تثير هذه الهبة تساؤلات حول احتمال وجود تضارب في المصالح، بخاصة وأنّ الدستور الأميركي يحظر على من يشغلون مناصب عامة قبول أي هدية من ملك أو أمير أو دولة أجنبية. ترامب أشاد بـ لفتة رائعة من قطر التي ستقدّم طائرة رئاسية جديدة له، لن أرفض يوما عرضا كهذا...
قال خبراء قانونيون إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقبول طائرة بقيمة 400 مليون دولار من قطر تثير مجموعة من التساؤلات حول نطاق القوانين المتعلقة بالهدايا من حكومات أجنبية والتي تهدف إلى مكافحة الفساد والتأثير غير اللائق.
وتثير هذه الهبة تساؤلات حول احتمال وجود تضارب في المصالح، بخاصة وأنّ الدستور الأميركي يحظر على من يشغلون مناصب عامة قبول أي هدية “من ملك أو أمير أو دولة أجنبية”.
ولكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشاد بـ”لفتة رائعة” من قطر التي ستقدّم طائرة رئاسية جديدة له، بينما أكد البيت الأبيض أنه سيتعامل مع المسألة “بأقصى درجات الشفافية”، نافيا أن الدولة الخليجية تتوقّع في المقابل أي معاملة تفضيلية.
وقال ترامب “هي لفتة رائعة. لن أرفض يوما عرضا كهذا. وقد يكون من الغباء القول +كلا، لا نريد طائرة فاخرة بالمجّان+”.
وكانت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أكدت في وقت سابق أن العائلة الحاكمة في دولة قطر ستقدّم طائرة من طراز “بوينغ 747-8” وصِفت بـ”القصر الطائر”، وذلك عشية وصول الرئيس الأميركي الى الخليج في جولة تشمل السعودية وقطر والامارات.
وقالت ليفيت لقناة “فوكس نيوز” إن “الحكومة القطرية تكرّمت بتقديم طائرة لوزارة الدفاع. وما زالت التفاصيل القانونية لهذا العرض قيد الدراسة”.
وشدّدت على أن “أيّ منحة تقدّم لهذه الحكومة تكون دوما بطبيعة الحال متماشية بالكامل مع القانون. ونحن نلتزم بأقصى درجات الشفافية وسوف نواصل على هذا المنوال”.
وتشكّل هذه المنحة بقيمتها المالية واستخدامها المقترح كطائرة رئاسية، سابقة في تاريخ الولايات المتحدة وتثير تساؤلات أمنية وأخلاقية عدّة.
وردّا على سؤال حول إذا ما كانت قطر تتوقّع معاملة ما في المقابل، أكّدت ليفيت “طبعا لا، لأنهم يعرفون الرئيس ترامب وهم يعرفون أنه يضع دوما نصب عينيه مصلحة الشعب الأميركي”.
ويحظر الدستور الأميركي على المسؤولين الحكوميين قبول هدايا “من أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية”.
لكن ترامب يسعى للالتفاف على القانون عبر تسليم الطائرة إلى مكتبته الرئاسية عقب مغادرته المنصب، أو تقديمها لوزارة الدفاع.
ورجحت شبكة “آيه بي سي نيوز” التي كانت أول وسيلة إعلامية تورد النبأ أن تكون الطائرة وهي من طراز بوينغ 8-747 جامبو أثمن هدية تتلقاها الحكومة الأميركية على الإطلاق، حيث وصفتها بأنها “قصر طائر”.
ويشعر الرئيس الأميركي منذ فترة طويلة بعدم الرضا عن طائرتي الرئاسة من طراز بوينغ 747-200B اللتين تم إدخال تعديلات كبيرة عليهما.
وسبق أن أعلن هذا العام أن إدارته “تبحث عن بدائل” لشركة بوينغ بعد تأخرها في تسليم طائرتين جديدتين.
