q
الأزمة السياسية الحالية التي تعيشها تونس يمكن ان تسهم وبحسب بعض المراقبين، بتهديد امن واستقرار البلاد التي تعاني من ازمة اقتصادية كبيرة أثرت سلبا على حياة المواطن التونسي. الأزمة السياسية الحالية، تتلخص كما تنقلت بعض المصادر في أن هناك دعوات كثيرة تطالب بتغيير الحكومة كاملة، بمن في ذلك رئيسها يوسف الشاهد، الذي يعد أحد قادة حزب \"نداء تونس\" الحاكم، ويتزعم تلك المطالب، المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، ابن رئيس الجمهورية...

الأزمة السياسية الحالية التي تعيشها تونس يمكن ان تسهم وبحسب بعض المراقبين، بتهديد امن واستقرار البلاد التي تعاني من ازمة اقتصادية كبيرة أثرت سلبا على حياة المواطن التونسي. الأزمة السياسية الحالية، تتلخص كما تنقلت بعض المصادر في أن هناك دعوات كثيرة تطالب بتغيير الحكومة كاملة، بمن في ذلك رئيسها يوسف الشاهد، الذي يعد أحد قادة حزب "نداء تونس" الحاكم، ويتزعم تلك المطالب، المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، ابن رئيس الجمهورية.

ونالت تونس إشادة باعتبارها قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة بين الدول التي شهدت انتفاضات "الربيع العربي" في 2011. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو وخلق فرص عمل وأمل لأكثر من نصف مليون عاطل. ويرى حافظ السبسي وأنصاره في الحزب، ضرورة إقالة حكومة الشاهد كلها بدعوى إخفاقها في إنعاش الاقتصاد المنهك ووصول المؤشرات الاقتصادية إلى مستوى مرعب. وأعلن "نداء تونس" في بيان له، في وقت سابق، أن "الحكومة الحالية تحوّلت إلى عنوان أزمة سياسية، ولم تعد حكومة وحدة وطنية".

وتبدو الأزمة المتصاعدة بين الرئاسة التونسية ورئاسة الحكومة، وقد دخلت طورا صريحا بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي باجي قايد السبسي، في حوار مع قناة نسمة التونسية الخاصة، والذي طالب فيه رئيس الحكومة يوسف الشاهد بلغة صريحة بالاستقالة، وكان الرئيس التونسي قد قال إن على الشاهد إما أن يستقيل، أو أن يذهب إلى مجلس النواب لطلب الثقة مضيفا إن "الوضع السياسي الحالي صعب ولا يمكن أن يستمر كما هو عليه، فقد وصلنا إلى حد لا يمكن المواصلة معه، وبدأنا في الانتقال من السيئ إلى الأسوأ".

ويعتبر مراقبون أن الخلاف بين الرئيس التونسي ورئيس الحكومة، قد خرج من حيز الانتقادات الداخلية، إلى الحيز العلني وهو ما يعني أن الأزمة السياسية في البلاد وصلت إلى أقصى حالاتها، مشيرين إلى أن الرئيس التونسي انضم في ذلك لنجله حافظ قايد السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الحاكم، والذي يطالب دوما بتغيير شامل للحكومة التونسية متهما إياها بالفشل الاقتصادي.

والأزمة الحالية المتفاقمة، بين الرئيس التونسي ، ورئيس الحكومة لا تبدو قاصرة على الجانبين، إذ تبدو هناك حالة من الاصطفاف وراء كلا الطرفين. ففي جانب الرئيس التونسي ونجله زعيم حزب نداء تونس، تقف مجموعة أحزاب تونسية معارضة ، إضافة إلى الاتحاد التونسي للشغل، وهو هيئة نقابية لها وزنها في الساحة السياسية التونسية في حين يرفض حزب حركة النهضة الإسلامي في تونس على الجانب الآخر، تغييرا شاملا للحكومة ويدعو لتغيير جزئي حفاظا على استقرار البلاد في ظل وضع اقتصادي حرج. وكان حزب حركة النهضة وهو الحزب الأكبر في البرلمان التونسي، قد جدد تمسكه ببقاء الشاهد في منصبه، مدعوما بقيادات في حزب نداء تونس، منشقة عن نجل الرئيس زعيم الحزب.

