q

اتسعت دائرة الحرب الانتخابية التي تعيشها الولايات المتحدة الامريكية، بين المرشح الجمهوري الملياردير المثير للجدل، دونالد ترامب، والمرشحة الديموقراطية الأبرز في سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، عن الحزبين الديموقراطي والجمهوري، حيث دخلت هذه الحرب وبحسب بعض المراقبين مرحلة جديدة حيث تصاعدت لغة التسقيط والاتهام، من اجل تحقيق مكاسب جديدة، هذا بالإضافة الى الاستفادة من بعض الاخطاء السابقة التي اصبحت مادة مهمة في الحملة الانتخابية وهو ما قد يغير الكثير من النتائج والتوقعات السابقة، وقد اظهرت بعض الاستطلاعات احتدام المنافسة في السباق الرئاسي الأمريكي، خصوصا بعد ان أقر الحزب الجمهوري الأمريكي في مؤتمره الوطني ترشيح الملياردير دونالد ترامب رسميا لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وحصل ترامب على تأييد غالبية المندوبين من الولايات والأقاليم في التصويت الذي تم خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في كليفلاند.

من جانب اخر تضررت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بشدة من تحقيق مكتب التحقيقات الاتحادي في استخدامها لبريدها لإلكتروني عندما كانت وزيرة للخارجية. وقال 67 في المئة ممن شملهم استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز وتلفزيون (سي.بي.اس) إن كلينتون لم تكن صادقة أو جديرة بالثقة بارتفاع بخمس نقاط مئوية مقارنة باستطلاع أجرته (سي.بي.اس) الشهر الماضي قبل إعلان مكتب التحقيقات الاتحادي عما توصل إليه بشأن قضية البريد الإلكتروني. وكتبت صحيفة تايمز تقول "التوضيحات المراوغة وغير الدقيقة من جانب السيدة كلينتون بشأن مسألة بريدها الإلكتروني أثناء (توليها) وزارة الخارجية تردد صداها بصورة أعمق فيما يبدو على الناخبين." ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.

كلينتون في مأزق

وفي هذا الشأن فقد ضخم مقتل خمسة من رجال الشرطة في دالاس بالرصاص التحدي الذي تواجهه هيلاري كلينتون في وقت تسعى فيه لطمأنة كل من الناخبين الذين يشعرون بقلق إزاء الاضطرابات الاجتماعية من ناحية والنشطاء الغاضبين من انتهاكات سلطات إنفاذ القانون من ناحية أخرى بأنها تقف في جانبهم. بالنسبة لكلينتون فإن المخاوف السياسية التي تواجهها تسير على خطين متوازيين .. فهي من ناحية لا يمكنها أن تنفر الناخبين السود والتقدميين -الذين تحتاج أن يخرجوا بأعداد كبيرة في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني- باتخاذ موقف قوي ضد المحتجين الذين خرجوا في الآونة الأخيرة في لويزيانا ومينيسوتا مما أسفر عن اعتقال المئات.

وفي الوقت ذاته لا يمكن أن تسمح للناخبين الأكثر اعتدالا والذين يشعرون بقلق إزاء اللقطات التي عرضت على شاشات التلفزيون بأن يجذبهم منافسها المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب الذي حاول استغلال المأساة التي وقعت في دالاس لتأكيد أنه المرشح الأفضل للحفاظ على الأمن والنظام. وتعترف كلينتون نفسها بالخط الرفيع الذي تحاول السير عليه. وفي تصريحات اعترفت كلينتون أنها تبعث برسالة متضاربة بالدعوة لإصلاح سلوك الشرطة وفي نفس الوقت الإشادة بشجاعة ضباط الشرطة. وقالت كلينتون في فيلادلفيا "أعلم أنه بتصريحي بكل هذه الأمور معا قد أغضب بعض الناس."

