الهجوم الارهابي الاخير الذي استهدف حافلة تقل عناصر من الحرس الثوري الإيراني وأسفر عن مقتل 27 شخصا على الأقل، وتبنته مجموعة \"جيش العدل\" السنية الجهادية التي تعتبرها إيران منظمة إرهابية، اثار قلق ومخاوف بعض الجهات التي تخشى من حدوث صراعات وحروب جديدة في المنطقة...

الهجوم الارهابي الاخير الذي استهدف حافلة تقل عناصر من الحرس الثوري الإيراني وأسفر عن مقتل 27 شخصا على الأقل، وتبنته مجموعة "جيش العدل" السنية الجهادية التي تعتبرها إيران منظمة إرهابية، اثار قلق ومخاوف بعض الجهات التي تخشى من حدوث صراعات وحروب جديدة في المنطقة، خصوصا مع وجود توترات وخصومات متافقة بين طهران ودول اخرى ومنها الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية، ويذكر أن منطقة سيستان بلوشستان المحاذية لباكستان وأفغانستان تشهد بانتظام اشتباكات دامية بين قوات الأمن وانفصاليين بلوش أو جهاديين تتهم طهران إسلام أباد والرياض بدعمهم.

وقع الاعتداء في يوم انطلاق مؤتمر دعت إليه واشنطن في وارسو بهدف ممارسة ضغط على إيران التي تتهمها الولايات المتحدة بممارسة "تأثير مزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط. وفي أول رد فعل على الهجوم قال وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف في تغريدة إنه "ليس مصادفة أن تتعرض إيران للإرهاب في اليوم ذاته" الذي يبدأ فيه مؤتمر وارسو الذي وصفه بأنه "سيرك". مضيفا "يبدو أن الولايات المتحدة تعمد دائما إلى الخيارات ذاتها مع توقع نتائج مختلفة".

وتعرضت قوات الأمن الإيرانية والحرس الثوري في الأشهر الأخيرة لعدة هجمات في سيستان بلوشستان. ففي الثاني من شباط/فبراير قتل أحد عناصر الحرس الثوري واصيب خمسة آخرون في مدينة نيكشار في هذه المحافظة. وتبنت مجموعة "جيش العدل" الهجوم. وتشكلت هذه المجموعة في 2012 من عناصر سابقين في منظمة سنية متطرفة كانت شنت تمردا داميا في سيستان بلوشستان حتى 2010. واتهمت إيران مرارا واشنطن إضافة إلى إسرائيل والسعودية بدعم مجموعات انفصالية.

وقال قائد كبير في الحرس الثوري إن رد إيران على الهجوم الانتحاري لن يقتصر على حدود إيران. وتقول السلطات الإيرانية إن جماعة جيش العدل المتشددة السنية التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم تنشط في ملاذات آمنة داخل باكستان وإنها طالبت سلطات البلد المجاور مرارا بشن حملة على هؤلاء المتشددين. وفي رد فعل على الهجوم نقلت وكالة أنباء فارس عن القائد علي فدوي قوله ”ردنا في الدفاع عن الثورة الإسلامية لن يقتصر على حدودنا... سيكون رد الحرس الثوري على الأعداء حازما للغاية مثلما كان من قبل“.

ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري قوله إن الهجوم سيدفع إيران لشن ”معركة لا هوادة فيها ضد الإرهاب“. وأضاف جهانجيري ”هذا الحادث لن يضعف عزيمة الشعب في الدفاع عن الثورة الإسلامية وسيكون الإصرار الوطني، على (شن) معركة لا هوادة فيها ضد الإرهاب، أكثر حزما من ذي قبل“.

إيران تحذر

وفي هذا الشأن ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن إيران حذرت إسلام اباد من أنها ”ستدفع ثمنا باهظا“ بسبب ما يتردد عن إيوائها متشددين قتلوا 27 من أفراد الحرس الثوري الإيراني في تفجير انتحاري قرب الحدود. كما اتهم الميجر جنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري السعودية والإمارات بدعم جماعات سنية متشددة تهاجم القوات الإيرانية وقال إن الدولتين قد تواجهان ”عمليات انتقامية“. وتنفي باكستان والسعودية والإمارات دعم مثل تلك الجماعات.

