q

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسة المصرية في عام 2018، دخل هذا البلد العربي المهم في صراع سياسي جديد قد يسهم بحسب بعض المراقبين في تفاقم المشكلات الداخلية، وتنتهي فترة ولاية الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في يوم 7 يونيو 2018 ، وفى هذا التاريخ يجب ان يكون اسم الرئيس الجديد قد تم الإعلان عنه من قبل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات القادمة. ويحق للسيسي الترشح للرئاسة لفترة ولاية ثانية سيواجه فيها بحسب التوقعات، بعض الشخصيات العامة المصرية.

السيسي دعا المصريين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات المقبلة، معتبرًا أنها "تحدد مصير مصر"، ومحذرًا من أن عدم المشاركة قد يأتي بشخص لا يرغب فيه المصريون. ويعتبر معارضون للسيسي (62 عامًا) ان انتخابات 2018 "يحيطها غموض كبير، وكل شيء وارد فيها"، داعين الحكومة إلى إعلان ضمانات للمشاركة فيها، سواء بالترشح أو الانتخاب، ومنها إلغاء حالة الطوارئ، المعلنة في نيسان/ أبريل الماضي، والتي جرى تمديدها، قبل أيام، لمدة ثلاثة أشهر جديدة. وتولى السيسي الرئاسة، في 8 حزيران/ يونيو 2014، لولاية مدتها أربع سنوات، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية، بعد أن أطاح الجيش، حين كان السيسي وزيرًا للدفاع، في 3 تموز/ يوليو 2013، بمحمد مرسي بعد عام واحد من ولايته الرئاسية، في انقلاب عسكري.

وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن مواعيد وضوابط الانتخابات الرئاسية المصرية، وقال المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات:" إن الهيئة ملتزمة بما ورد في الدستور الحالي من ضرورة البدء في إجراءات الانتخابات الرئاسية قبل 120 يومًا من انتهاء ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسى في 3 يونيو 2018 "، مؤكدًا أن المادة 140 من الدستور حدّدت بدء إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، إذ نصّت على أن :" تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تُعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يومًا على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة" ، كما حدّدت المادة 231 من الدستور أن تبدأ مدة الرئاسة التالية للعمل بهذا الدستور من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، وحسب المادتين، فمن المفترض أن تبدأ إجراءات انتخابات الرئاسة في الأسبوع الأخير من يناير المقبل، على أن تعلن النتيجة قبل 3 مايو المقبل 2018 .

وحتى الآن لا يزال السيسي بحسب بعض المصادر، هو المرشح الأبرز والأوفر حظا. ولم يظهر على الساحة منافس له يحظى بنفس التأييد، كما لم تقدم الأحزاب والقوى السياسية بعد مرشحا لمنافسة السيسي الذي بدأت بالفعل حملات واسعة لتأييده قبل أن يعلن هو نفسه عزمه الترشح لفترة رئاسية جديدة. ويرى البعض ان السلطات المصرية الحالية، عمدت ومن خلال طرق خاصة الى ترهيب المرشحين وإبعادهم عن الساحة، فجميع الشخصيات التي أعلنت عن خوض المنافسة تواجه أزمات قانونية ومهددين بالسجن والاستبعاد النهائي قبل بدء التقدم للانتخابات. حيث يواجه المحامي خالد علي الذي أعلن عن ترشحه، عقوبة السجن، وقد يحرم من خوض الانتخابات، حيث تنظر المحكمة حاليًا أحد القضايا المرفوعة ضده باتهامه بفعل فاضح خادش للحياء، ويشترط الدستور ألا يدان المرشّح الرئاسيّ في أيّ قضايا مخلّة بالشرف.

وفي ما يخص الفريق أحمد شفيق الذي أعلن مؤخرًا نيته في الترشح، فقد تراجع في قراره بعد عودته للقاهرة، وصرح بأنه يحتاج لمزيد من الوقت للفحص والتدقيق في قرار الترشح للرئاسة، ومؤخرًا أمر المستشار نبيل صادق النائب العام، بإحالة البلاغ المقدم من المحامي محمد حامد سالم، ضد الفريق أحمد شفيق يتهمه بإثارة الرأي العام من الخارج وبث بيانات تحريضية، إلى نيابة أمن الدولة العليا، ومن المقرر أن تبدأ النيابة التحقيق في البلاغ بالاستماع إلى مقدمه؛ للتأكد مما ورد به من اتهامات، كما قررت محكمة شمال القاهرة العسكرية، حبس العقيد بالقوات المسلحة أحمد قنصوة، لمدة ست سنوات مع الشغل والنفاذ، بدعوى نشر مقطع فيديو يتناول فيه بعض الآراء السياسية المخالفة للأوامر العسكرية، والذي أعلن فيه عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية في مواجهة السيسي، فالتخوف من الملاحقة القضائية كان سببًا مباشرًا لعزوف السياسيين عن خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أعلن المستشار هشام جهينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، رفض الترشح رغم مطالبة المعارضة له بالترشح .

