q
تسعى دول اوربية الى إنشاء مظلة نووية أوروبية، في مواجهة شبح إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وتصريحاته الأخيرة الصادمة. فترامب يهدد بتشجيع موسكو على مهاجمة دول الناتو التي لا تفي بالتزاماتها المالية. وتفاقمت التحذيرات من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يسعى لاستهداف أعضاء في الحلف...

دخل العالم العام الماضي في بيئة أمنية شديدة التقلب، والوضع الحالي في مجال الأمن العسكري ينذر بما سيكون على الأرجح عقدا أكثر خطورة يتسم بلجوء البعض بشكل ملحوظ الى استخدام القوة العسكرية للحصول على مطالبهم، فقد ارتفع الإنفاق العسكري في العالم بنسبة 9% العام الماضي ليصل إلى 2200 مليار دولار، وتسعى دول اوربية الى إنشاء مظلة نووية أوروبية، في مواجهة شبح إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وتصريحاته الأخيرة الصادمة. فترامب يهدد بتشجيع موسكو على مهاجمة دول الناتو التي لا تفي بالتزاماتها المالية.

يأتي ذلك فيما تفاقمت التحذيرات من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يسعى لاستهداف أعضاء في الحلف إذا خسرت أوكرانيا الحرب.

فقد حذر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية المتخصص في قضايا الدفاع من أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس والغزو الروسي لأوكرانيا والتوتر في محيط الصين، كلها تنذر بعقد "أكثر خطورة" مع توقع ازدياد النفقات العسكرية في العالم.

تشير نسخة 2024 من تقرير التوازن العسكري الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، إلى أن العالم دخل العام الماضي "بيئة أمنية شديدة التقلب" مع انتصار أذربيجان على الانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ والانقلابات في النيجر والغابون، على أن يستمر ذلك.

وذكر التقرير أن "الوضع الحالي في مجال الأمن العسكري ينذر بما سيكون على الأرجح عقدا أكثر خطورة يتسم بلجوء البعض بشكل ملحوظ الى استخدام القوة العسكرية للحصول على مطالبهم (...) فضلا عن رغبة الأنظمة الديموقراطية التي تتقاسم القيم نفسها، في "تعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف في شؤون الدفاع في مواجهة هذا الوضع".

بعد نحو عامين على الغزو الروسي لأوكرانيا، اعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن جيش موسكو خسر حوالي ثلاثة آلاف دبابة قتالية أو كامل الاحتياطات العملانية التي كانت لديه حتى شباط/فبراير 2022. وعوض منذ ذلك الحين خسائره بالاعتماد بشكل أساسي على مخزونه من الآليات التي لم تكن في الخدمة حينها واضطر لتفضيل الكمية على النوعية.

من ناحية اخرى تمكنت كييف حتى الآن من تعويض الخسائر في معداتها بفضل المعدات الغربية عالية الجودة. كما أظهر الجيش الأوكراني "براعة" خاصة في البحر الأسود باستخدام مسيرات بحرية.

ارتفاع النفقات العسكرية

عموما ارتفع الإنفاق العسكري في العالم بنسبة 9% العام الماضي ليصل إلى 2200 مليار دولار (2000 مليار يورو) وهو رقم غير مسبوق بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يتوقع زيادة جديدة هذا العام.

ويفسر المعهد هذه الظاهرة بشكل رئيسي بالحرب في أوكرانيا والتوترات مع الصين. ويشير إلى أن أعضاء الناتو باستثناء الولايات المتحدة، يشعرون بالقلق.

ونشر هذا التقرير فيما أثار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي يأمل في إعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إمكانية التوقف عن الدفاع عن دول الحلف المترددة في الاستثمار في مجالها الدفاعي، مما تسبب بانتقادات شديدة.

ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فإن 10 فقط من الدول الأعضاء ال31 في حلف شمال الأطلسي حققت هدف الناتو المتمثل في تخصيص 2% من اجمالي الناتج المحلي للإنفاق العسكري، ولكن 19 من هذه الدول زادت الإنفاق.

وكشف التقرير أن روسيا والصين تخصصان الآن أكثر من 30% من إنفاقهما العام للقطاع العسكري، في حين يزيد الغربيون "ببطء" إنتاج الصواريخ والذخائر بعد سنوات من قلة الاستثمار في هذا المجال.