وقبل الهجوم حاولت كلينتون توضيح تضامنها مع حركة (بلاك لايفز ماتر) وهي حركة حقوق مدنية نشأت بعد حوادث قتل الشرطة لأمريكيين من أصل أفريقي في ضاحية سانت بول بمينيسوتا وباتون روج في لويزيانا. وقالت إنه يجب أن يبدأ "البيض" في الاستماع "للمطالب المشروعة التي تأتي من الأمريكيين من أصل أفريقي وهم مواطنون مثلنا." والتقط الجنرال المتقاعد مايكل فلين -أبرز المرشحين لخوض الانتخابات مع ترامب في منصب نائب الرئيس- تصريحات كلينتون. ووصف تصريحات كلينتون في مقابلة مع شبكة (إيه.بي.ٍسي نيوز) بأنها "غير مسؤولة" لأنها تحدثت كما لو كان البيض هم الملامون". وقال ترامب على تويتر إن الولايات المتحدة "أمة مقسمة" ويرجع ذلك جزئيا إلى قيادة كلينتون والرئيس الحالي باراك أوباما. وتشير تقارير إلى أنه يدرس الآن بقوة اختيار فلين لخوض الانتخابات معه في منصب نائب الرئيس فيما يرجع جزئيا إلى القلق المتزايد بين الأمريكيين إزاء الأمن العام.

لكن كلينتون لديها مشاكل أيضا مع النشطاء السود. كان اثنان من أعضاء حركة (بلاك لايفز ماتر) اقتحما تجمعا لجمع التبرعات لحملتها الانتخابية في فبراير شباط وشكوا من تصريحات سابقة لكلينتون متعلقة بعصابات الشبان. وفي أبريل نيسان تشاحن محتجون مع زوجها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بشأن مشروع قانون عام 1994 الذي وقعه ليتحول إلى قانون والذي ينص على فرض عقوبة بالسجن لفترات طويلة على جناة غير عنيفين.

وكانت كلينتون تحدثت طويلا عن إصلاح العدالة الجنائية وتقليص حقوق امتلاك سلاح إلا أن الكثير من التقدميين -الذين لهم نفوذ متزايد في الحزب- ما زالوا يعتبرونها وسطية أكثر من اللازم. على سبيل المثال يتوقع الديمقراطيون أن تدعو رسميا إلى إلغاء عقوبة الإعدام لأول مرة. ورغم أن كلينتون تنتقد التحيز العرقي في تطبيق عقوبة الإعدام إلا أنها لم تذهب لحد التصريح بضرورة إلغاء العقوبة. وقال ترامب إن عقوبة الإعدام يجب أن تسري بشكل تلقائي على كل من يدان بقتل ضابط شرطة.

وقال ستيف شاله الاستراتيجي الديمقراطي في فلوريدا إنه يعتقد أن كلينتون يمكنها التوصل لصياغة لتهدئة كل من المعتدلين والليبراليين فيما يتعلق بقضية عنف الشرطة. وأضاف "يمكنها الحديث مع نوع الناخبين الذين يدعمون بقوة سلطات إنفاذ القانون لكنهم يتفهمون أيضا أن هناك بعض الروايات المثيرة للقلق التي تحدث في مجتمعات بعينها وقضايا حقيقية تحتاج أن يجري التعامل معها." ويمكن لكلينتون أيضا استخدام نائب الرئيس جو بايدن المحبوب بين سلطات إنفاذ القانون للتواصل مع الشرطة. لكن بايدن كان مناصرا لمشروع القانون الجنائي في عام 1994 الذي أصبح الآن عرضة للإزدراء من النشطاء السود مما يسلط الضوء على القضية السياسية الشائكة داخل الحزب. بحسب رويترز.

ويتمتع ترامب بنفس الميزة بين الناخبين البيض التي كان يتمتع بها ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري في عام 2012. وتوضح نتائج أحدث استطلاعات للرأي للبيض تقدم ترامب على كلينتون وسط الناخبين البيض بنقطتين مئويتين إلا أنه يتراجع عن كلينتون بنحو 13 نقطة مئوية فيما يتعلق بتأييد كل الناخبين. وهذا يجعل إقبال الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي نقطة مهمة بوجه خاص بالنسبة لكلينتون. وفي عام 2012 فاز رومني بنحو 60 في المئة من أصوات الناخبين البيض إلا أنه هُزم أمام أوباما الذي جذب الأقليات إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة.

