من اجل تدارك أي مضاعفات لمثل تلك الحالات مستقبلا لأنها تهدد امن الاسرة والمجتمع وقد تتناسل منها جرائم أخرى عندما تكون سببا في ذلك، ولابد لدوائر حماية الاسرة والطفولة ان تعد الاحصائيات التي تتعلق بتطبيق مثل هذه القرارات حتى تكون تحت تصرف المختصين من اصحاب القرار في كيفية المعالجة...
ظهر الى العلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لتنفيذ قرار ضم حضانة طفل وتسليمه للاب، ولوحظ رفض الطفل للالتحاق بوالده، وشوهد شخص مدني يقوم بسحب الطفل بالقوة التي قد تؤدي الى الحاق الأذى بالطفل، ولمناقشة مدى مشروعية ما قام به ذلك الشخص اعرض الآتي:
1. من يتولى تنفيذ الاحكام القضائية:
ان قانون التنفيذ حدد دائرة التنفيذ حصراً بتنفيذ الاحكام القضائية وعلى وفق احكام المادة (15) من قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل والذي يتمثل بالتنفيذ الرضائي، بمعنى ان يقوم المدين بالتنفيذ دون اتخاذ أي اجراء قسري، وذلك بعد ان يتم اخطاره بمذكرة الاخبار بالتنفيذ وعلى وفق احكام المادة (18) تنفيذ.
اما اذا امتنع المدين عن التنفيذ رضاءً فيجوز للدائن ان يطلب من المنفذ العدل التنفيذ الجبري وعلى وفق احكام المادة (22) من قانون التنفيذ، وفي حال لم يتمكن موظف التنفيذ من تنفيذ الحكم، له ان يستعين بإفراد الشرطة في حال حصول ممانعة من المدين وعلى وفق احكام المادة (28) من قانون التنفيذ التي جاء فيها (اولا – لموظف التنفيذ ان يراجع اقرب مركز للشرطة لدفع الممانعة او المقاومة التي يصادفها في اداء واجباته ولاستعمال القوة عند الاقتضاء لإكمال المعاملات التنفيذية ثانيا – على مسؤول مركز الشرطة تزويد موظف التنفيذ بالقوة الكافية لتمكينه من اداء واجباته، واذا كانت القوة المتوفرة غير كافية، فعليه الاتصال برؤسائه لتامين ذلك ثالثا – يعتبر المتخلف عن تقديم المساعدة ممتنعا عن اداء عمل من اعمال وظيفته ويعاقب بالعقوبة المقررة في قانون العقوبات)، وبموجب هذه النصوص فان من يتولى التنفيذ الجبري هو الموظف الرسمي المكلف وان اشتدت الممانعة يجوز لهذا الموظف الاستعانة بأجهزة الشرطة لإنها هي المكلفة حصراً بذلك وعلى وفق احكام المادة (1) قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة رقم (176) لسنة 1980.
2. هل الطفل المحضون هو مكلف بالتنفيذ:
ان قرار ضم الحضانة وتسليم المحضون الى الاب يكون المدين فيه ام الطفل المحضون، وعلى وفق الفقرة الحكمية التي تقضي بإلزام الام بتسليم المحضون الى الاب، وليس للطفل أي التزام بالتنفيذ اطلاقاً، لأنه حدث ولا يجوز الزامه بقرار حكم ليس له خصومة فيه، والأثر المترتب على الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي يكون باعتبار الفاعل (المدين) مرتكب جريمة على وفق احكام المادة (382) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
3. الأثر القانوني لتصرف الشخص الظاهر في الفيديو: ان فعل الشخص الظاهر في الفيديو له أكثر من توصيف لفعله وعلى وفق الآتي:
أ. اذا كان ذلك الشخص هو الدائن (الاب) فلا يجوز له ان يتقاضى حقه الذي قرره الحكم القضائي بنفسه، وانما يجب ان يكون بواسطة الأجهزة الرسمية المكلفة بتنفيذ الحكم القضائي، وان فعله وتصرفه هذا قد تعدى الى الحاق الضرر بالطفل، لان ما قام به هو صورة من صورة تعنيف الأطفال، من الممكن ان يتعرض الى الاذى بجسده، فضلاً عن حالته النفسية التي قد تتعرض للخطر، وحتى لو كان الطفل مع الوالدين وليس بينهم أي نزاع حوال الحضانة، فان تصرفه فيه خطورة على الطفل، والزم القانون دائرة رعاية القاصرين بأخبار الادعاء العام لتحريك الشكوى الجزائية ضد احد الوالدين الذي قام بفعل التعنيف والظاهر بشكل واضح في الفيديو وعلى وفق احكام المادة (18) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 المعدل التي جاء فيها (لمديرية رعاية القاصرين طلب تحريك الدعوى الجزائية ضد المكلف برعاية القاصر اذا اساء معاملته وعرضه للخطر وذلك بناء على توصية البحث الاجتماعي، والاشعار الى الادعاء العام لمتابعة ذلك).