بالإضافة إلى الاستثمارات في التكنولوجيات الجديدة، عاد الاهتمام بـ "المعدات التي تم إهمالها مثل سلاح المدفعية وأنظمة الدفاع الجوي" وتحديث الترسانتين النوويتين الصينية والأميركية.

حضور أكبر للصين وايران

تواصل بكين سياستها المتمثلة في تحديث قواتها الاستراتيجية وتحويل جيشها إلى "قوة تدخل" قادرة على الانتشار بعيدا عن حدودها، مما يؤدي إلى تعزيز التحالفات الدفاعية للدول المجاورة القلقة.

ويشير التقرير إلى أن "الصين تفرض نفسها أكثر وأكثر، ليس فقط في محيطها المباشر" مذكرا بتحليق البالونات الصينية حتى في الأجواء الأميركية ونشر السفن في العالم أو الجهود الدبلوماسية في بعض النزاعات البعيدة.

وذكر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أيضا أن إيران تمارس نفوذا متزايدا في مناطق عدة تشهد نزاعات مع مثالين: تسليم الصواريخ للمتمردين الحوثيين اليمنيين الذين تؤدي هجماتهم في البحر الأحمر إلى تعطيل التجارة العالمية فضلا عن تزويد روسيا بمسيرات في حربها على أوكرانيا.

المظلة النووية الأوروبية

تسعى دول أوروبية عديدة لتجديد مخزونها من السلاح من أجل ضمان أمنها، ووصل الأمر إلى التعامل مع مسألة غطاء المظلة النووية التي كانت تعد من "المحرمات الاستراتيجية". من جهتها تعمل الصين بدورها على مراجعة خططها الدفاعية لتفادي تكرار السيناريو الروسي في أوكرانيا، أي الدخول في حرب استنزاف والفرضية الأرجح مع تايوان.

فعلى الصعيد الأوروبي، وبعد عامين من التحول المفاجئ الذي حققته ألمانيا في سياستها الدفاعية كرد على الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، تتعامل اليوم مع موضوع كان يعتبر من "المحرمات الاستراتيجية"، وهو إنشاء مظلة نووية أوروبية، في مواجهة شبح إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وتصريحاته الأخيرة الصادمة. فترامب يهدد بتشجيع موسكو على مهاجمة دول الناتو التي لا تفي بالتزاماتها المالية.

في هذا الشأن، قالت كاتارينا بارلي العضو في الحزب الديمقراطي الاشتراكي في ألمانيا بزعامة المستشار أولاف شولتز، إنه مع احتمال إعادة انتخاب ترامب، فإن درعا ذرية أوروبية "قد تطرح على الطاولة". وأثارت هذه التصريحات جدلا وطنيا مشحونا بالمشاعر في بلاد مناهضة بشدة للسلاح النووي ودائما ما جعل الشراكة مع الولايات المتحدة الأولوية المطلقة.

وسبق أن تطرق وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر في ديسمبر/كانون الأول 2023 لهذه المسألة. فقال فيشر، العضو في حزب الخضر الذي نشأ أساسا من معارضة النووي: "هل ينبغي لألمانيا أن تملك أسلحة نووية؟ كلا، أوروبا؟ نعم، لأن العالم تغير".

وقال وزيرالمال كريستيان ليندنر إنه من الضروري البحث في إنشاء قوة ردع نووي أوروبية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، القوتان النوويتان في القارة. كما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الآخر سبق وطرح نفس الفكرة في 2020، داعيا دول الاتحاد إلى "حوار استراتيجي" حول "دور الردع النووي الفرنسي في أمننا الجماعي".

في العام 2020، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على دول الاتحاد الأوروبي "حوارا استراتيجيا" حول "دور الردع النووي الفرنسي في أمننا الجماعي".

المخاوف من إعادة انتخاب ترامب

وفي سياق متصل بعد عامين من التحول المفاجئ الذي حققته ألمانيا في سياستها الدفاعية والذي أتى كرد فعل على الغزو الروسي لأوكرانيا، تتعامل البلاد مع موضوع كان يعدّ أيضا من "المحرّمات الاستراتيجية"، وهو إنشاء مظلة نووية أوروبية، في مواجهة شبح إعادة انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأميركية.