تدمير الحزب الحاكم

وفي هذا الشأن اتهم رئيس وزراء تونس يوسف الشاهد نجل رئيس الجمهورية بتدمير الحزب الحاكم نداء تونس وتصدير أزمة الحزب إلى مؤسسات الدولة. يأتي هذا الانتقاد بعد أيام من دعوة حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لنداء تونس بإقالة حكومة الشاهد‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬بدعوى فشلها في إنعاش الاقتصاد المنهك. ورفض حزب النهضة الاسلامي مطلب إقالة الشاهد قائلا إن إقالته تضرب الاستقرار في وقت تحتاج فيه الدولة إلى إصلاحات اقتصادية.

وهذا أول انتقاد مباشر من الشاهد المنتمي لنداء تونس إلى حافظ قائد السبسي الذي يتهمه خصومه بالسعي لاستغلال نفوذه العائلي للسيطرة على أجهزة الدولة وهو ما يرفضه السبسي الابن الذي يقول إنه يمارس حقا سياسيا متاحا للجميع. وخسر نداء تونس مركزه كأول حزب في الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت هذا الشهر وحل ثانيا وراء حزب النهضة. وخسر نداء تونس حوالي 900 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة مقارنة بانتخابات 2014 البرلمانية.

وقال الشاهد في خطاب بثه التلفزيون الرسمي ”حافظ قائد السبسي والمحيطين به دمروا نداء تونس.. الذي خسر حوالي مليون صوت في الانتخابات الأخيرة.. وأزمة الحزب ليست داخلية بل أثرت على مؤسسات الدولة“ ودعا الشاهد إلى إصلاح الحزب دعما للتوازن في الساحة السياسية في البلاد.

من جانب اخر قال الرئيس التونسي إنه يتعين على رئيس الوزراء الاستقالة من منصبه إذا استمرت الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ليسحب بذلك دعمه لرئيس الوزراء يوسف الشاهد الذي دخل في صراع معلن مع نجل الرئيس. ولم يشر السبسي الى الصراع بين نجله ورئيس الوزراء لكنه وجه انتقادات مباشرة للشاهد بخصوص أداء حكومته الاقتصادي وبعض التعيينات في جهاز الأمن قائلا أيضا إن التيار لا يمر بين الحكومة وبعض الأحزاب والمنظمات مثل اتحاد الشغل.

وأضاف مشيرا للأزمة السياسية ”هناك حالة تباين بين الأحزاب والمنظمات الوطنية والوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه.. وإن استمر يتعين على رئيس الحكومة الاستقالة أو الذهاب إلى مجلس النواب لطلب الثقة“. وتقول الحكومة إن الوضع الاقتصادي بدأ يتحسن بعد سنوات من الركود مع عودة قوية لصناعة السياحة وتطور نسبي للاستثمارات الاجنبية وارتفاع الصادرات. بحسب رويترز.

وتقع الحكومة تحت ضغط صندوق النقد الدولي الذي يحثها على تسريع وتيرة الإصلاحات ومنها تجميد الزيادة في رواتب القطاع العام. ويرفض اتحاد الشعل هذه الإصلاحات وتعهد بالتصدي لها. ونالت تونس إشادة باعتبارها قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة بين الدول التي شهدت انتفاضات ”الربيع العربي“ في 2011. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو وخلق فرص عمل وأمل لأكثر من نصف مليون عاطل.

ضحايا الثورة

من جانب اخر بدأ القضاء التونسي المتخصص النظر في ملفات ضحايا الانتفاضة الشعبية في تونس التي انطلقت في 17 كانون الاول/ديسمبر وانتهت بسقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011 . وهي المرة الاولى التي يتطرق فيها القضاء الى مقتل متظاهرين خلال الاضطرابات التي رافقت الثورة.

