q
التغير الذي حصل في ادارة ترامب هو لأجل تقوية فريقه وجعله أكثر تماسكا في مواجهة التحديات الخارجية، والاستمرار بسياسة العصا والجزرة. عبر الترغيب احيانا والترهيب في أحيان أخرى لأجل الحصول على تنازلات أخرى من دول العالم وهو ما نجحت به ادارة ترامب إلى حد ما...

المحافظون الجدد او التشينيون هم الذين قادوا الحرب في العراق، فهل اختيار ترامب لمجموعته الجديدة والذين يقال عنهم (صقور الصقور)، هو مشروع حرب جديدة، ام انه مجرد ارعاب وتخويف للمتمردين على طلبات ترامب؟

الدكتور سليم العلي: مشروع حرب باردة جديدة

عند النظر إلى افكار وطروحات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية نجدها لا تبتعد عن مبادئ اصبحت هي ما يميز الإدارات الامريكية المتعاقبة ولا سيما ادارة ترامب ومنها،

أولا... استبداد النخبة الحاكمة بمعنى حق القوي بالتسلط على الضعفاء مع عدم إساءة استخدام السلطة، من خلال تحويل الجمهور إلى قطيع عليه الطاعة.

ثانيا... الخطاب المزدوج بمعنى اتباع اسلوب خاص في العمل السياسي وهو الازدواجية في الخطاب.

ثالثا... هو العلاقة بين الأخلاق والسياسة، إذ تقدم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كمروج للمبادئ الاخلاقية الصحيحة في العالم ككل وانها تعمل كمحارب للشر في العالم وهو منطق لفرض السياسة الأمريكية من خلال السيطرة على الثقافة ومجالات الاستهلاك.

ومن هنا ترى الولايات المتحدة الأمريكية ان الأخلاق والعدالة التي لا تتمتع بالقوة اللازمة لفرضها والوصول الى الاعداء والأصدقاء تبقى مدانة وفاقدة للقيمة.

اعتقد ان فهم هذه المنطلقات الفكرية سوف تساعد على فهم اسلوب ادارة ترامب للسياسة الخارجية الأمريكية.

فالرئيس ترامب وكما هو معلوم لا يمتلك تاريخ سياسي يمكن القياس عليه، وهو يفتقد إلى الخبرة في مجال السياسة الخارجية والامن القومي ولا يملك رؤية متماسكة باستثناء بعض الإشارات والتصريحات غير المستقرة والمتناقضة. ولا شك فان التناقض في هذه الرؤى والتصورات انعكس هو الاخر على وجود فريق للأمن القومي والسياسة الخارجية متناقض وغير منسجم هو الآخر في إدارة هذه الملفات.

فوزير الخارجية ريكس تيلرسون كان يمثل تيار اميركا أولا ويرى ضرورة تقوية العلاقات مع روسيا بغض النظر عن الخلافات معها.

اما مستشار الأمن القومي فقد كان يرى أن الإسلام هو العدو الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.

أما وزير الدفاع فقد مثل تيار الحفاظ على التحالفات والالتزامات الدولية للولايات المتحدة كحلف الناتو ويرى في روسيا خصم استراتيجي لا كحليف.

وبهذا التقسيم المتناقض فإن كل طرف من أطراف الأمن القومي أو السياسة الخارجية سوف يشكل كابح وعائق أمام الأطراف الأخرى مما يقتضي ضرورة توحيد الفريق الذي سيقود السياسة الخارجية أو الأمن القومي للفترة القادمة.

ومن هنا نجد ان التغير الذي حصل في ادارة ترامب هو لأجل تقوية فريقه وجعله أكثر تماسكا في مواجهة التحديات الخارجية، والاستمرار بسياسة العصا والجزرة. عبر الترغيب احيانا والترهيب في أحيان أخرى لأجل الحصول على تنازلات أخرى من دول العالم وهو ما نجحت به ادارة ترامب إلى حد ما.

لكن في كل الأحوال لا يمكن التعويل على هذا التغيير وما ستتمخض عنه من تداعيات لاحقا كون المؤسسة البيروقراطية الأمريكية بما في ذلك الأمن القومي والسياسة الخارجية كبيرة ومتجذرة إلى الحد الذي يصعب فيه تغييرها تغييرا جذريا.

فتلك الخطوات تدخل في باب اعداد فريق متجانس يفكر بمنطق وعقلية الرجل الواحد من اجل توجيه الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية سواء على خصوم الولايات المتحدة الأمريكية او اصدقاءها، ولا يمكن ان يدخل في باب الإعداد لمشروع حرب باردة جديدة نظرا لتكاليفها الباهظة وللخسائر المتوقعة منها على جميع الاطراف.

الدكتور قحطان حسين: ردع لخصومه داخليا وخارجيا

الطموح وتحقيق الوصول الى أكثر من قمة، النشاط بحيوية فائقة، القدرة على تجاوز الإخفاقات، الاستعراضية وحب الظهور، عدم التسامح، الانفراد بالرأي والسرعة في اتخاذ القرارات...

