ظاهرة تجنيد النساء المقاتلات في صفوف تنظيم "داعش" وباقي التنظيمات الارهابية المتطرفة الاخرى، لاتزال من اهم القضايا التي تشغل اهتمام الرأي العام العالمي خصوصا بعد ازدياد اعداد النساء المجندات في صفوف تنظيم داعش الارهابي، واكتشاف بعض الشبكات التي تعمل على تجنيد النساء والفتيات للانضمام إلى التنظيم في عدة دول، بما فيها بعض الدول الأوروبية.
حيث يرى بعض المراقبين ان هذا التنظيم الارهابي قد سعى الى استخدام النساء كورقة استقطاب مهمة على شبكات التواصل الاجتماعي لاستدراج عناصر اضافية من خلال اعلان فتوى (جهاد النكاح) وتحفيزهم على القيام بعمليات ارهابية. وهو ما عده بعض الخبراء عنصر قوة قد يسهم في نمو تنظيم داعش الارهابي على نطاق اوسع. وترتبط ظاهرة "الداعشيات" وكما تشير بعض المصادر بأبعادٍ أخرى، حيث لا تقتصر مشاركاتهن على حمل السلاح فقط، فهن يقمن بأعمال أخرى، منها التمريض، ورعاية الجرحى، أو توصيل المال من دولةٍ أو أخرى، أو في العمل بالشرطة النسائية، وكذلك المساعدة في الدعاية والظهور في وسائل الإعلام، إضافةً إلى التدريب على حمل الأسلحة الخفيفة.
ويقدر عدد "السيدات" بحوالي 10% من عدد المقاتلين الأجانب في صفوف "داعش"، وينحدرن من عدة دول غربية وإسلامية، على رأسها دول شمال إفريقيا وآسيا الوسطى وأوروبا، ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد الداعشيات حتى الآن، وإن كان هناك تفاوت بين الدول في أعداد مواطنيها من السيدات اللاتي انخرطن في صفوف التنظيم. فمثلا تُعد فرنسا إحدى أهم الدول المُصدِّرة حيث يوجد ما يقرب من 100 إلى 150 امرأة فرنسية وفقًا لمصادر أجنبية، بعد استبعاد العائدات من اللاتي لم يتمكنَّ من العيش في ظروف الحياة الصعبة في التنظيم.
المزيد من النساء
وفي هذا الشأن فقد أعرب هانز جورج ماسن رئيس وكالة المخابرات الداخلية الألمانية عن خشيته من تزايد عدد النساء اللواتي يتوجهن إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف مقاتلي تنظيم داعش. وقال ماسن للصحفيين في برلين إن عدد النساء دون 25 عاما اللواتي تغادرن ألمانيا للانضمام إلى التنظيم المتشدد ازداد بشكل كبير. وأضاف أن حوالي 100 من نحو 700 ألماني في مناطق القتال من النساء مشيرا إلى أن نصفهن دون 25 عاما.
كما لوحظ انضمام المزيد من النساء الغربيات إلى التنظيم بأعداد تفوق تلك التي سجلت في الحركات الإسلامية المتطرفة التي نشأت قبلها وخصوصا من دول ذات أقليات مسلمة كبيرة مثل بريطانيا وفرنسا. وقال ماسن "شهدنا ارتفاعا في عدد النساء اللواتي تجذبهن بشكل متزايد أنشطة التجنيد على الانترنت وعبر اشخاص يقومون بالاتصال المباشر" مضيفا ان عدد المتعاطفين مع التنظيم المتشدد في المانيا وصل إلى 7500. وأضاف "التهديد يزداد تعقيدا." بحسب رويترز.
واشار إلى أن نحو 100 شخص ممن غادروا ألمانيا للانضمام إلى المتشددين قتلوا مضيفا أن هناك مؤشرات على أن عدد الذين قتلوا ارتفع بشكل ملحوظ منذ بداية عام 2015. كما عاد نحو ثلث من غادروا ألمانيا للانضمام إلى التنظيم المتشدد واكثر من خمسين شخصا منهم خاضوا تجارب قتالية فعلية. وفي سبتمبر أيلول الماضي قالت المستشارة الألمانية إن نحو 400 ألماني ومئات غيرهم من جنسيات أوروبية مختلفة سافروا الى المنطقة للانضواء في صفوف تنظيم داعش.