وانعقدت جلسة في قاعة صغيرة بالمحكمة الابتدائية في محافظة سيدي بوزيد (وسط) التي انطلقت منها الانتفاضة بعد أن أحرق بائع متجول نفسه. وتوافد ممثلو منظمات المجتمع المدني وافراد عائلات الضحايا لحضور الجلسة وسط أجواء من التأثر الشديد، والاستماع الى الافادات حول مقتل متظاهرين اثنين، أحدهما مهندس والآخر طالب. وردد المحتجون تزامنا مع دخول القضاة قاعة الجلسة هتافات بينها "أوفيا أوفياء لدماء الشهداء".

كما باشر القضاء المتخصص بمحافظة القصرين (غرب) المجاورة لسيدي بوزيد النظر في ملف مقتل عشرين شخصا في المنطقة خلال الفترة الممتدة بين نهاية 2010 وبداية 2011. وتدفق الى قاعة المحكمة حشد آخر. وحمل اقارب الضحايا صورا ضخمة للمتوفين. وهي القضية السادسة التي ينظر فيها القضاء المتخصص في الملفات المقدمة من هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالعدالة الانتقالية، وقد خصصت الملفات الخمسة الأولى لقضايا الموت تحت التعذيب وكان ضحيتها اسلاميون ويساريون معارضون للنظام الدكتاتوري.

وتعلق عائلات الضحايا آمالا كبيرة على هذه المحاكمات التي يتولها قضاة متخصصون بعد تحقيقات قامت بها هيئة الحقيقة والكرامة وإثر المرارة التي خلفتها أحكام القضاء العسكري السابقة والتي وصفها محامون وأقرباء الضحايا ب"المتساهلة" و"غير المقبولة". وقالت مباركة، والدة محمد العماري، في سيدي بوزيد "ان شاء الله تعطينا العدالة الانتقالية حقنا وتكشف عن قتلة ابنائنا".

وقتل الطالب محمد العماري (25 عاما) بالرصاص خلال التظاهرات التي قمعها الامن في 24 كانون الاول/ديسمبر 2010، وكان أول ضحية تسقط بعد ثمانية ايام من إضرام البائع المتجول محمد البوعزيزي النار في نفسه. وتأمل نوال التي حملت صورة لأخيها محمد في ان "ترد العدالة الانتقالية الكرامة لشهداء الثورة وعائلاتهم". وأعلنت هيئة تحقيق تم احداثها في شباط/فبراير 2011 ان حوالى 338 تونسيا قتلوا وجرح 2174 آخرون وغالبيتهم في العاصمة تونس وفي منطقة الوسط الغربي في البلاد، خلال الانتفاضة الشعبية.

وكان القضاء العسكري والمدني ينظر سابقا في قضايا "الشهداء"، وهي المرة الأولى التي يتكفل القضاء المتخصص بسيدي بوزيد بفتح ملفات القضية. ولم يحضر المتهمون الى قاعة المحكمة في سيدي بوزيد. وقتل العماري ومهندس المعلوماتية شوقي الحيدري (43 عاما) وجرح اربعة آخرون خلال مواجهات دامية مع قوات الامن في 24 كانون الاول/ديسمبر 2010 في منطقة منزل بوزيان (60 كلم عن سيدي بوزيد). وأصيب الحيدري برصاصة على مستوى العمود الفقري وبجانب الكتف، بينما اصيب العمري برصاصتين في الصدر. بحسب فرانس برس.

وكشفت هيئة الحقيقة والكرامة ان هناك 11 متهما في هذه القضية، بينهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ووزير الداخلية آنذاك رفيق الحاج قاسم ومسؤولون بالامن التونسي. وفي القصرين، بين المتهمين بن علي المقيم في السعودية ورفيق الحاج قاسم الذي لا يعرف مكان وجوده ومسؤولون سابقون في أجهزة الامن التونسية. ولم يحضر كذلك اي من المتهمين في ملف القصرين، ما أثار خيبة أمل لدى العائلات. وتم إرجاء جلسة المحاكمة في سيدي بوزيد الى تاريخ لم يحدد بعد حوالى ساعتين من انعقادها من دون أن يتم الاستماع الى أي من الشهود. وطلب محامون من القاضي منع متهمين من السفر خارج تونس خشية ان فرارهم من البلاد. وطالبوا بإصدار مذكرات توقيف في حقهم.

اضف تعليق