هذه هي السمات الشخصية التي يتميز بها ترامب والتي جعلت منه شخصية مثيرة للجدل... فالرجل لا يتردد في القيام باي عمل من اجل اثبات قوته وقدرته على تحقيق النجاح.. قيامه باختيار مجموعة من الاشخاص ممن يعرف عنهم بمواقفهم المتشددة لإدارة سياساته يعكس ولعه بالمغامرة وترسيخ سطوته على مجمل الاوضاع في بلده وخارجها...

ترامب معروف عنه ايضا بنرجسيته العالية التي تجعله لا يصغي كثيرا لما يقوله مستشاريه ومعاونيه بل هو يحاول ان يثبت ان قراراته هي فردية ويريد من الآخرين ان ينفذوها فقط... شخصية ترامب تتسم بالعناد والسعي نحو غير المألوف... وهكذا شخصية دائما تبحث عن الاثارة ولايستبعد ان يتخذ قرارات خطيرة اذا ما عرفنا انه دائما ما يلمح الى احتمالية حدوث صدام او مع خصومه داخليا وحرب مع خصوم الولايات المتحدة خارجيا..

وهنا تأتي ايران في مقدمة هؤلاء الخصوم... الذي بدأ ترامب مشواره في البيت الابيض بتصعيد مواقفه تجاهها فاتحا الباب امام كل الخيارات لوقف نشاطها النووي والحد من نفوذها في الشرق الأوسط، ولما كان اعلان الحرب ضدها ليس قرار ترامب وحده، فقد يكون اختيار ترامب لمتشددين في ادارته بمثابة ردع لخصومه داخليا وخارجيا اكثر منها سعيا لحرب غير مضمونة النتائج بعد تجربتين محبطتين في افغانستان والعراق..

حمد جاسم الخزرجي: أمريكا دولة حرب

أعتقد أن أمريكا والكل يعرف دولة مؤسسات أي لا الرئيس أو الكونغرس يمكن أن يخطوا على عمل بدون دراسة واستشارات. وحتى ما يشاع عن الرئيس الحالي دونالد ترامب من أنه متهور وغيرها أعتقد غير واقعية. فدولة كأمريكا وهي تتسيد العالم لابد من وجود قيادة قوية وذات حنكة سياسية لإدارتها. لهذا فإن هذه التغييرات محاولة أمريكية لتخويف بعض الدول في العالم مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا. وإظهار امريكا بمظهر الدولة المستعدة للحرب. خاصة بعد فوز بوتين بولاية ثانية وتحرك الصين في بحرها الجنوبي. ولردع إيران. كذلك محاولة إرسال رسالة اطمئنان لحلفائها في المنطقة أن أمريكا مستعدة للحرب للدفاع عنها من أجل كسب المزيد من الأموال.

ان أمريكا دولة حرب من نشأتها إلى اليوم. وهي ان أرادت أن تحارب فهي تقوم بالحرب بوجود صقور أو حمائم. ولكن لكل مرحلة رجالها. وهذه المرحلة تتطلب رجال مثل بولتون ليس للحرب وإنما التلويح بها من أجل تحقيق مكاسب في سوريا التي أصبحت امريكا فيها تعاني من بعض النكسات خاصة بعد هجوم تركيا على شمال سوريا والعراق. على الرغم من علاقة امريكا وتركيا إلا أن عمل كهذا لا أعتقد أن أمريكا تقبل به خاصة وأنه يستهدف أهم حلفاء امريكا وهم أكراد سوريا والعراق. ولكن من جهة أخرى قد يكون ورقة ضغط على هؤلاء الحلفاء من أجل السير مع المخطط الأمريكي والتسويات في المنطقة.

أخيرا امريكا وجهتها الحالية روسيا وإيران لأن إن سقطت روسيا أولا سقطت الصين وإيران وكوريا. وهذا معروف لدى الغرب. ولكن ليس بالحرب وإنما من خلال الخدع والخطط وما قصة تسميم الجاسوس الروسي في بريطانيا إلا خطوة أولى باتجاه إسقاط روسيا.

الدكتور سعدي الابراهيم: الدب الروسي الجائع

بالرغم من التبدلات التي تجري في البيت الابيض، وما يشاع عن تزايد عدد الصقور في كابينة ترامب، وذهاب البعض من المحللين الى ان هناك نوايا امريكية لشن حرب جديدة، قد تكون ايران محطتها الأولى، الا ان هذه التكهنات ليس لها محل كبير من الصحة. وذلك للأسباب الاتية:

1- ان الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات، ولا يمكن لأشخاص معدودين ان يقودوا دفتها بهذه السهولة.

2- ومن جهة اخرى، فإن التسريبات الواردة من البيت الابيض تفيد بأن هذه الدولة لم تعد تهتم كثيرا بالشرق الاوسط ولا بالنفط. نظرا للكميات الكبيرة التي بحوزتها، وانصرافها لتدبير شؤون مناطق اخرى في العالم.

3- تجربة الولايات المتحدة، في العراق وسوريا واليمن، علمتها ان بقاء الدول غير الصديقة مثل ايران، تحت حكم نظام معادي لكنه قوي ومستقر افضل من فوضى تعم المنطقة، تتطلب في النهاية تضحيات امريكية لإعادة الاستقرار فيها.