ووقّعت بوينغ عام 2018 عقدا لتوفير طائرتين جديدتين من طراز 747-8 بقيمة 3,9 مليارات دولار، قبل نهاية 2024.
لكن إفلاس أحد المتعهدين وتعطل الانتاج بسبب وباء كوفيد أجبرا شركة بوينغ على تأجيل التسليم إلى عامي 2027 و2028.
ورغم أن الطائرة التي يعرضها القطريون يقال إن عمرها أكثر من عشر سنوات، إلا أن طائرة بوينغ 747-8 الجديدة يبلغ ثمنها نحو 400 مليون دولار، بحسب خبراء.
ويتعين أيضا تجهيز الطائرة بوسائل اتصالات وتحديثات أمنية واسعة النطاق قبل أن تصبح طائرة رئاسية.
ويأتي الجدل بشأن الطائرة وتباهي ترامب بأنها “مجّانية” على وقع أسئلة يواجهها الرئيس الأميركي بشأن احتمالات تضارب المصالح مع الأعمال التجارية التابعة لعائلته واستغلال منصبه.
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت متأخر الأحد لم يشر فيه إلى قطر، شن ترامب هجوما حادا مدعيا أن الطائرة “هدية” مؤقتة ستذهب إلى وزارة الدفاع وستحل مكان طائرة عمرها اربعة عقود.
وقال ترامب (78 عاما) إن العملية “شفافة”، موجها سهام النقد إلى الديموقراطيين الذين يرغبون في انفاق المال على طائرة رئاسية جديدة دون داع.
وسارعت قطر للتقليل من حجم الضجة التي أثارها التقرير، قائلة إن وصف الطائرة بالهدية “غير دقيق”.
وقال علي الأنصاري، الملحق الإعلامي في سفارة دولة قطر في واشنطن “إن النقل المحتمل لطائرة للاستخدام المؤقت كطائرة +اير فورس وان+ قيد الدراسة حاليا بين وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع الأميركية”، مؤكدا أنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد.
اتهامات بالفساد
وتشن المعارضة ومنظمات في الولايات المتحدة حملة على ما تعتبره استغلال دونالد ترامب لنفوذه علنا، منذ عودته إلى السلطة بعد قبوله هدايا وترويجه للعملة المشفرة بكل الوسائل واستثمارات في العقارات.
وأثار قبول الهدية تساؤلات أخلاقية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي إذ أنه يخرق على ما يبدو القوانين القائمة لمنع الفساد الحكومي.
وقالت حليفة ترامب اليمينية المتشددة لورا لومر إن قبول الطائرة القطرية سيكون “وصمة عار” على الإدارة.
وقالت على منصة “إكس” “لا يمكننا القبول بـ+هدية+ بقيمة 400 مليون دولار من جهاديين ببزات رسمية”، مضيفة بأن “القطريين يموّلون نفس عملاء إيران ذاتهم في حماس وحزب الله الذين قتلوا جنودا أميركيين”.
لكن البيت الأبيض ووزارة العدل يعتبران بأن الهدية قانونية لأنه لم يتم منحها مقابل أي خدمة أو إجراء معين، ما يعني بالتالي أنها ليست رشوة، وفق ما أبلغت مصادر شبكة “آيه بي سي”.
كما أن الخطوة غير منافية للدستور، على حد قولهما، لأن سلاح الجو الأميركي سيتسلمها أولا قبل تسليمها إلى مكتبة ترامب الرئاسية، وبالتالي لن تُمنح لأي شخص.
من جانبها، اعتبرت “اللجنة الوطنية الديموقراطية” بأن الخطوة دليل على أن ترامب يستغل البيت الأبيض لتحقيق مكاسب مالية شخصية.
وقالت اللجنة في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلتها إلى أنصار الحزب الديموقراطي “بينما تستعد العائلات العاملة للتعامل مع ارتفاع التكاليف والرفوف الفارغة، ما زال ترامب يركّز على إثراء نفسه وداعميه من أصحاب المليارات”.
