليها السلام)، يهز عروش الطغاة والظالمين.. ومازال كذلك منذ أكثر من 1400 سنة.

وغدت السيدة الزهراء (عليها السلام) منهجا للرسالة وأعظم قدوة وأسوة حسنة، وصوتا حرا للمطالبة بالحقوق والعدالة والكرامة، وعنوانا للثوار والمناضلين في كل عصر. ونهضت لمطلوميتها ثورات وقامت دول عظمى باسمها مثل الدولة الفاطمية.

ان بداية المظلومية على بيت آل النبي (صلى الله عليه وآله) وقعت حينما تجرأ القوم على شن العدوان الاجرامي الوحشي على بضعة النبي وحبيبته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي لم تبلغ العشرين من عمرها!.

انه تجرؤ واعتداء ومخالفة لأوامر الله (عز وجل) ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وهذا التجرؤ الإجرامي الوحشي من قبل القوم الذين كتبوا التاريخ لأنهم سلطة…، قد فتحوا باب انتهاك حرمة بيت ال النبي (ص) والاعتداء عليهم وقتلهم واستهداف شيعتهم ومحبيهم، ومنع الحديث ونقل حادثة الاعتداء على بيت ال النبي بيت علي وفاطمة (ع) والهجوم عليها، وعصر فاطمة (ع) بين الباب والجدران ولطمها وادخال المسمار في صدرها وإسقاط جنينها وحرق باب دارها.. وذكر تفاصيل الجريمة المؤلمة تم منع تناولها وتغييبها من سيرة التاريخ الإسلامي ومن المناهج الدراسية ومن وسائل الإعلام، ومنع تناولها ومعاقبة كل من يتحدث عنها وأصبح الكثير من المسلمين يجهلون ما حدث إلا شيعتها ومحبيها والاحرار والشرفاء الذين يتحملون الكثير من الملاحقة والاستهداف نتيجة ذكر وإحياء مظلومية الزهراء (عليها السلام).

في هذا العصر حيث تحول العالم إلى قرية صغيرة، وأصبحت المعلومة متاحة النشر..، تمكن الشرفاء من الحديث حول جريمة الاعتداء على الزهراء (ع) بصوت مرتفع ليتعرف كل إنسان على حقيقة حادثة الاعتداء على الزهراء الموجودة في كتب كثيرة..، يمكن الوصول إليها بسهولة بفضل برامج التواصل والإنترنت.

نحن في هذا الزمن نرى اهتماما كبيرا بإحياء مظلومية السيدة الزهراء (عليها السلام) لكل الروايات ولأيام وليالي وأصبح موسم للمظلومية باسم الليالي الفاطمية.

وفي هذا العصر سقط كل من حاول التشكيك بالروايات حول مظلومية الزهراء (ع) وحادثة الاعتداء عليها وحرق باب دارها، وسقطت كل المبررات.. حيث ظهرت الحقيقة والرد على كل الشبهات والتشكيك، بفضل العلماء الأعلام وجهود الشرفاء عشاق بيت ال النبي الكريم (صلى الله عليه وآله).

ستبقى راية النهضة الفاطمية ومظلوميتها مرفوعة حتى ظهور الإمام المهدي (عج) الذي سيقيم العدالة على وجه الأرض بعدما ملئت ظلما وجورا، ويقتص من ظالمي جدته فاطمة الزهراء (عليها السلام).

فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة العدالة والنضال والنهضة والمعارضة؛ فهي أول من ناهض وناضل لإحقاق الحق والعدل..، ورفع راية المعارضة وواجه من وضع نفسه حاكما في التاريخ الإسلامي.

السلام عليكِ يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين.

السلام على بضعة ومهجته الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).

السلام على زوجة وحبيبة امير المؤمنين.

السلام على ام الحسن والحسين

السلام على نور الله وحجته

السلام على صاحبة الضلع المكسور

السلام على الجنين المظلوم

السلام على من دفنت ليلا وسرا.

اللهم اجعلنا من المتمسكين بمنهج محمد وآل محمد، على ولاية أمير المؤمنين والمدافعين عن مظلومية سيدة نساء العالمين، واجعلنا من المنتظرين ظهور الإمام المهدي ومن أنصاره وأعوانه (عج)، وأرزقنا شفاعتهم بحق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والمستودع المكنون فيها.

اضف تعليق