4- امريكا تدرك جيدا، ان الحرب على ايران لن تكون لها حدود، فايران ستسحب البساط من تحت العراق واليمن وسوريا ولبنان وتقلب اوضاع هذه الدول راسا على عقب. بمعنى ستواجه امريكا فوضى عارمة تفوق طاقتها.

5- المحور الروسي قد ازداد قوة بعد فوز بوتين، هذا المحور يتربص بالولايات المتحدة ويترقب اخطائها. وبالتالي فكل لقمة (دولة) تسقط من فم امريكا، سيتلقفها الدب الروسي الجائع منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.

ميثاق مناحي العيساوي: استبعد قرار الحرب

اعتقد من وجهة نظري القاصرة بأن حرب العراق قادتها اميركا بكل توجهاتها وبالتحديد الحزب الجمهوري وبغض النظر عن التسميات التي لا اتفق معها في الغالب واختيارات ترامب لبعض الاسماء إلا أن عقلية ترامب السياسية لا توافق العقيدة الأمريكية وعرف الإدارات الأمريكية بشكل عام، وان اختياراته لبعض الاسماء هو مجرد اختيار واختبار بنفس الوقت لهذه الاسماء لانه يبحث عن شخصيات توافقه الرأي في كل شيء بغض النظر عن توجهاتها السياسية ويريد منها أن تعلن العداء لأعداه لاسيما إيران..

واعتقد القصد من هذا الاختيار هو تخويف إيران وليس الحرب لان الحرب تحتاج موافقة الكونغرس وبعض المؤسسات الأمريكية العريقة، وعلى الرغم من أن الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ إلا ان اكثر اعضاءه لا يشاطرون ترامب الرأي او الفكر في توجهاته الخارجية، فضلا عن ذلك فإن علاقة ترامب مع تلك المؤسسات غير قوية، وبالتالي لا يمكنه أن يقود الحرب الا بالاتفاق مع تلك المؤسسات. وعليه استبعد قرار الحرب سواء كان على ايران ام غيرها.

عدنان الصالحي: لن يقتحم الهاوية

اعتقد ان خطوات ترامب تسير وفق قاعدة حافة الهاوية التي يتبعها. ولكن هو يدرك جيدا أن الأمور أن يجعلها تسقط في الهاوية...فقط لإرعاب العالم بشكل كلي منه والأوروبيين بشكل اخص، ولعل انسحابه من اتفاقيات المناخ وغيرها كانت ممهدة لذلك.. فهو سيبقى يهيأ كادر مرعب لأحداث متوقعة ولكني أعتقد انها لن تقع ولن يتخذ أي إجراء تهوري الا اذا انفلتت الامور بشكل غير مسيطر عليه، والا فإن ترامب سيبقى مخيفا بالاجراءات ولن يقتحم الهاوية....

الدكتور اسعد الشبيب: تنازلات ايرانية

لا اعتقد ان ادارة ترامب بصقورها الصقور تعيد سيناريو اسقاط النظام العراقي السابق مع النظام الإيراني، كون الولايات المتحدة ادركت تداعيات اسقاط النظام العراقي على الامن القومي العربي وانتشار الارهاب، وأزمة اللاجئين، وتهديد أمن الطاقة.. ولكن ادارة ترامب تريد ان توازن بالقوى في الشرق الأوسط وتحديدا ما بين الاقليميين المتناحرين السعودية وإيران ولعل من أهم مضامين تحقيق ذلك هو تنازلات ايرانية مقابل الإبقاء على الاتفاق النووي.

محمد الخاقاني: رسم خرائط النفوذ

اعتقد بأن قرارات ترامب الاخيرة ولاسيما مع اقالة تيلرسون وتعيين بومبيو في وزارة الخارجية الامريكية وكذا الحال مع مستشارية الامن القومي الامريكي بتعيين جون بولتن بدلا عن هربت مكماستر، ومع ما هو معروف عن الرجلين من تشدد باتجاه قضايا ملفات ايران وكوريا الشمالية وبعض الملفات الاخرى التي تريد ادارة ترامب ادارتها وفقا لعقلية الحرب اولا بدلا عن اي حلول اخرى، لذا ومن هذا الباب نرى بان طبول الحروب تقرع ولاسيما مع بدايات الغاء الاتفاق النووي وكما تروج له الماكينة الاعلامية الامريكية ومع تزايد اعتماد ايران على ذاتها لمواجهة احتمالات الالغاء الامريكية، نجد بان احتمالية التضييق على ايران في المنطقة مستمرة وطبقا لأجندات امريكية وذلك من خلال اعادة رسم خرائط النفوذ بين الاطراف الاقليمية المؤثرة في قضايا الشرق الاوسط ولاسيما بين ايران والمملكة العربية السعودية مع قراءة متغيرات المنطقة برمتها وعبر الانفتاح السعودي على العراق واحتمالية تغيير مسارات اللعبة من جديد، لذلك تسعى امريكا لترتيبات مستقبلية في المنطقة مع تزايد التأثير السعودي ومضايقة النفوذ الايراني.

اضف تعليق