مطالب واجراءات

وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد حدد خالد علي المحامي الحقوقي البارز والمرشح الرئاسي المحتمل في مصر عدة ضمانات يرى أنها ضرورية للحفاظ على سلامة ونزاهة الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، وطرح مشروع قانون لتنظيم الانتخابات. وكان علي أعلن الشهر الماضي أنه يعتزم الترشح لخوض انتخابات الرئاسة في تحد للرئيس عبد الفتاح السيسي.

ومن أبرز الضمانات التي طالب بها علي، في مؤتمر صحفي بمناسبة افتتاح المقر الرئيسي لحملته بوسط القاهرة، ضرورة الالتزام بالإشراف القضائي الكامل وإنهاء حالة الطوارئ وإتاحة فترة دعاية كافية والتزام أجهزة الدولة بالحياد. وقال علي ”منذ أن أعلنا عن الرغبة في الترشح... عاهدنا أنفسنا وعاهدنا كل المواطنين أننا سنبذل قصارى جهدنا من أجل النضال في معركة الضمانات... معركة الضمانات ليست معركة حملة خالد علي بل هي معركة كل القوى السياسية“.

وقال إن مشروع قانون انتخابات الرئاسة المقترح من حملته يتضمن ”ضمانات إجرائية“ لعملية الانتخابات، ودعا القوى السياسية والبرلمان لإجراء نقاش حوله وتبنيه. وطالب علي أيضا بفتح المجال العام، ووقف ما وصفها ”بحملات التأييد الزائفة للرئيس الحالي“ وذلك في إشارة إلى حملات يقودها برلمانيون ورجال أعمال لتوقيع استمارات تأييد للسيسي. ودعا كذلك إلى السماح للمنظمات الدولية والمحلية بمراقبة جميع مراحل الانتخابات، وقال إن هذه الرقابة ”لا تمثل أي عدوان على استقلال البلاد“.

وردا على سؤال عما إذا كان سيتراجع عن الترشح في حال عدم الاستجابة لمطالبه، قال علي ”ليس لدينا أي إجابة مسبقة... نحن قسمنا الحملة الانتخابية لمراحل... مع كل مرحلة من المراحل سنقيم هذه المرحلة وسنحدد القرار الواجب اتخاذه“. وفي الشهر الماضي قال علي إن برنامجه الانتخابي قائم على إنهاء سياسات التقشف الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الإرهاب دون تقويض للحريات.

وصعد نجم علي (45 عاما) بعد حصوله على حكم نهائي ببطلان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية والتي تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة. وأثارت الاتفاقية اعتراضات واحتجاجات كبيرة في مصر العام الماضي. وقد يُحرم علي من الحق في الترشح للانتخابات الرئاسية إذا أيدت محكمة استئناف حكما أصدرته محكمة للجنح في سبتمبر أيلول بحبسه لثلاثة أشهر بتهمة ارتكاب فعل فاضح خادش للحياء العام. وينفي علي هذا الاتهام ويقول إنه واثق من البراءة. بحسب رويترز.

وبدأت محاكمته في مايو أيار بعدما نُسب إليه توجيه إشارة بذيئة بيديه خلال الاحتفال بصدور الحكم النهائي المتعلق باتفاقية الحدود البحرية يوم 16 يناير كانون الثاني. وتتعلق القضية بصورة منسوبة له يظهر فيها وهو يوجه هذه الإشارة ويقول علي إن الصورة غير حقيقية. وسبق لعلي خوض الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012، وجاء في المركز السابع من بين 13 مرشحا بعد حصوله على أكثر من 100 ألف صوت.

من جانب اخر قالت زوجة ضابط بالجيش المصري ومحاميه إن محكمة عسكرية عاقبته بالسجن لمدة ست سنوات مع الشغل والنفاذ بعد إعلانه نيته الترشح بانتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل. وقال المحامي أسعد هيكل، أحد أعضاء فريق الدفاع عن العقيد أحمد قنصوة، إن المحكمة أدانت قنصوة (42 عاما) بإبداء آراء سياسية بما لا يتفق ومقتضيات النظام العسكري.

وبث قنصوة فيديو على حسابه على موقع فيسبوك، ظهر فيه وهو يرتدي الزي العسكري ويعلن نيته الترشح ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات. وقال في الفيديو إنه قدم استقالته للمؤسسة العسكرية في العام 2014 كي يتمكن من ممارسة حقوقه السياسية لكن لم تقبل حتى الآن. وقالت رشا صفوت زوجة قنصوة والمحامي إن هيئة الدفاع ستطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف العسكرية.

انصار أحمد شفيق

من جهة اخرى قالت مصادر أمنية وأعضاء في حزب سياسي إن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على ثلاثة من مؤيدي رئيس الوزراء السابق والمرشح الرئاسي المحتمل أحمد شفيق. وقال مصدران أمنيان مطلعان على المسألة، طلبا عدم ذكر اسميهما، إن الرجال الثلاثة متهمون بنشر معلومات كاذبة تضر بالأمن القومي.