وندد عدد من الديموقراطيين بالخطة إذ وصفها السناتور كريس مورفي بأنها “غير قانونية إطلاقا” بينما اعتبرت النائبة كيلي موريسون بأن هدية من هذا النوع ترقى إلى “فساد سافر” و”رشوة” غير أخلاقية ولا دستورية.
ويقول نوا بوكبايندر، رئيس جمعية “كرو” لمكافحة الفساد لوكالة فرانس برس “يبدو الفساد أكثر تجليا وفداحة مما كان عليه خلال الولاية الأولى”.
ويرى عتبر توني كارك، المدير التنفيذي لجمعية “اكاونتبل يو اس”، أن قطر “أدركت الرسالة بوضوح بأن هذه الرئاسة برسم البيع” منتقدا الهدية التي وصفها “بالقصر الطائر”
يشدد نوا بوكبايندر أيضا على وجود “خطر كبير” عندما سيتخذ الرئيس قرارات تتعلق بقطر، يتمثل في أنه “بدلا من التفكير في ما هي مصلحة الولايات المتحدة والأميركيين، سيفكر بأنه ممتن جدا (للقطريين) على هذا الطائرة التي يحلو له استقلالها”.
أكبر رشوة رئاسية
سارع الديموقراطيون إلى التنديد بقبول الهدية المقدمة من الدولة الخليجية. ووصف تشاك شومر، أحد قيادات الحزب، ذلك بأنه “أكبر رشوة رئاسية في التاريخ الحديث”.
وأكد زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ “هذا ليس فسادا محضا فحسب ، بل هو أيضا تهديد خطر للأمن القومي”.
بالإضافة إلى الطائرة القطرية، تعبر الجمعيات عن قلقها من ضلوع دونالد ترامب والمقربين منه في العملات المشفرة التي يصعب تتبع العمليات المتعلقة بها فيما إدارته مكلفة وضع ضوابط لها.
تشير هذه الجمعيات خصوصا إلى مأدبة عشاء يقيمها الرئيس في 22 آيار/مايو في أحد نوادي الغولف الخاصة به، والتي سيُدعى إليها فقط أكبر المستثمرين في عملته المشفرة “$ترامب” البالغ عددهم 220 شخصا. أما أكبر 25 منهم فستتم دعوتهم إلى زيارة خاصة في البيت الأبيض.
تذكر الجمعيات أيضا بالإعلان في نهاية آذار/مارس على أن صندوق الاستثمار “إم جي إكس MGX” ومقرّه في الإمارات سيستخدم عملة رقمية أخرى مرتبطة بعائلة ترامب من خلال شركتها World Liberty Financial ، لاستثمار ملياري دولار في منصة “بينانس” لتداول العملات الرقمية.
وزار دونالد ترامب السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة خلال جولته في الشرق الأوسط. وهذه الدول الثلاث تتعامل معها الشركة القابضة العائلية للرئيس “منظمة ترامب” في مجالات المال والعقارات أو الرياضة.
ويوضح توني كارك “الرئيس يسهل إثراءه الشخصي من خلال مرور عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات من ثروته العائلية، عبر عدة مشاريع من عملات مشفرة غامضة ومجهولة بشكل كبير”.
ويضيف نوا بوكبايندر أن هذا “مجرّد جزء قليل ظاهر ” من الحجم الفعلي.
ويقول توني كارك “مع سيطرة الحزب (الجمهوري) على مجلسي الكونغرس، لم نر سوى حفنة صغيرة من الشجعان في صفوف البرلمانيين الجمهوريين.
وفي ظاهرة نادرة منذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، عبر بعض المشرعين الجمهوريين عن عدم ارتياحهم لهدية قطر.
وأشار زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ جون ثون أمام الصحافة إلى “مشاكل جمة تتعلق بهذا العرض”.