عروس الجهاد
من جانب اخر قال بحث بريطاني جديد إن أعداد بنات العائلات ميسورة الحال تتزايد بين نساء الغرب اللاتي ينضممن لتنظيم داعش وإنهن يكن في كثير من الأحيان حاصلات على تعليم جيد ولديهن مفاهيم رومانسية سرعان ما تبددها خشونة حياة "عروس الجهاد". لكن لم تبذل جهود كثيرة لتفسير "هذه الزيادة التي لم يسبق لها مثيل" في عدد من ينضممن لداعش أو يتخذ إجراء وقائي لمنع سفرهن.
وحمل التقرير عنوان "حتى تفرق بيننا الشهادة" وجاء فيه أن "المجندات الغربيات يحطمن القوالب الجاهزة الخاصة بمن هن عرضة لخطر التطرف والانخراط في الجهاد وشبكات التشدد العنيف." وذكر التقرير أن أعمار المجندات الغربيات في التنظيم تقل على نحو متزايد وبعضهن من بنات العائلات ميسورة الحال ويكن في أحيان كثيرة حاصلات على تعليم جيد وأضاف أنهن يلعبن أدوارا "مهمة" في مجالي الدعاية والتجنيد.
واستنادا إلى نشاط أكثر من مئة امرأة غربية على وسائل التواصل الاجتماعي ممن يعتقد أنهن انضممن للمتشددين قال الباحثون إن هناك أسبابا مختلفة لانضمام النساء للتنظيم. وقال التقرير "إن افتراض أن الإناث ينضممن لداعش أساسا ليصبحن عرائس الجهاد ينطوي على تبسيط للأمور وهو قبل كل شيء غير صحيح." ولنفس أسباب انضمام الرجال للتنظيم تشعر النساء بالعزلة الاجتماعية والثقافية ويعتقدن أن المسلمين مضطهدون ويشعرن بالغضب لعدم فعل شيء حيال ذلك.
وتنجذب النساء أيضا إلى تصور مثالي عن الواجب الديني وإحساس بالأخوة وعشق المغامرة. لكن الحياة في كنف داعش بعيدة عن الصورة التي تراها النساء على الانترنت. فالأوضاع قاسية وبعضهن يصبحن أرامل في سن صغير. وقال التقرير "مسؤولية المرأة الغربية في الأراضي التي تسيطر عليها داعش هي أولا وقبل كل شيء أن تكون زوجة صالحة للزوج الجهادي الذي تتم خطبتها له وأن تصبح أما للجيل المقبل من الجهاديين." وأضاف "لكن هناك أيضا تصورا عن شكاوى الحياة اليومية بالنسبة للإناث اللاتي كثيرا ما يتم عزلهن في المنازل في ظل أوضاع صعبة وكذلك حقائق العيش في منطقة صراع في أراض يحكمها إرهابيون." بحسب رويترز.
وخلص التقرير إلى أن هناك حاجة لرسائل "مضادة للتشدد" تستهدف النساء على نحو خاص لتوضح بالتفصيل ابتعاد الحياة في ظل داعش عن الصورة المثالية إلى جانب وضع برامج أفضل للعائدات من سوريا والعراق بهدف مكافحة الفكر المتشدد وإدماجهن مرة أخرى في المجتمع.
أدوار كبيرة
في السياق ذاته أكدت مصادر أمنية في واشنطن أن الجيش الأمريكي بدأ ينظر في فرضية قيام زوجات عناصر وقادة تنظيم داعش، بأدوار كبيرة على صعيد عمل التنظيم من خلال شبكات العمل والاتصالات وذلك لاعتقادهم بأن القوات الأمريكية لا تعير نساء التنظيم الكثير من الاهتمام والمراقبة. وكانت قوة أمريكية خاصة قد قامت في وقت سابق بتنفيذ غارة أدت إلى مقتل القيادي في التنظيم، المعروف باسم "أبوسياف" الذي يعتقد أنه يلعب دورا على صعيد العمليات المالية لداعش، وترافق ذلك مع القبض على زوجته التي نظرت الأجهزة الأمنية الأمريكية إليها على أنها "كنز من المعلومات" قادرة على تقديم تصور أوضح حول عمل واتصالات التنظيم. بحسب CNN.