قالت كاتارينا بارلي، العضو في الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه أولاف شولتس، إنه مع احتمال إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، فإن درعا ذرية أوروبية "قد تطرح على الطاولة".

وأثارت هذه التصريحات جدلا وطنيا مشحونا بالمشاعر في بلد مناهض بشدة للسلاح النووي ودائما ما جعل الشراكة مع الولايات المتحدة الأولوية المطلقة.

وساهمت التصريحات الصادمة لدونالد ترامب الذي هدد بعدم ضمان حماية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مواجهة روسيا إذا لم تدفع التزاماتها المالية، في تسريع نقاش كان قد بدأ منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي كانون الأول/ديسمبر تحدث وزير الخارجية السابق يوشكا فيشر عن إنشاء قوة ردع نووي أوروبية.

وقال فيشر، العضو في حزب الخضر الذي نشأ من معارضة النووي "هل ينبغي لألمانيا أن تملك أسلحة نووية؟ كلا، أوروبا؟ نعم، لأن العالم تغير".

وقال وزير المال كريستيان ليندنر إنه من الضروري البحث في إنشاء قوة ردع نووي أوروبية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، وهما القوتان النوويتان في القارة.

وتساءل زعيم الحزب الليبرالي في مقال في صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، "بأي ظروف سياسية ومالية ستكون باريس ولندن على استعداد للحفاظ على قدراتهما الاستراتيجية أو تطويرها من أجل الأمن الجماعي؟ وفي المقابل، ما هي المساهمة التي نحن على استعداد لتقديمها؟".

وبسبب عدم رؤيتها بديلا للشراكة عبر الأطلسي، كانت الحكومات الألمانية أقل حماسة عندما سارع شركاؤها، وفي مقدمهم فرنسا، إلى تعزيز استقلالية قوة الدفاع الأوروبي.

قال أولاف شولتس في كانون الأول/ديسمبر "لا أرى جدوى من هذه المناقشة اليوم"، وقد أعاد الناطق باسمه ستيفن هيبسترايت تأكيد الأمر نفسه الأربعاء.

لكن ماركوس كايم، خبير الأمن الدولي في معهد SWP الألماني قال لوكالة فرانس برس إن الأمور تغيّرت موضحا "قبل عشر سنوات، كان هناك إجماع في برلين على أن الأسلحة النووية عديمة الفائدة".

واعتبر الخبير أن تشارك منظومة دفاع نووي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "لا يمكن أن ينجح" لأنه من سيقرر على سبيل المثال الوقت الذي تستخدم فيه الأسلحة النووية؟ رئاسة المفوضية الأوروبية أم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أم عواصم الدول الأعضاء الـ27 مداورة؟.

وقالت الباحثة في العلاقات الدولية في جامعة ستوكهولم ليديا فاكس "هذا الخيار يفترض خطوة هائلة نحو تكامل الاتحاد الأوروبي، وهو أمر ما زالنا بعيدين عنه".

أما البديل الآخر فهو حماية فرنسا، العضو الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يملك أسلحة نووية منذ خروج بريطانيا من التكتل.

هل سيكون الفرنسيون على استعداد لتشارك السيطرة على أسلحتهم النووية مع حلفائهم؟ وهل سيكون الألمان الذين ما زالوا متأثرين بأهوال الحرب العالمية الثانية على استعداد للتفكير في رد نووي؟

وأشارت فاكس إلى أن توسيع المظلة النووية الفرنسية لتشمل أوروبا برمّتها "أمر غير واقعي من وجهة نظر سياسية وعسكرية وتقنية".

وأوضحت "أولا، يجب على باريس أن تظهر بصدق أنها مستعدة لقبول تدمير نفسها للدفاع عن حلفائها. وثانيا، يجب عليها تطوير ترسانتها النووية بشكل كبير وتعديل استراتيجيتها، وهو أمر يستغرق وقتا ويتطلب استثمارات".

في العام 2020، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على دول الاتحاد الأوروبي "حوارا استراتيجيا" حول "دور الردع النووي الفرنسي في أمننا الجماعي".