أما السناتور راند بول، فقال إن هذه الطائرة “ربما توجه رسالة خاطئة إلى الناس”.
وقد طال هذا القلق بعض الشخصيات الإعلامية المقربة من الرئيس.
وقال البودكاستر المحافظ بن شابيرو بخصوص العشاء المخصص للمستثمرين في العملة المشفرة “$ترامب” إن الوضع “يثير مسألة استغلال النفوذ”.
وأضاف “إذا ما أريد لإدارة ترامب النجاح فإن قبول طائرة من قطر ليست الطريقة الفضلى للقيام بذلك”.
بدوره ندد زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر بتقديم قطر طائرة رئاسية للولايات المتحدة، واصفا ذلك بأنه “فساد خالص”، ومعلنا أنه سيعمل على تعطيل تثبيت جميع الأشخاص الذين اختارهم الرئيس دونالد ترامب لمناصب في وزارة العدل.
وقال السناتور المتحدر من نيويورك في خطاب شاركه مكتبه ومن المقرر أن يلقيه في المجلس الثلاثاء “هذا ليس مجرد فساد خالص، بل هو أيضا تهديد خطر للأمن القومي”.
وقال شومر في خطابه “في ضوء هذه الأخبار المزعجة للغاية حول تمويل قطر المحتمل لطائرة الرئاسة الأميركية، والتقارير التي تفيد بأن وزير العدل وافق شخصيا على هذه الصفقة غير الأخلاقية بشكل واضح، فإنني أعلن تعليق تثبيت جميع المعينين في وزارة العدل حتى نتلقى المزيد من الإجابات”.
في الولايات المتحدة، ينص الدستور على ضرورة موافقة مجلس الشيوخ على تعيين الوزراء وغيرهم من كبار المسؤولين.
ورغم أن الديموقراطيين يشكلون الأقلية في هذا المجلس، فإن لديهم وسائل تنظيمية قد تؤدي إلى إبطاء العملية بشكل كبير.
وفي أعقاب الإعلان عن هذه الهدية القطرية، دعا تشاك شومر إلى تشكيل وحدة متخصصة في وزارة العدل “للقيام بعملها والكشف عن جميع أنشطة العملاء الأجانب القطريين داخل الولايات المتحدة والتي يمكن أن تفيد الرئيس ترامب أو منظمته (Trump Organization)”، الشركة القابضة التي يملكها الملياردير الجمهوري.
ودعا الزعيم الديموقراطي أيضا إلى كشف كامل تفاصيل الاتفاق مع قطر، خصوصا ما إذا كانت الدوحة ستكون مسؤولة عن تركيب التجهيزات الأمنية في الطائرة.
وكان السناتور الديموقراطي كريس مورفي قد وعد بتعطيل أي مبيعات أسلحة مستقبلية إلى “دولة تعقد صفقات شخصية مباشرة مع ترامب”.
ماذا يقول دستور الولايات المتحدة؟
يوجد مادتان في دستور الولايات المتحدة تفرضان قيودا على تلقي الرئيس مكافأة أو هدية من حكومات أجنبية أو من حكومات اتحادية أو حكومات ولايات.
وتنص واحدة من المواد على ضرورة موافقة الكونجرس على أي هدية من "ملك أو أمير أو دولة أجنبية" إلى مسؤول منتخب في الولايات المتحدة. أما المادة الثانية، والتي يشار إليها باسم بند المكافآت "الداخلية"، فيحظر على الرئيس تلقي هدية تتجاوز راتبه.
ووافق الكونجرس على هدايا من حكومات أجنبية في الماضي. ففي عام 1877، قبل الكونجرس تمثال الحرية كهدية من فرنسا.
ولم تمنع مادة المكافآت الأجنبية الرئيس باراك أوباما عام 2009 من استلام جائزة نوبل للسلام، التي تضمنت 104 ملايين دولار نقدا، دون موافقة الكونجرس.