وأكدت المصادر الأمريكية أن القوات الخاصة التي نفذت الغارة تمكنت أيضا من الاستيلاء على كميات كبيرة من المعلومات المخزنة على أقراص صلبة، مضيفة أن واشنطن نفذت مؤخرا غارة أدت إلى مقتل قيادي كبير في داعش "أمير" بشرق سوريا، وذلك بناء على معلومات حصلت عليها من تلك الأقراص. أما عن التجارة النفطية لداعش، فقد قالت المصادر إن الجيش الأمريكي بات متأكدا بأن نصف عوائد داعش النفطية تخصص للعمليات العسكرية وتمويل النشاطات المسلحة، أما النصف الآخر فيدفع كأجور للعمال ولدعم عمليات الإنتاج وإصلاح الأضرار الناتجة عن الغارات الدولية. ودل هاتف أبوسياف على أن الأخير كان خلال فترة معينة على اتصال مباشر بأبوبكر البغدادي، "الخليفة المعلن" للتنظيم.
بين الانضمام والقانون
على صعيد متصل انضمت ربة اسرة من سيدني الى صفوف تنظيم داعش في سوريا، تاركة ولديها في استراليا التي توجه اكثر من 100 من مواطنيها للقتال مع الجهاديين، كما ذكرت صحيفة محلية. واوضحت صحيفة سيدني ديلي تلغراف ان ياسمينة ميلوفانوف (26 عاما) التي اعتنقت الاسلام غادرت منزلها تاركة ولديها (5 و7 سنوات) في عهدة حاضنة ولم تعد بعد ذلك ابدا. وقال زوجها للصحيفة انها بعثت له برسالة نصية قالت فيها انها في سوريا.
واضاف الزوج الذي لم تكشف هويته "لا افكر إلا في ولدي. لا استطيع ان اصدق انها تركتهما. وقال لي ابني بعد ايام على رحيلها آمل ان تكون امي بخير". واوضح "قبل (مغادرتها)، تحدثت معها (عن رسائلها على فيسبوك). قلت لها ان هذا تطرف وغباء وحذرتها من هذه العلاقات".
وياسمينة ميلوفانوف صديقة على شبكة التواصل الاجتماعي مع زهرة دومان في ملبورن والتي قتل زوجها محمود عبد اللطيف في مطلع العام بينما كانت يقاتل مع التنظيم. وتعرف زهرة دومان في استراليا بأنها تعمد عبر الانترنت "الى تجنيد نساء من اجل تزويجهن من الجهاديين". واكدت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز انها تجري تحقيقا في قضية ميلوفانوف.
واعرب مايكل كينان الذي عين وزيرا مكلفا مكافحة الارهاب عن قلقه من اقدام والدة على ترك ولديها من اجل الالتحاق بالجهاديين في سوريا. وقال ان "كل استرالي يشارك في هذا النزاع يقلق كثيرا الحكومة الاسترالية. اننا نراقب الوضع". وقد خصصت كانبيرا حوالى مليار دولار (715 مليون يورو) لمواجهة التهديد الارهابي، كما احبطت السلطات هذه السنة عددا كبيرا من محاولات تنفيذ اعتداءات في البلاد.
الى جانب ذلك اوقفت السلطات التركية طالبة روسية في ال19 بينما كانت تحاول العبور الى سوريا، حسبما اعلنت وزارة الداخلية الروسية. وجاء في بيان صدر عن الوزارة ان فرفارا كارولوفا الطالبة في العلوم السياسية في جامعة موسكو اوقفت في كيليتش نقطة العبور الوحيدة الى سوريا. واضاف البيان ان توقيف كارولوفا كان ممكنا "بفضل الانتربول وتنسيق الجهود بين قوات الامن التركية والروسية".
واشارت وكالة ريا نوفوستي الروسية الى ان الشابة "التي كانت تهتم بالإسلام وباللغة العربية"، غادرت روسيا قائلة لأهلها فقط انها ذاهبة الى الجامعة. وفي مساء اليوم نفسه، ارسلت رسالة قصيرة الى والدتها لتطلب منها ان تاخذ الكلب في نزهة. من المفترض ان تقوم السلطات التركية بنقل الشابة الى الممثلية الدبلوماسية الروسية تمهيدا لترحيلها. بحسب فرانس برس.