من جهتها، اعتبرت صحيفة "هاندلسبلات" أن ألمانيا لم تعد قادرة على تجاهل منطق الردع النووي قائلة "لنأمل بأن يفوز بايدن في الانتخابات أو بألا تتدهور الأمور كثيرا إذا انتخب ترامب".

استهداف حلف الناتو

لكن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ حذّر قبيل اجتماع لوزراء دفاع التكتل، أوروبا من محاولة العمل بمفردها في المجال العسكري بعدما أثارت تعليقات ترامب جدلا حول ما إذا كان بوسع القارة الاعتماد فقط على الحماية الأمريكية.

وقال ستولتنبرغ لرويترز: "لا يمكن للاتحاد الأوروبي الدفاع عن أوروبا. 80 بالمئة من مصروفات حلف شمال الأطلسي على الدفاع مصدرها حلفاء غير أعضاء بالاتحاد الأوروبي".

وفعليا، فقد كان غزو أوكرانيا بمثابة جرس الإنذار لدول أوروبية ودفعت بالناتو إلى جعل هدف 2 بالمئة حدا أدنى للإنفاق الدفاعي لدوله. فيما زادت دول رئيسية مثل ألمانيا حجم إنفاقها ومن المتوقع أن تحقق هذا الهدف العام الجاري. إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تمثل الجزء الأكبر من إجمالي نفقات أعضاء الحلف.

يأتي ذلك فيما تفاقمت التحذيرات من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يسعى لاستهداف أعضاء في الحلف إذا خسرت أوكرانيا الحرب. تُذكر هذه الأجواء بتلك التي خيّمت قبيل بداية الغزو في 24 فبراير/شباط 2022.

لكن ستولتنبرغ طمأن بأن "الناتو لديه القدرات، ولدينا العزم على حماية كل الدول الأعضاء والدفاع عنها". مضيفا: "لا نرى أي تهديد وشيك ضد أي عضو في حلف شمال الأطلسي". مؤكدا بأن الردع النووي الأمريكي في أوروبا "ينجح وعلينا الاستمرار في ضمان بقائه آمنا وموثوقا".

رغم ذلك، ما زالت الصناعة الدفاعية الأوروبية بعيدة من التمكن من مد أوكرانيا بالسلاح الذي تحتاج إليه بحسب خبراء، فرغم تقديم دول التكتل مساعدات عسكرية لكييف بمليارات اليورو، إلا أن القدرات لا ترقى إلى مستوى الإرادة السياسية المُعلنة.

الانتقال إلى اقتصاد الحرب

وفيما زاد الأوروبيون حجم ميزانياتهم الدفاعية ودعا بعضهم على غرار ماكرون للانتقال إلى "اقتصاد الحرب"، أنفقت 9 دول فقط أكثر من 2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في 2023، وليست ألمانيا ولا فرنسا أو إيطاليا إحداها علما أنها الأغنى في الاتحاد ولديها صناعات دفاعية قوية.

كل هذا فيما تعمل المصانع بكامل طاقتها لإنتاج صواريخ للدفاع الجوي وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف ومدافع، منها معدات مخصصة لأوكرانيا ومنها لتجديد المخزون الوطني. وشهدت خطط التكتل بإنتاج قذائف من عيار 155 ملم تأخيرا، إلا أنه يخطط لتصنيع 1,4 مليون قذيفة في 2025، متقدما على الولايات المتحدة التي تخطط لتصنيع 1,2 مليون قذيفة خلال الفترة نفسها.

بلغة الأرقام، فإنه من أصل 100 مليار يورو من مشتريات الدول الـ 27 من الأسلحة في الفترة من 2022 إلى منتصف 2023، تم شراء 63 بالمئة من الولايات المتحدة و13 بالمئة من كوريا الجنوبية، حسب معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS).

لكن ليس الأوروبيون لوحدهم من يحاول استباق الأمور واستخلاص الدروس من هذه الحرب، حيث إن الصين تخطط بدورها لبناء خطط دفاعية كفيلة بضمان تفوقها في حال اندلاع حروب مستقبلية لعل أبرزها سيكون في تايوان.