وخلصت مذكرة صادرة عن مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل إلى أن الجائزة لا تخالف الدستور، لأن لجنة نوبل النرويجية ليست "ملكا أو أميرا أو دولة أجنبية". وتبرع أوباما بأموال الجائزة لصالح أعمال خيرية.
وذكر تقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونجرس أن المحكمة العليا لم تتطرق لمسألة صلاحية تنفيذ المادتين بعد ما زاد من غموض كيفية التعامل مع الأمر.
وقال خبراء قانونيون إن أعضاء في الكونجرس وحكومات ولايات أمريكية وربما بعض الشركات الخاصة قد يحاولون مقاضاة الرئيس إذا اعتقدوا أن هدية ما تخالف بند المكافآت الأجنبية، لكنهم يواجهون تحديات.
وتشترط المحاكم الأمريكية على المدعين أن يكون لديهم "صفة" قانونية لرفع الدعاوى، ما يعني أنه يجب أن يكونوا طرفا مؤهلا لرفع القضية، وهو شرط أساسي لبدء إجراءات التقاضي.
ماذا قالت المحاكم الأمريكية عن المكافآت؟
حتى الفترة الرئاسية الأولى لترامب، لم تكن هناك قضايا فعلية تتناول المادتين وحتى معنى مصطلح "المكافآت" لا يزال محل نزاع قانوني.
رفع أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس دعوى قضائية ضد ترامب في عام 2017 بعد أن قيل إن شركاته العالمية تلقت مدفوعات من حكومات أجنبية، منها عندما استضافت الكويت فعالية في فندق ترامب الدولي بواشنطن. ورفضت محكمة الاستئناف الأمريكية في مقاطعة كولومبيا هذه القضية، قائلة إن أعضاء الكونجرس البالغ عددهم 215 عضوا يفتقرون إلى الصفة القانونية لرفع دعوى قضائية كمؤسسة لأنهم لا يمثلون أغلبية. وكان الجمهوريون يسيطرون على مجلسي الكونجرس آنذاك، كما هو الحال الآن.
ورفضت المحكمة العليا الأمريكية في أكتوبر تشرين الأول 2020 إعادة النظر في هذا الحكم.
ورفع المدعيان العامان لولاية ماريلاند ومقاطعة كولومبيا دعوى مشتركة بشأن المكافآت المتعلقة بأعمال ترامب التجارية خلال ولايته الأولى. ورفضت لجنة مكونة من ثلاثة قضاة، عينهم رؤساء جمهوريون، من محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الرابعة، القضية وذلك أيضا لعدم أهلية التقاضي.
وقررت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الثانية في 2019 أن للمطاعم والفنادق في نيويورك وواشنطن الحق في رفع دعوى قضائية بشأن المكافآت، بدعوى تضررها من منافسة أعمال ترامب. ورُفضت القضية دون التطرق إلى حيثياتها عندما غادر ترامب البيت الأبيض بعد خسارته انتخابات 2020.
ويحدد قانون الهدايا والأوسمة الأجنبية شروط تلك الهدايا، إذ يسمح للرئيس بالاحتفاظ بأي هدية تقل قيمتها عن 480 دولارا. ويمكن قبول الهدايا التي تزيد قيمتها عن تلك القيمة نيابة عن الولايات المتحدة، التي تحتفظ بملكية الهدايا. ويستطيع الرؤساء الاحتفاظ بالهدايا التي تزيد قيمتها عن الحد الأقصى إذا سددوا للحكومة قيمة الهدية بالسعر العادل في السوق.
قطر لا ترى سببا للسجال الدائر
من جهته أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة تلفزيونية الأربعاء أنّ بلاده لا ترى سببا للسجال الدائر في واشنطن بشأن رغبة الإمارة الخليجية بتقديم طائرة رئاسية جديدة هدية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مبديا دهشته لأن القضية “تمّ تسييسها بهذه الطريقة”.