وقامت السلطات التركية مؤخرا بتعزيز الرقابة على حدودها وذلك بعد تعرضها لانتقادات عدة لعدم تصديها بشكل كاف لشبكات تجنيد الجهاديين الذين يعبرون حدودها الى سوريا. واوقفت الشرطة التركية في جنوب شرق البلاد فرنسية كانت عائدة من سوريا حيث تزوجت مقاتلا في صفوف التنظيم. واوضح مسؤول تركي لم يشأ كشف هويته انه تم اعتقال صونيا بلياتي (22 عاما) في محافظة شانلي اورفا بفضل معلومات ادلت بها فرنسا. واضاف المصدر نفسه ان الشابة كانت وصلت في اذار/مارس الى تركيا عبر اسطنبول قبل ان تدخل في شكل غير قانوني الى سوريا للانضمام الى "داعش". ولفت الى "انها عملت لحساب التنظيم الارهابي لثلاثة اشهر. ثم تزوجت مقاتلا اجنبيا في التنظيم".
من جهة اخرى قضت محكمة بلجيكية على سبع نساء بأحكام بالسجن بتهمة دعم تنظيم داعش ونشر المفاهيم المتشددة بين الشابات لإقناعهن بالتوجه الى سوريا للانضمام الى صفوف الجماعة والزواج من مقاتليها. وقالت المحكمة الواقعة في انتويرب إن أربعة من النساء -وهن خمس بلجيكيات وهولندية واحدة ومغربية واحدة- لم يحضرن الجلسة لسماع النطق بالحكم ويعتقد أنهن في سوريا ضمن كتائب الجهاديات بتنظيم داعش.
وصدرت على الأربعة عقوبات غيابية بالسجن خمس سنوات لكل منهن بتهمة القيام بأنشطة مع الجهاديات منها تسيير دوريات وحراسة مداخل بلدات ومدن في سوريا. أما اللائي حضرن الجلسة فقد تمت ادانتهن بتهمة تسهيل مغادرة المجندات وجمع أموال للمنظمات الساعية الى بث الأفكار المتشددة بين الفتيات. وصدرت ضدهن أحكام بالسجن تراوحت بين 20 الى 30 شهرا. وفي فبراير شباط الماضي حوكم 45 رجلا ينتمون لجماعة الشريعة من أجل بلجيكا الإسلامية المتشددة واتهموا بالانتماء لمنظمة ارهابية. وحكم على زعيم هذه الجماعة بالسجن 12 عاما.
البحث عن الجهاديات
في السياق ذاته تتفحص ميلاني سميث الباحثة في كينغز كوليج في أحد المكاتب في وسط لندن بواسطة جهاز الكمبيوتر الخاص بها حسابا على موقع تويتر يعود لمراهقة تبلغ من العمر 17 عاما انضمت الى تنظيم داعش. وتقول الباحثة (23 عاما) "هنا اعلان لحظة مقتل زوجها" في تغريدة تعود الى اشهر خلت حيث يمكن قراءة عبارة "اتضرع ان يتقبل الله زوجي شهيدا".
وفي الحساب ذاته كمية من التغريدات المعادة ولقطات فيديو دعائية لتنظيم داعش ومقالات صحافية خصوصا خلال فترة الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة شارلي ايبدو في باريس في كانون الثاني/يناير الماضي.
وهذا الحساب واحد من تلك العائدة لسلمى هالاني الطالبة التي فرت من مانشستر في تموز/يوليو 2014 مع شقيقتها التوام زهراء للانضمام إلى التنظيم في سوريا. والتوأم بين نحو 550 من النساء في الدول الغربية انضممن الى التنظيم المتطرف في سوريا والعراق. ووضعت سميث وزميلتها ارين سلتمان من معهد الحوار الاستراتيجي قائمة تتضمن 108 من مجموعة النسوة عبر التدقيق في انشطتهن على شبكات التواصل الاجتماعي ضمن مشروع يهدف الى فهم افضل لدور الجهاديات.
وقالت سميث الشقراء القصيرة القامة الذي يقارب عمرها اولئك اللواتي تتقصى احوالهن ان "متابعة هذا الملف اصبحت حياتي بشكل اجمالي". ولا تتبادل الباحثتان الحديث مع الجهاديات انما تتابعان انشطتهن عبر شبكة الانترنت. وتقول سلتمان الخبيرة في شؤون التشدد والتطرف العنيف ضاحكة "نحن نختلس النظر" للحصول على معلومات. وتضيف الباحثة (30 عاما) "بالإمكان رؤية مشاهد مزعجة مثل نحر الرؤوس واطفال قتلى وهذا ليس سهلا دائما".