وكان شفيق أعلن نيته الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الانتخابات القادمة. وينظر منتقدو السيسي لشفيق، وهو قائد سابق للقوات الجوية، باعتباره يمثل أكبر تحد محتمل للرئيس الحالي. وينتمي الثلاثة المقبوض عليهم إلى حزب الحركة الوطنية الذي أسسه ويرأسه شفيق. بحسب رويترز.

وقال وائل فؤاد إن قوات الأمن ألقت القبض على شقيقه هاني في منزل الأسرة بإحدى ضواحي القاهرة. وأضاف أن شقيقه كان ”قريبا جدا“ من شفيق. وقال أيضا إن قوات الأمن دخلت منزل الأسرة في حوالي الثالثة فجرا وفتشت المنزل وصادرت هاتفين محمولين ولم تذكر أسبابا لإلقاء القبض عليه. وأعلن شفيق نيته الترشح للانتخابات من الإمارات التي كان يعيش فيها منذ العام 2012 بعد خسارته للانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل أمام الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وعاد شفيق إلى القاهرة وقال بعد عودته إلى القاهرة إنه لا يزال يدرس مسألة ترشحه.

واعتذر المرشح المحتمل للرئاسة في مصر أحمد شفيق لمؤيدين له اعتقلوا منذ أيام وطالب السلطات بسرعة حسم موقفهم. وفي تغريدة بحسابه على تويتر اعتذر شفيق أيضا لأسر الرجال الثلاثة. وقال ”أرجو من السلطات المختصة سرعة إيضاح الأمر فالموقف خطير“. وينظر كثير من المصريين إلى السيسي وهو قائد عسكري سابق باعتباره الوحيد القادر على تحقيق استقرار مصر بعد سنوات من الاضطراب أعقبت انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاما في الحكم.

السيسي وتعديل الدستور

الى جانب ذلك قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقابلة مع تلفزيون (سي.إن.بي.سي) إنه مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام وعدم تعديل الدستور حاليا. ووفقا لمقتطفات باللغة العربية من المقابلة نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية قال السيسي ”ما يجب أن نضعه في الاعتبار أنه ليس هناك رئيس سوف يتولى السلطة بدون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضا أن يواصل لفترة أخرى دون إرادة هذا الشعب، وفي كلتا الحالتين فهي ثماني سنوات“.

وأضاف ”أنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام ومع عدم تغيير هذا النظام“. ومضى قائلا ”أقول إن لدينا دستورا جديدا الآن، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور في هذه الفترة“. وتولى السيسي السلطة عام 2014 بعد عام من قيام الجيش الذي كان يتولى قيادته حينذاك بعزل الرئيس محمد مرسي بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. وتقول جماعات حقوقية إن السيسي يقود من حينها حملة غير مسبوقة على المعارضين السياسيين والنشطاء ووسائل الإعلام التي تبث انتقادات. بحسب رويترز.

ولم يؤكد السيسي إن كان ينوي الترشح لولاية ثانية في 2018 حيث من المفترض إجراء الانتخابات في مارس آذار أو أبريل نيسان. وقال السيسي إنه سيمتثل لإرادة الشعب فيما يتعلق بالترشح. ورغم معاناة قطاع كبير من الشعب المصري بسبب ارتفاع الأسعار ورفع جزء كبير من دعم الطاقة لا يزال الكثير من المصريين يعتبرون بقاء السيسي مهما للاستقرار في البلاد التي تضرر اقتصادها كثيرا بسبب الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011.

وفي عهد السيسي سُجن آلاف المعارضين وحجبت الحكومة العديد من المواقع الإخبارية المستقلة وفرضت قيودا صارمة على إجراء استطلاعات الرأي. ويسعى مؤيدو الرئيس عبد الفتاح السيسي لحشد الدعم لقائد الجيش السابق من أجل خوض الانتخابات في حين يقول منتقدون إن إصلاحات تقشفية ومشكلات أمنية وحملة ضد المعارضين نالت من شعبيته. وأعلنت شخصيات مشهورة تأييدها للحملة ونشروا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبأيديهم استماراتها التي تحمل علم مصر وصورة ظلية للأهرامات. بحسب رويترز.

وفي الانتخابات الماضية فاز السيسي بالرئاسة بنحو 97 بالمئة من الأصوات فيما كانت نسبة الإقبال على التصويت 47.5 بالمئة بعد مد الاقتراع ليوم إضافي. وفي هذه المرة يريد داعموه أن يثبتوا أن شرعيته لم تتأثر بالمشكلات الاقتصادية والأمنية. وقال إتش.إيه هيلر وهو زميل كبير غير مقيم في المجلس الأطلسي ”القضية ليست إن كان السيسي سيفوز في انتخابات 2018.. لكنها بالأحرى عن حجم الاهتمام والحديث الذي يمكن إثارته بشأن العملية“. وأضاف ”كلما زاد الاهتمام العام بالأمر كان أفضل. إذا كان الاهتمام والإقبال على التصويت في أدنى مستوى فلن يكون ذلك كارثيا بالنسبة للسلطات لكنه بالتأكيد لن يكون الصورة التي تريد رسمها داخليا ودوليا“.

اضف تعليق