وقال جعفري في تصريحات بثها على الهواء التلفزيون الرسمي ”لماذا يمنح الجيش الباكستاني وأجهزة الأمن... ملاذا لتلك الجماعات المناهضة للثورة؟ باكستان ستدفع بلا شك ثمنا باهظا“. وكان جعفري يخاطب حشدا ضخما تجمع لتشييع الضحايا الذين سقطوا في التفجير الانتحاري والذي وقع يوم الأربعاء في جنوب شرق البلاد وهي منطقة تشهد تزايدا في الهجمات على قوات الأمن من الأقلية السنية في البلاد.

وقال جعفري للمحتشدين الذين ملأوا ميدانا في مدينة أصفهان في وسط البلاد والطرق المؤدية إليه ”في العام السابق فحسب أحبطنا ستة أو سبعة هجمات انتحارية لكنهم تمكنوا من تنفيذ هذا الهجوم“. وأعلنت جماعة جيش العدل السنية، التي تقول إنها تسعى للحصول على مزيد من الحقوق وظروف معيشة أفضل لأقلية البلوخ العرقية، مسؤوليتها عن الهجوم. وقال جعفري ”حكومات الخيانة في السعودية والإمارات يجب أن تعلم أن صبر إيران نفد ولن نتحمل بعد الآن الدعم السري لهؤلاء المجرمين المناهضين للإسلام“.بحسب رويترز.

وأضاف ”سسننتقم لدماء شهدائنا من حكومتي السعودية والإمارات ونطلب من الرئيس (حسن روحاني)... إطلاق يدنا أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ عمليات انتقامية“ مما دفع الحشود لترديد هتاف ”الله أكبر“. وتقول السلطات الإيرانية إن الجماعات المتشددة تنشط من ملاذات آمنة في باكستان ودعت إسلام اباد مرارا لملاحقتها. تأتي هذه التصريحات وسط تصاعد التوتر في المنطقة بعد حضور إسرائيل ودول خليجية عربية مؤتمرا قبل أيام في العاصمة البولندية وارسو حيث عبرت الولايات المتحدة عن أملها في زيادة الضغط على إيران.

أمريكا وإسرائيل

من جانب اخر اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة بالمسؤولية عن تفجير انتحاري في جنوب شرق البلاد. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن جماعة جيش العدل المسلحة، التي تقول إنها تطالب بحقوق أكبر وتحسين ظروف معيشة أقلية البلوخ، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.

وقال روحاني ”هذه الجريمة ستظل وصمة في السجل الأسود للداعمين الرئيسيين للإرهاب في البيت الأبيض وتل أبيب وعملائهم في المنطقة“. ونقل التلفزيون عن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قوله ”هناك صلة بين هذه الجريمة... وبعض أجهزة التجسس والمخابرات العالمية“. وأمر خامنئي بالتحرك الفوري ضد المسؤولين عن الهجوم.

وكانت إيران اتهمت من قبل السعودية، منافستها في المنطقة، بدعم الجماعات السنية المسلحة التي تنفذ هجمات دموية ضد قوات الأمن الإيرانية. وتنفي الرياض هذا الاتهام. وكرر روحاني تحذيرات كبار قادة الحرس الثوري وقال إن طهران عازمة على معاقبة المسؤولين عن أحد أسوأ الهجمات التي تستهدف الحرس الثوري خلال أعوام.

وقع الهجوم، الذي أسفر أيضا عن إصابة ما لا يقل عن 13 شخصا، في إقليم سستان وبلوخستان الذي يقطنه عدد كبير من أقلية البلوخ العرقية، أغلبهم من السنة، ويقع على الحدود مع باكستان. ونفذ جيش العدل هجمات استهدفت حرس الحدود من باكستان منذ تأسيسه في عام 2012.