وقد تعرض بعض الباحثين العاملين في هذه القضايا لعوارض الاجهاد ما بعد الصدمة، وأصبحوا اهدافا بحد ذاتهم. واشارت سلتمان "أنا شخصيا تلقيت تهديدات بالقتل". وقد بدأت سميث العمل قبل عام لإنشاء قاعدة البيانات هذه عبر ارشفة الرسائل التي تكتبها هؤلاء النسوة، وأصغرهن سنا في ال14 من العمر فقط. وقالت "اظهر تعاطفا مع الاصغر سنا لكن هذا الشعور يختفي عندما يصبح الخطاب أكثر تطرفا". والابحاث محدودة بالضرورة كونها تركز خصوصا على الحسابات باللغة الانكليزية.
وكانت دراسة اميركية اخيرة كشفت ما لايقل عن 46 الف حساب في موقع تويتر من مؤيدي تنظيم داعش مشيرة الى ان ثلثيها تستخدم اللغة العربية. وادى تحليل الحسابات ال 108 الى التشكيك في مقولة الزوجات "الساذجات" بحيث يظهر اقتناعهن ايديولوجيا بشكل مساو للرجال. واذ لا يسمح لهن المشاركة في القتال، فانهن يستخدمن شبكات التواصل الاجتماعي لبث الدعاية والتباهي بتقديم العناية الطبية او الرفقة بين "الاخوات" سعيا وراء جذب مجندات.
لكن في بعض الاحيان فان الاشارة الى اجهاض او المعاناة جراء التخلي عن العائلة تبدو واضحة من خلال رسائلهن. كما يظهر في بعض الاوقات هاشتاغ "لا أحد يعتني بالارامل" ما يشير الى ان بعضهن يشعر بالوحدة اثر مقتل أزواجهن. وتستخدم الكثير من الفتيات "القابا" لإخفاء هوياتهن الحقيقية ما يستدعي اغلاق حساباتهن بسبب انتهاك القواعد الخاصة ببث مواد متطرفة. وتقول الباحثتان انهما تبلغان تويتر أو فيسبوك عندما تشير احداهن الى هجمات فعلية كما اتصلت الشرطة بهما اثر تنبيه وجهتاه بهذا الخصوص. بحسب فرانس برس.
ومع ذلك، فانهما تعتبران ان الرقابة تأتي بنتائج عكسية. وقالت سميث "اذا قمت بإغلاق حساب، فسيتم فتح ثلاثة اخرين". وادراكا منهن بان انشطتهن على شبكات التواصل الاجتماعي خاضعة للرقابة والتدقيق من قبل الباحثين واجهزة الامن خصوصا، تستخدم هؤلاء النسوة تطبيقات على الشبكات الخاصة مثل كيك وشورسبوت وويكر وواتساب لاعطاء تفاصيل حول الطرق الواجب اتباعها للوصول الى سوريا.
عاريات للبيع
من جانب اخر كشفت زينب بانغورا مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق وسوريا، والمكلفة بشؤون العنف الجنسي، عن تعرض مراهقات اختطفهن تنظيم داعش المتطرف لممارسات ترجع إلى "القرون الوسطى"، موضحة أنه يتم عرضهن وهن "عاريات" في مزادات للبيع. وصرحت بانغورا "أنها حرب تجري على أجساد النساء".
وتحدثت بانغورا إلى نساء وفتيات فررن من الاحتجاز في مناطق خاضعة للتنظيم والتقت مسؤولين دينيين وسياسيين محليين وزارت لاجئين في تركيا ولبنان والأردن. وما زال الجهاديون يقيمون أسواق نخاسة لبيع الفتيات اللواتي يخطفونهن في هجمات جديدة، لكن ليست هناك أرقام حول إعدادهن. وتابعت المبعوثة الأممية أن الجهاديين "يخطفون النساء عندما يسيطرون على مناطق حتى يحافظوا على...لا أريد أن استخدم عبارة مخزون متجدد...كي يظل لديهم فتيات جديدات".
