أعاد إختطاف الصحفية أفراح شوقي ليلة الإثنين 26122016 إلى الذهن المعاناة التي يعيشها الصحفيون في زمن يُعد ذهبياً للصحافة العراقية بعد أن إنكسر قلم الرقيب وذهبت ريحه.. وأطلق سراح الكلمة بعد أن قُيدت بغلال الدكتاتورية. فصارت الصحافة سلطة حقيقية والصحفي مفتش عام يتابع حالات الفساد الإداري والمالي ويكشف خفاياها ويتابع المناكفات السياسية والصفقات المشبوهة، والظواهر الإجتماعية السلبية، وتردي الخدمات.. وصارت الصحافة العراقية عروساً، والصحفي عريساً، يشار إليهما بالبنان..
إلا أن هذه الأجواء الديمقراطية وفرت فرصة أخرى لإبادة الصحفيين والثأر منهم وملاحقتهم وقتلهم أو إختطافهم.. ويبدو أن الدكتاتورية نهضت من سباتها وتجسدّت في نفوس هؤلاء الأوباش الذين يقتلون الصحفيين ويختطفونهم.
الإحصائيات تشير إلى إستشهاد (455) صحفياً منذ عام 2003 وحتى وقتنا الحاضر، غير ان عشرات الصحفيين الاخرين اختطفوا وبعض هؤلاء قتل على أيدي المختطفين وعناصر داعش، والمعارك التي خاضتها القوات الامنية وكان الصحفيون فيها مراسلين حربيين.
ترى أية خطورة شكلت الصحفية أفراح شوقي على اولئك الذين اختطفوها فقاموا بفعلتهم الشنيعة؟ وأية أهداف خفية وراء أعمال الإختطاف؟ وهل من الرجولة والمروءة أن تختطف إمرأة لأنها تعمل بالصحافة؟ وأية كلمات قالتها أفراح شوقي فارتعد منها أعداء الصحافة وحاولوا أن يسكتوها.. انه أمر مقلق للغاية.. وبيئة صعبة وخطرة يعمل فيها الصحفيون، في وقت سُجلت فيه كل الجرائم التي نفذت بحقهم ضد فاعل مجهول.. ولم ينل أحد من القتلة أو المجرمين جزاءه العادل..
ترى هل ان إختطاف أفراح رسالة إلى الصحفيين العراقيين بأن قفوا؟.. وأن بقايا عصر تكميم الأفواه مازالت فاعلة، وأن للكلمة فعل الطلقة، والكتابة طائر جارح، والصورة تثير الرعب في نفوس سوّد الله وجوهها في الدنيا قبل الآخرة.
كان الله في عون الصحفية أفراح في شدتها وأسرها وأخزى الله مختطفيها وساجينيها. لقد استشهد عشرون صحفياً خلال عام 2016، وسجلت خروقات وإعتداءات على الصحفيين خلال العام نفسه بلغت (30) إعتداءً. الحكومة العراقية في حادثة افراح شوقي تحركت على اعلى المستويات، وقال بيان صدر عن المكتب الصحفي لرئيس الوزراء العراقي "وجه الأجهزة الامنية بالكشف الفوري عن ملابسات تعرض الصحفية للاختطاف وبذل اقصى الجهود من اجل انقاذ حياتها والحفاظ على سلامتها، وملاحقة اية جهة يثبت تورطها بارتكاب هذه الجريمة واستهداف أمن المواطنين وترهيب الصحفيين".
الصحفي بات قضية وهو في حياته أم ومماته، يرعب الفاسدين.. وستكون قضية افراح وبال على اولئك الهمج الرعاع الذين اختطفوها، مهما كان توجههم وانتماءهم.
اضف تعليق