وتوعد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالانتقام من "مجموعة المرتزقة" التي تقف وراء تفجير انتحاري متهما الولايات المتحدة وإسرائيل "بدعم الإرهاب". وصرح روحاني، إن "الجذور الرئيسية للإرهاب في المنطقة هي الولايات المتحدة والصهيونية وبعض الدول النفطية الإقليمية تقوم بدعم مالي للإرهابيين". وتتهم إيران الولايات المتحدة وإسرائيل عدوتيها اللدودتين، والسعودية السنية خصمها الرئيسي في الشرق الأوسط، بدعم المجموعات الانفصالية. وحث روحاني في هذا السياق، الدول المجاورة لإيران على "القيام بواجبها القانوني في إطار علاقات حسن الجوار (...) وعدم السماح للإرهابيين باللجوء إلى الأعمال الإرهابية ضد جيرانها من خلال استغلال أراضيها".

وقال "إذا استمرت هذه التصرفات من دون أن تتمكن هذه الدول من صد الإرهابيين، فمن الواضح أن لنا حقوقا من حيث المعايير القانونية والدولية وسوف نتمكن من استيفاء حقوقنا في الوقت المناسب". ويعتبر "جيش العدل" امتدادا لتنظيم جند الله، الذي أطلق تمردا ضد الجمهورية الإسلامية في العام 2000. وشنت جماعة جند الله لعشر سنوات تمردا ضد المدنيين والمسؤولين في جنوب شرق إيران، المنطقة الحدودية المضطربة. لكن هذه الجماعة أصابها الوهن منذ أعدمت إيران قائدها عبد الملك ريغي في العام 2010 بعد أن اعتقلته في عملية ملفتة. وكان ريغي تلك السنة في رحلة جوية من دبي إلى قرغيزستان حين اعترضت مقاتلات إيرانية الطائرة وأجبرتها على الهبوط قبل أن تعتقله.

وعلى غرار جند الله، ينشط تنظيم "جيش العدل" في ولاية سيستان بلوشستان وفي باكستان المحاذية حيث يتلقى دعما من قبائل البلوش. وفي محافظة سيستان بلوشستان أعداد كبيرة من السنة من إثنية البلوش الذين يشتكون من التهميش في بلد غالبية سكانه من الشيعة. وتأسس "جيش العدل" في العام 2012 على يد صلاح الدين فاروقي الناشط المعروف بمعارضته لدعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الدائرة في سوريا.

ومذاك، أعلن مسؤوليته عن عشرات الهجمات الدامية التي استهدفت قوات الأمن الإيرانية في هذه المنطقة المضطربة، وكذلك عن عمليات خطف أيضا. وتصنف إيران هذا التنظيم الذي تطلق عليه تسمية "جيش الظلم" جماعة إرهابية، وتقول إنه يتلقى دعما من الولايات المتحدة وإسرائيل عدوتيها اللدودتين، ومن السعودية والإمارات كذلك.

حرب جديدة

في السياق ذاته اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إسرائيل بالسعي للحرب وحذر من أن تصرفاتها هي والولايات المتحدة تزيد من فرص اندلاع حرب في المنطقة. كما انتقد ظريف، في مؤتمر ميونيخ للأمن، الإدارة الأمريكية بعد أن دعا مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي القوى الأوروبية للانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران. وحث ظريف فرنسا وألمانيا وبريطانيا على بذلك المزيد من الجهد لإنقاذ الاتفاق.

وقال ظريف ”بالتأكيد، بعض الناس يسعون للحرب... إسرائيل“. وقال ”خطر (الحرب) هائل وسيكون أفدح إذا واصلتم التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي“. واتهم ظريف إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بعد حملات القصف التي شنتها على سوريا كما انتقد القوى الأوروبية لعدم انتقادها إسرائيل والولايات المتحدة جراء تصرفاتهما في المنطقة. وقال ”التصرفات الإسرائيلية والتصرفات الأمريكية تتجاهل القانون الدولي“.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمجلس وزرائه إن السلوك العدائي الذي تنتهجه إيران هو العنصر الرئيسي المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله. وأضاف في تصريحات بثها الإعلام الإسرائيلي ”يجب أن نمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية ونحول دون قدرتها على ترسيخ وجودها عسكريا في سوريا. سنستمر في مسار ثابت لضمان أمن إسرائيل“. واتهم بنس إيران بمعاداة السامية مثل النازيين في تكرار لتصريحاته الحادة ضد طهران بعد يوم من هجومه على الدول الأوروبية بسبب محاولتها الحد من تأثير العقوبات الأمريكية عليها.