أوباما وكلينتون

على صعيد متصل ظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مهرجان انتخابي لهيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية المتوقعة لخلافته في البيت الأبيض، ملقيا بثقله السياسي في حملتها الانتخابية ومؤكدا ثقته بوزيرة خارجيته السابقة، ومنافسته في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2008. وقال أوباما "أنا مستعد لتسليم المهمة (...) أنا هنا اليوم لأنني أؤمن بهيلاري كلينتون".

وكان مكتب التحقيقات الفدرالي أوصى قبل ساعات بعدم ملاحقة وزيرة الخارجية السابقة في قضية استخدام خوادم وبريد إلكتروني خاص عندما كانت في هذا المنصب. ويشكل إعلان مكتب التحقيقات الفدرالي نبأ سارا للمرشحة على الصعيد القضائي، خصوصا مع تأكيد وزيرة العدل أنها ستلتزم توصيات الإف بي آي والمدعين، لكن قضية الرسائل الإلكترونية ما زالت تسمم حملتها.

وتقدم العبارات التي استخدمها رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي لوصف موقف السيدة الأولى السابقة المتهمة بـ"الإهمال الكبير"، ذرائع ثمينة لمعارضيها الجمهوريين الذين يدينون باستمرار أخطاءها. وقال كومي إن "أي شخص يشغل المنصب الذي كانت فيه كلينتون (...) يفترض أن يعرف" أنه لا يمكن استقبال معلومات سرية على أي خادم غيرمحمي. وضرب رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي على الوتر الحساس المتمثل بالشعور بعدم الثقة الذي توحي به.

وأشار استطلاع للرأي أجري أخيرا ونشرت نتائجه شبكة إن بي سي نيوز وصحيفة وول ستريت جورنال إلى تقدم كبير لدونالد ترامب الخصم الجمهوري لكلينتون، على المرشحة الديمقراطية (41 بالمئة مقابل 25 بالمئة) في مجالي النزاهة والثقة. وخصص ترامب خطابا لإدانة نظام "فاسد ومشين"، وانتهز الفرصة لينتقد التدخل "الكرنفالي" للرئيس أوباما إلى جانب كلينتون قبل ساعات. وقال ترامب "نعرف أنها كذبت على البلاد عندما قالت إنها لم ترسل معلومات مصنفة سرية على خادمها"، معتبرا أن "هيلاري كلينتون عرضت الشعب الأمريكي للخطر". بحسب فرانس برس.

وأكد أوباما أن كلينتون "ستكون سيدة دولة نفخر بها في العالم أجمع"، قبل أن يهتف مع الحشد "هيلاري! هيلاري!". ولم يوفر الرئيس الديموقراطي المرشح الجمهوري دونالد ترامب من سهام انتقاداته ولكن من دون أن يسميه، مؤكدا أن "المعسكر المقابل ليس لديه أي شيء يقدمه لكم". وأضاف بلهجة ساخرة في معرض هجومه على الملياردير المثير للجدل "بإمكان أي كان أن يغرد على تويتر"، مشددا على أن منصب الرئاسة يتطلب مؤهلات أكثر من ذلك بكثير لأن من يتولاه يواجه يوميا تحدي أخذ قرارات بالغة التعقيد. وتابع أوباما "إذا صوتم للفريق الآخر فقد يكون ذلك بسبب الاقتصاد (...) لكن الجمهوريين لا يعرفون عن ماذا يتحدثون"، مؤكدا أن شغل منصب رئيس الولايات المتحدة ليس "تلفزيون واقع بل الواقع نفسه".

الاتهامات جديدة

الى جانب ذلك اتهمت المرشحة الديمقراطية إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون خصمها الجمهوري دونالد ترامب بنشر تغريدة "معادية للسامية بشكل صريح"، في تعليق اعتبره ترامب "سخيفا". وكان الملياردير المثير للجدل أثار استياء بعد نشره على حسابه في موقع تويتر صورة مركبة لكلينتون وخلفها أكوام من الأوراق النقدية من فئة المئة دولار وتعلوها نجمة سداسية الأضلع حمراء اللون، كتب بداخلها عبارة "المرشحة الأكثر فسادا على الإطلاق".

