q

كان منظراً قبيحاً للغاية لكنه في غاية الروعة! وجه القبح فيه أن تهاجم الآلاف من "الذباب" والحشرات الغريبة جثة إنسان متفحمة، أما الروعة فتكمن في أن هذه الجثة تعود لمسلح ينتمي لتنظيم داعش الإرهابي في الموصل شمال العراق، طالما قتل الأبرياء بدم بارد.

ويصف أحد الضباط العراقيين ما يمر به مسلحي التنظيم الإرهابي في الموصل هذه الأيام، وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة بأنهم كـ "القطط المحاصرة (...) تخدش من يقترب منها"، لكن ضابط آخر يقول: "سيكون القضاء على داعش سهلاً كاصطياد الأرانب".

ومع التخبط الكبير الذي يعتري التنظيم الإرهابي في نهاياته، وفقدانه السيطرة والقدرة على المواجهة يقول عقيد في مخابرات الجيش العراقي: "نريد أن نجعل المدينة القديمة -ويقصد في الموصل- تابوتاً محكماً لداعش".

حرية أهالي الموصل ستكون قبل رمضان

يأتي ذلك بعد سبعة أشهر من القتال في الموصل، إذ نجحت القوات العراقية في طرد وقتل كل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي من كل الموصل باستثناء بعض المناطق، غير أن المتوقع أن يخوض التنظيم المتشدد قتالاً أخيراً حول جامع النوري الكبير الذي يرفع رايته عليه منذ يونيو حزيران 2014.

وقال الملازم أول نوفل الضاري في منزل تحول إلى قاعدة مؤقتة في حي الإصلاح الزراعي الغربي الذي استعادته القوات العراقية قبل ثلاثة أيام "لو استمرينا بالتقدم بهذه السرعة فإننا نستطيع أن ننهي الأمر خلال أيام"، وأضاف "هذه أنفاسهم الأخيرة. إنهم محاصرون بشكل كامل"، وقال إن "قوة الدفع بيد قوات جهاز مكافحة الإرهاب رغم المقاومة التي يبديها مقاتلو التنظيم المتشدد في آخر معاقلهم في العراق".

وفي تسجيل مصور لرئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن عثمان الغانمي وزعته وزارة الدفاع قال فيه: "تقدمنا بجبهة واسعة أذهل العدو وإن شاء الله سننتصر قبل رمضان ونعلن تحرير الموصل وأهل الموصل من دنس داعش".

نزوح الآلاف

وفي ظل محاصرتهم في منطقة آخذة في الانكماش دون سبيل للخروج يلجأ المسلحون إلى السيارات الملغومة والقناصة الذين يختبئون وسط مئات الآلاف من المدنيين الذين يحتجزونهم رهائن.

وخرجت مئات الأسر من الأحياء الواقعة على الخطوط الأمامية للقتال لتنضم إلى نحو 435 ألف شخص نزحوا من القطاع الغربي للموصل منذ بدأت القوات العراقية الهجوم في فبراير شباط وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

داعش يخيفنا

وقال أبو أحمد (44 عاما) الذي ركب عربة (فان) تقل مدنيين إن داعش أجبر 48 شخصا على الدخول في قبو منزله في منطقة مشيرفة قبل أن يطلقوا نيران أسلحتهم منه. والهدف كان استدراج القوات العراقية لضرب المنزل وبالتالي تأليب المدنين عليها، ومضى قائلا "لقد حاولوا إخافتنا كي نساعدهم وقالوا إن الجيش سيغتصب نساءنا لكننا لم نصدقهم".

ومع عدم وجود طرق للهرب يحاول عدد متزايد من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي مغادرة المدينة بالتخفي بين المدنيين الفارين، لكن القوات العراقية تقوم بفحص كل الأسر الخارجة من الموصل.

أكلنا الحشائش لكننا سعداء!

وتزداد الظروف صعوبة في الأحياء القليلة المتبقية تحت سيطرة المتشددين مع نفاد الغذاء وسقوط مدنيين قتلى في القصف.

وقالت امرأة في حي الإصلاح الزراعي المجاور الذي لا يزال تحت سيطرة الدولة الإسلامية إنها تستطيع الآن رؤية العلم العراقي من بعيد.

وأضافت المرأة التي اضطرت إلى أكل الحشائش "سنموت من الجوع إن لم يصلوا إلينا خلال أسبوع. رغم القصف العنيف نحن سعداء لاقتراب القوات العراقية منا".

هذه أكفانكم..

فيما قال احد سكان حي الزنجيلي في غرب المدينة رافضا كشف هويته ان مقاتلي "داعش جاؤوا الى منزلنا واغلقوا الباب بإحكام، وأعطونا قليلاً من الماء والطعام وقالوا لنا هذه اكفانكم".

وأكد شهود من أهالي المدينة أن تنظيم داعش يحرقون مركبات مدينتهم لتكوين سحب دخان تحول دون المراقبة الجوية وإنهم اتخذوا مواقع على أسطح البنايات المرتفعة ويضعون أحزمة ناسفة.

عجوز: لم أر مثل هذا من قبل!

وقالت أم محمد (62 عاما) وهي تمسك بعلبة سجائر كانت تعد من الممنوعات تحت حكم التنظيم المتشدد إن مقاتلي التنظيم يخرجون الناس من منازلهم بالقوة لاستخدامها كمواقع قتال.

وقالت إنها وأفراد أسرتها أحرقوا كل شيء بما في ذلك أحذيتهم لطهي الطعام على نيرانها بعد أن نفد الوقود، وتابعت "رأينا الخوف والجوع والموت. أنا سيدة عجوز ولم أر شيئا مثل ذلك من قبل".

اضف تعليق