ب. اما اذا لم يكن هذا الشخص هو الدائن (الاب) وانما شخص اخر، فانه يخضع للعقوبة التي قررها قانون العقوبات، لأنه اعتدى على الطفل وعرضه للخطر بدون ان يكون له حق مقرر بحكم القانون، وهو ليس من أصحاب الصلاحية التي خولها القانون في تنفيذ الاحكام، والفعل مقرون بالإصرار وتوفر القصد الجنائي، وفي حال مضاعفات أدت الى جرح الطفل او الحاق الأذى بجسده، فان العقوبة قد تصل الى السجن، وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي فيها حق عام، ويجب على السلطات والجهات التي لحق علمها بوقوع الفعل ومنهم الادعاء العام، ودوائر حماية الطفولة في وزارة الداخلية ان تخبر قاضي التحقيق عنها لتحريك الشكوى، لانهم ملزمون بحكم القانون بهذا الواجب وعلى وفق احكام المواد (47 و 48) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل.
ج. اما عن موظف التنفيذ المكلف بتنفيذ قرار الحكم، فانه يتحمل كامل المسؤولية لأنه هو الذي يتولى التنفيذ ولا يجوز له ان يمنح غيره الحق بالتنفيذ، وكان عليه ان يمتنع عن التنفيذ عند حصول الممانعة، واللجوء الى السبيل القانوني الذي رسمه القانون، وليس بالسماح لأصحاب العلاقة او سواهم من تنفيذ الاحكام بأنفسهم، كما يجب ان يدون في محضر التنفيذ ما شاهده ويعرض على رئيس التنفيذ، واخبار القاضي المختص، فاذا توانى عن ذلك فانه ارتكب فعل يجرمه القانون بالتعمد بمخالفة واجبات وظيفته للإضرار بمصلحة احد الافراد ولتحقيق منفعة للطرف الاخر وعلى وفق احكام المادة (331) من قانون العقوبات التي جاء فيها ( يعاقب بالحبس وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين: كل موظف او مكلف بخدمة عامة ارتكب عمدا ما يخالف واجبات وظيفته او امتنع عن اداء عمل من اعمالها بقصد الاضرار بمصلحة احد الافراد او بقصد منفعة شخص على حساب اخر او على حساب الدولة).
ومما تقدم لابد من دراسة تلك الحالة من وجهة نظر علم الاجتماع وعلم النفس فضلاً عن المختصين بالأمن الاجتماعي، من اجل تدارك أي مضاعفات لمثل تلك الحالات مستقبلا لأنها تهدد امن الاسرة والمجتمع وقد تتناسل منها جرائم أخرى عندما تكون سببا في ذلك، ولابد لدوائر حماية الاسرة والطفولة ان تعد الاحصائيات التي تتعلق بتطبيق مثل هذه القرارات حتى تكون تحت تصرف المختصين من اصحاب القرار في كيفية المعالجة، مع التنويه الى ان العراق قد صادق على اتفاقية حقوق الطفل التي تمنع تعنيف الطفل او الحاق الأذى به وعلى وفق قانون المصادقة على هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم 3 لسنة 1994.
اضف تعليق