وقال آل ثاني في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي إن إن” التلفزيونية الأميركية “لن نفعل أيّ شيء غير قانوني. لو كان في الأمر شيء غير قانوني، لكانت لدينا طرق عديدة لإخفاء هذا النوع من المعاملات كي لا يكون ظاهرا للعامة”.
وأضاف “هذه معاملة واضحة للغاية بين حكومتين، وهذه أمور نراها تحصل في سائر أنحاء العالم. لا أرى أيّ سبب للجدل، ولا أعلم لماذا اتّخذ الأمر اتجاها آخر، وتمّ تسييسه بهذا الشكل”.
وتعليقا على هذه المسألة قال الوزير القطري لسي إن إن “لن نتراجع عن قرارنا. إذا احتاجت الولايات المتحدة شيئا، وكان قانونيا تماما، وكنا قادرين على مساعدتها ودعمها، فلن نتردّد في ذلك. نحن أناس فخورون، وإذا صدر من قطر أي شيء للولايات المتحدة، فهو بدافع الحب، وليس مقابل أي شيء”.
وفي سياق متصل أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الخطوط الجوية القطرية قدّمت طلبا “قياسيا” لشراء 160 طائرة بوينغ بقيمة تزيد عن 200 مليار دولار، وذلك خلال توقيعه مجموعة من الصفقات في الدوحة رفقة أمير البلاد.
ويعزّز هذا الطلب الذي وصفه البيت الأبيض بأنّه الأكبر لشركة بوينغ في مجال الطائرات ذات البدن الواسع، العلاقات بين الصانع الأميركي العملاق والناقل الجوي الذي يعد من الأكبر في الشرق الأوسط.
ووفق البيت الأبيض، فإنّ الخطوط الجوية القطرية ستوقع “اتفاقية بقيمة 96 مليار دولار للحصول على 210 طائرات بوينغ 787 دريملاينر و777X المصنّعة في الولايات المتحدة، والمدعومة بمحرّكات جي إي”.
وأضاف في بيان “هذا أكبر طلب على الإطلاق لطائرات ذات بدن واسع، وأكبر طلب لطائرات من طراز 787”.
ولم تتوافر تفاصيل دقيقة بشأن الطلبية، بينما امتنعت بوينغ عن التعليق الفوري على هذه المسألة.
ويعد هذا الطلب مكسبا للمدير التنفيذي الجديد لشركة بوينغ كيلي أوربيرغ، رغم أنّ المحلّلين أشاروا إلى أنّه لن يتم تسليم الطائرات قبل خمس سنوات على الأقل، على خلفية تراكم الطلبات المتأخرة لدى الصانع.
وانضم اورتبيرغ إلى ترامب خلال حفل التوقيع الأربعاء، والذي تخلله أيضا اتفاقيات دفاعية وشراء قطر لمسيّرات أميركية من طراز MQ-9B، بعد مباحثات مع الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وقال ترامب بعيد التوقيع إلى جانب الأمير إن قيمة الاتفاق مع بوينغ “تتجاوز 200 مليار دولار، لكنها 160 طائرة. هذا رائع. إنه رقم قياسي”.
وأضاف “إنها أكبر طلبية طائرات في تاريخ بوينغ. هذا أمر جيد جدا”.
كما قال ترامب يوم الخميس إن قطر ستستثمر عشرة مليارات دولار في الأعوام المقبلة في قاعدة العُدَيد الجوية، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
وذكر، في كلمة ألقاها أمام القوات الأمريكية في القاعدة خلال جولته في الخليج، أن قيمة المشتريات الدفاعية القطرية من الاتفاقات التي أبرمتها أمريكا يوم الأربعاء تبلغ 42 مليار دولار.