وقال ظريف إن الولايات المتحدة لديها ”هوس مرضي“ تجاه إيران واتهم بنس بمحاولة تخويف حلفائه. وقال ظريف ”تحت شعار احتواء إيران، تزعم الولايات المتحدة والبعض يردد وراءها دون تفكير، أن إيران تتدخل في المنطقة، ولكن هل تساءلت منطقة من؟“. وأضاف ”انظروا للخريطة، الجيش الأمريكي سافر عشرة آلاف كيلومتر لينشر قواعده على كل حدودنا. هناك مزحة بأن إيران تضع نفسها في وسط القواعد الأمريكية“. بحسب رويترز.

وقال ظريف أيضا إن إيران ملتزمة في الوقت الحالي بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الدولية، متهما فرنسا وبريطانيا وألمانيا بعدم بذل جهد كاف لضمان حصول طهران على المزايا الاقتصادية لهذا الاتفاق. وأضاف ”ينبغي أن تكون أوروبا مستعدة لتحمل المخاطر إذا أرادت أن تسبح ضد تيار الأحادية الأمريكية الخطير“.

تحسين العلاقات

الى جانب ذلك قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده مستعدة للعمل مع جيرانها لإحلال السلام بالشرق الأوسط في مواجهة العدوان الأمريكي والإسرائيلي، في أحدث محاولاته لإضعاف العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة. ومنذ سنوات تخوض إيران والسعودية حروبا بالوكالة وتدعمان أطرافا متصارعة في سوريا واليمن.

لكن الضغط تزايد على طهران بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع قوى عالمية وأعاد فرض العقوبات. ورحبت السعودية بالخطوة. وذكر روحاني في خطاب ألقاه في إقليم هرمزجان بجنوب البلاد وبثه التلفزيون الرسمي على الهواء ”إيران مستعدة للعمل مع دول المنطقة للحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط... نريد إقامة علاقات أخوية مع كل دول المنطقة... إيران لم تبادر مطلقا بأي عدوان في المنطقة“.

وتابع قائلا ”دول المنطقة التي تعتقد أن باستطاعة إسرائيل وأمريكا تحقيق الأمن مخطئة. يجب علينا نحن المسلمين أن نضمن أمن المنطقة“، وردت الحشود بهتافات ”الموت لأمريكا“ و“الموت لإسرائيل“. ولم تفلح مفاتحات روحاني السابقة تجاه السعودية، مثلما حدث بعد انتخابه في عام 2013 وجهود وزير الخارجية محمد جواد ظريف في عام 2017، في تحقيق أي نجاح، ويشكك بعض المحللين في أن تلقى أحدث محاولاته صدى مختلفا. بحسب رويترز.

وقال المحلل السياسي المقيم في طهران حميد فرح فاشيان ”بالنظر إلى العداء المستمر، ليس هناك إمكانية لإجراء حوار بين العدوين اللدودين“. وتتهم إيران السعودية والإمارات بدعم الجماعات السنية المتشددة التي تشن هجمات على القوات الإيرانية، بما في ذلك تفجير انتحاري في إقليم بجنوب شرق إيران على الحدود مع باكستان. وأعلنت جماعة جيش العدل السنية، التي تقول إنها تسعى للحصول على مزيد من الحقوق وتحسين ظروف معيشة أقلية البلوخ العرقية، مسؤوليتها عن الهجوم الذي أودى بحياة 27 من أعضاء الحرس الثوري الإيراني. وهدد الحرس الثوري السعودية والإمارات وباكستان بالرد. وتنفي السعودية والإمارات وباكستان دعم المتشددين. واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الباكستاني للاحتجاج على الهجوم.

اضف تعليق