واتهم ترامب وسائل الإعلام "بالتضليل" في تقديمها النجمة على أنها نجمة داود السداسية، موضحا أنها تشبه النجمة الخاصة بمفوضي الشرطة. وقالت حملة كلينتون في بيان إن "لجوء دونالد ترامب إلى صورة معادية للسامية بشكل صريح ومأخوذة من مواقع إنترنت عنصرية بهدف دعم حملته الانتخابية هو أمر يكفي بحد ذاته لأن يكون مصدر قلق، فكيف إذا اندرج في إطار منحى عام"، مؤكدة أن "هذا الأمر يجب أن يثير أكبر قدر من القلق لدى الناخبين". وأضاف البيان أن ترامب "ليس أنه لم يعتذر فحسب بل أنه ينشر أكاذيب ويتهم آخرين".

ورد ترامب بسرعة في بيان على "الاتهامات الكاذبة لهيلاري كلينتون التي تحاول ربط نجمة داود بنجمة عادية يستخدمها مفوضو الشرطة الذين يكافحون المجرمين والسلوك الإجرامي". وأضاف أن اتهامه بمعاداة السامية في هذه الرسالة "سخيف". وبعد الاتهامات الأولى حول هذه التغريدة ، أزيلت ووضعت بدلا منها صورة جديدة لشعار كلينتون على دائرة حمراء. لكن عددا من مواقع التواصل الاجتماعي ما زال يتناقل التغريدة الأصلية.

ومنذ بدء الانتخابات التمهيدية أدلى ترامب بالعديد من التصريحات وقام بالعديد من التصرفات التي دفعت بالعديدين إلى اتهامه بالتعصب. ومن بين هذه التصريحات دعوته إلى منع المسلمين من دخول الأراضي الأمريكية لتدارك الهجمات التي يشنها متشددون إسلاميون، أو تحميله الهجرة غير الشرعية للمكسيكيين إلى الولايات المتحدة مسؤولية إدخال مغتصبين ومجرمين إلى البلاد.

على صعيد متصل شنت المرشحة الديموقراطية الى الانتخابات الرئاسية الاميركية هيلاري كلينتون هجوما عنيفا على منافسها الديموقراطي دونالد ترامب، متهمة الملياردير المثير للجدل بأنه بنى ثروته "عبر تدمير اناس آخرين" ومشددة على وجوب منعه من ان يفعل بالبلد ما فعله في اعماله. واختارت كلينتون ان تشن هجومها على الملياردير المثير للجدل من مدينة اتلانتيك سيتي حيث تقع فنادق "ترامب بلازا" الذي اغلق في ايلول/سبتمبر 2014 و"ترامب مارينا" الذي بيع قبل خمس سنوات بخسارة و"ترامب تاج محل" الذي بيع ايضا.

وقالت كلينتون "لن ندعه يفعل ببلدنا ما فعله في اعماله"، متهمة منافسها الجمهوري بانه "راكم عمدا الديون (...) واقترض بفوائد عالية جدا" ومن ثم عجز عن السداد فاشهر افلاسه "ليس مرة واحدة فحسب او مرتين بل اربع مرات". واضافت امام فتدق ترامب بلازا المغلق "لقد اقنع اناسا آخرين بان ممتلكاته في اتلانتيك سيتي هي استثمار جيد جدا (...) عندما انهار هذا الكازينو بسبب سوء ادارته فقد مئات الاشخاص وظائفهم. المساهمون تحطموا والمقرضون خسروا اموالا. الكثير من الشركات الصغيرة تكبدت خسائر كبيرة، الكثير منها افلست، اما دونالد ترامب فذهب ومعه ملايين". بحسب فرانس برس.

ومضت كلينتون في هجومها على خصمها قطب العقارات، مؤكدة انه "لم يستغل مستثمرين فحسب بل استغل عمالا ايضا"، مذكرة بان "اكثر من 3500 دعوى قضائية" رفعت ضد في السنوات الثلاثين الاخيرة. وحذرت وزيرة الخارجية السابقة من انه اذا فاز ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر فان "ما فعله في اتلانتيك سيتي هو تماما ما سيفعله في تشرين الثاني/نوفمبر" اذا ما وصل الى سدة الرئاسة.

اضف تعليق