وتباع الفتيات "بأثمان بخسة قد توازي أحيانا علبة سجائر" أو مقابل مئات الدولارات أو حتى ألف دولار. وتحدثت بانغورا عن معاناة عدد من الفتيات المراهقات، وعدد كبير منهن من الأقلية الإيزيدية التي استهدفها الجهاديون. و"احتجز عدد منهن في غرفة - كن أكثر من مئة في منزل صغير - وتمت تعريتهن وغسلهن"، ثم أجبرن على الوقوف عاريات أمام مجموعة رجال ليحددوا "ما تساويه كل واحدة". بهذه الطريقة يجذبون مزيدا من المقاتلين!
وروت بانغورا قصة فتاة في ال15 من العمر بيعت إلى قيادي في التنظيم الجهادي، وهو شيخ في الخمسينات من العمر، أراها مسدسا وعصا وطلب منها أن تختار. ولما أجابت "المسدس" رد عليها "لم أبتعك كي تنتحري" قبل أن يقدم على اغتصابها، على ما روت بانغورا. وبات خطف الفتيات عنصرا أساسيا في إستراتيجية تنظيم داعش لتجنيد مقاتلين أجانب، حيث اتجه هؤلاء بأعداد قياسية إلى العراق وسوريا في الأشهر الـ18 الأخيرة.
وأوضحت بانغورا "بهذه الطريقة يجذبون الشباب - لدينا نساء في انتظاركم، عذارى لتقترنوا بهن...المقاتلون الأجانب هم عماد القتال". وأشار تقرير أخير للأمم المتحدة إلى ضلوع حوالي 25 ألف مقاتل أجنبي من أكثر من 100 بلد في نزاعات حول العالم، مسجلا أن التوافد الأهم هو بلا شك إلى العراق وسوريا. بحسب فرانس برس.
وشبهت المسؤولة تعديات الجهاديين على الفتيات والنساء بممارسات "القرون الوسطى"، مؤكدة أن تنظيم داعش يريد "بناء مجتمع يعيش بحسب نموذج القرن الثالث عشر". وتابعت أن الأقليات على غرار الإيزيديين ترحب بعودة هذه الفتيات رغم العنف الوحشي الذي تعرضن له ويساعدنهن على إعادة بناء حياتهن المحطمة. وأشادت المسؤولة بالمرجع الديني للإيزيديين بابا شيخ الذي أعلن أن الفتيات يحتجن إلى التفهم، لافتة إلى أن قيادات التركمان لم تبادر إلى أي إعلان مماثل.
الفوز بالحرية
الى جانب ذلك وبعد أن غادرن المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" في شمال سوريا، وخصوصا في مدينة تل أبيض، سارعت بعض النساء لنزع البرقع الأسود عند دخولهن المناطق الموجودة تحت سيطرة الأكراد، وذلك في خطوة للتعبير عن تحررهن من القمع. وتظهر الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي نساء على متن سيارات وسط الزغاريد، يكشفن عن أزيائهن الملونة والفاقعة التي تبدو كنقيض لسواد البرقع.
وخلدت كاميرا شرفان درويش، وهو الناطق الرسمي لعملية "بركان الفرات" التي وضعها الأكراد والجيش السوري الحر والموجهة ضد عناصر داعش عند الحدود التركية السورية، هذا العبور الرمزي نحو الحرية. ونشر الفيديو على الموقع الإلكتروني لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية. والتقط أيضا المصور جاك شاهين مقاطع من هذه اللحظات المعبرة وتقاسمها على "تويتر". ونشر شرفان درويش على حسابه في "فيس بوك" تعليقا على إحدى الصور قال فيه: "السواد لا يليق بك. امرأة وصلت إلى كوباني عين العرب بعد تهجير "داعش" لها. عند وصولها إلى قوات بركان الفرات التي تعمل لضمان سلامة وصولهم خلعت السواد لتقول إنها حرة هنا". بحسب فرانس برس.
وقال جاك شاهين لموقع "هوفينتون بوست" إن هذه النساء "عربيات" وينزعن الحجاب والجلابيب القاتمة "عقب دخولهن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، تعبيرا عن بهجتهن باستعادة الحرية"، مشيرا إلى أن هذا التصرف ليس معزولا، مؤكدا: "كل النساء اللواتي رأيتهن، يخلعن الحجاب فور مغادرتهن مناطق (التنظيم) ".
اضف تعليق