وجعل ترامب من تحسين العلاقات مع بعض دول الخليج هدفا رئيسيا لإدارته. وإذا اجتمعت جميع الصفقات المقترحة لدول الخليج، والإمارات تحديدا، فإن المنطقة ستصبح مركز القوة الثالث في المنافسة العالمية على الذكاء الاصطناعي بعد الولايات المتحدة والصين.
الطائرة القطرية المهداة تتطلب تحديثات أمنية
قال خبراء في مجال الطيران ومصادر من القطاع إن الطائرة بوينج 747، التي أهدتها قطر إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يضطر البيت الأبيض إلى نشر طائرات مقاتلة لترافقها ويقتصر تحليقها على أجواء الولايات المتحدة ما لم يجر عليها تحسينات أمنية كبيرة ومكلفة.
وذكر الخبراء والمصادر أن مرافقة طائرات عسكرية لها واقتصار التحليق داخليا ربما يستمران حتى لو تم إدخال العديد من التحسينات على نظم الاتصالات والدفاع في الطائرة خلال الأشهر المقبلة بمجرد إتمام أي اتفاق.
وأشار مسؤول سابق في القوات الجوية الأمريكية إلى أن ترامب باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة يستطيع التغاضي عن أي من هذه المتطلبات.
وقال خبراء إن الطائرة الفاخرة، التي أهدتها له العائلة المالكة القطرية، تتطلب تحديثات أمنية وتحسينات في الاتصالات لمنع تنصت الجواسيس ولتكون قادرة على صد أي صواريخ.
والتكاليف غير معروفة، لكنها قد تكون باهظة بالنظر إلى أن تكلفة بناء طائرتين رئاسيتين جديدتين من طراز بوينج ستتجاوز خمسة مليارات دولار.
وأحالت القوات الجوية طلب التعليق على التقرير إلى البيت الأبيض الذي لم يصدر تعقيبا بعد.
وتوجد تساؤلات جدية عما إذا كانت طائرات الحراسة المقاتلة والتحديثات خلال فترة زمنية قصيرة كافية لتوفير الحماية اللازمة للرئيس.
وعن إجراء التعديلات خلال فترة زمنية قصيرة، قال مارك كانسيان المستشار الكبير في إدارة الدفاع والأمن بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “لا أعتقد أن هذا ممكن”.
وأضاف “تصمم الطائرة الرئاسية لتصمد في كل الظروف، بما في ذلك الحرب النووية”، مشيرا إلى أن أسلاكها وأنظمتها تكون مصممة من البداية على تحمل النبضات الكهرومغناطيسية الناتجة عن انفجار نووي و”هذا شيء لا يمكن إضافته”.
وأضاف المسؤول السابق في القوات الجوية الأمريكية “إذا أراد (الرئيس) ذلك، وقال ‘سأقبل أي مخاطرة مرتبطة بعدم وجود كل ما تحتويه الطائرة الرئاسية الفعلية‘ فيمكنه ذلك”.
وأوضح المسؤول السابق أنه في حين أن الطائرة الرئاسية لا ترافقها عادة طائرات مقاتلة، فإن الطائرة الجديدة قد تحتاج إليها لصد التهديدات الصاروخية.
وقال ريتشارد أبو العافية العضو المنتدب لشركة “أيرو دايناميك أدفايزوري” الاستشارية إن الطائرات المرافقة قد تكون ضرورية لأن الطائرة القطرية “ليست مجهزة بأنظمة الحرب الإلكترونية والإنذار من الصواريخ وخصائص أخرى مرتبطة بالقدرة على النجاة داخل الطائرة الرئاسية”.
وأضاف أن السفر الدولي بها ربما يكون محظورا لأنه “لا يمكن ضمان مستوى الأمن في المجال الجوي الدولي أو المطارات الدولية”.
وقال خبراء إن الجيش الأمريكي سيضطر في ظل أي احتمالات إلى تزويد الطائرة القطرية بخصائص أمنية جديدة وربما أسلاك جديدة قبل استخدامها.
اضف تعليق