الصين تُحضر جيشها لحرب طويلة الأمد

ويسلط تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية Military Balance، الضوء أكثر على ما يحدث في الصين، قائلا إن هناك دلائل تؤشر على أن العملاق الآسيوي بصدد مراجعة خططه الدفاعية تحضيرا لحرب "طويلة الأمد" مدفوعا بالنتائج المستخلصة من مراقبته لأداء روسيا في أوكرانيا. وأشار هذا المركز البحثي إلى لوائح 2023 التي تخص استدعاء الجيش للمحاربين القدامى وخطط التعبئة في زمن الحرب.

وقال المعهد حسبما نقل موقع بيزنس إنسايدر إن ذلك يُظهر تفكير بكين في احتمال عدم تحقيقها "نصرا سريعا" في حال خاضت نزاعا عسكريا. وأضاف بأنه من المرجح أن يدفع هذا الصراع قيادة "جيش التحرير الشعبي الصيني إلى إعادة النظر في الخطط التشغيلية للاستدامة الصناعية واللوجستية طويلة المدى، ناهيك عن خطط إجلاء المصابين وعلاجهم".

وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حسب بيزنس إنسايدر، إن الجيش الصيني سيركز بشكل أكبر على جنود الاحتياط الذين سبق وطغت أهميتهم على فروع الدفاع الأخرى. كما أن "قوانين التجنيد العسكري الجديدة في 2023 تكشف عن مدى قدرة القيادة الدفاعية العليا في الصين على التحكم بالتعبئة في زمن الحرب، ما يسمح لها بتعديل شروط وأحكام التجنيد واستدعاء المحاربين القدامى. وهي تأتي ربما تحسبا للصعوبة التي تواجهها روسيا في سد فجوات في تعبئة قواتها" في أوكرانيا، يضيف نفس المصدر.

وأثار وزير الدفاع الصيني دونغ جيون الجدل بعد تصريحات أدلى بها خلال محادثة عبر الفيديو مع نظيره الروسي سيرغي شويغو في 31 يناير/كانون الثاني، قال فيها حسب بعض التقارير إن بلاده "تدعم" روسيا في الملف الأوكراني.

آثار التصعيد الإقليمي على الاقتصاد العالمي

من جهته حذّر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أن الحرب في غزّة والتصعيد الإقليمي المرتبط بها والذي يؤثر على حركة الشحن في البحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس، يشكلان تهديدًا للاقتصاد العالمي.

وأوضحت مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أضرّت بالفعل باقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، معربةً عن خشيتها من أن تنعكس آثارها غير المباشرة على الاقتصاد العالمي إذا طال أمد القتال.

وقالت غورغييفا خلال القمة العالمية للحكومات، وهي تجمع سنوي لقادة دول ورجال أعمال في دبي، "أخشى أكثر من أي وقت مضى أن يطول أمد النزاع، لأنه إذا استمرّ، فإن خطر توسّعه سيزيد".

وأضافت: "نشهد الآن في قناة السويس على خطر توسّعه"، في إشارة إلى هجمات المتمردين الحوثيين في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب التي تؤثر على حركة الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.

ومنذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

لمحاولة ردعهم، شنّت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة ثلاث موجات ضربات على مواقع تابعة لهم في اليمن منذ 12 كانون الثاني/يناير الماضي. وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدّة للإطلاق.

وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافًا مشروعة".

وأواخر الشهر الماضي، أعلنت منظّمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن حجم التجارة عبر قناة السويس انخفض بنسبة 42% في كانون الثاني/يناير وكانون الأول/ديسمبر.

وحذّرت غورغييفا من أن إذا كانت هناك "عواقب (أخرى) فيما يتعلق بمكان القتال، فقد يكون الأمر أكثر إشكالية بالنسبة للعالم ككل".

من جانبه، قال رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في معرض حديثه أيضًا خلال القمة، إن "ما يحدث في غزة، إضافة إلى التحديات في أوكرانيا... والبحر الأحمر" هي من بين أكبر التحديات التي تواجه آفاق الاقتصاد العالمي.

وأكد أن "عندما تُضاف هذه المتغيرات إلى ما يتبين بالفعل أنه ربما يكون أقلّ (معدّل) نمو خلال السنوات الـ35 إلى الـ40 الماضية... فهذا أمر يجب أن نراقبه عن كثب".

اضف تعليق